Sunday, June 5, 2011

من التطورات السورية إلى استعادة اندفاعة المشروع الأميركي في المنطقةالحريريون يحددون لميقاتي أسباباً موجبة لعدم التأليف
نبيل هيثم
على الرغم من كل المناخ الإيجابي الذي ضخته حركة التأليف في الايام القليلة الماضية، فإنه لا يبدو في حسابات المحيطين بسعد الحريري أن نجيب ميقاتي سينجح في تأليف
حكومة في المدى المنظور، ويبني هؤلاء تشكيكهم بنجاح الرئيس المكلف على قناعتهم بأن اتجاه الريح ليس الآن كما كان عليه في لحظة التكليف، بل ان كفة الميزان باتت
تميل لمصلحة الحريري وحلفائه، وثمة ما يعتبرونه شواهد قدمت نقاط ربح مجانية للحريري وفريقه، ولا سيما منها «تخبط» الأكثرية الجديدة والتجاذب بين مكوناتها على
الحقائب والأسماء وعدم قدرتها على تسييل نفسها بحكومة جديدة، يضاف إليها ما يصفه الحريريون بالدليل القاطع الذي أثبتت فيه الأكثرية الجديدة أنها ليست سوى «أكثرية
مؤقتة وقسرية»، بدليل عدم تماسك موقفها إزاء قضايا عدة آخرها التباين في ما بينها حول الجلسة التشريعية في ضوء الموقف المشترك للرئيس نجيب ميقاتي وحليفيه محمد
الصفدي وأحمد كرامي الرافض لتلك الجلسة، وكذلك في الموقف المتحفظ للنائب وليد جنبلاط.
كل المؤشرات في نظر فريق الحريري تدل على فشل سريع للأكثرية الجديدة، استنادا الى مجموعة أسباب أبرزها الآتي:
اولا، ان الاكثرية الجديدة التي قامت بعد اسقاط الحريري، ولدت بطريقة ملتبسة، على قاعدة الجمل بنيّة والجمال بنيّة والحمل بنيّة، ما يعني ان الأكثرية سمت ميقاتي
بنية، والميقاتي قبل التكليف بنية ووليد جنبلاط الذي نقل الاكثرية من مكان الى مكان كان بنية، وبالتالي ليس مستبعدا ان ينفجر صراع النوايا فتنقلب الميمنة على
الميسرة.
ثانيا، ان تشكيل الحكومة الميقاتية معناه ان ميقاتي سيقترف خطأ جسيما، يضاف الى خطأ قبوله التكليف، وخطأ تخليه عن حلمه في تشكيل حكومة من غير السياسيين، وخطأ
تخليه عن فكرة تشكيل حكومة امر واقع، وخطأ قبوله تشكيل حكومة سياسية تمثل في جزء كبير منها شخصية الاكثرية التي سمته، وخطأ قبوله بالتمثيل السني بوزير لوليد
جنبلاط وبوزير للمعارضة السنية، ومن شأن كل ذلك ان يجهز على ما بناه ميقاتي في الوسط السني.
ثالثا، ان التململ الجنبلاطي جاء ربطا بالتأخير بتأليف الحكومة شكلا، لكنه بالمضمون مستند الى التطورات الاقليمية وهذا يؤشر الى ان جنبلاط قد اعاد التموضع،
وجعل الاكثرية في حالة اختلال بالوزن، علما أن التسهيل الذي ظهر فجأة من قبل قوى 8 آذار لم يكن بنظر فريق الحريري «سوى عملية وهمية هدفها شدشدة الاكثرية مجددا
وطمأنة وليد جنبلاط والتوجه اليه بالقول إن العقدة ليست داخلية او عونية او عند حزب الله بل خارجية مئة في المئة.
رابعا، ان تشكيل الحكومة الميقاتية في هذه اللحظة معناه التفريط بغطاء عربي وخليجي وإقليمي (تحديدا تركي) افتراضي حظي به في مرحلة التكليف «فهل يمكن أن يضع
ميقاتي أوراقه كلها في السلة الايرانية السورية، وهو يدرك أن الثقل السوري الذي انتج التكليف قبل اربعة اشهر لم يعد بالوزن نفسه، او ربما اصبح بلا وزن، وأن
كلمة السر السورية التي قادت الى تكليفه ستصبح او هي اصبحت عبئا على ميقاتي.
خامسا، ان «حزب الله» الذي كان في ذروة نشوته السياسية خلال إسقاط الحريري ومن ثم تكليف ميقاتي، اصبح بعد التطورات السورية أقل قدرة على فرض وقائع مكملة للإسقاط
والتكليف.
سادسا، ان تشكيل الحكومة الميقاتية سيدخلها في اختبار يومي مع المجتمع الدولي، وما الموقف الاميركي الذي عبرت عنه الخارجية الاميركية بأن الحكم على حكومة ميقاتي
سيستند الى شكلها ومضمونها وبيانها الوزاري، سوى نهي لميقاتي عن ارتكاب ما يعتبره الاميركيون معاصي سياسية كإطلاق يد «حزب الله» في الحكومة مثلا، أو كتجاهل
المحكمة الدولية ومتفرعاتها.
سابعا، لقد أعاد المشروع الأميركي إنتاج وضعه الهجومي على لبنان وسوريا و«حزب الله» وإيران، بعد انكفاء أثر ثورتي مصر وتونس، وهذه هي التطورات السورية تتدحرج
بسرعة في الاتجاه الذي يأمل الحريريون أن يؤدي الى رفع «اليد السورية» عن الوضع اللبناني وبالتالي اعادة اطلاق يد الحريري وفريقه.
ثامنا، يقول الحريريون ان الفرصة متاحة أمام نجيب ميقاتي من أجل أن يقدم اما حكومة أمر واقع تستفز الحلفاء الخصوم، فتعتبر مستقيلة بعد استقالتهم منها فورا،
وعندها يحفظ خط الرجعة مع فريق 14 آذار، وإما أن يبادر الى الاعتذار عن التكليف فيعود الى طرابلس بطلا سنيا ويحجز مقعدا جديدا له ضمن تحالفه السابق، وحتما يعود
الى نادي رؤساء الحكومات السابقين في انتظار فرصة لا يبدو أنها ستتكرر في المدى المنظور.

No comments:

Post a Comment