Thursday, July 22, 2010

قريطم مرتاحة لما «نُقِل» عن الأسد
أمس، كان موعد «الهبة الباردة» والتطمينات الإسرائيلية واللبنانية بأن الوضع هادئ ولا حرب ولا خوف، وأيلول لن يكون مختلفاً عما هو عليه الوضع اليوم. لكن الهبة الساخنة حول المحكمة الدولية بقيت حرارتها الكلامية مرتفعة
فجأة لم يعد «أيلول طرفه بالحرب مبلول»، وظهر قائد أركان جيش العدو غابي أشكينازي، المبشر منذ وقت قريب بالتوتر الأيلولي في لبنان، ليقول في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية العامة من روما، إن «الوضع هادئ في الوقت الحالي، لكننا نتابع التطورات ومستعدون لكل الاحتمالات»، من دون أن يفوّت فرصة محاولة تحريض اليونيفيل والجنوبيين على حزب الله بالقول إن الحزب «يعزز وجوده في المناطق المأهولة، حيث لا يمكن القوات الدولية المؤقتة أن تكتشف الأسلحة، وإذا اقتضى الأمر فسنتحرك في هذه المناطق».
ومن جنيف، حيث يشارك في مؤتمر رؤساء البرلمانات في العالم، كرر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، القول إنه لا شيء يدعو إلى القلق من وقوع حرب إسرائيلية «ولا شيء في الأجواء يثير الخوف، ولا أتوقع حرباً، كما يثار، وعلينا الانصراف الى أوضاعنا الداخلية والاجتماعية والمعيشية».
وفي بيروت، توقف منبر الوحدة الوطنية، في اجتماعه الأسبوعي برئاسة الرئيس سليم الحص، أمام «ما تثيره وسائل الإعلام عن أيلول الساخن»، متّهماً «أعداء لبنان والمقاومة» بأنهم «يقتحمون الساحة مجدداً، فيروّجون لأزمة حادة تنتظرنا في نهاية الصيف، والتركيز دوماً على فتنة يعملون على إشعالها». وإذ أعرب عن يقينه بأن في البلد «قوى مستعدة لأن تكون طرفاً في أي مواجهة يمكن أن تقع»، شدد على أنه «ليس هناك سبب أو داع لتكون الحال في أيلول خلاف ما هي عليه اليوم».
وبعدما لفت إلى أن لإسرائيل مصلحة في شن الحرب، شدد النائب آغوب بقرادونيان بعد زيارته ووفداً من حزب الطاشناق النائب سليمان فرنجية في بنشعي، على أهمية تكاتف اللبنانيين وترفعهم عن المصالح الآنية الصغيرة «للحؤول دون أي اعتداء اسرائيلي على لبنان، ودون أي فتنة محتملة في البلد في ما يتعلق بأي قرار ظني سياسي يصدر عن المحكمة الدولية».
في هذا الوقت، تواصلت حملة قوى 14 آذار على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وكانت أبرز المواقف لكتلة المستقبل مجتمعة، بعد المواقف المتفرقة لأعضائها في الأيام الماضية، حيث رأت في بيان بعد اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، أن «بعض المواقف المفاجئة التي صدرت أخيراً عن بعض الأطراف والقوى السياسية المحلية والتي قدمت مقاربة مستغربة لموضوع المحكمة الدولية، من الممكن أن تعيد البلاد إلى أجواء يجهد المواطنون اللبنانيون من أجل تناسيها»، مدافعة عن المحكمة بأنها «الوحيدة القادرة على العمل من أجل إحقاق العدالة ولا شيء سوى العدالة. وبالتالي فإن كل الافتراضات والتوقعات المسبقة والاتهامات التي تطال المحكمة والتحقيق الدولي من هنا أو هناك لا تفيد المصلحة الوطنية، بل تضرّ بها».
ولفت في موقف الكتلة استعانتها بما قالت إنه «نقل عن الرئيس السوري بشار الأسد» خلال اجتماعاته الثنائية مع رئيس الحكومة سعد الحريري «وتشديده على ضرورة إبعاد المسائل المتعلقة بالمصالح المشتركة للشعبين اللبناني والسوري عن الأمور السياسية من جهة، والعمل من جهة ثانية على عدم تأثرها بأي ظروف أخرى أو أحداث سياسية»، واصفة ذلك بأنه «موقف حكيم وواقعي يصب في سياق تمتين العلاقات اللبنانية ـــــ السورية».
لكن الكلام الأخطر، جاء من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، سمير جعجع، الذي تحدث عن وضعه حزب الله في دائرة الشك في قضية اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري منذ عام 2008، قائلاً في حديث تلفزيوني «حتى الـ2008 لم نشكّ ولا للحظة بأن حزب الله من اغتال الحريري، لكن بعد الـ2008 بتنا نشك بكل شيء». وأعلن عن «انطباع» لديه بأن هناك إمكانية لعودة الاغتيالات. وأعرب عن اطمئنانه للأوضاع الإقليمية والدولية، فـ«اليوم نعود إلى الوضع الذي كان قائماً قبل سنتين». وقال: «منذ 9 اشهر اعتبر الفريق الآخر أنه آخذ كل شيء، ولم يعد هناك إلا القوات اللبنانية يريد عزلها، واليوم أصبح خائفاً من أن يأتي يوم ويصبح فيه جعجع رئيساً للجمهورية».
أما النائب إيلي ماروني، فحسم أمس أمر تزويد أجهزة أمنية المحكمة الدولية بمعلومات، بقوله إن «الهدف من الهجوم على الأجهزة الأمنية هو ضرب صدقيتها التي تستند المحكمة الدولية الى معلوماتها». ورأى أن نصر الله في خطابه الأخير كان «مرتبكاً وقلقاً، وقد أربك الجميع بهذا الخطاب التصعيدي». وتبنّى قراءة الوزير سليم الصايغ طائفياً لعبارة «البيئة الحاضنة للعملاء» في الخطاب، عبر رده على نصر الله بأن «المسيحيين هم أعداء لإسرائيل أكثر من غيرهم».
في المقابل، تابع حزب الله ردوده على منتقدي خطاب نصر الله على قاعدة: الوزير بالوزير، والنائب بالنائب، وعضو المكتب السياسي غالب أبو زينب لمنسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد. فرد النائب علي فياض على نواب الكتائب بأنهم «يمارسون فعل التزوير الموصوف للمواقف والآراء، ويفترون ويأخذون لبنان بالمفرق، لا بالجملة، فيما نحن نريد لبنان وطناً، لا مزرعة أو ملكية خاصة». وقال إن حزب الله «ليس خائفاً على نفسه، وإنما الخوف هو على لبنان والقضايا الوطنية الكبرى التي يتعاطى معها البعض بميوعة ومراهقة سياسيتين، وبمقاربات شخصانية ضيقة».
وعلى نواب القوات اللبنانية، رد النائب نوار الساحلي بأنه ليس مستغرباً أن يستحضروا «لغة الخيانة والفتنة والتقاطع مع العدو، فهم أدرى الناس بهذه اللغة، فالتقاطع مع العدو يتم من خلال الرهان على عدوانه على لبنان، وتبرير العمالة أو التهوين من شأنها، وتوفير البيئة السياسية الحاضنة لها يندرج في سياق الأعمال الخيانية، والتحريض والتضليل التي تحولت إلى مهنة البعض».
جعجع: لغاية 2008 لم نشكّ بأن حزب الله اغتال الحريري، لكن بعدها بتنا نشك بكل شيء
وفي رده على سعيد، قال أبو زينب «إن الانكشاف الحقيقي للبنان يتمثل في الافتراءات وتحوير الكلام وأخذه إلى مناطق الفتنة التي تخدم إسرائيل وتساعد على تنفيذ مخططاتها». ورأى «أن قمة البلاء الذي نتعرض له هو هذه العقول الأحادية التي تستنسخ تصريحاتها بأشكال مختلفة من دون أن تدري ما تقول»، داعياً «من يمنّي النفس بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء سعياً وراء مجد لم يره»، إلى «أن يعيد قراءة الواقع ويحاول العيش فيه».
ورداً على ردّ الوزير حسين الحاج حسن عليه، أول من أمس، أصدر الوزير سليم الصايغ، بياناً هادئاً أمس، قال فيه «إن التفسير الذي أعطاه الوزير الصديق» لمضمون كلام نصر الله «جدير بالاهتمام والقراءة الدقيقة، لأنه يعطي تفسيراً جديداً للخطاب». ورد على قول الحاج حسن له بأنه «فهم خطأ»، بتفسير موقفه بـ«أننا استمعنا وفهمنا هواجس الكثيرين الذين أقلقتهم جوانب في الخطاب، ولا بأس إن كنا صوتاً لهم، لا لإثارة الاشتباك السياسي بقدر ما هو للتصحيح ليس إلا». وختم بدعوة الجميع للعودة إلى النبرة الهادئة.

عدد الاربعاء ٢١ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment