Monday, August 1, 2011

> ... ويدير المعركة ضد سوريا

... ويدير المعركة ضد سوريا
نادر فوز

بعد ساعات أو أيام، يعود الرئيس السابق للحكومة، سعد الحريري، إلى بيروت. لم يشأ زعيم «المستقبل» أن تكون عودته باهتة في الشكل والمضمون والسياسة، فأصدر بياناً
يقول فيه: «إننا في لبنان لا يمكن، تحت أي ظرف من الظروف، أن نبقى صامتين إزاء الأحداث الدموية التي تجري في سوريا». موعد هبوط طائرة الحريري في لبنان لم يحدّد
بعد، والشخصيات المطّلعة على أجواء الطائرة الخاصة لقائد تيار المستقبل تؤكد أنّ العودة لم تُحسم بعد، وأنّ الحريري لا يزال يناقش المعنيين في هذا الأمر، بمن
فيهم سفراء غربيون نقلوا إليه قبل أشهر تحذيرات أمنية.
في محطته الأخيرة، المملكة العربية السعودية، سيطرق الرئيس السابق الكثير من الأبواب، سائلاً: «ما العمل؟». وقبل وصوله إلى الرياض، ناقش الحريري عدداً من المسؤولين
والمستشارين السعوديين، «وعبّر لهم عن شعوره الطبيعي بالإحراج من جمهوره؛ لكونه لم يتحرّك لنصرة أهل درعا وحماه وسائر المدن السورية التي يتعرّض أهلها للقتل
والاعتقال». وفي هذا الإطار يشير مقرّبون من الحريري إلى وجود «تغيّر ما في السعودية»، مشددين على أنه في الوقت الراهن «ليس من قرار سعودي واضح، والارتباك مستمرّ
بشأن الموقف مما يجري في سوريا». يضيف المقرّبون: «موقف الرئيس الحريري بعد أحداث حماه لم يأت من عبث»، ليؤكدوا وجود «تغيّر استراتيجي ستتوضّح معالمه قريباً».
لكن موقف الحريري أثار تساؤلات لدى كثيرين من حلفائه، باعتبار أنّه «لا ينبع من مؤشرات عربية ولا طمأنات غربية». أضف إلى ذلك أنه خرق الاتفاق الذي توصّل إليه
مع حلفائه، والذي ينصّ على إبقاء النقاش مفتوحاً بشأن الوضع في سوريا والموقف منها. وما يسري على الحلفاء، يسري على أقرب المقربين أيضاً. فنواب كتلة المستقبل
الذين سيجتمعون اليوم برئاسة فؤاد السنيورة، أعدّ كل منهم مداخلته في الشأن السوري، رغم أن رئاسة الكتلة سبق أن طلبت منهم حصر النقاش بالوضع اللبناني الداخلي.
ومن المنتظر أن يدخل الرئيس فؤاد السنيورة إلى الاجتماع اليوم وبيده مسودة تتضمّن الآتي: الجلسة التشريعية يوم غد، النفط البحري، حادثة الرويس وأسلوب تعامل
حزب الله مع القوى الأمنية، الحوار الوطني، وغيرها من الملفات. وسيتواجه السنيورة مجدداً مع نواب المستقبل الذين سيحاولون إقناعه مرة أخرى بضرورة مناقشة الأحداث
في سوريا والوقوف وراء الرئيس الحريري في التعبير عن دعم الشعب السوري ورفض الممارسات التي يتعرّض لها.
ماذا يقصد الحريري حين يقول: «لن نصمت حيال ما يجري في سوريا»؟ وهل يعني هذا القول أنّ المعارضة في لبنان ستدعم الانتفاضة السورية؟ مسؤولو الصف الثاني في المستقبل
مربكون إزاء التعامل مع الملف السوري. لكنهم ينفون وجود أي قرار أو حتى «تفكير» في التيار يدعو إلى التحرك لشجب أفعال النظام السوري. حتى إنّ أحد القياديين
المستقبليين ينفي أي نيّة لدى التيار للدخول في هذه المعركة، فيما يؤكد نائب بيروتي أنّ «المسألة بحاجة إلى نقاش جدي»، وهو نقاش ينوي النواب فتحه عند عودة الرئيس
الحريري إلى بيروت، باعتبار أنّ التواصل عن بعد لا يأتي بنتيجة.
ماذا عن الحلفاء؟ حافظوا جميعهم على الصمت، تاركين رئيس تيار المستقبل يخوض المعركة وحيداً. النائب أنطوان زهرا يرفض الحديث عن هذا الملف، أما زميله في كتلة
القوات فريد حبيب، فيرى في كلام الحريري «صرخة ألم على ما يشاهده الرئيس والجميع على شاشات التلفزيون». يؤكد حبيب وغيره من نواب كتلة القوات اللبنانية أنّ معراب
لن تضع أي موقف بخصوص ما يجري في سوريا. أما حزب الكتائب، فأعلن أمس أنّ «الأمور بدأت تأخذ منحىً مأسوياً. وإذا كان الحزب قد آل على نفسه التزام عدم التدخل
في شؤون الغير، فذلك لا يعني أنه يجوز السكوت عن كل ما يجري في سوريا من قبل الدولة من انتهاكات لحقوق الإنسان وعن العنف غير المبرر بحق المواطنين العزل». هذا
الموقف لم يضف شيئاً إلى كلام الحريري، وخصوصاً أنّ الشق السوري من الموقف الكتائبي أتى في فقرة ذيّلَت البيان الصادر عن المكتب السياسي للحزب.
رغم هذا الصمت، فإنّ الرئيس الحريري «ينطق باسم كل 14 آذار» كما يقول نواب وشخصيات هذا الفريق. لكن ماذا عن الموقف الأخلاقي والإنساني من الانتفاضة السورية؟
ليس من موقف في هذا الاتجاه، حتى إنّ منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فارس سعيد، يضع هذا الجانب على الرفّ ويصرّ على عدم التدخّل في الشؤون السورية والاكتفاء
بالتعبير عن رفض تعريض أمن الشعب السوري وسلامته للخطر.
في الخلاصة، يفضّل فريق المعارضة المحافظة على الطابع الطائفي في مقاربة القضايا، فيمتنع القسم المسيحي في 14 آذار عن مهاجمة النظام في سوريا (وذلك لاعتبارات
عدة منها «الخوف» على المسيحيين فيها)، ويكون لتيار المستقبل بصبغته المذهبية حق التعبير ورفض أداء النظام تجاه المواطنين السوريين: سعد الحريري وحده يدير المعركة
مع سوريا.

الاخبار

No comments:

Post a Comment