الأسعار ترتفع مجدداً
جوزف عور: مشتقات الحليب ازدادت 50% في 4 أشهر
أسعار الخُضَر والحشائش والفواكه مرتفعة بسبب ارتفاع أكلاف الزراعة والنقل (مروان طحطح)عادت أسعار السلع الغذائية إلى الارتفاع في الأسواق الخارجية منذ مطلع السنة الجارية. وتشير تقديرات المنظمة العالمية للأغذية «فاو» إلى ارتفاع هائل في أسعار السكّر ومشتقات الحليب، يتوقع أن يصل في نهاية 2010 إلى نحو 48.2% و65% على التوالي... هذا الواقع بدأ يظهر في لبنان، ولا سيما على مستوى مشتقات الحليب المستوردة، وكذلك السلع الأخرى التي تدخل في صناعتها عناصر مستوردة /
محمد وهبة
تتوقع المنظمة العالمية للأغذية «فاو» أن يشهد العالم موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، مشابهة للموجة التي شهدها بين عامي 2008 و2009، التي أدّت إلى ارتفاع أسعار غالبية السلع بصورة جنونية، إذ إن هذه السلع ستتأثّر بالتغيّرات الاقتصادية التي طرأت على الاقتصاد العالمي، بما فيها تذبذب أسعار الفائدة، ووقوع الأسواق في هوّة مجهولة النتائج يستحيل معها التكهن أو تقدير المستقبل...
وتنسحب هذه التوقعات على الأسواق المحلية. ففي لبنان، على الرغم من انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار، إلا أن أسعار غالبية السلع الغذائية المستوردة من أوروبا لم تنخفض مطلقاً، بل على العكس ازدادت بنسب كبيرة، فيما تؤكد المؤشرات التي رصدتها جمعية حماية المستهلك أن الوتيرة تصاعدية الاتجاه بعد أسابيع من عدم الاستقرار.
ويسجّل عضو جمعية حماية المستهلك، غالب جباعي، عدم استقرار أسعار المواد الغذائية في السوق المحليّة، «فهي ليست مستقرّة منذ فترة»، لكن الأكيد أنها ارتفعت في الفصل الثاني من السنة الجارية، ولا سيما مشتقات الحليب. فعلى سبيل المثال، يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من اللبنة 5250 ليرة، والكيلوغرام الواحد من جبنة العكاوي 18 ألف ليرة، وقد سجّل ارتفاع جميع المشتقات المستوردة، مثل حليب البودرة والأجبان والألبان المعلّبة والزبدة...
ويؤكد أيضاً أن أسعار الحبوب لا تزال مرتفعة، إذ يباع اليوم كيلوغرام العدس بما بين 3250 ليرة و3500 ليرة وفق نوع السلعة وجودتها، وسعر كيلوغرام الحمّص يتراوح بين 2500 ليرة و3000 ليرة... ولا تزال اللحوم على أسعارها القديمة المرتفعة، فيباع كيلوغرام لحم البقر بـ15 ألف ليرة وكيلوغرام لحم الغنم بـ30 ألف ليرة.
هذه العينة تشير بوضوح إلى وتيرة ارتفاع الأسعار في النصف الثاني من السنة الجارية، إذ يشير رئيس جمعية مستوردي ومصدري المواد الغذائية، جوزف عور، إلى أن أسعار الحليب ومشتقاته لا تزال ترتفع بوتيرة متسارعة منذ 4 أشهر إلى اليوم، تقدّر بنحو 50%، وفي المقابل انخفض سعر صرف اليورو مقابل الدولار بنحو 15%. وبما أن غالبية هذه السلع مستوردة من دول أوروبية، فلم يغطّ خفض سعر العملة الأوروبية الفارق في الارتفاع الناجم عن أسباب مختلفة.
إذاً، لا يتعلّق الأمر بسعر اليورو وحده، بل هناك أسباب أكثر عمقاً تتعلّق بعناصر عدّة مرتبط بعضها ببعض، مثل أسعار النفط والاستهلاك المحلّي في الدول المصدّرة والأوضاع البيئية وكوارث الطقس والمناخ... فلبنان لا يستورد اللحوم من أوروبا، لكنّ أسعارها لا تزال مرتفعة، وهذا، بحسب عور، له علاقة بارتفاع الأسعار في البلدان المصدرة مثل البرازيل والأوروغواي وإيرلندا وسواها من مصادر اللحوم المورّدة إلى لبنان.
أما بالنسبة إلى أسعار الخُضَر والحشائش والفواكه، فهي تختلف في السوق بحسب المواسم المستوردة أو المزروعة محلياً، لكنها مرتفعة إجمالاً بسبب ارتفاع أكلاف الزراعة والنقل. لكنّ رئيس نقابة تجار الجملة محمد القيسي يلفت إلى أن الطلب سيرتفع مع اقتراب شهر رمضان، إذ إن عشرات آلاف الأسر تستهلك «الفتوش» بكثرة في هذا الشهر، وبالتالي سترتفع أسعار مكوّنات هذا الصحن اليومي. ويشير إلى أن أسعار الحشائش كانت منخفضة جدّاً قبل فترة، لكنها ارتفعت اليوم بنسب خفيفة، «بحسب المواسم ووجودها في الأسواق، فالأمر متعلّق بوضع كل صنف على حدة. فهناك أصناف مضروبة بسبب أحوال الطقس، كما نرى البطيخ والشمام في هذه الأيام، ومنها ما يتعلق بأسعار السلع المستوردة».
الطلب سيرتفع على الخضر مع اقتراب شهر رمضان، إذ إن عشرات آلاف الأسر تستهلك «الفتوش» بكثرة في هذا الشهر
لكنّ رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية، جورج نصراوي، يضيف إلى العناصر المؤثرة على ارتفاع أسعار الخُضَر الطلب الناجم عن مصانع الكبيس. فالخيار و«المقتى» وبعض الأصناف مثل الملوخية والبامية والأصناف المستعملة في صناعة المربيات، تمثّل عنصر طلب إضافياً على هذه السلع، ما يزيد أسعارها في بداية الموسم حتى تكتفي السوق المحلّية فتبدأ الأسعار بالنزول. وقد تزامن هذا الأمر مع ارتفاع أسعار السكر بمعدلات كبيرة، رفعت سعر الطن في السوق العالمية إلى 700 دولار.
على أي حال، تتوقّع «فاو» ارتفاع أسعار السلع الغذائية في عام 2010 بمعدل يبلغ 11%، وخصوصاً فاتورتي السكّر ومشتقات الحليب التي ستكون أكبر من انخفاض فاتورة أسعار الحبوب، وسترتفع فاتورة الاستيراد في البلدان الأقل تطوراً بنسبة 10%، وستمثّل السلع، من غير الحبوب، كل الزيادة المرتقبة، وهذا الوضع سينعكس على لبنان، وستكون له تداعياته الكبيرة في ظل التركّز في الأسواق وشبه انعدام المنافسة والمرونة.
وفي تفاصيل هذه التوقعات، فإن الإنتاج العالمي من الحبوب الناعمة سيبلغ 22790 مليون طن، يُقدّر أن يُستهلك منها 22681 مليون طن، وستنخفض بنسبة 11% في نهاية 2010 مقارنة مع نهاية 2009. أما الحبوب الخشنة، فسيبلغ الإنتاج العالمي منها 1130 مليون طن يُقدّر أن يُستهلك منها 1129.7 مليوناً بانخفاض في أسعارها بنسبة 5%، وسيبلغ إنتاج القمح العالمي 676.5 مليون طن يستهلك منها 675 مليوناً بانخفاض في السعر بنسبة 13%، وستنخفض أيضاً أسعار الأرزّ بمعدل 16.2%، إذ ينتج العالم 455.5 مليون طن مقابل استهلاك 453.9 مليوناً، وستنخفض أسعار السمك بنسبة 0.5%. وفي المقابل، ستسجل أسعار الحليب ارتفاعاً بنسبة 65% في نهاية 2010 مقارنة مع نهاية 2009، فيما ترتفع أسعار السكر بنسبة 48.2% وأسعار الزيوت المستخرجة من البذور بنسبة 3.3%.
________________________________________
%12
الزيادة التي ستطرأ على سوق السكر العالمية، ما سيخفض حجم الاحتياط العالمي إلى 54.4 مليون طن، أي أقل بنحو 9.8 ملايين طن من المعدل في آخر 10 سنوات
________________________________________
3963
هي قيمة طن الحليب البودرة بحسب أسعار الاستيراد العالمية المسجّلة في نهاية أيار 2010، وهي أسعار قريبة جداً من تلك المسجّلة في نهاية أيار 2009
________________________________________
%12
هي نسبة الزيادة في أسعار اللحوم العالمية بحسب مؤشر المنظمة العالمية للأغذية «فاو» للأشهر الثلاثة الأولى من 2010 مقارنة بالفترة نفسها من 2009
________________________________________
مؤشرات الـ«فاو»
في أيار 2010 سجّلت مؤشرات أسعار الغذاء لدى منظمة الـ«فاو» ارتفاعاً إجمالياً بنحو 11.3 نقطة، مقارنة بالفترة نفسها من 2009. لكن النسبة الأكبر من الارتفاع كانت من حصّة مؤشر أسعار مشتقات الحليب الذي سجّل زيادة 85.5 نقطة من 123.7 إلى 209.2، يليه مؤشر أسعار الحبوب الذي ارتفع بنحو 29.9 نقطة إلى 155.6 نقطة، ثم مؤشر اللحوم الذي ارتفع 16.1 نقطة، ومؤشر السكّر بنحو 13.5 نقطة، ومؤشر الزيوت بنحو 3.5 نقاط
عدد الثلاثاء ٢٩ حزيران ٢٠١٠
جريدة الاخبار
No comments:
Post a Comment