Sunday, June 20, 2010

الأساتذة مُكرَهون: مقاطعة التصحيح
حوار منيمنة ــ الأساتذة ينتهي عند الدرجة صفر (هيثم الموسوي)أخفقت المبادرات النقابيّة والسياسيّة في إيجاد حلّ يُخرج المفاوضات بين وزير التربية والأساتذة من عنق الزجاجة الذي علقت به أمس. وبعد ما يشبه موجة التفاؤل عاد الأمر مساءً إلى درجة الصفر، فذهب الأساتذة إلى مقاطعة أسس التصحيح في امتحانات الشهادة الثانوية
فاتن الحاج
أن يبادر وزير التربية حسن منيمنة إلى الاتصال برئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب، وهو أمر يحصل للمرة الأولى منذ بداية الحوار بين الوزارة والأساتذة بشأن حقهم بالدرجات السبع، «فهذا فأل خير، ولا بد أن لدى الوزير ما يقوله لنا»، يستبشر الأساتذة. دقائق معدودة ويندمون على حسن الظن والإيجابية التي قدموها إفساحاً في المجال أمام كل الوساطات والمبادرات السياسية، فيخرجون بخفّي حنين من مكتب وزير التربية ليدخلوا في محظور مقاطعة أسس تصحيح الامتحانات في الشهادة الثانوية.
هكذا، ينتهي الحوار بين وزارة التربية وروابط الأساتذة عند الدرجة الصفر، بعدما تمسك منيمنة بسقف الدرجات الأربع، رافضاً نقل اقتراح الأساتذة بمخرج الـ20%، وهي النسبة المئوية التي طرحتها الوزارة نفسها في مطالعتها القانونية وعممتها على الثانويات والمهنيات الرسمية، إلى رئيس الحكومة سعد الحريري.
تشبّث الحريري بموقفه: لو كنت أملك القرار في هذا الشأن لما أعطيت الأساتذة أيّ مطلب
في المقلب الآخر، فشلت الوساطة السياسية في الوصول إلى «حل مرضٍ»، كما تمنى مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير، أما السبب فتشبث الحريري مرة أخرى بموقفه السابق «لو كنت أملك القرار في هذا الشأن لما أعطيت الأساتذة أي مطلب». هذا الموقف ترجم، أمس، برفض رئيس الحكومة مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أعلن استعداده للتوسط على قاعدة 5 درجات. هكذا رفع بري سماعة الهاتف واتصل بالحريري ليبلغه استعداده لإقناع الأساتذة بمبادرته شرط أن يوافق على اللقاء بهم ويستمع إليهم، فكان جوابه: «غداً (اليوم) ليس لديّ وقت، لدينا طاولة الحوار في القصر الجمهوري وسأستقبل رئيس مجلس النواب المصري فليأتوا بعد ظهر الجمعة، على خلفية الحوار معهم أولاً وبعدين منشوف إذا بياخدوا درجة ولّا درجتين ولّا تلاتة». كان هذا الجواب بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير، بل نسفت موقف الوزير بشأن الدرجات الأربع. عندها أبلغ بري المسؤول التربوي المركزي في حركة أمل د. حسن زين الدين بأنّ «الوساطة فشلت وليتخذ الأساتذة القرار الذي يرونه مناسباً، لأنّو أنا مش سلطة تنفيذية وبطّل فيّ أعمل شي». عندها توجه زين الدين مرة ثانية إلى الوزير وطلب منه تأجيل موعد أسس التصحيح، إفساحاً في المجال أمام مزيد من الحوار، فرفض ذلك رفضاً قاطعاً. هكذا، أعلن زين الدين في اتصال مع «الأخبار» «انحيازه إلى مطالب الأساتذة وتحركهم»، بعدما نشط في الآونة الأخيرة لإيجاد التسوية، وبدا مقتنعاً، صباح أمس، بالتمييز بين «الحق» الذي يجب أن يكون مقدّساً ولا يتجزأ، وبالتالي على الأساتذة أن يرفعوا دعوى أمام مجلس شورى الدولة لاسترجاعه» وبين إنصاف قطاع المعلمين الذي يمكن أن تشمله التسوية عبر إعطاء 4 أو 5 درجات لكل المعلمين في مراحل التعليم ما قبل الجامعي تدخل في صلب الراتب.
كل هذه المعطيات دفعت رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي إلى لقاء مقرري ونواب مقرري اللجان الفاحصة في جميع المواد واتخاذ قرار بالإجماع لتنفيذ المقاطعة، اعتباراً من الثامنة من اليوم، مع تحميل وزارة التربية المسؤولية المترتبة عن اضطرار أساتذة التعليم الثانوي لاتخاذ هذا الموقف بعدما سدّت أمامهم جميع السبل لاسترجاع حقهم المهدور.
ماذا حصل في الاجتماع مع وزير التربية؟ «هي المرة الأولى التي يتصل فيها وزير التربية برئيس الرابطة لدعوة الهيئة الإدارية إلى اجتماع منذ بداية المفاوضات بشأن الدرجات السبع»، يقول حنا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي. يردّ الوزير: «هي على الأقل المرة الثالثة».
ثم يشرح منيمنة هدف اللقاء وهو الوصول إلى مخرج للأزمة، على قاعدة أن لا نكرر «لا أنا ولا أنتم الكلام الذي قلناه مراراً وتكراراً وأصبح الجميع يعرفه». يضيف: «هناك رغبة حقيقية لدى الحكومة لإيجاد حل منطقي، وهذا الأمر تجلى في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء حين أشار وزير الإعلام طارق متري إلى الإيجابية في موقف الرابطة، هذه الإشارة لم تكن عفوية». يتدخل محمد قاسم، أمين سر الرابطة، ليذكّر الوزير بأنّ مجلس الوزراء تحدث عن حل مرضٍ للجميع.
بعد ذلك، عرض منيمنة طرحه الجديد القديم بالقول: «المطالب لا تنتهي والسنة ورا السنة، أما في اللحظة الراهنة فلن نقدم أكثر من 4 درجات. وإذا كان لديكم ملاحظات على مشروعَي القانونين اللذين رفعتهما إلى مجلس الوزراء فنحن مستعدون للخوض في التفاصيل وتطوير هذين المشروعين، وصولاً إلى صيغة ترضيكم وترضينا». وقال منيمنة «إنّه سيضغط على الحكومة للدفاع عن الدرجات الأربع، وبغضّ النظر عن رأي الروابط، فالحكومة مقتنعة بأنّ هذه الدرجات تنعكس حكماً على القطاعات الأخرى، ولا أحد يمنع هذه القطاعات من حق ممارسة كل أشكال الضغط والتعبير للحصول على هذا المطلب»، متمنياً على الأساتذة تقدير هذه الرؤية.
أما الطرح الثاني الذي كان في جعبة الوزير فهو الآتي: «إذا توافقنا أو لم نتوافق، لازم نتفق إنو ما يصير بكرا مقاطعة للباريم (أسس التصحيح)، وعلى عكس ما تظنون لن يتوقف البحث في المطلب إذا علّقتكم المقاطعة، بل أؤكد لكم أن النقاش سيستكمل بالاهتمام والمتابعة نفسها ويبقى القرار النهائي لكم».
يأخذ حنا غريب الكلام فيسأل: «ماذا أقول للأساتذة؟ وكيف أشرح لهم أساس الدرجات الأربع بعدما وزعتم على الثانويات مطالعتكم القانونية التي تعترف رغم الأخطاء الحسابية فيها بـ20%، وماذا أرد عليهم إذا سألوني: «كيف تقبل بأقل من الـ20%؟». ثم دعا غريب الوزير الى اعتماد النسبة المئوية أي 20% وإدخالها في صلب الراتب، وبذلك يكون المخرج لنا ولكم». وتمنى غريب على الوزير أن ينقل وجهة النظر هذه إلى رئيس الحكومة سعد الحريري هذه الليلة (أمس)، معلناً استعداد الرابطة للتعاون في إنضاج صيغة تنطلق من هذا الطرح، فالـ20% رقمك لا رقم أي شخص آخر. كذلك أكد غريب أنّ الأساتذة عصب التعليم ويستحقون نظرة إيجابية من قبلكم، لافتاً إلى «أننا لا نطالب بأكثر من الحد الأدنى الذي يرضي حقوق الأساتذة»، مذكّراً بأنّ رابطة الثانوي هي رابطة الجميع، وأعضاء الرابطة على اختلاف انتماءاتهم متفقون على المبدأ يطالبونكم بإنتاج الحل الذي ينصفهم وسيحفظون لكم الدور الإيجابي الذي يمكن أن تلعبوه في ضمائرهم كما سبق أن فعلوا مع كل الوزراء الذين أنصفوهم». أضاف: «نتمنى أن تدخل في الصفحة البيضاء لتاريخ العمل النقابي لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، وأنت النقابي الذي تدرك ظروف هذا العمل». وقال قاسم: «نحن هيئة نقابية لا نستطيع أن نقبل دون الـ20% فيتهمنا الأساتذة بالخيانة».
فشلت الوساطة السياسية في الوصول إلى «حل مرضٍ»، كما تمنى مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير
لكن منيمنة رفض الدخول مجدداً في منطق الحسابات، وأصر على اقتراح الدرجات الأربع وعدم الاعتراف بحق الأساتذة المكتسب. ولدى سؤاله عن مبرر هذا العدد، أشار إلى أنّ هذا الطرح ينبع من تقديره لأوضاع الأساتذة بما يتناسب مع إمكانات الدولة. بل أكثر من ذلك، دعا الوزير وفد الرابطة إلى رفع دعوى أمام مجلس شورى الدولة إذا كانوا متأكدين من الحق. فرد غريب بالقول: «بدك يا معالي الوزير تعطينا حق التنظيم النقابي لنقدر نرفع دعوى». وجدد قاسم التأكيد أن مشروعي القانونين سبق أن رفضا من الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين وباتا من الماضي، على حد تعبير عضو الرابطة يوسف زلغوط، لذا المطلوب سحبهما. فرد الوزير «أوكي سأسحبهما».
عندها أبلغ وفد الأساتذة الوزير بأنّ الرابطة تحضّر نفسها لمقاطعة التصحيح أو عدم المقاطعة إذا لمست الإيجابية على طرحها وخرجت آملة بالحل. لكن بدا مستغرباً تصريح الوزير بُعيد الاجتماع عن أنّ 20% تساوي 6 درجات ونصف، فيما ركز الأساتذة على النسبة المئوية ولم يدخلوا في عدد الدرجات، وإن تحدث بعضهم عن أنّ 20% هي على الأقل 5 درجات. وفاجأ الوزير الرابطة بتأكيد أنّ الرابطة قالت إنّ «العشرين في المئة تساوي ست درجات ونصف درجة، فيما كانت سابقاً تعتبر أن لها حقاً مكتسباً وهو 35% يساوي سبع درجات. وحتى لو وافقنا بالمنطق العام على زيادة الـ20% فإن تفسيرها غير منطقي قياساً على احتسابها أساساً من جانب الرابطة». وكان منيمنة قد رأى أنّه إذا كانت الـ35% توازي 7 درجات، فإنّ الـ20% هي 4 درجات، وهذا ما تحفّظت عليه الرابطة على اعتبار أن قيمة الدرجة أقل من 5% كما يحسبها الوزير، ما يعني وفق حسابات الرابطة أن الـ20% أكثر من 4 درجات.
إلى ذلك، استكملت، أمس، محاولات وزارة التربية تأليب أهالي الطلاب على الأساتذة على خلفية أنّ قرار مقاطعة التصحيح «يلحق ضرراً فادحاً بمستقبل أولادنا ويجعلهم غير متمكنين من الالتحاق بالجامعات في الوقت المحدد». وكان آخرها كتاب مفتوح من ممثلي هيئات اجتماعية وأولياء الطلاب في منطقة الأشرفية والرميل والمدور والصيفي موجه إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ووزير التربية.
________________________________________

المستقبل يتحفّظ
جددت المكاتب التربوية للأحزاب والقوى السياسية في اجتماعها الدوري أمس في مقر الحزب التقدمي الاشتراكي تأييدها لمطالب الأساتذة الثانويين والمهنيين والتحركات الديموقراطية السلمية الآيلة إلى تحقيق المطالب. ودعت المكاتب إلى تكثيف الحوار الجدي والمسؤول مع وزير التربية ورابطتي التعليم الثانوي والمهني الرسمي. وأكدت المكاتب حرصها على مستقبل التلامذة وإصدار نتائجهم بالسرعة اللازمة. وحده تيار المستقبل تحفّظ على البند الأول المتعلق بدعم رابطتي الأساتذة في كل الخطوات التي تتخذانها. والأحزاب التي شاركت في الاجتماع هي: حزب الله، التيار الوطني الحر، حركة أمل، تيار المستقبل، الحزب التقدمي الاشتراكي، تيار المردة، الحزب السوري القومي الاجتماعي، حزب الوطنيين الأحرار واليسار الديموقراطي.

عدد الخميس ١٧ حزيران ٢٠١٠
________________________________________
عنوان المصدر:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/194188

No comments:

Post a Comment