"بشارة الراعي" الى شعب انطاكيا وسائر المشرق... من لبنان
الأخت باسمة الخوري الأنطونية
يوم اختلف الرعاة على كيفية رعاية شعبهم، فظنّ كل منهم أنه الأفضل وتمسّك بما يظنّه الحق وحبس نفسه في حظيرة، مع مجموعة سمّاها رعيّته الفاضلة، وأغلق أبوابها حفاظًا على طهارتها وعلى حقيقة انتمائها، ووضع لها قانونًا تحوّل حرفًا جامدًا يقتل بدلاً من أن يحرّر... وقف الرب وقال: "أنا الراعي الصالح"!
ويوم تنافسوا على طرق التلاعب على الكلمات بحيث يجتذبون الناس دون أن يوصلوهم الى الحق الذي يحرّر، والى الحياة الوافرة، قام الرب وقال: "أنا الراعي الصالح، أعرف خرافي وخرافي تعرفني، أدعو كلّ منها بإسمه، أخرجها، أسير أمامها..."
هذه هي "بشارة الراعي" الصالح، وهي البشارة التي ننتظرها وينتظرها عالمنا الذي أدخله الرب رعيته عندما أعلن "لي خراف أخرى من غير هذه الحظيرة" (يوحنا 10:16). هنيئَا لنا بـ"بشارة الراعي" هذه. هنيئَا للعالم ببشارة تجعلنا معه واحدًا. هنيئًا لنا ببشارة لم تملّ يومًا من التردّد في كل الآذان التي تسمع.
"بشارة الراعي" هذه هي كلمة الله لعالم اليوم وكل يوم، يصرخها هامسًا في كل القلوب والعقول بلسان بطريرك جديد يعرف كيف يستعين بالرب أولاً وبإخوته وأخواته، فيكون "كأنه الله يوحي" لهم بما يقولون ويعملون (خروج 4: 16) فيسيرون بالكنيسة والعالم الى تحقيق جنة الله على أرضنا.
غبظة أبينا البطريرك، وقد اختارك الروح القدس "بشارة الراعي" الى شعبنا، أنت اليوم رسول الله لنا. علمّنا أن نُقبِل اليه فنطرح كل خوف ويأس وإحباط، ونسمعه يقول لنا "لا تخافوا فأنا معكم، ولا تتحيّروا فأنا إلهكم، أما قوّيتكم ونصرتكم وبيميني سندتكم؟" (أش 41: 10). علّمنا أن نشجّع بعضنا بعضًا "فيشجّع النجّار الصائغ والحدّاد" (أشعيا 41: 7)، ويتخلّى الشرير عن طريقه وفاعل الاثم عن أفكاره. أصرخ كلام الرب في آذاننا علّها تنجو من صممها، وأعلن لنا من جديد ما قاله لنا قديمًا "لا تخافوا من ضعفكم، ولا من عددكم، أنا فاديكم!" (أشعيا 41: 14).
غبطة أبينا "بشارة الراعي" لنا اليوم، الشكر لله الذي دعاك فسمعتَ الدعوة. الشكر له هو الذي "أخذ بيدك وحفظك" وأعطاك القوة والقدرة لتكون "عهدًا للشعوب" التي لم تعد تعرف معنى العهد الصادق، و"نورًا لهداية الأمم" التي زاغ بصرها من كثرة الأضواء الزائفة المبهرة.
نحن اليوم بأمسّ الحاجة الى من يكون يد الرب تفتح عيوننا العمياء عن الحق... وغبطتك هي اليد!
نحن بأمسّ الحاجة الى من يخرجنا من أسر عالم الشر المستشري، وقد أُلبِس ثوب الديمقراطية حتى انعدام القيم، والحرية حتى التحرر والفوضى القاتلة، والراحة الشخصية حتى التضحية بالعائلة وبالمسؤولية الجماعية... وغبطتك هو الراعي الذي يسير أمامنا مسيرة الحرية الحقة، مسيرة الفصح، غالبًا الموت ومخلّعًا أبواب قبورنا كلها.
نحن بأمسّ الحاجة الى من يعيد المجد الى ملك المجد وحده، والى من يعلّمنا جميعًا أن لا نسجد الاّ لله وحده، وغبطتك هو المعلم وحامل "بشرى الراعي".
خلقنا الله إخوة وأخوات، وأفهمنا أنه أب الجميع، فاختلفنا على فلسفة جوهره، وفقاهة إرادته، ونسيناه... نرجوك اليوم إغضب على اقتتالنا وأعدنا الى الأخوّة.
وضعنا الله في هذا الشرق منارة وبركة، فاختلفنا حول أحقّية المسؤول عن المنارة ونسينا النور فشح وهجنا حتى قارب الظلمة. نرجوك أعد الينا معنى المسؤولية، ومن نور الرب أنر منارتنا فنستنير وننير.
أرادنا الله مصلوبون قائمون ممجّدون، فنبذنا الصليب وتقاتلنا على المجد الباطل، فاغضب على خطيئتنا نرجوك، وأعدنا الى مكانتنا كأولاد لله أحباء.
غبطة أبينا، "بشارة الراعي" الصالح لنا، نحن نسمع كلام الرب يقول: ها تأتي أيام أعطيكم فيها راعٍ ينجح في كل ما أرسله له، يرشدكم في طريق السلامة "فترنّم الجبال والتلال أمامكم، وأشجار الحقول تصفّق بالأيدي"، فاجعل من جميعنا رعية واحدة للرب الواحد، والله من خلالك على كل شيء قدير.
No comments:
Post a Comment