Wednesday, July 20, 2011

> انتخابات في «الرهبانيّة العونيّة»

انتخابات في «الرهبانيّة العونيّة»

لولا الخيط الرفيع الذي يحول دون تحوّل الرهبانية الأنطونية إلى «اللجنة الروحية في التيار الوطني الحر» على غرار لجان أمانة السر والإعلام والبلديات والدراسات
وغيرها، لما كان فتح الباب أمس لانتخاب رئيس جديد لهذه الرهبانية، وكان استعيض عن صندوق الاقتراع بتعيين جنراليّ كما يحصل في اللجان العونية. والخيط الرفيع
هنا ليس إلا الحرص التقليدي لرجال الدين على ادعاء العفّة السياسية، وعدم الانحياز المطلق إلى حزب دون غيره. مع العلم أن «الأنطونية» كانت واضحة جداً في موقفها
السياسي مع العماد ميشال عون منذ 1989، ودفعت ثمن ثقتها بالجنرال على مختلف المستويات، داخل الكنيسة بقيادة البطريرك نصر الله صفير والوطن في ظل الوصاية السورية.
رغم ذلك نجحت الرهبانيّة الثالثة في الكنيسة المارونية بعد الرهبانيتين اللبنانية والمريمية، والتي أطلقها مطران حلب جبرائيل البلوزاني بعد إنشائه عام 1673
دير سيدة طاميش (وهي ترتبط مباشرة بالكرسي الرسولي الذي يعد هو، لا البطريركية المارونية، المسؤول الأول عنها)، أن تنطلق بقوة بعد 1990. فمدرسة مار يوسف في
بعبدا، مثلاً، باتت «المعهد الأنطوني»، والمعهد بات جامعة. وهو ما ينعكس بوضوح على الانتخابات التي بدأها الرهبان أمس، فغالبية هؤلاء الذين يبلغ عددهم مئة وخمسين،
يعتقدون أنهم تساووا في الواجبات ولهم بالتالي الحقوق نفسها. الأمر الذي يرفع عدد المرشحين إلى أكثر من ثمانية، ويجعل حماسة الأنطونيين لهذه الانتخابات التي
تحصل كل ست سنوات غير مسبوقة. ومن أبرز المرشحين:
الأب داوود رعيدي، وكيل الرهبانية الأنطونية في روما، الذي يراهن المقربون منه على دعم الكرسي الرسولي له في اللحظة المناسبة، إضافة إلى الرهبان الشبان الذين
أيدوه في الانتخابات السابقة، في ظل تفاوت التقديرات بشأن الأصوات التي سيحصدها رعيدي في الدورات الانتخابية الأولى، بين ثلاثين وخمسين صوتاً. فيما يرى بعض
الرهبان أن عفوية ابن بلدة مجدل المعوش وصراحته تجعلان لسانه يزلّ أحياناً، فضلاً عن تسرّعه في اتخاذ بعض المواقف، الأمر الذي لا يشجع هؤلاء على إيصاله إلى
رئاسة الأنطونية.
الأب نعمان دكاش، النائب العام الحالي الذي شغل سابقاً موقع وكيل عام الرهبانية. وهو الأهدأ بين زملائه، مما يدفع غالبية الرهبان المتقدمين قليلاً في السن إلى
تفضيله. في ظل معلومات غير مؤكدة عن استفادة دكاش من دعم الأباتي الحالي بولس التنوري الذي يعد قائد التحول الحديث في الرهبانية الأنطونية.
الأب بطرس عازار، رئيس المعهد الأنطوني حالياً. وهو كسرواني تجاوز الستين، شغل مناصب عديدة في الرهبانية وطرح اسمه مراراً كمرشح مطران، لكن حماسته الشديدة للعماد
عون حالت دون انتقاله إلى مجمع المطارنة. والحماسة نفسها تجعل كثيرين يترددون في دعم ترشحه اليوم، رغم كونه أشهر الوجوه الأنطونية إعلامياً وتربوياً ورعوياً.
ويذكر في هذا السياق أن الأنطونيين المعجبين برئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع يضعون ما يشبه الفيتو على عازار، رغم أنهم لا يشكلون رقماً
صعباً في الأنطونية (عكس المريمية).
الأب أنطوان راجح، رئيس الجامعة الأنطونية المقرب كجميع من سبق ذكرهم من التيار الوطني الحر، وتعد ثقة العماد عون به استثنائية. ويقول بعض المتابعين إن تدخل
الكرسي الرسولي في الانتخابات، إذا حصل، سيكون لمصلحة راجح، الذي يجمع إلى جانب العلم، الحس الإداري والدبلوماسية السياسية. والأهم عند راجح القدرة على الانفتاح.
مع العلم أن الأنطونيين الذين يعدّون من أكثر الرهبان تمسكاً بنسكية الرسالة المتسمة بالصمت والمناجاة الروحية الفردية، لعبوا تاريخياً دوراً اساسياً في توطيد
علاقة المسيحيين بالطوائف الأخرى، وهم الذين أقنعوا بعض الأمراء الدروز من آل أبي اللمع في برمانا وقرنايل وبيت مري وشملان باعتناق المسيحية.
وينضم إلى المرشحين السابقين آخرون كثر، منهم رئيس دير مار الياس أنطلياس الأب جوزف عبد الساتر والأب بولس الحاج الذي عينه البطريرك بشارة الراعي أخيراً مدبراً
بطريركياً على أبرشية اللاذقية المارونية. ويشار في هذا السياق إلى محاولة الراعي تقريب البطريركية من الرهبانية الأنطونية بعدما باعدت السياسة كثيراً بين الطرفين
في عهد البطريرك صفير. فقد زار الراعي «الأنطونيين» في دير مار روكز قبل أسابيع، ووزع قبل أيام شهادات التخرج على طلابهم في الجامعة الأنطونية.
في الأنطونية ـــــ رهبانية ألبير شرفان وسليمان أبو خليل اللذين اختفيا في 13 تشرين 1990 من دير القلعة ـــــ الوجهة السياسية للأباتي المقبل محسومة، والصراع
الذي في الداخل يتعلق بالعلاقات والأفكار وبعض المشاريع. الأباتي المقبل أياً يكن سيسر جداً بإعطاء الكلمة في مؤتمره للأستاذة الجامعية باسكال لحود، وسيرفع
باعتزاز كأس النبيذ في حضرة الجنرال مردداً «بمجدك احتميت بترابك الجنة، ع إسمك غنيت، ع إسمك رح غني، واحمل بإيدي كاسك المليان، ارفعو لفوق، لمطرح البيوقف الزمان،
وأسكر بإسمك مجد يا لبنان».

http://www.al-akhbar.com/

No comments:

Post a Comment