Tuesday, March 22, 2011

لـيـبـيـا والصــراع الـتـركــي ـ الـفــرنســي
محمد نور الدين
كشفت الأزمة الليبية عن عمق الخلاف بين تركيا وفرنسا.
وبعد الزيارة الخاطفة التي قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل أسابيع إلى أنقرة، وخلفت تصريحاته حول أن لا مكان لتركيا في الاتحاد الأوروبي أثرا سلبيا
على العلاقات الثنائية، جاءت الأزمة الليبية لتوفر فرصة أخرى لتظهير الخلاف بين البلدين.
وبعد انتقادات وزير الدفاع التركي وجدي غونيل أمس الأول، ها هو رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان يتهم ساركوزي بأنه هاجم ليبيا لأسباب سياسية فرنسية داخلية، تتعلق
بانتخابات الرئاسة في العام 2012.
وذكّر اردوغان أن الاستطلاعات الأخيرة أظهرت تراجع شعبية ساركوزي فتقدم مهاجمي ليبيا عسكريا، من دون أن يطلب منه احد ذلك من أجل استعادة شعبيته.
وكرر اردوغان موقف تركيا بأنها لن تهاجم ليبيا، وهي يمكن أن تقوم بدور لوجستي شبيه بدورها في أفغانستان. وشدد على ألا تصل الأمور في ليبيا إلى مرحلة التقسيم.

وفور عودته من السعودية، عقد اردوغان اجتماعا طارئا مع رئيس الأركان ايشيك كوشانير ووزراء الخارجية والدفاع ورئيس الاستخبارات ومدير عام الخارجية. والتقى المجتمعون
على أن تدخلا أطلسيا جويا غير مناسب، كما أن أية عملية برية أطلسية ستكون نتائجها كارثية. وذكرت صحيفة «يني شفق» إن المجتمعين لم ينظروا بارتياح إلى تفرد فرنسا
في التحرك تجاه ليبيا واعتبروه سلوكا خاطئا.
كما أجرى اردوغان اتصالا هاتفيا بالرئيس الأميركي باراك أوباما، تناولا فيه آخر التطورات في ليبيا. وذكر البيت الأبيض إن أوباما واردوغان اتفقا على السعي للقيام
بجهود عالمية «واسعة» بشأن ليبيا. وأضاف إن الزعيمين «اتفقا على أن تطبيق قرارات مجلس الأمن سيتطلب جهدا دوليا واسعا، يشمل الدول العربية، يقوم على مساهمات
وطنية ويطبق من خلال قدرات قيادة المراقبة الفريدة والمتعددة الجنسيات التي يمتلكها حلف شمال الأطلسي لضمان أعلى درجات الفاعلية» في التطبيق.
وقال مسؤول في البيت الأبيض إن تركيا «تدرك بشكل خاص القدرات القيادية وقدرات المراقبة التي يتمتع بها حلف الأطلسي» إلا أن اردوغان رفض مناقشة ما يمكن أن تفعله
تركيا في ما يخص ليبيا.
وترى الكاتبة أصلي أيدين طاشباش أن بداية الأزمة مع فرنسا بدأت مع عدم دعوة تركيا إلى اجتماع باريس الشهير الذي قرر التدخل العسكري في ليبيا بزعامة فرنسا، لكن
هذا ليس سوى محطة في مسار متأزم بين البلدين.
وتقول الكاتبة إن تركيا، وعلى لسان أعلى المسؤولين فيها من رئيس الحكومة إلى الوزراء، لم تعد تخجل أو تتردد من مهاجمة فرنسا علنا. وتراوحت التهم التركية لفرنسا
بأنها تعمل لنهب نفط ليبيا، وتقوم بأعمال استعراضية، وتستغل ليبيا لحسابات انتخابية خاصة بساركوزي.
وتقول مصادر تركية مسؤولة إن هجمات طائرات الميراج الفرنسية وحاملات طائراتها ستفضي إلى عكس ما تريد فرنسا، حيث أن منظر هذه الطائرات وهي تهاجم ليبيا تذكر بالعراق،
وبدلا من مساعدة الثوار وحركات التغيير في العالم العربي فإنها تخدم عكس هدفها.
وتقول الكاتبة إن أوساط ساركوزي تقول إن الفارق أن ساركوزي موقفه ثابت ومصمم، في حين أن اردوغان متردد. وتضيف إن الحكومة الفرنسية تعمل على مقولة أن الأزمة
الليبية أظهرت مرة أخرى أن تركيا تبتعد عن أوروبا.
ويشن غونيري جيفا اوغلو في «ميللييت» هجوما على ساركوزي، فيقول إن هدفه الانتخابات الرئاسية، بعدما أشارت الاستطلاعات إلى فقدان أمله بذلك. وقال الكاتب إن القول
ان له مطامع نفطية أو يريد من فرنسا تزعم شمال أفريقيا لا يمت إلى حقيقة انه يستخدم ليبيا ودماء شعبها من اجل مطامعه الشخصية لا مصالح الأمة الفرنسية.
ويعتبر الكاتب أن ساركوزي أول من اعترف بالمجلس الانتقالي في بنغازي، ثم أول من أرسل طائراته لقصف كتائب معمر القذافي ليوهم انه إلى جانب الشعب لا الاستبداد،
فيما كان أكثر المحتضنين للقذافي ولابنه سيف الإسلام.
ويحذر الكاتب المعروف طه اقيول من صورة لتركيا بدأت تظهر وهي أنها موالية للقذافي. وقال إن على أنقرة ألا ترسخ هذه الصورة التي تضع تركيا في موقف صعب في الشرق
الأوسط.
ويرى الكاتب أن من الأخطار المحتملة أن تتصاعد موجة الشعور في العالم العربي بأن هناك حربا استعمارية وصليبية ضد ليبيا والمسلمين، وهو ما يريده القذافي، وهو
ما يعرقل التغيير. وقال إن على تركيا أن تقوم بدور ما في هذا المجال، وإن السؤال ليس تركيا مع من؟ بل أية سياسة لتركيا يجب أن تكون تجاه الوضع؟.
ويرى الكاتب فكرت بيلا إن تركيا يجب ألا تشارك في أية عمليات عسكرية مهما كانت الأعذار، بل يجب التركيز على احترام الشعب الليبي لتركيا وتقديم المساعدات الإنسانية
له. وقال إن نجاح تركيا عبر بعثتها في طرابلس في إطلاق سراح صحافيين أميركيين يظهر تقدير الليبيين لتركيا. وذكّر الكاتب بالنموذج العراقي، حيث ادعى الغرب انه
جاء لإحلال الديموقراطية فيما عمل على قتل مئات الآلاف وتقسيم البلاد ونهبها.
السفير

No comments:

Post a Comment