Monday, June 20, 2011

للذين يتحدثون عن إرث الرئيـس الحـريـري
ماهر حمود

لا تخفى على مراقب مسؤولية تيار المستقبل، مباشرة أو بشكل غير مباشر، عن أحداث طرابلس الأخيرة، والاشتباكات التي حصلت بين بعل محسن والتبانة، واعتماد الإنكار
في ذلك، وطلب الاعتذار من ميقاتي لا يكفي ولا يقنع أي متابع منصف.
يكفي أن نستعمل الجملة التي تم اعتمادها لدى تأليف الحكومة، فقالوا: هي حكومة سوريا وحزب الله، أو جسر الشغور وما إلى ذلك...
وبما أن جبل محسن محسوب تاريخياً على سوريا، فلا يعقل أن تفتعل الأحداث مجموعة أو مجموعات من جبل محسن، والحكومة حكومتهم كما تقولون، حتى لو لم يكونوا ممثلين
فيها بطريقة مباشرة، هذا عدا التقارير الأمنية التي توضح ذلك، وعدا التفاصيل التي يعرفها كل الناس، ولا حاجة للتذكير بها.
وحتى نكون منصفين، فلقد اكتشف تيار المستقبل الخطأ الفادح الذي تم اعتماده قبل 7 أيار 2008، وهو توزيع السلاح على الأحياء مترافقاً مع تعبئة مذهبية مفتعلة،
سمعنا نقداً ذاتياً من بعض المسؤولين الرئيسيين في تيار المستقبل يؤكد أن خيار السلاح (والقبضايات) وما إلى ذلك لم يكن صحيحاً، فضلاً عن أنه لا ينتمي إلى إرث
الرئيس الحريري (رحمه الله).
كما رأينا بأم العين تراجعاً واضحاً عن خيار السلاح (والقبضايات) في منطقة تعمير عين الحلوة في صيدا، بعد تجارب عادت بالضرر على الجميع.
ولا بد أنه قد وجدت مجموعات مناصرة لتيار المستقبل هي أصلاً مسلحة قبل علاقتها بالتيار، ولقد استعصى على التيار ضبط هؤلاء ولجمهم عن استعمال السلاح، هذا في
احتمال يعتمد على حسن النية، وفي احتمال آخر فإنه تم التراجع عن خيار السلاح الداخلي إلا في مناطق معينة، مثل التي حصلت فيها اشتباكات يوم الجمعة الماضية...
ومهما يكن من أمر، فإننا نتوجه بالنصيحة لتيار المستقبل، مهما كانت الخلافات في النظرة السياسية، فهم أهلنا وجيراننا وشركاؤنا في الحياة اليومية، فضلاً عن أملنا
الكبير في أن يتحولوا يوماً إلى الخيارات السياسية الصائبة.
ننصح فنقول: تنصلكم من أحداث طرابلس غير مقنع أبداً وكلام الرئيس ميقاتي والوزير الصفدي جاء في محله، لا يناسبكم هذا النوع من المعارضة ولا يليق بكم... إن لكم
بعد كل التجارب أن تعلموا أن خيار القبضايات والزعران لم يعد مقبولاً ولم يعد مسموحاً به.
كما نتوجه إلى الرئيس فؤاد السنيورة بالقول: مَن يمثل إرث الرئيس الحريري بعد استشهاده؟ لقد كنا معارضين ولا نزال لسياسة المرحوم الفقيد الكبير، ولكننا كنا
نعلن في كل مناسبة ولا نزال أن جزءاً كبيراً من إرث المرحوم الشهيد الحريري نحترمه ونقدره، ويقدره الجميع، وهو الإرث الإنساني والخيري والإنمائي (والإعماري)،
على ما شاب الموضوع الإعماري من هدر وفساد أورث ديوناً باهظة لا تتناسب مع حجم الإعمار.
نحترم هذا الجزء، والكل يحترمه، ولا بد من أن نسألكم: مَن منكم اليوم يمثل إرث الرئيس الحريري في هذا الجانب؟ لقد كان الرئيس الحريري كريماً كرماً حاتمياً وكان
شهماً ذا حمية وطنية وإنسانية وصاحب مبادرات تنطلق من الواقع وتتجاوز الحواجز ولا تجمد عند الأعراف البائدة، مَن منكم اليوم يحمل إرثه؟: الرئيس السنيورة، المشهور
بحرصه وأحاديته السياسية بمعنى المرجعية الخارجية؟ أم الرئيس سعد الحريري الذي يتلهى بالسياسة ويغامر ويجمد عند شعارات ثبت فشلها، ولا يتعلم من أخطائه ولا يستفيد
من التجارب، كما كان والده (رحمه الله)؟ أم أقلام الفتنة وألسنة السوء أو المتطفلون على العمل السياسي والدخلاء على الشأن العام؟
لقد قادت التجارب الشهيد الحريري، لأن يختم حياته بإعلانه الثقة بالمقاومة وقادتها وتعهده القاطع بأنه لا يساهم في نزع سلاح المقاومة حتى تنتهي أزمة الشرق الأوسط
بشكل كامل.
مَن منكم اليوم يمثل إرث الرئيس الحريري (رحمه الله)، مَن منكم يحمل آلامه وآماله، مَن منكم مخلص لهذا التراث؟... أخرسوا ألسنة السوء والمتشدقين بنزع السلاح
من كل لبنان، والذين يشبّهون سلاح المقاومة بسلاح الشوارع والأزقة، أخرسوا ألسنة الفتنة، فضلاً عن نزع سلاح الفتنة، فعند ذلك يحق لكم أن تتحدثوا باسم الرئيس
الشهيد، وعند ذلك يحق لكم أن تتهموا الآخرين في وطنيتهم أو بجزئية انتمائهم إلى الطائفة وإلى الوطن.
لقد آن لكم أن تفتحوا صفحة جديدة بعد التجارب المرة والفاشلة، آن لكم أن تعلموا أن الوطن لا يختزل بأحد، وأن الطائفة لا تختزل بجزء، وأن المذهب والقدرات ليست
محصورة في تيار المستقبل ولا في الذين يزعمون الانتماء إلى إرث الشهيد.
لا يمكننا أن ننكر أننا نسمع أصواتاً رئيسية وفاعلة في تيار المستقبل، تستنكر سرقة إنجازات الشهيد وحصرها في فئة متنفذة مستفيدة مزورة للحقائق... وعلى هؤلاء
نعوّل ونربط بعض الآمال، عسى أن نستفيد من التجارب...

No comments:

Post a Comment