Saturday, December 18, 2010

توصيف المؤسسة العسكرية للإرهاب محدد الاتجاه
اللبنانيون والخطوط الحمر: الليرة والقضاء والجيش

علي دربج

في زمن التسويات الصعبة والمفاوضات المكوكية وتناقض الرهانات، وفي وقت يبدو فيه الداخل اللبناني مشدوداً نحو حلبة «صراع المهل» لإنضاج طبخة التسوية الموعودة
قبل صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وعلى وقع الخطابات والخطابات المضادة التي تتسلّل بين عناوينها «مشاريع» فتن تبدو كأنها تستبق
أو تزاحم «الموعد الرسمي» المفترض لوقوع هذه الفتنة، لا تبدو صورة الساحة الداخلية، بالنسبة لبعض المراقبين، قاتمة الى حد «التبشير» بسقوط جميع الخطوط الحمر
الضامنة لشبكة الاستقرار الداخلي.
هكذا فإن لبنان الذي ينتظر على رصيف استحقاقات متعدّدة وداهمة وخطيرة يتحصّن، برأي هؤلاء، بسيبة ثلاثية قوامها الليرة والقضاء والجيش، تشكل عملياً عنصر «مناعته»
الأساسية، وهي خارجة حتى الساعة عن حلبة «الرقص السياسي والطائفي». وفي وقت لم تؤثر فيه أعاصير الداخل على الثقة بالليرة اللبنانية، إلا ان المتابعين للخط البياني
للأزمة يرون أن إبقاء البلد دائما على خط الزلازل والبراكين، وربْطه دائماً باستحقاقات داهمة، وجلّها خارجي، من شأنه ضرب مقومات الاقتصاد، وتهجير الرساميل والاستثمارات
التي تجبن أمام أجواء عدم الاستقرار والتأزم السياسي والأمني.
وكما في الليرة، كذلك في القضاء، «فإن الانحرافات المحدودة في الجسم القضائي والاتهامات بعدم الاستقلالية والارتهان، لا تعني إدخال هذه المؤسسة في «مدار» انعدام
الثقة.. وعكس ذلك هو دعوة صريحة لأن تسود شريعة الغاب ومحاولة لتحريض اللبنانيين بعضهم على بعض، ودفعهم لتصفية حساباتهم في ما بينهم وفق قوانين يضعونها بأنفسهم،
أو يضعها الحزب أو الطائفة أو الجماعة القبلية أو العشيرة أو سواه» يقول أحد كبار القضاة السابقين.
أما الجيش، الذي يواجه بالحملات لمجرد عدم اتخاذه موقع الطرف، في الوقت الذي يعلن فيه دائماً أن عدوّيه الحقيقيين هما: إسرائيل والإرهاب، «فهو المؤسسة التي
تكاد تكون الوحيدة التي بقيت خارج حلبة الصراع بالرغم من الانقسام الداخلي الأفقي والعمودي. وفي هذا السياق، تندرج بعض الثوابت للمؤسسة العسكرية، انطلاقاً من
اعتبار أن كل اللبنانيين، أفراداً، وجماعات، وأحزاباً، وطوائف، هم هدف إسرائيلي دائم، وبالتالي فإن توصيف الجيش للإرهاب لم يكن مرة يُقصد به حزب أو تيار أو
بلدة أو منطقة لبنانية، بل يُقصد به الذين يسعون جاهدين للتشبّه بأسلوب «القاعدة»، ويستهدفون المدنيين والعسكريين في كل المناطق. ولم يعن الإرهاب يوماً في قاموس
الجيش أولئك الذين يقاتلون دفاعاً عن الأرض، ويبذلون التضحيات حفاظاً على السيادة الوطنية، ولا الذين يمارسون العمل السياسي السلمي، وينخرطون في الحراك السياسي
سواء ضمن المؤسسات أو خارجها»، والكلام لأحد السياسيين المقربين من دمشق.
وفي ثوابت المؤسسة العسكرية المعلنة ما يتكفل بوضع الكرة في ملعب الطامحين لفرض أنفسهم شركاء في معارك مجانية، ليتحولوا لاحقاً شركاء في المكاسب. «فحماسة هؤلاء
تدفعهم، من خلال الجهد الذي يبذلونه لحجز مكان لهم في لعبة الاصطفافات القائمة، إلى استهداف مواقع أخرى غير معنية بشروط الانتساب إلى هذا المعسكر أو ذاك، وذلك
على قاعدة أنه كلما اتسعت مروحة المستهدَفين بأي حملة كلما حاز مُطلق الحملة المعدّل المطلوب للدخول إلى حلبة الرقص المجنون».
أداء يذكّر البعض بما حصل بعد أحداث الحادي من أيلول 2001، عندما انبرت مجموعات إرهابية صغيرة ومغمورة إلى التماهي مع أسلوب «القاعدة» في شن الهجمات في محاولة
لتقديم أوراق اعتمادها لهذا التنظيم، فتبنَّت عمليات تفجير في أكثر من مكان، علّها تحظى برعاية هذا التنظيم، أو تكون الوكيل الحصري له في هذا البلد أو ذاك،
فتستفيد من الوهج الإعلامي والسطوة العالمية، وأيضاً من المكاسب المادية واللوجستية والبشرية.
إلا أن العديد من هذه المجموعات سقط في امتحان القبول، ولم يُدرج اسمه في خانة الأبناء الشرعيين لـ«القاعدة»، ربما لأن قادة هذا التنظيم لم يتوقعوا له أن يكون
ابناً بارَّاً، أو لأنهم اكتشفوا وصوليته وليس أصوليته.
السفير

No comments:

Post a Comment