Saturday, January 1, 2011

الأحزاب المسيحية تحاول ترتيب بيوتها الداخلية.. وبكركي لا تغادر معسكر 14 آذار
عام 2010 مسيحياً لا يُخرج أحداً من الخنادق.. و«الثنائيات» متفقة ومتخاصمة

كلير شكر

مكانك راوح. الأجنحة المسيحية الموزّعة على خندقيْ الصراع الداخلي، لم تتمكّن من تغيير مواقع بيادقها على رقعة الشطرنج. وكما استهلت رزنامة عام 2010 أولى أوراقها،
أقفلت على المشهد ذاته. خريطة موازين القوى على حالها. الغلبة لـ«التيار الوطني الحر» ولو متراجعاً، مسجلاً لنفسه في الانتخابات البلدية خوضها على كامل البقعة
المسيحية، مع بعض الاستثناءات، فيما حاول خصومه ولا سيما «القوات» و«الكتائب»، انتزاع بعض المواقع... فنججا حيناً وأخفقا حيناً آخر وما بدلا في أرجحية عون المسيحية.

في لعبة الاستراتيجيات، لم يسمح النزاع المتفرّع عن زلزال الرابع عشر من شباط عام 2005، للقوى المسيحية بالخروج من خنادقها. حافظ كلّ منها على تحالفاته، وإن
شهدت الـ2010 خطوات انفتاحية خجولة، لم تثمر أي نوع من إعادة التموضع، أو حتى التلاقي المتين.
في التكتيك اليومي، كانت الساحة المسيحية عابقة بالتحركات الميدانية والسياسية، ولكن غير الجذرية. اليوم، يتفرّج مسيحيو المعارضة، على خصومهم في قوى الرابع
عشر من آذار، ينقلبون على شعاراتهم، التي ألهبوا بها جماهيرهم خلال الانتخابات النيابية، قبلها، وبعدها. مراجعة بسيطة لتلك العناوين، تكفي للتأكد من أن قيادات
هذا الفريق استخدمت كلّ أنواع الترغيب والترهيب لجذب التأييد، وها هي اليوم تفعل غير ما تقول: خصومة سوريا تحوّلت إلى مشروع صداقة ينتظر موافقة القيادة السورية،
فزاعة «ولاية الفقيه» فقدت مقوّماتها، وصارت اللقاءات مع السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي شرعية، وممراً إلزاميّاً، قبل الانتقال إلى مطار طهران الدولي... يبقى
التصويب على «حزب الله» وسلاحه، حتى يصيب «الجنرال» و«تياره».
تنظيمياً، حاولت الأحزاب المسيحية الأبرز: «التيار الحر»، «القوات»، «الكتائب» و«المردة» ترتيب أوضاعها الداخلية، من دون أن تتمكن من تحقيق خروقات كبيرة أو
تمدّدات واسعة:
ـ «التيار الوطني الحر» استنجد بورشة «إصلاحية» لإصلاح ما أفسدته بعض التشققات غير المرئية، التي كانت تتسلل إلى جسمه الفتي، توجّت بمصالحات داخلية، كانت تطمح
إلى طي صفحة التململ والانكفاءات. إنشاء لجنتي المناطق والبلديات، اللتين سبقتا خوض الاستحقاق البلدي، حاولتا نزع الألغام وفتح الأبواب أمام بعض المعترضين،
للعودة إلى «البيت الأبوي». ثمة محاولة خجولة لمأسسة «التيار»، تسير بخطى سلحفاتية، أنتجت مؤخراً تعيينات للجان مركزية، في انتظار البقية.
ـ «تيار المردة» حاول الاستفادة من تجربتي الانتخابات النيابية والبلدية، لتحسين أدائه التنظيمي. فكانت له أكاديمية الكوادر، لنشر «رسله» في المناطق من باب
توسيع رقعة حضوره، علماً بأن قيادييه يؤمنون أن موقع سليمان فرنجية وانفتاحه والسعي لإكسابه «بعداً استقطابياً» هو رأس مال التيار، الذي يتساوى مع الحضور التنظيمي،
والذي لا يمكن له أن ينقذه من مستنقع الانعزال، فيما لو أصابه.
ـ «الكتائب» انتظرت يوبيلها الماسي، لتعلن انطلاق قطار ورشتها الداخلية، التي باتت بأمس الحاجة إليها. يريدها سامي الجميل وفق نظرته وتطلعاته للحزب الذي يتهيأ
لوراثته، وكي يتمكن من تثبيت قدميه على أرض صلبة، لا سيما أن منافسته الأولى «القوات»، تضعه فوق رمال متحرّكة يحاول التخلّص منها، لإنقاذ ما تبقى من كتائبيين،
من براثن الترغيب الذي يمارسه «الحلفاء». اللمسات الأولى للنهضة الداخلية، وضعت منذ أشهر: تنظيمات جديدة للأقاليم والأقسام، وإنشاء مصالح ومجالس، والأهم بينها
الأكاديمية السياسية للتثقيف الفكري.
ـ «القوات» اختارت الطريق الأطول لانتقالها من مرحلة «التيار» المتفلّت من الضوابط إلى مرتبة حزب، ولكن غير المقيّد لجمهوره. حزب رئاسيّ بامتياز، لا يزال في
طور النمو وهناك من يبالغ في الخشية منه وهناك من لا يهاب صعوده، لا سيما بين الطلاب الذين يتم تلقينهم، وفق خصومه، تاريخاً مجتزءاً ومشوهاً، متكئاً على خطاب
تعبوي تخويفيّ. عملياً، دارت مسودة النظام الداخلي على الهيئات المحلية التي سجّلت ملاحظاتها عليها، بإشراف اللجنة التنظيمية، حيث يفترض بالهيئة التنفيذية أن
تقرّ المسودة وفق الصيغة النهائية، قبل فتح باب الانتساب.
الانتخابات البلدية والاختيارية، كانت المحطة الأبرز التي شهدتها الساحة المسيحية، بعدما انضم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى حلبة الصراع المسيحي،
من باب بلدياتها. في حسابات كلّ فريق، هو خرج منتصراً ليشهر سيف أرقامه، بوجه خصومه. وهنا يعدد «التيار الوطني الحر» سيلاً من الأرقام التي حصدها على مدى أربعة
أسابيع: 170 رئيس بلدية، 2200 عضو بلدي، و370 مختاراً.
في محطتها الأولى التي جرت في الثاني من أيار الماضي، خرجت الرئاسة الأولى بانتصار «ذهبي» في جبيل، فيما أصيب «التيار الوطني الحر» بانتكاسة، جرّاء الهزيمة
في واحد من معاقله، فيما التحالف مع «الخصم» ميشال المرّ لم يكرسه زعيماً في المتن، كما كان يأمل، على اعتبار أن الصيغة الائتلافية التي جرّه إليها «مهندس الانتخابات»،
أعادت إحياء التركيبة «المرّية» في المتن، علماً بأن «العونيين» لا يرون في هذا الواقع، انتكاسة انتخابية، وإنما مجرّد استراتيجية طويلة الأمد، تقوم على الرهان
على وراثة الحالة «المريّة»، وإلا «ما هو تفسير الحج الذي قامت به معظم المجالس البلدية المتنية إلى الرابية»؟
لم تصب نتائج الاستحقاق في جبل لبنان، عقر الدار المسيحية، حيث لعبت المصالح العائلية والاقتصادية دوراً أساسياً، «التيار الوطني الحر» بالخيبة، وإنما تعلّم
من دروسها، ليثبت، ومن الأطراف، أنه ما يزال الرقم الأصعب، بعد نجاحه في إدارة التحالف مع سليمان فرنجية، وبعد معركة صاخبة بوجه «حليفه» إيلي سكاف، كما بعد
«الحرب بالواسطة» مع «دولته» (الرئيس نبيه بري) في جزين.
بعد أكثر من ستة أشهر على مرور الاستحقاق، لم تتحسن علاقة «الجنرال» بـ«البيك» الزحليّ، كما أنها لم تسؤ أيضاً. ولكن مع رئيس مجلس النواب، يبدو أن منسوب التواصل،
يغلب على نصف الكوب. بين الرجلين أكثر من محطة خلافية: التعيينات القضائية، مشروع الموازنة، وقبلهما الكيمياء المفقودة بينهما. وحدها جزين أخرجت الخلاف من شرنقته،
وأشعلته. وعلى الرغم من هذا التباعد بين حليفيْ الحليف، فإن التنسيق بين معاوني المرجعيتين، التقط أنفاسه، ليوصل ما انقطع بين عين التينة والرابية: الاجتماعات
بين الوزراء، جلوس زياد أسود إلى جانب «الأستاذ» في المصليح خلال عاشوراء، أكثر من دليل على ودّ وجد لنفسه موقعاً.
لا شك بأن «حزب الله» لعب دوراً في تقريب المسافات، تفاهم مار مخايل، المصلحة المشتركة، الحرص على عدم الاستفراد بالطائفة الشيعية، كما الحرص على عدم استضعاف
الطائفة المسيحية، والقناعة بالمقاومة وجدواها... كلها عوامل ساهمت في التخفيف من وطأة الأداء والأسلوب المختلفين بين الفريقين، لا بل اختلاف المفاهيم، الذي
يحفظ لـ«حزب الله» مكانته الأولى على جدول تحالفات «التيار الوطني الحر».
اليوم، يبدو أن هناك محاولة لردم الهوّة، حيث يفترض بأطراف التماس، الوزراء ونواب الجنوب، أن يأخذوا المبادرة، لصياغة مخارج للعلاقة المتأرجحة. الرجلان لم يلتقيا،
طوال هذا العام، إلا بضيافة رئيس الجمهورية، على طاولة حوار معلّقة على حبل الانسحابات التكتيكية لأقطاب المعارضة. هنا، تسير علاقة جنرال الرابية بجنرال بعبدا،
بعكس التيار. من سيئ إلى أسوأ. يطالبه «العونيون» بتحديد مواصفات العلاقة التي يريدها: طرف سياسي أم على القطعة؟
في جعبة «العونيين»، الكثير من الملاحظات على طريقة تعاطي الرئاسة الأولى معهم، وبرأيهم فإن معركة جبيل البلدية أدت الى طوفان»البرميل» وليس الكوب، كون السلوكية
خرجت برأيهم عن دور رئاسة الجمهورية. «التناتش» على التعيينات، محاولات إضعاف الوجود «البرتقالي» في المناطق، كلها زادت من سلبيات العلاقة، التي أضافها «العونيون»
إلى سجل الاعتراضات على أداء الرئيس سليمان، الذي «لا يحاول صياغة حلول للأزمة اللبنانية، بقدر ما يجيد تدوير الزوايا».
اللقاء الثنائي، الذي حمل العماد عون إلى بعبدا، بداية الشهر الحالي، ضمن حلقات المشاورات الرئاسية، والذي جاء بعد مقاطعة الأخير لجلسة الحوار الوطني، لم يكن
أكثر من صورة، لا تعكس المضمون. حتى محاولة كسر الجليد بين الرجلين، لم تنجح الجلسة في تحقيقها. ملف شهود الزور، وموقف الوزراء «الرئاسيين» منه، انضم إلى سجل
الخلافات التي تباعد بين بعبدا والرابية.
مع سليمان فرنجبة، لم تمنع خصوصية كلّ من «التيار الوطني الحر» و«تيار المردة» من رفع منسوب التنسيق خلال الانتخابات البلدية، التي أعادت جمع ما فرقته «زميلتها»
النيابية، لا سيما في قضاء زغرتا، حيث خاض الحليفان المعارك البلدية، كتفاً بكتف في مواجهة خصومهم في قوى الرابع عشر من آذار، وأثمرت انتصاراً تمدّد إلى الكورة
والبترون... ليختم العام أوراقه، بزيارة «برتقالية»، إلى معقل فرنجية، في 21 تشرين الثاني، لتزيد من أواصر «التفاهم والتآخي الذي لا يفصله شيء»، على الرغم من
المدّ والجزر الذي طبع بعض مراحل علاقة الحليفين.
كما أن القطب الزغرتاوي، لم يقطع شعرة معاوية مع خصم «السنوات الأربع»، رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي ردّ الزيارة التي قام بها الأول إلى منزله في بيروت،
في 14 تشرين الأول من عام 2009، في إطار المشاورات لتأليف الحكومة، والتي تأخرّت لأشهر، فلم تر النور إلى في 27 تموز الماضي، في محاول لتمتين قنوات التواصل
بين الرجلين.
لا شك بأن العلاقة الاستراتيجية التي تربط فرنجية بالقيادة السورية، تترك بعضاً من بصماتها، على إيقاع التواصل بين الرجلين، لكن الخيار التهدوي الذي كرّسه القطب
الزغرتاوي في علاقته مع رئيس الحكومة، يؤشّر إلى أن فرنجية يريد أن يعطي كلّ الفرص للصفحة الجديدة التي فتحها مع سعد الحريري، بما يمثله من حيثية سنية وسياسية
لا بد من محاورتها، وهو ربما كان يراهن على ان يحمل المستقبل نمواً إضافياً في «قامة» الحريري، تتيح لها أن تلامس «قامة» والده، إذا نجح في الاختبارات الصعبة
التي تنتظره في الطريق.
ومن الواضح أن الحريري بات يدرك، من جهته، أن التواصل مع فرنجية أمر حتمي لاعتبارات عدة، فهو على المستوى المسيحي قطب بارز يحمل ورقة مكشوفة هي تمثيله المسيحي
الشمالي وأخرى مستورة بدأ يصل مداها الى جبل لبنان، وعلى المستوى الوطني يتمتع بعلاقة مميزة مع «حزب الله»، وعلى المستوى الإقليمي يربطه تحالف استراتيجي مع
الرئيس السوري. وبالتالي، فإن الانفتاح على فرنجية يعني إصابة أكثر من عصفور بحجر واحد.
وعلى طريق التمايز بين حليفيْ الصف الواحد، كانت العلاقة بين بنشعي وبعبدا، أفضل من تلك التي تجمع بين «الجنرالين»، لا سيما أنه يبدو أن فرنجية يبتعد عن «المعارك
السياسية في الوقت الضائع، طالما أن التسوية حاصلة، حاصلة»، ما يفسّر الانفتاح المتبادل بينه وبين المملكة العربية السعودية، من خلال اللقاءات التي جمعته مع
السفير علي عوض العسيري، ومشاركته في «مأدبة طرابلس» التي دعا إليها الرئيس نجيب ميقاتي في نهاية تشرين الأول الماضي، تكريماً لممثل المملكة في لبنان.
لعل أبرز إنجازات «القوات» في سنة «التحولات»، هو سعي سمير جعجع المتواصل لتحسين صورته في الوسط المسيحي خصوصاً، واللبناني عموماً، وتجميلها. ثانيها، تمسّك
«تيار المستقبل» بتحالفه مع «القوات»، على الرغم من الضغوط التي مورست من أجل فك هذا التحالف. وما ضعف الثقة، الذي يصيب علاقة رئيس الحكومة بالقيادة السورية،
إلا نتيجة لرفض الأخير تنفيذ شروط غير معلنة، وضعت عل طاولة المحادثات بين الفريقين، منذ الزيارة الأولى التي قام بها «نجل الشهيد» إلى دمشق.
مبادرة ولدت ميتة، أطلقها جعجع تجاه «العونيين» وليس «التيار الوطني الحر» أو الجنرال عون، خلال القداس السنوي للشهداء، في 25 أيلول الماضي، لكنها لم تجد آذاناً
صاغية، لا سيما أن المستهدفين بها، شعروا وكأنها تستخدمهم كشعار، للوصول إلى فئة المحايدين من المسيحيين، على طريقة «اللهم إني قدّمت يدي إلى خصومي».
بين معراب وبكركي علاقة مركبة. لا يحب البطريرك صفير الزعامة المسيحية على شاكلة ميشال عون أو سمير جعجع. يفضل مثلا سليمان فرنجية أو سمير فرنجية. لا يبدل في
الود مع قائد الجيش أياً كان اسمه. مرت فترة في العلاقة بين جعجع وبكركي اتسمت بالبرودة بسبب موقف «القوات» من قضية الحقوق الإنسانية للاجئين للفلسطينيين في
لبنان، التي تركت جرحاً على جسد التواصل بين معراب وبكركي... إلى أن توسّط عضوَا الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار، فارس سعيد وسمير فرنجية، لترتيب لقاء
موسّع لمسيحيي هذا الفريق في ضيافة البطريركية المارونية، في بداية تشرين الأول المنصرم.
اللقاء، الذي تساوت صورته، مع صوت بيانه، من دون أن يقدّم أي إضافات على لائحة ثوابت هذا الفريق، أعاد بكركي «طرفاً» بعد استضافتها لاجتماع مسيحيي 14 آذار،
لتعيد تصويب سهام الانتقادات على دور بكركي وانحيازها إلى جانب فريق من دون آخر.
زيارة يتيمة قام بها العماد عون إلى بكركي، للقاء مجلس مطارنتها، لكنها لم تكن قادرة على ترتيب العلاقة بينه وبين سيد بكركي، واستعاض القطب المسيحي عن هذا التباعد
بتقارب نسجه بهدوء مع الرهبنات المارونية وحتى الكاثوليكية، مختتماً عامه، بغداء على طاولة الرهبنة الأنطونية.
فرنجية، صاحب المواقف النارية تجاه البطريرك صفير، اختار هذا العام، المهادنة مع رأس الكنيسة المارونية، فالتقاه في الديمان في 13 أيلول، «لتصحيح الشوائب» التي
سادت العلاقة على الرغم من تأكيده أنه بقي «تحت سقف بكركي الديني».
الكتائب، سجّلت خلال هذا العام، تمايزها عن قوى الرابع عشر من آذار، فدوّنت أولاً تحفظّها على البيان الوزراي لحكومة سعد الحريري، ثم جمّدت عضويتها في الأمانة
العامة لقوى الرابع عشر من آذار، ليكون التمايز عن «القوات» على طاولة الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية، ثالث «الافتراقات»، لتحمل خطابها إلى يمين حلفائها.
في ملف الحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، كان الافتراق واضحاً، ففتح الباب أمام خطوات انفتاحية مع قوى أخرى، من المقلب الآخر، ساهمت برأي الكتائبيين في
تخفيف الاحتقان، وإن لم يكن لها أي أهداف تحالفية.
وإذا كان العام الماضي شهد لقاءين بين الكتائب و«المردة»، الأول، في بنشعي بادر إليه سامي الجميل. والثاني، في بكفيا بحضور العائلتين، في تموز من عام 2009،
فإن جلسات جانبية قصّرت المسافة بين الرابية والصيفي، على أثر لقاء قياديين من الكتائب و«التيار الوطني الحر» حول أكثر من ملف، وصولاً إلى التواصل المستجد بين
الكتائب وطهران عبر ممثلها في بيروت غضنفر ركن أبادي، والزيارة التي قام بها الوزير الكتائبي سليم الصايغ، ضمن وفد رئيس الحكومة، إلى طهران.
لكن أبرز ما سجّل على طريق العلاقة بين القوى المسيحية، هو خروج الحساسية القائمة منذ «النشوء» بين «القوات» و«أمها الطبيعية»، الكتائب، إلى العلن. تنافس على
طبق واحد، غير قادر على تجاوز حتمية العلاقة، المحكومة بماضٍ مشترك، بنسيج اجتماعي متداخل، ولكن يبدو أنه صار يربك «القوات» ويدفعها، على سبيل المثال، إلى الردّ
مباشرة، وعبر موقعها الالكتروني، على نائب رئيس الكتائب سجعان قزي حول كلام له عن «الطائف»!
منذ عام 2005، لم تحصل انزياحات حادة على مستوى الكتل الاسلامية. الشيعة معقودة زعامتهم للثنائي الشيعي «أمل» و«حزب الله» والسنة معقودة زعامتهم لسعد الحريري
والدروز لوليد جنبلاط ولو أن التلاوين الأخرى موجودة هنا وهناك. أما مسيحياً، فإن الحراك لم يتوقف منذ انتقال ميشال عون من ساحة 14 آذار الى ساحة 8 آذار ومن
ثم استمرار الصراع على الإمساك بأرجحية الشارع المسيحي، خاصة بعد خروج وليد جنبلاط من معسكره السابق.
كل ذلك يؤشر الى أن المعركة الدولية والعربية واللبنانية على اجتذاب الشارع المسيحي، في هذا الاتجاه أو ذاك، ستبقى عنواناً يميز عام 2011 كما ميز السنوات الخمس
المنصرمة.
السفير

No comments:

Post a Comment