Thursday, November 18, 2010

«هآرتس»: إسرائيل ستطلب الاعتراف بانسحابها من كل الأراضي اللبنانية
تل أبيب... و«الوقت المناسب» لإخلاء الشطر الشمالي للغجر

صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر في اجتماعه يوم الأربعاء الفائت على قرار مبدئي بسحب القوات الإسرائيلي من الشق الشمالي من قرية الغجر، في أول إشارة من
جانب الحكومة الإسرائيلية الى الاستعداد لتنفيذ القرار 1701 الذي أنهى الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006. ويقضي القرار الإسرائيلي بالتعاون مع «اليونيفيل»
لتأمين الانسحاب بما يضمن الأمن في الشق الجنوبي من القرية. وأثار القرار الإسرائيلي غضب أهالي القرية الذين يعارضون تقسيمها ويصرون على أنها جزء موحد من هضبة
الجولان السورية المحتلة.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان قد أعلن الأسبوع الفائت أن «حزب الله» عرقل اتفاقا متوقعا مع الأمم المتحدة حول الغجر. وقال في مؤتمر صحافي
عقده مع نظيره الألماني غيدو فيسترفيلا إن إسرائيل تنوي الانسحاب من طرف واحد في الغجر وإن هذا لن يكون بالاتفاق مع الحكومة اللبنانية في ظل معارضة لبنان للخطوة.
وأشار ليبرمان إلى أنه «كان بالوسع التوصل لاتفاق ثلاثي مع الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية منذ وقت طويل. غير أن من عرقل الاتفاق هو الحكومة اللبنانية وممثلو
«حزب الله» فيها. لذلك قلنا لرئيس الحكومة ان هذا هو الوقت المناسب للتوصل إلى تسوية مع الأمم المتحدة وعدم انتظار لبنان. إننا نؤيد هذه التسوية ونأمل أن تقر
قريبا».
وهكذا، فإن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر قرر بشكل مبدئي قبول اقتراح الأمم المتحدة وقائد قواتها العاملة في لبنان سحب القوات الإسرائيلية من الشق الشمالي
في القرية الذي اعتبر بموجب الخط الأزرق أرضا لبنانية. وأوكل القرار لوزارة الخارجية الإسرائيلية العمل على إتمام تفاصيل التسوية مع القوات الدولية بأسرع وقت
ممكن وعلى قاعدة «الحفاظ على أمن المواطنين الإسرائيليين وعلى نسيج حياة السكان في القرية نفسها».
وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أنه وفق الاتفاق الذي تجري بلورته سينتشر الجيش الإسرائيلي في الشق الجنوبي من القرية فيما ينتشر أفراد القوات الدولية في
الشق الشمالي. ولن يتم إبرام اتفاق نهائي مع القوات الدولية بشأن الغجر قبل العودة لطرحه من جديد في المجلس الوزاري المصغر. وأعلن سكرتير الحكومة الإسرائيلية،
تسفي هاوزر، أن «إسرائيل بقرارها الانسحاب تواصل إظهار التزامها بالقرار 1701».
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مسؤول في الحكومة الإسرائيلية قوله إنّ إسرائيل ستطلب من الأمم المتحدة الاعتراف بأنّ إسرائيل لم تعد تخرق الحدود الدولية
مع لبنان بمجرّد انسحاب جيشها من الشطر الشمالي من الغجر. وبحسب المسؤول الاسرائيلي، فإنّ الحكومة الإسرائيلية تبلّغت بالخطوة من الجيش الاسرائيلي والمسؤولين
في وزارة الخارجية وقد صوّتت الحكومة بالإجماع على انسحاب أحادي الجانب من الشطر الشمالي للغجر. ولفتت «هآرتس» إلى أنّ إسرائيل تسعى لانتزاع اعتراف رسمي من
الأمم المتحدة بانتهاء خروقاتها لسيادة لبنان وذلك لمنع أفرقاء لبنانيين من تقديم أي طلبات تتعلق بالأراضي في المستقبل، على غرار مصير مزارع شبعا.
وقد طفت مشكلة الغجر على الواجهة منذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني في العام 2000. وقررت الأمم المتحدة أن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية
غير تام وأن الشق الشمالي من قرية الغجر هو أرض لبنانية. وبشكل ما انتهجت في قرية الغجر ثنائية أمر واقع لعبت فيها القوات الدولية دورا إلى أن وقعت حرب لبنان
الثانية العام 2006 وأعادت إسرائيل سيطرتها على الشق الشمالي من القرية. ورفضت إسرائيل منذ ذلك الوقت حتى اليوم الانسحاب من هذا الجزء مطالبة بترتيبات تكون
الحكومة اللبنانية طرفا فيها.
ويعيش في قرية الغجر مواطنون سوريون منذ احتلال الجولان في حرب حزيران 1967. وبعد أن ضمت إسرائيل هضبة الجولان بقرار انفرادي ولا تعترف به الأسرة الدولية في
مطلع الثمانينيات، فرضت الجنسية الإسرائيلية على أبناء هذه القرية، ورفض سكان القرية التقسيم الذي فرضته الأمم المتحدة لأراضي قريتهم كما رفضوا القرار الإسرائيلي
بالتقسيم. وشن أبناء القرية حملات إعلامية طالبوا فيها ببقاء القرية موحدة واعتبار أن الخرائط التي استندت إليها الأمم المتحدة في ترسيم «الخط الأزرق» غير صحيحة.

ونظم أهالي القرية تظاهرات أعلنوا خلالها أن هناك من يتخذ قرارات تمس مصيرهم من دون أن يستشيروا أحدا منهم. وحمل المتظاهرون، أمس الأول، لافتات أوضحوا فيها
أنهم «ضحية اختلاف الدول». وقال أحد سكان القرية ان الإسرائيليين يتعاملون معهم كأنهم ليسوا بشرا أصحاب حقوق. وقال آخرون ان إسرائيل تفرض عليهم الضرائب لكنها
لا تحاول الاعتناء بمصالحهم. وهدد بعضهم بالتصدي بأرواحهم لأي محاولة لتقسيم القرية التي «مصيرها من مصير الجولان».
ويشير أهالي القرية إلى أن ما يشهدونه اليوم سبق وشهدوه قبل عقد من الزمان عندما أخلت إسرائيل الجنوب اللبناني. وقالوا انهم سبق وأحبطوا مؤامرة تقسيم القرية
في الماضي وإنهم سيحبطونها حاليا.
وتظهر التعليقات الإسرائيلية أن الانسحاب من الشق الشمالي من القرية، خلافا للادعاءات، لا يخلق ثغرة أمنية لإسرائيل. وترى هذه التعليقات أيضا أن وجود قوات دولية
في الشق الشمالي لا يشكل عائقا أمام أبناء القرية وممارسة حياتهم الاعتيادية. فالشق الشمالي لقرية الغجر محاط بأسلاك ولن يتغير الوضع في شيء إلا في انتقال مواقع
الجيش الإسرائيلي من شمالي القرية إلى جنوبها. فالسلطة اللبــنانية وفق التسوية لن تبادر لممارسة سيادتها على هذه البقعــة وستترك سكانها يتلقون خدماتهم من
الجانب الإسرائيلي.
ويبدو أن قضية الغجر تحركت في الأسابيع الأخيرة بعدما تقررت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة ولقاءاته مع الأمين العام للأمم
المتحدة بان كي مون.
(«السفير»)

No comments:

Post a Comment