Friday, July 1, 2011

قديم ـ جديد الصحافة الغربيّة: الفتنة بعد القرار الاتهامي!
وسط بيروت: الحياة طبيعية (عباس سلمان)
هيفاء زعيتر
لم يكن مضمون القرار الاتهامي الذي سلّمه وفد المحكمة الدوليّة للقضاء اللبناني أمس الأول مفاجئاً. لا جديد يشكّل خبراً أو يحمل مفاجأة، لا سيّما بالنسبة للصحافة
العالمية التي واكبت على صفحاتها الإعلان عن القرار، المطابق نصاً وروحاً لمسلسل التسريبات المستمرة التي درجت على تسريبها منذ فترة طويلة، بدءاً من «دير شبيغل»
في أيار من العام 2009.
قديم ـ جديد الصحافة الغربيّة إزاء موقفها من «مضبطة الاتهام»، التي شملت أربع شخصيات من «حزب الله» يتقدمها مصطفى بدر الدين، ذراع عماد مغنية وصهره، كان التهويل
بالانقسام اللبناني و«الفتنة المقبلة»، على حدّ ما وصفتها «الغارديان» البريطانية»، فضلاً عن توسيع دائرة الاستهداف السياسي التي تلعب على الثالوث الغربي «المحبّب»،
سوريا ـ إيران ـ «حزب الله».
وفي وقت اعتبرت «الغارديان» البريطانية أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يجد صعوبة في تلبية تطلعات معسكرَيْ اللاعبين الإقليميين الذين لم ولن يتوانوا عن استثمار
القرار الاتهامي، اعتبرت أنه يجهد في اتخاذ موقف الوسط بين معسكر سوريا وإيران الداعمتين لـ«حزب الله»، والولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية،
ناقلة عنه دعوته إلى خفض مستوى التوترات والحفاظ على العقلانيّة.
وتخوّفت الصحيفة البريطانيّة بشكل «حقيقي» من اندلاع حرب أهليّة جديدة في لبنان «على أثر تورّط مسؤولين كبار في «حزب الله»، المشارك في الحكومة، في عمليّة الاغتيال»،
على الرغم من اعتبارها أن تدبير «الآخر من حزيران» هو خطوة مهمّة في مسار التحقيق في جريمة اغتيال الحريري و21 آخرين.
أما روبرت فيسك، الكاتب في صحيفة «الاندبندنت» البريطانيّة، فقد اعتبر، من جهته، أن «الثنائي السوري الإيراني له تاريخ طويل مع هذا النوع من الاتهامات الدولية».

وكتب فيسك تحت عنوان «أولاً السوريون، ثم الإيرانيون، ثم الليبيون» يقول «إن أصابع الاتهام حوّلت اتجاهها مرات عدة بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق
رفيق الحريري.. بداية اتُهمت سوريا، ثم اتُهم أصدقاء سوريا في لبنان أي «حزب الله»، ثم اتُهم الاثنان مع إيران».
يقول فيسك «في البدء كانت سوريا المروّعة.. وبما أن الحريري أراد أن يخرج بقايا الجيش السوري من لبنان، فيجب أن يكون السوريون من قاموا بذلك».
ويربط الكاتب البريطاني بين ملف المحكمة الخاصة في لبنان وملف قضية لوكربي. إذ يقول «عندما سقطت طائرة «بان أميركان» في لوكربي، قيل لنا جميعاً إن الإيرانيين
هم الفاعلون بدعم من سوريا»، متابعاً «لكن الصحافة تشجعت بعد ذلك على إلقاء اللوم على الليبيين».
أما اللافت للانتباه في ما كتبه فيسك هو اعتقاده بأن «حزب البعث يقف وراء مقتل الحريري.. من دون أن يكون الاغتيال بالضرورة تنفيذاً لأوامر الرئيس السوري بشار
الأسد.. ولذلك يصعب العقاب».
وينقل الكاتب عن صديقه الصحافي الأميركي الشهير سايمور هيرش، الذي كان يحاور الأسد بالصدفة عندما سمع الأخير بخبر مقتل الحريري، وصفه للرئيس بأنه أصيب «بصدمة
حقيقية».
ويخلص فيسك إلى أن مشكلة لبنان الحقيقية هي «أن الجميع بريء والجميع مذنب».
صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اعتبرت بدورها أن القرار الاتهامي «أطلق العنان للفتنة»، بعد أن سلّمت المحكمة الدولية النيابة العامّة اللبنانية لائحة اتهام
وسمّت أربعة رجال، بينهم عضوان في «حزب الله».
وقد أكدت الصحيفة على أنّ لبنان يشهد انقساماً حادّاً في ظلّ فريق يدعم عمل المحكمة، وآخر ينظر إليها على أنّها مجرّد «خدعة».
أما «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية اليمينية فقد شدّدت هي أيضاً على «التداعيات الخطيرة» التي قد يجرّها القرار، على الرغم من «مقاربته لأهداف أساسيّة
قد يكون أولها تعزيز مبدأ المحاسبة السياسيّة في لبنان». وتوقعت الصحيفة أن يعمّق القرار شرخ الانشقاقات المذهبيّة المتجذّرة في لبنان. وفيما اعتبرت «كريستيان
ساينس مونيتور» أن «اتهام عناصر من «حزب الله» قد خفّف الضغوط المتزايدة على النظام السوري»، نقلت عن مصادر قريبة من المحكمة قناعتها بأن الجريمة «التي نفذّها
«حزب الله»، دُبّرت بتخطيط سوري وتعاون إيراني».
أما ويليام هاريس، الباحث في معهد «فورين أفيرز»، فكتب يقول إن صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الحريري «هو خطوة إيجابية تؤكد على صواب التوجه الجديد
للمحكمة الدوليّة، والتي جاء عملها مختلفاً عما حصل مع قضايا يوغوسلافيا وكمبوديا وغيرها». «إنها محكمة لشخص واحد.. بعيداً عن جرائم الحرب والإبادات الجماعيّة».

وحسب هاريس، قد تخلق بعض الحيثيات المحيطة بالقرار عدداً من المشاكل، إلا انه شدّد على ضرورة عدم الانجراف وراء تضخيمها.
وفيما أشار الكاتب إلى أن طبيعة القرار الاتهامي «الضعيفة» لا تلزم الدول بتسليم شهود أو مشتبه فيهم، دعا إلى «تحقيق يفرضه مجلس الأمن الدولي يلزم الدول الأخرى
بالتعاون.. سوريا مثلاً».
ونوّه هاريس إلى أن نجاح المسعى القائم وراء القرار الدولي هو بمثابة الخطوة الأولى للبنان، الذي تسوده ثقافة الإفلات من العقاب منذ العام 1975، على الطريق
الصحيح نحو المساءلة، واصفاً القرار بأنه «الأداة الوحيدة لكسر الجدار» وسط التعددية الحزبية والطائفيّة.

No comments:

Post a Comment