Tuesday, July 20, 2010

ما سر إصرار فرع المعلومات على الفصل بين العملاء والتحقيق الدولي؟
ابراهيم الأمين
وسام الحسن زار دمشق السبت الماضي، وعاد مرتاحاً الى رحلته. وارتاح أكثر بعد التعديل الذي طرأ على برنامج الرئيس سعد الحريري في العاصمة السورية، حيث تم اقناع الرئيس السوري بشار الاسد بأن لا يكتفي بعقد اللقاء البروتوكولي الموسع مع الوفد الوزاري المرافق لرئيس الحكومة، وأن يعقد اجتماعين موسعين ومفصلين مع الحريري لمناقشة امور كثيرة بينها ملف المحكمة الدولية والخطاب الذي ألقاه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أخيراً.
هذا الارتياح، قابله بحث اكثر حذراً من جانب وزير الداخلية زياد بارود الذي يعرف ان الجواب الفعلي عن سؤال نصر الله ليس جواباً تقنياً. صحيح أن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي زوّده رواية عن الموقوف شربل ق. وصحيح أنه سمع المزيد من التوضيحات التي تدفعه الى التدقيق اكثر. لكن الامر في النهاية يتعلق بملف عام يتجاوز ملف هذا الموقوف، ليلامس ملف التحقيق الدولي، خصوصاً أن نصر الله تطرق الى السؤال في سياق يتصل بملف التحقيق الدولي. ولذلك فإن بارود سعى الى مناقشة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في الامر، وفهم أن الاخير في وارد القيام بحركة اتصالات تهدف الى منع تفاقم الامور. فيما يعرف بارود أن النقاش الفعلي سيكون قائماً بين رئيس الحكومة سعد الحريري وبين زعيم حزب الله، خصوصاً أن الاخير توجه بالسؤال نفسه الى الحريري، الذي اعطى بداية رد فعل هادئاً، داعياً الجميع الى انتظار عودته.
خطأ منهجي القول إن الاتصالات وسيلة وحيدة أو فضلى لمكافحة التجسّس
بارود كان ينتظر أن يوجّه إليه أحد نوّاب حزب الله سؤالاً يتضمّن سؤال السيد نصر الله، وذلك لأنه يفضل أن يتم الامر بهذه الطريقة، والحزب لا يبدو بحسب مصادره ممانعاً، ولو أن النقاش الاولي الذي جرى بين بارود وممثل الحزب وفيق صفا تطرق الى تفاصيل يحتاج إليها بارود. وحتى اذا عقد لقاء بين بارود ونصر الله، فإنه سيكون مناسبة للجردة علماً بأن في أوساط فريق «المستقبل» من لا يريد حصر النقاش في هذا الإطار، بل أخذه الى مكان آخر، الى حيث اعتبار عنوان العملاء عنواناً فرعياً ومستقلاً ولا علاقة له بتاتاً بالتحقيق الدولي الجاري بشأن جريمة الحريري. والغاية من هذا الفصل أن لا يتم ـــــ وفق رأي فرع المعلومات ـــــ الربط بين إسرائيل وبين الادلة التي جمعت في ما خص التحقيق الدولي، وخصوصاً أن الأساس المعلوماتي الخاص بتحقيقات فريق المدعي العام دانيال بلمار وقبله سيرج براميرتس، هو التقرير الذي أعد في فرع المعلومات عن 3 شبكات مغلقة من الاتصالات الخلوية التي «يعتقد فرع المعلومات أنها متصلة بعضها ببعض وأن بين عناصرها من يُعتقد أنه على صلة بحزب الله في إشارة الى عبد المجيد غملوش».
وبناءً على ذلك، فإن فرع المعلومات الذي اتُهم ولا يزال يُتهم بأنه يقف خلف قسم كبير من شهود الزور في فترة التحقيقات الاولى، وبأنه خلف هذه التقارير التي تشير الى المقاومة، وأنه خلف عمليات تحريض سياسي وغير سياسي قامت ضد سوريا وضد شخصيات قريبة منها، يجد نفسه أمام خيارات محدودة ولذلك تقوم استراتيجيته على الآتي:
أولاً: رفض مبدأ التشكيك في خلفية كل ما قام به لمواجهة شبكات التجسّس الاسرائيلية، وبالتالي رفض مبدأ الاستفسار عن معلوماته حول موقوف الاتصالات.
ثانياً: رفض محاولة ربط ملف الخرق الاسرائيلي لشبكة الاتصالات في لبنان بملف التحقيق في جريمة اغتيال الحريري.
ثالثاً: إقفال النقاش في ملف العملاء وإعادة النقاش الى ملف التحقيق الدولي من زاوية أنه لا أحد في لبنان والعالم يمكنه عرقلة عمل المحكمة الدولية.
وفي إطار تحقيق هذه الاستراتيجية، يورّط فرع المعلومات نفسه في أمور بعيدة عن المنطق، مثل اعتقاده بأن عملاء إسرائيل الذين أوقفوا (أو في طريقهم الى التوقيف) قد وقعوا في قبضة الامن من خلال ملف الاتصالات، ما يشير عملياً الى أن هذا الفرع لم يتمكن من تحديد مشتبه في تعاونه مع إسرائيل إلا من خلال أدوات الاتصالات، علماً بأنه يجدر بمحققين على صلة بأحدث الاجهزة الأمنية العالمية أن يعرفوا أن هناك وسائل أخرى وبعضها أشد فاعلية وأكثر أماناً في مكافحة التجسس. كذلك لا ينتبه القائمون على هذا الفرع ومعهم مجموعة كبيرة من سياسيي 14 آذار، الى أنهم عندما يرفضون مبدأ التشكيك في داتا الاتصالات لأن القطاع كله مكشوف أمام العدو، يبدون كأنهم في حالة امتناع عن مجرد اتهام إسرائيل بالضلوع في الجريمة. وثالثاً، لا ينتبه هؤلاء الى أن معلوماتهم التي سبق أن عمّموها بطرق مختلفة، كانت تركز على سوريا وعلى تورط مسؤولين سوريين من مستويات مختلفة في الجريمة، بينما لم يشرح هؤلاء كما قيادتهم السياسية سبب سحب هذا الاتهام من التداول.
ولأن الامور لا تسير دائماً بحسب ما هو وارد في الكتاب، او كما يتصرف الاميركيون، فإن الجديد الذي بدأ يبرز الى العلن، هو أن حزب الله لا يمكنه التصرف كما فعلت قوى سياسية ومؤسسات رسمية ودول مثل سوريا في مواجهة حملة الاتهام السياسي والاعتقال التعسفي التي استمرت نحو 4 سنوات، بل على العكس تماماً، فإن مبادرة نواب حزب الله الى الرد أمس على نواب «المستقبل» ورفاقهم في 14 آذار، إنما تدل على وجود قرار واضح وحاسم في حزب الله: من يمسّ بنا فسنمسّ به، ومن يمدّ يده علينا فلن نعيدها إليه؟

عدد الثلاثاء ٢٠ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment