Saturday, July 31, 2010

الإنجيل اليومي بحسب الطقس الماروني
يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك ؟
(يوحنا 6: 68)

الأحد 01 آب/أغسطس 2010
الأحد الحادي عشر من زمن العنصرة: توبة زكّا العشّار




إنجيل القدّيس لوقا .10-1:19

ثُمَّ دَخَلَ أَرِيْحا وَبَدأَ يَجْتَازُها، وإِذَا رَجُلٌ ٱسْمُهُ زَكَّا، كانَ رَئِيسًا لِلْعَشَّارِينَ وَغَنِيًّا. وكَانَ يَسْعَى لِيَرَى مَنْ هُوَ يَسُوع، فَلَمْ يَقْدِرْ بِسَبَبِ الجَمْعِ لأَنَّهُ كانَ قَصِيرَ القَامَة. فَتَقَدَّمَ مُسْرِعًا وَتَسَلَّقَ جُمَّيْزَةً لِكَي يَرَاه، لأَنَّ يَسُوعَ كانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ بِهَا. وَلَمَّا وَصَلَ يَسُوعُ إِلَى المَكَان، رَفَعَ نَظَرَهُ إِلَيْهِ وقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وٱنْزِلْ، فَعَلَيَّ أَنْ أُقِيمَ اليَومَ في بَيْتِكَ». فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وٱسْتَقْبَلَهُ في بَيْتِهِ مَسْرُورًا. وَرَأَى الجَمِيعُ ذلِكَ فَأَخَذُوا يَتَذَمَّرُونَ قَائِلين: «دَخَلَ لِيَبِيتَ عِنْدَ رَجُلٍ خَاطِئ». أَمَّا زَكَّا فَوَقَفَ وَقَالَ لِلرَّبّ: «يَا رَبّ، هَا أَنَا أُعْطِي نِصْفَ مُقْتَنَياتِي لِلْفُقَرَاء، وَإنْ كُنْتُ قَدْ ظَلَمْتُ أَحَدًا بِشَيء، فَإِنِّي أَرُدُّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَضْعَاف». فقَالَ لَهُ يَسُوع: «أَليَومَ صَارَ الخَلاصُ لِهذَا البَيْت، لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ هُوَ أَيْضًا ٱبْنٌ لإِبْرَاهِيم. فإِنَّ ٱبْنَ الإِنْسَانِ جَاءَ لِيَبْحَثَ عَنِ الضَّائِعِ وَيُخَلِّصَهُ».
بني عودة: عميل الموساد يربط حزب اللّه بقتل الحريري
عبد الباسط بني عودة
كان ديتليف ميليس يحيط عبد الباسط بني عودة بسرية مطلقة. لم يكشف لأحد مضمون إفادته، ومنحه تعهداً بحمايته ومساعدته للحصول على جنسية جديدة، وبتغيير ملامح وجهه! بكلام آخر، كان ميليس مقتنعاً برواية عميل الموساد الذي قال إن إقناعه بالإعداد لاغتيال الحريري بدأ منذ عام 2001، عندما أوقفته مديرية استخبارات الجيش بعد تسلله من فلسطين المحتلة
حسن عليق
هي الرواية نفسها التي انطلقت في اللحظة التالية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005. سوريا هي الفاعلة، ولنبحث عن الدليل. ثم أتى من «يتبرّع» لتقديم الأدلة. شهود الزور لم يستفيدوا حصراً من المناخ السياسي والإعلامي الذي أعقب الجريمة، بل إن أكثر ما ساعدهم هو فريق تحقيق «يتبنى نظرية وحيدة، يريد أن يثبتها بشتى الطرق»، بحسب ما يصف أحد العاملين السابقين في لجنة التحقيق الدولية أداء رئيسها الأول، ديتليف ميليس.
تنوّعت «مصادر» هؤلاء الشهود. إلا أن هدفهم واحد. إثبات التورّط السوري باغتيال الرئيس رفيق الحريري. بعضهم أشرك «مجرمين» آخرين، كالجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة، أو الحزب السوري القومي الاجتماعي. وبعضهم الآخر لمّح إلى تورط حزب الله، أو أفراد منه. وحده «الشاهد» الإسرائيلي عبد الباسط بني عودة وضع رابطاً «واضحاً» بين الرئيس السوري بشار الأسد و«النظام الأمني اللبناني ـــــ السوري المشترك» من جهة، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، من جهة أخرى.
من أين أتى بني عودة؟
يوم 6/7/2001، دخل عبد الباسط بني عودة الأراضي اللبنانية آتياً من فلسطين المحتلة. تجاوز الحدود البرية ليصل إلى منزلٍ في بلدة جنوبية يقطن فيه أقارب عميل فار منذ عام 2000. هناك، أوقفته مديرية استخبارات الجيش اللبناني. فبني عودة، الحامل للجنسية الإسرائيلية، يرتبط بصلة وثيقة بالاستخبارات الإسرائيلية. يقول إنه كان يعمل مع جهاز الموساد، وإنه كان متزوجاً لبنانية تعيش في فلسطين المحتلة، تتهمها السلطات اللبنانية بالتعامل مع إسرائيل. كذلك فإنه كان يتمتع بصلات قوية بين العملاء الذين فروا إلى فلسطين المحتلة عام 2000.
يدّعي عبد الباسط أنه فرّ من فلسطين المحتلة بعدما كشفت الاستخبارات الإسرائيلية ارتباطه بجهاز استخبارات السلطة الفلسطينية. هو إذاً، باعترافه أمام المحققين اللبنانيين عام 2001، ولاحقاً أمام لجنة التحقيق الدولية، عميل مزدوج. في لبنان، أحيل على المحكمة العسكرية التي أصدرت حكماً بسجنه مدة 18 شهراً، بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية ودخول البلاد خلسة. وبما أنه أجنبي، أحيل على المديرية العامة للأمن العام بعد تنفيذه العقوبة، فاتصلت المديرية بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين غير الفلسطينيين (UNHCR) لضمان استقباله في دولة ثالثة (غير لبنان والأراضي الفلسطينية)، وخاصة أن الحكم القضائي الصادر بحقه ينص على إبعاده من لبنان.
في نيسان 2003، حصلت له مفوّضية اللاجئين على قبول إعادة توطين في السويد. وبعد استكمال الإجراءات القانونية والإدارية، غادر الأراضي اللبنانية يوم 22 تموز 2003، وصدر قرار بمنع دخوله إلى لبنان مجدداً.
في السويد، حصل الرجل على جواز سفر سويدي باسم أنطونيوس بني عودة، من دون الحصول على الجنسية. لم يكلّ من المغامرات؛ فسريعاً، انتحل صفة سفير عربي في ألمانيا، متدخلاً، من خلال اتصالاته الهاتفية، في قضية مرفوعة أمام القضاء اللبناني نهاية عام 2004، ما أدى إلى صدور قرار جديد يمنع دخوله إلى لبنان بجواز سفره الجديد.
بني عودة شاهداً
ادّعى بني عودة أن الضباط اللبنانيين الأربعة طلبوا منه عام 2004 إلصاق عبوات ناسفة بسيارة الحريري
خفت نجم بني عودة حتى ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكنه، بعد أشهر من الجريمة، بدأ اتصالاته بأمنيين وسياسيين وإعلاميين في لبنان، قبل أن يتمكن من التواصل عبر الهاتف مع النائبة بهية الحريري. وبحسب ما يقول بني عودة، فإنه قال للحريري إنه يملك معلومات عن عملية اغتيال شقيقها. يضيف إنها حدثته بلهجة «ناشفة»، وطلبت منه أن يقصد لجنة التحقيق الدولية للإدلاء بما لديه. وعندما شكا إليها عدم قدرته على الوصول إلى اللجنة، زوّدته رقم هاتف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. والأخير، أخذ رقم هاتف بني عودة، حسب رواية الأخير، وسلّمه إلى لجنة التحقيق الدولية التي اتصلت به. أصرّ بني عودة على التحدث مع رئيس اللجنة، ديتليف ميليس. اهتم الأخير بالشاهد الجديد، وقال له في مكالمة هاتفية بينهما إنه سيرسل إليه أحد المحققين السويديين العاملين في اللجنة.
في السويد، قابل بني عودة المحقق بو أستروم، وأخبره بما لديه من معطيات عن جريمة اغتيال الحريري، طالباً ضمانات للإدلاء بها رسمياً. وبدا الرجل كمن هبط من السماء إلى حضن ديتليف ميليس. فبني عودة أصر على الإدلاء بإفادته قبل أن تستمع لجنة التحقيق الدولية في فيينا، لاثنين من الضباط الأمنيين السوريين، بينهم اللواء رستم غزالي (كانون الأول 2005). وبالفعل، كان له ما أراد، فيوم 21 تشرين الثاني 2005، وقّع رئيس فريق التحقيق في اللجنة الدولية، الألماني غيرهارد ليمان، وثيقة يتعهد فيها لبني عودة بتلبية ثلاثة شروط، لقاء الإدلاء بإفادة رسمية. وهذه الشروط هي:
1ـــــ أن تساعده لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الحصول على جنسية ثانية، وأن تكون الأولوية للجنسية السويدية.
2ـــــ أن تساعده اللجنة، هو وأفراد عائلته، على الدخول ضمن برنامج حماية الشهود.
3ـــــ أن تساعده اللجنة على تغيير ملامحه، بالحد المناسب، للحد من القدرة على التعرف إليه.
لاحقاً، دوّنت الإفادة الكاملة للرجل الذي صار اسمه «مازم». وهي تكاد تكون الأغرب بين إفادات الشهود باغتيال الحريري.
ماذا قال بني عودة للجنة التحقيق؟
يقول بني عودة في إفادته إنه عندما هرب من فلسطين المحتلة إلى لبنان، وأوقفته الاستخبارات اللبنانية، نقل إلى وزارة الدفاع. هناك، أدخل إلى قاعة فيها نحو 50 ضابطاً من الجيش اللبناني، بحضور رئيس فرع الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان، اللواء غازي كنعان، ومدير استخبارات الجيش اللبناني العميد ريمون عازار. وكان هذا اللقاء، على حد زعمه، بداية مسيرة الضغوط النفسية التي تعرض لها على أيدي الاستخبارات اللبنانية والسورية، والهادفة إلى تجنيده للعمل معها، من دون تحديد مهمة واضحة.
يقول بني عودة إنه كان مصراً على رفض العرض الأمني اللبناني ـــــ السوري، لكن إصرار الطرف الثاني كان أشد قوة. استمر تعذيبه النفسي، بحسب ادعائه، حتى عام 2003، عندما دخلت على خط الضغوط شخصيات جديدة: اللواءان جميل السيد وعلي الحاج، والعميدان مصطفى حمدان ورستم غزالي. وبحسب زعمه، كان ينقل إلى فيلا فخمة ليقابل الضباط المذكورين، الذين استمروا بعرض العمل الأمني عليه لحسابهم، من دون أن يوافق على ذلك.
يفاجئ بني عودة من يستمعون إليه بإدخال عنصر جديد إلى روايته. يقول إن الضباط المذكورين سابقاً زوّدوه هواتف خلوية لتبقى في حوزته داخل مركز توقيفه في المديرية العامة للأمن العام. وبعدما مَنَح أحد هذه الهواتف لرتيب من الأمن العام، زوّده الأخير رقم هاتف خلوي لشخص «يظهر دائماً إلى جانب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله».
محاولات تجنيده لم تقتصر على عامل الترهيب، بل تعدّتها إلى الترغيب، بحسب قوله. وعلى هذا الأساس، كان قادة الأمن في لبنان وسوريا يوفّرون له مكاناً ليتمكن من ممارسة الجنس فيه بحرية، مع فتيات كن يأتين إليه من خارج السجن.
في الشهر الثالث من عام 2003، وصلت الأمور إلى ذروتها. عُقد اجتماع ضم الضباط اللبنانيين الأربعة، والعميد رستم غزالي، قيل فيه لعبد الباسط بني عودة إن المهمة التي سيكلَّف إياها هي مراقبة الرئيس رفيق الحريري. ويقول إن أركان النظام الأمني أوهموه بأنهم يريدون حماية الحريري، وأن تكون لهم «عيون عليه». رتبوا له خطة العمل، وزودوه معلومات عن ثلاث فتيات، طالبين منه التقرب من إحداهن. و«شاء القدر أن تقع في الفخ فتاة يعمل والدها حارساً عند شفيق الحريري، شقيق الرئيس الحريري». ولكي يتمكن من أداء الدور كاملاً، وضعوا تحت تصرفه سيارة دبلوماسية ومرافقين، على أساس أنه دبلوماسي في السفارة الأردنية.
لاحقاً، يضيف الشاهد، طلب الأمنيون منه إحضار أجهزة للتشويش، تلغي عمل أجهزة الإنذار. أما سبب لجوئهم إليه في هذه الناحية، فيعود إلى أنّ أشقاءه يملكون في ألمانيا شركة مختصة بالتجهيز الأمني للسيارات.
وفي الموعد المحدد لرحيله من لبنان (تموز 2003)، غادر عبد الباسط إلى السويد. وما هي إلا أشهر معدودة حتى اتصل به شخص «من طرف المعلم في لبنان»، طلب منه ملاقاته في مدينة أوميو السويدية. وعلى حد قوله، زوّده رسول «المعلم» أموالاً قبل أن يطلب منه في الشهر الأخير من عام 2003 السفر إلى اليونان. وفي أثينا، التقى شخصاً سورياً لم يكن يعرف هويته، تبيّن له لاحقاً أنه العماد آصف شوكت. عقد شوكت وبني عودة 8 اجتماعات طوال شهر كامل، قبل أن يطلب الضابط السوري من «الشاهد» السفر إلى الأردن، ومنه إلى سوريا.
يضيف عبد الباسط أنه، بعد عودته إلى السويد، سافر إلى الأردن، حيث سهلت له الاستخبارات السورية الدخول إلى عمّان قبل نقله من دون المرور بالمعابر الرسمية إلى دمشق. وفي الشام، عقدت عدة اجتماعات بين بني عودة والضباط اللبنانيين الأربعة والعماد آصف شوكت، قبل أن تنتقل الاجتماعات إلى عنجر.
قال إنه رأى الأمين العام لحزب الله خارجاً من أحد الأمكنة التي استخدمت للتخطيط للجريمة
تنقل بين بيروت ودمشق، وأبرز ما قام به هو التجول برفقة مساعدي بعض الأمنيين في ساحة النجمة ومنطقة قريطم في العاصمة اللبنانية، لمراقبة موكب الحريري. في أحد الاجتماعات، قال العميد مصطفى حمدان إن الرئيس رفيق «الحريري هو عميل أميركي ويريد أن يقيم قاعدة أميركية في لبنان، وقد وقّع على اتفاق سري يعرفه المقربون منه مثل وزير المال السنيورة».
تتكثف رواية بني عودة عندما يتحدث عن أن الضباط اللبنانيين والسوريين طلبوا منه اغتيال البطريرك الماروني نصر الله صفير، وأنهم زوّدوه كمية من المتفجرات لزرعها في بكركي، حيث كان عليه أن يوهم صفير بأنه متموّل كبير يريد أن يعترف له (الاعتراف الكنسي).
تزداد روايته تشعباً. يقول إنه أثناء وجوده في دمشق، في مكتب ملاصق لمكتب الرئيس بشار الأسد، كان يتحادث مع الضباط اللبنانيين الأربعة والعماد آصف شوكت، فدخل إلى المكتب العميد ماهر الأسد غاضباً. وقف الأسد مع الضباط خلف حاجز خشبي مزخرف. كان بني عودة يستمع إليهم. قال لهم الأسد: «الرئيس يبلغكم بأن تنتهوا من الحريري،لأن راسو كبر. أنزلوا سقف بيروت على رأسه». يضيف بني عودة: رحل الأسد ولحق به آصف شوكت، فيما عاد الآخرون بوجوه شاحبة. وعندما رجع شوكت، قال حمدان لبني عودة إن عليه أن يذهب إلى باريس وأن يلصق عبوات مغناطيسية بسيارات الحريري، لتفجيرها به.
لا تنتهي القصة عند هذا الحد؛ إذ يروي «حادثة جرت معه عام 2004» عندما اصطحبه الأمنيون السوريون إلى مكتب شاهده لاحقاً على التلفزيون، وبالتحديد في مقابلة أجرتها محطة تركية مع الرئيس السوري بشار الأسد نهاية عام 2005. يورد في إفادته تفاصيل عن ديكور المكتب وأثاثه. ويحاول إعطاء المحققين الدوليين تأكيداً لدخوله هذا المكان من خلال القول إن إصبعه كانت مجروحة عندما جلس على الكرسي في المكتب المذكور، وإنه مسح الدم بخشب الكرسي.
لا تكمن فحوى القصة هنا. بل هي في أنه عندما كان داخلاً إلى المبنى المذكور، شاهد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خارجاً منه. وبرفقة السيد شخص يجهله بني عودة، كان يحضر الاجتماعات التي تحصل في بيروت بين بني عودة واللواء جميل السيد والعميد ريمون عازار.
كان بني عودة يعطي أدلة على ما يدلي به للمحققين الدوليين، بهدف تمكينهم من تثبيت صحة أقواله. يقول إنه عندما عاد من دمشق إلى الأردن في شباط 2004، أوقفته الاستخبارات الأردنية وحققت معه لتحديد هويته، وخاصة أن جواز سفره يحدّد مكان ولادته في إسرائيل.
في نهاية إفادته، يقول بني عودة إنه قطع صلته بالأمنيين اللبنانيين والسوريين منذ منتصف عام 2004، عندما خرجت من لبنان الشابة اللبنانية التي تزوج بها. وبرأيه، فإن من حاولوا تجنيده كانوا يريدون اغتيال الحريري عام 2004، إلا أنهم أرجأوا التنفيذ لأنه رفض المشاركة في الجريمة.
وفي معظم مراحل التحقيق معه، يدّعي الشاهد الإسرائيلي أنه كان دوماً عرضة للتهديد، وأن الاستخبارات السورية كانت تتوعده بأنها قادرة على الوصول إليه أينما كان.
وبحسب مصادر أمنية لبنانية، فإن لجنة التحقيق الدولية، وخاصة في عهد رئيسها الأول ديتليف ميليس، حريصة جداً على عدم كشف ما أدلى به بني عودة، حتى للجهات التي كانت تتعاون معها، كفرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وبحسب الأمنيين ذاتهم، فإن اللجنة طلبت في إحدى مراحل التحقيق من فرع المعلومات متابعة شكوى وردت من بني عودة يقول فيها إن شخصاً لبنانياً هدّده عبر الهاتف.
طلب ديتليف ميليس من فرع المعلومات ملاحقة أحد الذين ادعى الشاهد أنهم هدّدوه
وكانت لجنة التحقيق الدولية تتعامل معه على أساس أن في معلوماته «ما يستحق الوقوف عنده»، بحسب ما أكد ضباط أجانب عملوا في لجنة التحقيق الدولية. وما «يستحق التوقف عنده» أن الفتاة التي قال إن الأمنيين اللبنانيين والسوريين دفعوه للتقرب منها لأنها ابنه أحد حراس شفيق الحريري، صارت زوجته لاحقاً. وهذه النقطة بالتحديد لها تبرير واضح، منذ حزيران 2004. ففي ذلك الحين، أصدرت المحكمة العسكرية حكماً غيابياً بحقه، أدانته فيه بجرم رشوة رجل أمن داخل السجن. وكان هدف الرشوة أن يسمح رجل الأمن لصحافية بمقابلة بني عودة، وهو ما أثبتت التحقيقات مع رجل الأمن أنه حصل فعلاً. ومن خلال الصحافية المذكورة ورجل الأمن، تعرف بني عودة إلى الفتاة التي تزوجها لاحقاً.
في المحصلة، لم يَطعَن في صدقية الشاهد أنه عميل إسرائيلي «سابق». وللأمانة، فإن في حوزته ما يثبت انقطاع صلته بالإسرائيليين. فهو يحمل إفادة صادرة عن السفارة الإسرائيلية في السويد تثبت أن الجنسية الإسرائيلية مسحوبة منه، منذ انكشاف صلته باستخبارات السلطة الفلسطينية!
بعد خروج ديتليف ميليس من رئاسة لجنة التحقيق الدولية، حصل خلاف بين بني عودة والمحقق السويدي الذي كان يتصل به، لا بسبب قلة صدقية «الشاهد»، بل لأنه باح لعدد من رجال الشرطة السويدية بما أدلى به أمام لجنة التحقيق الدولية.
لكن بني عودة بقي مصراً على التواصل مع لجنة التحقيق الدولية، واتصل باللواء أشرف ريفي، طالباً منه تذكير اللجنة بضرورة حمايته لأنه تعرض للتهديد. فرد عليه ريفي بأن ينتبه لأمنه الشخصي. وفي تلك الفترة، لم يكن ريفي يعرف مضمون إفادة الشاهد «مازم» ولا هويته الحقيقية.
لاحقاً، ثبت للمحققين اللبنانيين والدوليين أن ما أدلى به غير صحيح. لكنه، كغيره من الشهود الزور، لم يُلاحق بتهمة تضليل التحقيق. وحده الشاهد إبراهيم ميشال جرجورة لوحق بتلك التهمة. ظهر بداية عام 2006 ليحدد أسماء سياسيين وإعلاميين وأمنيين، مدّعياً أنهم لقنوه الشهادة الكاذبة. تحرك القضاء سريعاً وادّعى عليه بجرم تضليل التحقيق، وسجن أكثر من ثلاث سنوات من دون محاكمة. وطوال مدة توقيفه، لم يخضع لتحقيق جدي يمكن من خلاله تحديد الجهات التي دفعته لتضليل التحقيق، حتى بدت عملية توقيفه عقوبة له على التراجع عن إفادة كاذبة، لا محاولة لكشف من يقف خلفه.
________________________________________

بهية الحريري
يقول عبد الباسط بني عودة إن النائبة بهية الحريري تحدثت معه في المكالمة الهاتفية الأولى بينهما، بـ«لغة ناشفة». لكن هذه اللغة سرعان ما تحولت إلى وُد في اتصال لاحق، بعد إدلائه بإفادته للجنة التحقيق الدولية. وفي مكالمة مسجلة بين الطرفين، يظهر أن النائبة الصيداوية لم تكن تعرف الاسم الحقيقي لبني عودة، أو «الشاهد مازم»، وقد دار بينهما الحوار الآتي:
....
محادثة عبد الباسط وبهية الحريري

الحريري: مين معي؟
بني عودة: مازم
الحريري: كيفك؟
ب. ع: والله الحمد لله، نشكر رب العالمين. كيف صحتك؟
الحريري: أنا بس بدي قلك.. بدي أشكرك.
ب. ع: الشكر لرب العالمين...
الحريري: وأي شي الأهل بدن هون مني شي يدقولي.
(...) ب. ع: وكله يعني مدون، يعني أنا بالاجتماعات مع لجنة التحقيق...
الحريري: لا لا لا بالعكس، الهيئة إنو كتير مرتاحين.
ب. ع: ما هو الإنسان بيزعل لما بيشوف... يعني أنا مرة اتصلت على... آخر شي اتصلت على مكتب الجريدة، ردت عليّ وحدة قلتلها حرام عليكم إنتو عم تاكلو قاعدين، بتطعمو ولادكم من دمو للشهيد رفيق. أنا بدي توصلوني بس لأي حد. كنت أترجاهم. والله دفعت سبعة آلاف دولار بس اتصالات. (...)
________________________________________

محادثة عبد الباسط وريفي
... بني عودة: كيفك سيدي الكريم.
ريفي: يا أهلاً مازم. إيه مازم؟
ب. ع: أنا مبارح حكيت مع الجماعة. أنا خيي اتصل فيي أول مبارح وما قبل يقلي شو الموضوع. مبارح حكيت معو، وعملت ريكورد للمكالمة. متوجهين إلو جماعة من الجبهة الشعبية من المنطقة من عنا من هونيك. ومفهمينو رسالة إنو أنا ممنوع أتدخل بشي، وإذا بضل أنا ماشي مضبوط وبضل ما جبش سيرة حدا، لأنو أنا كنت مكلف شخصياً بالاغتيال. شايف؟ (...)
محادثة عبد الباسط وريفي

ريفي: مازم، في جزء من الفريق راح مع ميليس ما كلن باقيين هون بلبنان هلق. ما بعرف إذا إنت الي لاقيته إذا بعدو بلبنان أو لأ. لأنو مش عارفين نحنا هلق. صار تغييرات كتيرة فيها. بس ما في شك خود بعين الاعتبار أمانك وأمان عيلتك بالدرجة الأولى.
ب. ع: مضبوط. أنا بقدم في خدمة، والي أملاه علي ضميري. وأنا إنسان اشتغلت بضمير، لا اشتغلت لا أعطوني مصاري ولا أعطوني شي. أنا زلمة بضمير قدمت خدمة.
ريفي: صحيح صحيح...
ب. ع: مع العلم لقلك شغلة، لا يوجد لحد اليوم إنسان قدم شهادة زي الي قدمتها أنا. لأنو أنا الإنسان الوحيد الي كنت مكلف بهالشغلة وأنا اللي من الـ2004 اتأجلت للـ2005 كرمالي، لأنو أنا هربت.
ريفي: والله ليك ما عندي فكرة إنت شو عطيت معطيات إنت مبدئياً، بس فيي قلك شغلة إنو الأمن إنت فيك تقيمو أكثر من أي واحد تاني. (...)
ريفي: هني عندن تغييرات قوية عندن برأيي بدك تنتظر شي أسبوع عالأقل حتى تستقر الأمور عندن شوي. بتعرف ساعة الي تغير ميليس صار في عندن تغييرات عندن بالداخل. بقا أنا برأيي طول بالك هدي اللعب شي أسبوع شوف، بعدين عاود الاتصال فيهم.
________________________________________

محادثة عبد الباسط وميليس
ميليس: مرحباً سيّد مازم، أنا المحقق ميليس من بيروت، كيف حالك؟
ب. ع: جيد، يسعدني سماع صوتك، نحن نشدّ على يدك.
ميليس: أوكي، شكراً. لقد أعلمت أن لديك معلومات تريد أن تطلعنا عليها؟
ب. ع: نعم، لقد قلت له من قبل إنه لم يكن لدي أي اتصال بعائلة الحريري، لكن كانت لي صلات بجميل السيد وريمون عازار وبأشخاص من سوريا بشأن الحريري والكاردينال صفير.
ميليس: آها آها... تابع.
محادثة عبد الباسط وميليس

ب. ع: ولدي معلومات مهمة؛ لأن عائلتي تملك شركة في ألمانيا، لتجهيزات السلامة والأمان في سيارات المرسيدس للشرق الأوسط. عائلتي جهّزت كل سيارات الملوك والرؤساء في الشرق الأوسط، وكانوا بحاجة إلى بعض الأمور المتعلقة بسيارات الحريري في ما يخص الريموت كونترول والنظام التابع للريموت ونظام الحماية في السيارة. طلبوا مني الكثير من المعلومات، لا يمكنني الحديث عنها كلها على الهاتف؛ لأن هناك العديد من الأشياء التي يمكن التكلم عليها.
ميليس: جيّد، جيّد سيّد مازم...
ب. ع: وبعد اغتيال الحريري، هددوني بقتلي وقتل عائلتي وزوجتي إذا قلت أي شيء عن الموضوع، هم يعلمون أين أقيم وهم هددوني... وإذا أردت أن أقول أي شيء، يجب علي مغادرة السويد إذا أردت أن أكون شاهداً ويحقق معي في القضية. يجب أن يحصل ذلك خارج السويد. لا أستطيع قول أي شيء هنا، لأني أعتقد أن لديهم الكثير من الأشخاص هنا وهم على اتصال بحزب الله، ويوجد هنا أشخاص كثر على صلة بحزب الله.
منذ شهرين اتصلت ببهية الحريري وتركت الرقم مع الحراس الشخصيين في منزلها وعاودوا الاتصال بي، فأخذت منهم رقم ريفي (أشرف ريفي) واتصلت به، ثم أخذ رقمي وأعطاه لبو وجرى الاتصال معك. لو اتصلتم بي من قبل، لكان من الأسهل أن أعمل لأجلك منذ بداية التحقيق، ولو أنهم اتصلوا بي من قبل لكنت حذّرت الحريري ولكان قد اتخذ الإجراءات لحماية نفسه وإنقاذ حياته.
ميليس: أوكي سيّد مازم، ما سنفعله الآن هو أن نلتقي بك في السويد، سأرسل لك أحد المحققين السويديين ليراك ويأخذ إفادتك، وستلتقي بالسيد بو الذي تكلمت معه سابقاً.
ب. ع: لكن، أريد أن أطلب منك سيّد ميليس، بعض الوثائق من الأمم المتحدة التي تضمن لي سلامتي وحياتي، لأنهم يعلمون أن ما لدي لا يعرفه أحد غيري، لا يهمني التهديد، أريد أن أكون شاهداً، لكن أريد أن أضمن حياتي. وفي المستقبل يمكن الأمم المتحدة أن تضمن لي حياتي لأني لاجئ سياسي هنا في السويد. يمكنني لقاء بو هنا هذا الأسبوع لا مشكلة، لكن في 10 تشرين الثاني يمكنني الانتقال إلى خارج السويد للإدلاء بإفادتي وقول كل ما عندي. لكن المعلومات التي أملكها قد تستغرق أياماً أو أسابيع ولا يمكن أن تنتهي في بضع ساعات.
ميليس: حسناً. لكن اللقاء الأول يجب أن يكون في السويد، وتستطيع أن تناقش كل شيء مع السيد بو. وأعتقد أنّ من المناسب الأفضل أن يكون هناك نقاش البداية. ثم نرى إلى أين نتجه. سأمرر لك السيد بو. ومن الجيد أننا تحادثنا.
المحقق بو: سأحافظ على التواصل معك. وتستطيع أن تحجز يوم العاشر من نوفمبر على جدولك. (...)
________________________________________

مراد يتراجع عن إفادته؟
حالة الشاهد أكرم شكيب مراد مثال للتواطؤ بين الشاهد ومن لا يريدون محاسبته. نزيل مبنى المحكومين في سجن رومية يقبع خلف القضبان منذ 6 نيسان 2004، أي قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعشرة أشهر. وصدر بحقه حكمان بجرم الاتجار بالمخدرات، كل واحد منهما قضى بسجنه 5 سنوات، إضافة إلى تغريمه مبلغ مليون ليرة لبنانية.
لم يخرج مراد (سوري الجنسية، مواليد عاليه 1962) من السجن. إلا أن ذلك لم يمنعه من التقدم للإدلاء بشهادة. قال إنه كان في آذار 2004 داخل مكتب العميد رستم غزالي في عنجر، حيث كان المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج. أضاف إن شاحنة الميتسوبيشي أتي بها بمواكبة من العماد آصف شوكت، وإن شاباً ملتحياً يدعى أبو هادي أخذها إلى الضاحية الجنوبية لبيروت. بالتأكيد، ليست الشاحنة سلاحاً جرمياً. إلا أن ما توقف عنده الشاهد هو سماعه حديثاً بين الضباط الحاضرين عن التفخيخ والتفجير والاغتيال. أدلى مراد بإفادته عام 2007 أمام المحقق العدلي الناظر في جريمة اغتيال الحريري، القاضي الياس عيد. وقد أجرى عيد مقابلة بين الشاهد والحاج.
تسجيل منسوب لأكرم شكيب مراد

اقتنع عيد بأن مراد لا يقول الحقيقة. فشاحنة الميتسوبيشي سرقت من اليابان، بحسب تقارير لجنة التحقيق الدولية، يوم 12 تشرين الأول 2004، أي إنها كانت لا تزال في اليابان عندما رآها الشاهد في عنجر.
ورغم أن اللواء الحاج تقدّم بادعاء شخصي ضد مراد أمام القضاء اللبناني، فإن النيابة العامة لم تستجوبه، لأن القوى الأمنية لم تتمكن من العثور عليه! استمر تجاهل الاستماع إليه إلى أن علم اللواء الحاج، أن مراد لا يزال في سجن رومية، وبالتحديد في الغرفة 145 من مبنى المحكومين. أما القضاء السوري الذي تقدم الحاج بادعاء أمامه ضد مراد، فقد طلب استرداد الأخير للتحقيق معه.
قبل ثلاثة أسابيع، استجوبته القوى الأمنية الأمنية في سجن رومية، فأعاد أمامها تأكيد إفادته. وقال مراد إن ثمة من يحاول مفاوضته من أجل التراجع عن إفادته، لقاء مبلغ من المال.
قبل ذلك بأسابيع، قصد عدداً من الإعلاميين ومن المهتمين بقضية اعتقال الضباط الأربعة، أكثر من شخص يحمل كل منهم تسجيلاً مصوّراً منسوباً لأكرم شكيب مراد، يحدّد فيه نائباً في البرلمان اللبناني (وزير سابق) وإعلامياً من قوى 14 آذار، مدّعياً أنهما طلبا منه الإدلاء بالإفادة التي ذكرها أمام القاضي عيد. وقد طلب «الوسطاء» مبلغ 30 ألف دولار أميركي لتسليم الشريط لمن يدفع. ويوماً بعد آخر، بدأ السعر يتراجع، إلى أن استقر بداية الأسبوع الجاري على سبعة آلاف دولار. وفي المرحلة الاولى، طلب أحد الإعلاميين من الوسيط التثبت من الشريط المصوّر. فسلمه أحد الوسطاء نسخة عن جزء من التسجيل المصوّر، جرى التلاعب بالصوت فيه (موجودة على الموقع الاكتروني لـ«الأخبار»). ولاحقاً، سُلم جزء من التسجيل الصوتي من دون صورة (موجود أيضاً على موقع «الأخبار»)، على أساس أنه عيّنة عن تراجع أكرم مراد. وفي هذا الجزء، يقول رجل إن شخصين، أحدهما صحافي والآخر مبعوث من سياسي، ساوماه من أجل أن يقول «بعض الأشياء» عن اللواء علي الحاج، أمام مكتب مكافحة الإرهاب والمعلومات ولجنة التحقيق الدولية. ويقول المتحدث إنه قابل الحاج أكثر من مرة لدى القاضي الياس عيد، مشيراً إلى أن من طلبا منه الإدلاء بإفادته لقاء تحسين وضعه في السجن وإخراجه من السجن إلى خارج لبنان لم ينفذا ما وعداه به. وأكد أن لديه الكثير ليقوله أمام لجنة التحقيق الدولية.



عدد الجمعة ٣٠ تموز ٢٠١٠
________________________________________
عنوان المصدر:
http://www.al-akhbar.com/ar/node/200214

المصدر: جريدة الأخبار (http://www.al-akhbar.com)
بني عودة: عميل الموساد يربط حزب اللّه بقتل الحريري
عبد الباسط بني عودة
كان ديتليف ميليس يحيط عبد الباسط بني عودة بسرية مطلقة. لم يكشف لأحد مضمون إفادته، ومنحه تعهداً بحمايته ومساعدته للحصول على جنسية جديدة، وبتغيير ملامح وجهه! بكلام آخر، كان ميليس مقتنعاً برواية عميل الموساد الذي قال إن إقناعه بالإعداد لاغتيال الحريري بدأ منذ عام 2001، عندما أوقفته مديرية استخبارات الجيش بعد تسلله من فلسطين المحتلة
حسن عليق
هي الرواية نفسها التي انطلقت في اللحظة التالية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005. سوريا هي الفاعلة، ولنبحث عن الدليل. ثم أتى من «يتبرّع» لتقديم الأدلة. شهود الزور لم يستفيدوا حصراً من المناخ السياسي والإعلامي الذي أعقب الجريمة، بل إن أكثر ما ساعدهم هو فريق تحقيق «يتبنى نظرية وحيدة، يريد أن يثبتها بشتى الطرق»، بحسب ما يصف أحد العاملين السابقين في لجنة التحقيق الدولية أداء رئيسها الأول، ديتليف ميليس.
تنوّعت «مصادر» هؤلاء الشهود. إلا أن هدفهم واحد. إثبات التورّط السوري باغتيال الرئيس رفيق الحريري. بعضهم أشرك «مجرمين» آخرين، كالجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة، أو الحزب السوري القومي الاجتماعي. وبعضهم الآخر لمّح إلى تورط حزب الله، أو أفراد منه. وحده «الشاهد» الإسرائيلي عبد الباسط بني عودة وضع رابطاً «واضحاً» بين الرئيس السوري بشار الأسد و«النظام الأمني اللبناني ـــــ السوري المشترك» من جهة، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، من جهة أخرى.
من أين أتى بني عودة؟
يوم 6/7/2001، دخل عبد الباسط بني عودة الأراضي اللبنانية آتياً من فلسطين المحتلة. تجاوز الحدود البرية ليصل إلى منزلٍ في بلدة جنوبية يقطن فيه أقارب عميل فار منذ عام 2000. هناك، أوقفته مديرية استخبارات الجيش اللبناني. فبني عودة، الحامل للجنسية الإسرائيلية، يرتبط بصلة وثيقة بالاستخبارات الإسرائيلية. يقول إنه كان يعمل مع جهاز الموساد، وإنه كان متزوجاً لبنانية تعيش في فلسطين المحتلة، تتهمها السلطات اللبنانية بالتعامل مع إسرائيل. كذلك فإنه كان يتمتع بصلات قوية بين العملاء الذين فروا إلى فلسطين المحتلة عام 2000.
يدّعي عبد الباسط أنه فرّ من فلسطين المحتلة بعدما كشفت الاستخبارات الإسرائيلية ارتباطه بجهاز استخبارات السلطة الفلسطينية. هو إذاً، باعترافه أمام المحققين اللبنانيين عام 2001، ولاحقاً أمام لجنة التحقيق الدولية، عميل مزدوج. في لبنان، أحيل على المحكمة العسكرية التي أصدرت حكماً بسجنه مدة 18 شهراً، بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية ودخول البلاد خلسة. وبما أنه أجنبي، أحيل على المديرية العامة للأمن العام بعد تنفيذه العقوبة، فاتصلت المديرية بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين غير الفلسطينيين (UNHCR) لضمان استقباله في دولة ثالثة (غير لبنان والأراضي الفلسطينية)، وخاصة أن الحكم القضائي الصادر بحقه ينص على إبعاده من لبنان.
في نيسان 2003، حصلت له مفوّضية اللاجئين على قبول إعادة توطين في السويد. وبعد استكمال الإجراءات القانونية والإدارية، غادر الأراضي اللبنانية يوم 22 تموز 2003، وصدر قرار بمنع دخوله إلى لبنان مجدداً.
في السويد، حصل الرجل على جواز سفر سويدي باسم أنطونيوس بني عودة، من دون الحصول على الجنسية. لم يكلّ من المغامرات؛ فسريعاً، انتحل صفة سفير عربي في ألمانيا، متدخلاً، من خلال اتصالاته الهاتفية، في قضية مرفوعة أمام القضاء اللبناني نهاية عام 2004، ما أدى إلى صدور قرار جديد يمنع دخوله إلى لبنان بجواز سفره الجديد.
بني عودة شاهداً
ادّعى بني عودة أن الضباط اللبنانيين الأربعة طلبوا منه عام 2004 إلصاق عبوات ناسفة بسيارة الحريري
خفت نجم بني عودة حتى ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكنه، بعد أشهر من الجريمة، بدأ اتصالاته بأمنيين وسياسيين وإعلاميين في لبنان، قبل أن يتمكن من التواصل عبر الهاتف مع النائبة بهية الحريري. وبحسب ما يقول بني عودة، فإنه قال للحريري إنه يملك معلومات عن عملية اغتيال شقيقها. يضيف إنها حدثته بلهجة «ناشفة»، وطلبت منه أن يقصد لجنة التحقيق الدولية للإدلاء بما لديه. وعندما شكا إليها عدم قدرته على الوصول إلى اللجنة، زوّدته رقم هاتف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. والأخير، أخذ رقم هاتف بني عودة، حسب رواية الأخير، وسلّمه إلى لجنة التحقيق الدولية التي اتصلت به. أصرّ بني عودة على التحدث مع رئيس اللجنة، ديتليف ميليس. اهتم الأخير بالشاهد الجديد، وقال له في مكالمة هاتفية بينهما إنه سيرسل إليه أحد المحققين السويديين العاملين في اللجنة.
في السويد، قابل بني عودة المحقق بو أستروم، وأخبره بما لديه من معطيات عن جريمة اغتيال الحريري، طالباً ضمانات للإدلاء بها رسمياً. وبدا الرجل كمن هبط من السماء إلى حضن ديتليف ميليس. فبني عودة أصر على الإدلاء بإفادته قبل أن تستمع لجنة التحقيق الدولية في فيينا، لاثنين من الضباط الأمنيين السوريين، بينهم اللواء رستم غزالي (كانون الأول 2005). وبالفعل، كان له ما أراد، فيوم 21 تشرين الثاني 2005، وقّع رئيس فريق التحقيق في اللجنة الدولية، الألماني غيرهارد ليمان، وثيقة يتعهد فيها لبني عودة بتلبية ثلاثة شروط، لقاء الإدلاء بإفادة رسمية. وهذه الشروط هي:
1ـــــ أن تساعده لجنة التحقيق الدولية المستقلة في الحصول على جنسية ثانية، وأن تكون الأولوية للجنسية السويدية.
2ـــــ أن تساعده اللجنة، هو وأفراد عائلته، على الدخول ضمن برنامج حماية الشهود.
3ـــــ أن تساعده اللجنة على تغيير ملامحه، بالحد المناسب، للحد من القدرة على التعرف إليه.
لاحقاً، دوّنت الإفادة الكاملة للرجل الذي صار اسمه «مازم». وهي تكاد تكون الأغرب بين إفادات الشهود باغتيال الحريري.
ماذا قال بني عودة للجنة التحقيق؟
يقول بني عودة في إفادته إنه عندما هرب من فلسطين المحتلة إلى لبنان، وأوقفته الاستخبارات اللبنانية، نقل إلى وزارة الدفاع. هناك، أدخل إلى قاعة فيها نحو 50 ضابطاً من الجيش اللبناني، بحضور رئيس فرع الأمن والاستطلاع في القوات السورية في لبنان، اللواء غازي كنعان، ومدير استخبارات الجيش اللبناني العميد ريمون عازار. وكان هذا اللقاء، على حد زعمه، بداية مسيرة الضغوط النفسية التي تعرض لها على أيدي الاستخبارات اللبنانية والسورية، والهادفة إلى تجنيده للعمل معها، من دون تحديد مهمة واضحة.
يقول بني عودة إنه كان مصراً على رفض العرض الأمني اللبناني ـــــ السوري، لكن إصرار الطرف الثاني كان أشد قوة. استمر تعذيبه النفسي، بحسب ادعائه، حتى عام 2003، عندما دخلت على خط الضغوط شخصيات جديدة: اللواءان جميل السيد وعلي الحاج، والعميدان مصطفى حمدان ورستم غزالي. وبحسب زعمه، كان ينقل إلى فيلا فخمة ليقابل الضباط المذكورين، الذين استمروا بعرض العمل الأمني عليه لحسابهم، من دون أن يوافق على ذلك.
يفاجئ بني عودة من يستمعون إليه بإدخال عنصر جديد إلى روايته. يقول إن الضباط المذكورين سابقاً زوّدوه هواتف خلوية لتبقى في حوزته داخل مركز توقيفه في المديرية العامة للأمن العام. وبعدما مَنَح أحد هذه الهواتف لرتيب من الأمن العام، زوّده الأخير رقم هاتف خلوي لشخص «يظهر دائماً إلى جانب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله».
محاولات تجنيده لم تقتصر على عامل الترهيب، بل تعدّتها إلى الترغيب، بحسب قوله. وعلى هذا الأساس، كان قادة الأمن في لبنان وسوريا يوفّرون له مكاناً ليتمكن من ممارسة الجنس فيه بحرية، مع فتيات كن يأتين إليه من خارج السجن.
في الشهر الثالث من عام 2003، وصلت الأمور إلى ذروتها. عُقد اجتماع ضم الضباط اللبنانيين الأربعة، والعميد رستم غزالي، قيل فيه لعبد الباسط بني عودة إن المهمة التي سيكلَّف إياها هي مراقبة الرئيس رفيق الحريري. ويقول إن أركان النظام الأمني أوهموه بأنهم يريدون حماية الحريري، وأن تكون لهم «عيون عليه». رتبوا له خطة العمل، وزودوه معلومات عن ثلاث فتيات، طالبين منه التقرب من إحداهن. و«شاء القدر أن تقع في الفخ فتاة يعمل والدها حارساً عند شفيق الحريري، شقيق الرئيس الحريري». ولكي يتمكن من أداء الدور كاملاً، وضعوا تحت تصرفه سيارة دبلوماسية ومرافقين، على أساس أنه دبلوماسي في السفارة الأردنية.
لاحقاً، يضيف الشاهد، طلب الأمنيون منه إحضار أجهزة للتشويش، تلغي عمل أجهزة الإنذار. أما سبب لجوئهم إليه في هذه الناحية، فيعود إلى أنّ أشقاءه يملكون في ألمانيا شركة مختصة بالتجهيز الأمني للسيارات.
وفي الموعد المحدد لرحيله من لبنان (تموز 2003)، غادر عبد الباسط إلى السويد. وما هي إلا أشهر معدودة حتى اتصل به شخص «من طرف المعلم في لبنان»، طلب منه ملاقاته في مدينة أوميو السويدية. وعلى حد قوله، زوّده رسول «المعلم» أموالاً قبل أن يطلب منه في الشهر الأخير من عام 2003 السفر إلى اليونان. وفي أثينا، التقى شخصاً سورياً لم يكن يعرف هويته، تبيّن له لاحقاً أنه العماد آصف شوكت. عقد شوكت وبني عودة 8 اجتماعات طوال شهر كامل، قبل أن يطلب الضابط السوري من «الشاهد» السفر إلى الأردن، ومنه إلى سوريا.
يضيف عبد الباسط أنه، بعد عودته إلى السويد، سافر إلى الأردن، حيث سهلت له الاستخبارات السورية الدخول إلى عمّان قبل نقله من دون المرور بالمعابر الرسمية إلى دمشق. وفي الشام، عقدت عدة اجتماعات بين بني عودة والضباط اللبنانيين الأربعة والعماد آصف شوكت، قبل أن تنتقل الاجتماعات إلى عنجر.
قال إنه رأى الأمين العام لحزب الله خارجاً من أحد الأمكنة التي استخدمت للتخطيط للجريمة
تنقل بين بيروت ودمشق، وأبرز ما قام به هو التجول برفقة مساعدي بعض الأمنيين في ساحة النجمة ومنطقة قريطم في العاصمة اللبنانية، لمراقبة موكب الحريري. في أحد الاجتماعات، قال العميد مصطفى حمدان إن الرئيس رفيق «الحريري هو عميل أميركي ويريد أن يقيم قاعدة أميركية في لبنان، وقد وقّع على اتفاق سري يعرفه المقربون منه مثل وزير المال السنيورة».
تتكثف رواية بني عودة عندما يتحدث عن أن الضباط اللبنانيين والسوريين طلبوا منه اغتيال البطريرك الماروني نصر الله صفير، وأنهم زوّدوه كمية من المتفجرات لزرعها في بكركي، حيث كان عليه أن يوهم صفير بأنه متموّل كبير يريد أن يعترف له (الاعتراف الكنسي).
تزداد روايته تشعباً. يقول إنه أثناء وجوده في دمشق، في مكتب ملاصق لمكتب الرئيس بشار الأسد، كان يتحادث مع الضباط اللبنانيين الأربعة والعماد آصف شوكت، فدخل إلى المكتب العميد ماهر الأسد غاضباً. وقف الأسد مع الضباط خلف حاجز خشبي مزخرف. كان بني عودة يستمع إليهم. قال لهم الأسد: «الرئيس يبلغكم بأن تنتهوا من الحريري،لأن راسو كبر. أنزلوا سقف بيروت على رأسه». يضيف بني عودة: رحل الأسد ولحق به آصف شوكت، فيما عاد الآخرون بوجوه شاحبة. وعندما رجع شوكت، قال حمدان لبني عودة إن عليه أن يذهب إلى باريس وأن يلصق عبوات مغناطيسية بسيارات الحريري، لتفجيرها به.
لا تنتهي القصة عند هذا الحد؛ إذ يروي «حادثة جرت معه عام 2004» عندما اصطحبه الأمنيون السوريون إلى مكتب شاهده لاحقاً على التلفزيون، وبالتحديد في مقابلة أجرتها محطة تركية مع الرئيس السوري بشار الأسد نهاية عام 2005. يورد في إفادته تفاصيل عن ديكور المكتب وأثاثه. ويحاول إعطاء المحققين الدوليين تأكيداً لدخوله هذا المكان من خلال القول إن إصبعه كانت مجروحة عندما جلس على الكرسي في المكتب المذكور، وإنه مسح الدم بخشب الكرسي.
لا تكمن فحوى القصة هنا. بل هي في أنه عندما كان داخلاً إلى المبنى المذكور، شاهد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خارجاً منه. وبرفقة السيد شخص يجهله بني عودة، كان يحضر الاجتماعات التي تحصل في بيروت بين بني عودة واللواء جميل السيد والعميد ريمون عازار.
كان بني عودة يعطي أدلة على ما يدلي به للمحققين الدوليين، بهدف تمكينهم من تثبيت صحة أقواله. يقول إنه عندما عاد من دمشق إلى الأردن في شباط 2004، أوقفته الاستخبارات الأردنية وحققت معه لتحديد هويته، وخاصة أن جواز سفره يحدّد مكان ولادته في إسرائيل.
في نهاية إفادته، يقول بني عودة إنه قطع صلته بالأمنيين اللبنانيين والسوريين منذ منتصف عام 2004، عندما خرجت من لبنان الشابة اللبنانية التي تزوج بها. وبرأيه، فإن من حاولوا تجنيده كانوا يريدون اغتيال الحريري عام 2004، إلا أنهم أرجأوا التنفيذ لأنه رفض المشاركة في الجريمة.
وفي معظم مراحل التحقيق معه، يدّعي الشاهد الإسرائيلي أنه كان دوماً عرضة للتهديد، وأن الاستخبارات السورية كانت تتوعده بأنها قادرة على الوصول إليه أينما كان.
وبحسب مصادر أمنية لبنانية، فإن لجنة التحقيق الدولية، وخاصة في عهد رئيسها الأول ديتليف ميليس، حريصة جداً على عدم كشف ما أدلى به بني عودة، حتى للجهات التي كانت تتعاون معها، كفرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وبحسب الأمنيين ذاتهم، فإن اللجنة طلبت في إحدى مراحل التحقيق من فرع المعلومات متابعة شكوى وردت من بني عودة يقول فيها إن شخصاً لبنانياً هدّده عبر الهاتف.
طلب ديتليف ميليس من فرع المعلومات ملاحقة أحد الذين ادعى الشاهد أنهم هدّدوه
وكانت لجنة التحقيق الدولية تتعامل معه على أساس أن في معلوماته «ما يستحق الوقوف عنده»، بحسب ما أكد ضباط أجانب عملوا في لجنة التحقيق الدولية. وما «يستحق التوقف عنده» أن الفتاة التي قال إن الأمنيين اللبنانيين والسوريين دفعوه للتقرب منها لأنها ابنه أحد حراس شفيق الحريري، صارت زوجته لاحقاً. وهذه النقطة بالتحديد لها تبرير واضح، منذ حزيران 2004. ففي ذلك الحين، أصدرت المحكمة العسكرية حكماً غيابياً بحقه، أدانته فيه بجرم رشوة رجل أمن داخل السجن. وكان هدف الرشوة أن يسمح رجل الأمن لصحافية بمقابلة بني عودة، وهو ما أثبتت التحقيقات مع رجل الأمن أنه حصل فعلاً. ومن خلال الصحافية المذكورة ورجل الأمن، تعرف بني عودة إلى الفتاة التي تزوجها لاحقاً.
في المحصلة، لم يَطعَن في صدقية الشاهد أنه عميل إسرائيلي «سابق». وللأمانة، فإن في حوزته ما يثبت انقطاع صلته بالإسرائيليين. فهو يحمل إفادة صادرة عن السفارة الإسرائيلية في السويد تثبت أن الجنسية الإسرائيلية مسحوبة منه، منذ انكشاف صلته باستخبارات السلطة الفلسطينية!
بعد خروج ديتليف ميليس من رئاسة لجنة التحقيق الدولية، حصل خلاف بين بني عودة والمحقق السويدي الذي كان يتصل به، لا بسبب قلة صدقية «الشاهد»، بل لأنه باح لعدد من رجال الشرطة السويدية بما أدلى به أمام لجنة التحقيق الدولية.
لكن بني عودة بقي مصراً على التواصل مع لجنة التحقيق الدولية، واتصل باللواء أشرف ريفي، طالباً منه تذكير اللجنة بضرورة حمايته لأنه تعرض للتهديد. فرد عليه ريفي بأن ينتبه لأمنه الشخصي. وفي تلك الفترة، لم يكن ريفي يعرف مضمون إفادة الشاهد «مازم» ولا هويته الحقيقية.
لاحقاً، ثبت للمحققين اللبنانيين والدوليين أن ما أدلى به غير صحيح. لكنه، كغيره من الشهود الزور، لم يُلاحق بتهمة تضليل التحقيق. وحده الشاهد إبراهيم ميشال جرجورة لوحق بتلك التهمة. ظهر بداية عام 2006 ليحدد أسماء سياسيين وإعلاميين وأمنيين، مدّعياً أنهم لقنوه الشهادة الكاذبة. تحرك القضاء سريعاً وادّعى عليه بجرم تضليل التحقيق، وسجن أكثر من ثلاث سنوات من دون محاكمة. وطوال مدة توقيفه، لم يخضع لتحقيق جدي يمكن من خلاله تحديد الجهات التي دفعته لتضليل التحقيق، حتى بدت عملية توقيفه عقوبة له على التراجع عن إفادة كاذبة، لا محاولة لكشف من يقف خلفه.
________________________________________

بهية الحريري
يقول عبد الباسط بني عودة إن النائبة بهية الحريري تحدثت معه في المكالمة الهاتفية الأولى بينهما، بـ«لغة ناشفة». لكن هذه اللغة سرعان ما تحولت إلى وُد في اتصال لاحق، بعد إدلائه بإفادته للجنة التحقيق الدولية. وفي مكالمة مسجلة بين الطرفين، يظهر أن النائبة الصيداوية لم تكن تعرف الاسم الحقيقي لبني عودة، أو «الشاهد مازم»، وقد دار بينهما الحوار الآتي:
....
محادثة عبد الباسط وبهية الحريري

الحريري: مين معي؟
بني عودة: مازم
الحريري: كيفك؟
ب. ع: والله الحمد لله، نشكر رب العالمين. كيف صحتك؟
الحريري: أنا بس بدي قلك.. بدي أشكرك.
ب. ع: الشكر لرب العالمين...
الحريري: وأي شي الأهل بدن هون مني شي يدقولي.
(...) ب. ع: وكله يعني مدون، يعني أنا بالاجتماعات مع لجنة التحقيق...
الحريري: لا لا لا بالعكس، الهيئة إنو كتير مرتاحين.
ب. ع: ما هو الإنسان بيزعل لما بيشوف... يعني أنا مرة اتصلت على... آخر شي اتصلت على مكتب الجريدة، ردت عليّ وحدة قلتلها حرام عليكم إنتو عم تاكلو قاعدين، بتطعمو ولادكم من دمو للشهيد رفيق. أنا بدي توصلوني بس لأي حد. كنت أترجاهم. والله دفعت سبعة آلاف دولار بس اتصالات. (...)
________________________________________

محادثة عبد الباسط وريفي
... بني عودة: كيفك سيدي الكريم.
ريفي: يا أهلاً مازم. إيه مازم؟
ب. ع: أنا مبارح حكيت مع الجماعة. أنا خيي اتصل فيي أول مبارح وما قبل يقلي شو الموضوع. مبارح حكيت معو، وعملت ريكورد للمكالمة. متوجهين إلو جماعة من الجبهة الشعبية من المنطقة من عنا من هونيك. ومفهمينو رسالة إنو أنا ممنوع أتدخل بشي، وإذا بضل أنا ماشي مضبوط وبضل ما جبش سيرة حدا، لأنو أنا كنت مكلف شخصياً بالاغتيال. شايف؟ (...)
محادثة عبد الباسط وريفي

ريفي: مازم، في جزء من الفريق راح مع ميليس ما كلن باقيين هون بلبنان هلق. ما بعرف إذا إنت الي لاقيته إذا بعدو بلبنان أو لأ. لأنو مش عارفين نحنا هلق. صار تغييرات كتيرة فيها. بس ما في شك خود بعين الاعتبار أمانك وأمان عيلتك بالدرجة الأولى.
ب. ع: مضبوط. أنا بقدم في خدمة، والي أملاه علي ضميري. وأنا إنسان اشتغلت بضمير، لا اشتغلت لا أعطوني مصاري ولا أعطوني شي. أنا زلمة بضمير قدمت خدمة.
ريفي: صحيح صحيح...
ب. ع: مع العلم لقلك شغلة، لا يوجد لحد اليوم إنسان قدم شهادة زي الي قدمتها أنا. لأنو أنا الإنسان الوحيد الي كنت مكلف بهالشغلة وأنا اللي من الـ2004 اتأجلت للـ2005 كرمالي، لأنو أنا هربت.
ريفي: والله ليك ما عندي فكرة إنت شو عطيت معطيات إنت مبدئياً، بس فيي قلك شغلة إنو الأمن إنت فيك تقيمو أكثر من أي واحد تاني. (...)
ريفي: هني عندن تغييرات قوية عندن برأيي بدك تنتظر شي أسبوع عالأقل حتى تستقر الأمور عندن شوي. بتعرف ساعة الي تغير ميليس صار في عندن تغييرات عندن بالداخل. بقا أنا برأيي طول بالك هدي اللعب شي أسبوع شوف، بعدين عاود الاتصال فيهم.
________________________________________

محادثة عبد الباسط وميليس
ميليس: مرحباً سيّد مازم، أنا المحقق ميليس من بيروت، كيف حالك؟
ب. ع: جيد، يسعدني سماع صوتك، نحن نشدّ على يدك.
ميليس: أوكي، شكراً. لقد أعلمت أن لديك معلومات تريد أن تطلعنا عليها؟
ب. ع: نعم، لقد قلت له من قبل إنه لم يكن لدي أي اتصال بعائلة الحريري، لكن كانت لي صلات بجميل السيد وريمون عازار وبأشخاص من سوريا بشأن الحريري والكاردينال صفير.
ميليس: آها آها... تابع.
محادثة عبد الباسط وميليس

ب. ع: ولدي معلومات مهمة؛ لأن عائلتي تملك شركة في ألمانيا، لتجهيزات السلامة والأمان في سيارات المرسيدس للشرق الأوسط. عائلتي جهّزت كل سيارات الملوك والرؤساء في الشرق الأوسط، وكانوا بحاجة إلى بعض الأمور المتعلقة بسيارات الحريري في ما يخص الريموت كونترول والنظام التابع للريموت ونظام الحماية في السيارة. طلبوا مني الكثير من المعلومات، لا يمكنني الحديث عنها كلها على الهاتف؛ لأن هناك العديد من الأشياء التي يمكن التكلم عليها.
ميليس: جيّد، جيّد سيّد مازم...
ب. ع: وبعد اغتيال الحريري، هددوني بقتلي وقتل عائلتي وزوجتي إذا قلت أي شيء عن الموضوع، هم يعلمون أين أقيم وهم هددوني... وإذا أردت أن أقول أي شيء، يجب علي مغادرة السويد إذا أردت أن أكون شاهداً ويحقق معي في القضية. يجب أن يحصل ذلك خارج السويد. لا أستطيع قول أي شيء هنا، لأني أعتقد أن لديهم الكثير من الأشخاص هنا وهم على اتصال بحزب الله، ويوجد هنا أشخاص كثر على صلة بحزب الله.
منذ شهرين اتصلت ببهية الحريري وتركت الرقم مع الحراس الشخصيين في منزلها وعاودوا الاتصال بي، فأخذت منهم رقم ريفي (أشرف ريفي) واتصلت به، ثم أخذ رقمي وأعطاه لبو وجرى الاتصال معك. لو اتصلتم بي من قبل، لكان من الأسهل أن أعمل لأجلك منذ بداية التحقيق، ولو أنهم اتصلوا بي من قبل لكنت حذّرت الحريري ولكان قد اتخذ الإجراءات لحماية نفسه وإنقاذ حياته.
ميليس: أوكي سيّد مازم، ما سنفعله الآن هو أن نلتقي بك في السويد، سأرسل لك أحد المحققين السويديين ليراك ويأخذ إفادتك، وستلتقي بالسيد بو الذي تكلمت معه سابقاً.
ب. ع: لكن، أريد أن أطلب منك سيّد ميليس، بعض الوثائق من الأمم المتحدة التي تضمن لي سلامتي وحياتي، لأنهم يعلمون أن ما لدي لا يعرفه أحد غيري، لا يهمني التهديد، أريد أن أكون شاهداً، لكن أريد أن أضمن حياتي. وفي المستقبل يمكن الأمم المتحدة أن تضمن لي حياتي لأني لاجئ سياسي هنا في السويد. يمكنني لقاء بو هنا هذا الأسبوع لا مشكلة، لكن في 10 تشرين الثاني يمكنني الانتقال إلى خارج السويد للإدلاء بإفادتي وقول كل ما عندي. لكن المعلومات التي أملكها قد تستغرق أياماً أو أسابيع ولا يمكن أن تنتهي في بضع ساعات.
ميليس: حسناً. لكن اللقاء الأول يجب أن يكون في السويد، وتستطيع أن تناقش كل شيء مع السيد بو. وأعتقد أنّ من المناسب الأفضل أن يكون هناك نقاش البداية. ثم نرى إلى أين نتجه. سأمرر لك السيد بو. ومن الجيد أننا تحادثنا.
المحقق بو: سأحافظ على التواصل معك. وتستطيع أن تحجز يوم العاشر من نوفمبر على جدولك. (...)
________________________________________

مراد يتراجع عن إفادته؟
حالة الشاهد أكرم شكيب مراد مثال للتواطؤ بين الشاهد ومن لا يريدون محاسبته. نزيل مبنى المحكومين في سجن رومية يقبع خلف القضبان منذ 6 نيسان 2004، أي قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري بعشرة أشهر. وصدر بحقه حكمان بجرم الاتجار بالمخدرات، كل واحد منهما قضى بسجنه 5 سنوات، إضافة إلى تغريمه مبلغ مليون ليرة لبنانية.
لم يخرج مراد (سوري الجنسية، مواليد عاليه 1962) من السجن. إلا أن ذلك لم يمنعه من التقدم للإدلاء بشهادة. قال إنه كان في آذار 2004 داخل مكتب العميد رستم غزالي في عنجر، حيث كان المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج. أضاف إن شاحنة الميتسوبيشي أتي بها بمواكبة من العماد آصف شوكت، وإن شاباً ملتحياً يدعى أبو هادي أخذها إلى الضاحية الجنوبية لبيروت. بالتأكيد، ليست الشاحنة سلاحاً جرمياً. إلا أن ما توقف عنده الشاهد هو سماعه حديثاً بين الضباط الحاضرين عن التفخيخ والتفجير والاغتيال. أدلى مراد بإفادته عام 2007 أمام المحقق العدلي الناظر في جريمة اغتيال الحريري، القاضي الياس عيد. وقد أجرى عيد مقابلة بين الشاهد والحاج.
تسجيل منسوب لأكرم شكيب مراد

اقتنع عيد بأن مراد لا يقول الحقيقة. فشاحنة الميتسوبيشي سرقت من اليابان، بحسب تقارير لجنة التحقيق الدولية، يوم 12 تشرين الأول 2004، أي إنها كانت لا تزال في اليابان عندما رآها الشاهد في عنجر.
ورغم أن اللواء الحاج تقدّم بادعاء شخصي ضد مراد أمام القضاء اللبناني، فإن النيابة العامة لم تستجوبه، لأن القوى الأمنية لم تتمكن من العثور عليه! استمر تجاهل الاستماع إليه إلى أن علم اللواء الحاج، أن مراد لا يزال في سجن رومية، وبالتحديد في الغرفة 145 من مبنى المحكومين. أما القضاء السوري الذي تقدم الحاج بادعاء أمامه ضد مراد، فقد طلب استرداد الأخير للتحقيق معه.
قبل ثلاثة أسابيع، استجوبته القوى الأمنية الأمنية في سجن رومية، فأعاد أمامها تأكيد إفادته. وقال مراد إن ثمة من يحاول مفاوضته من أجل التراجع عن إفادته، لقاء مبلغ من المال.
قبل ذلك بأسابيع، قصد عدداً من الإعلاميين ومن المهتمين بقضية اعتقال الضباط الأربعة، أكثر من شخص يحمل كل منهم تسجيلاً مصوّراً منسوباً لأكرم شكيب مراد، يحدّد فيه نائباً في البرلمان اللبناني (وزير سابق) وإعلامياً من قوى 14 آذار، مدّعياً أنهما طلبا منه الإدلاء بالإفادة التي ذكرها أمام القاضي عيد. وقد طلب «الوسطاء» مبلغ 30 ألف دولار أميركي لتسليم الشريط لمن يدفع. ويوماً بعد آخر، بدأ السعر يتراجع، إلى أن استقر بداية الأسبوع الجاري على سبعة آلاف دولار. وفي المرحلة الاولى، طلب أحد الإعلاميين من الوسيط التثبت من الشريط المصوّر. فسلمه أحد الوسطاء نسخة عن جزء من التسجيل المصوّر، جرى التلاعب بالصوت فيه (موجودة على الموقع الاكتروني لـ«الأخبار»). ولاحقاً، سُلم جزء من التسجيل الصوتي من دون صورة (موجود أيضاً على موقع «الأخبار»)، على أساس أنه عيّنة عن تراجع أكرم مراد. وفي هذا الجزء، يقول رجل إن شخصين، أحدهما صحافي والآخر مبعوث من سياسي، ساوماه من أجل أن يقول «بعض الأشياء» عن اللواء علي الحاج، أمام مكتب مكافحة الإرهاب والمعلومات ولجنة التحقيق الدولية. ويقول المتحدث إنه قابل الحاج أكثر من مرة لدى القاضي الياس عيد، مشيراً إلى أن من طلبا منه الإدلاء بإفادته لقاء تحسين وضعه في السجن وإخراجه من السجن إلى خارج لبنان لم ينفذا ما وعداه به. وأكد أن لديه الكثير ليقوله أمام لجنة التحقيق الدولية.



عدد الجمعة ٣٠ تموز ٢٠١٠
الاخبار
قمة ثلاثيّة بلقاءات ثنائية ترضـي كلّ الأطراف
الأسد يسقي شجرة الصداقة اللبنانية ــ السورية في باحة قصر بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)انتهت القمّة الثلاثية التي جمعت الرئيس ميشال سليمان والملك السعودي عبد الله والرئيس بشار الأسد في بيروت، بتأكيدات ترضي الجميع، حضر فيها تعزيز الأمن، وضرورة عدم اللجوء إلى العنف، وتعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي، وقبل كل ذلك «ضرورة» السعي إلى إقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط
245 دقيقة فقط، هي المدّة التي أمضاها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس السوري بشّار الأسد، في لبنان، وتحديداً في بقعة لم تتجاوز قصر بعبدا، عند تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، لأحدهما، وامتدت بالثاني إلى وسط بيروت. لكنها مدّة كانت كافية لتحقيق أول «معجزة» لوصول قطبي معادلة الـ«سين. سين» معاً إلى بلد «ثورة الأرز» في شهر انتصار المقاومة، وهي حصول اتفاق لبناني فريد من نوعه على الإشادة بـ«الزيارة التاريخية»، والتعويل على نتائجها في تخفيف التوتر اللبناني.
وفي ما عدا هذه «المعجزة» فإنّ النتائج العملية للزيارة العربية الثنائية، لم تظهر مباشرةً، إذ لم يسمع صوت أيّ من الزائرين بعد قمتهما الثلاثية مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، كما لم يصدر أيّ بيان رسمي مشترك عن مضمون المحادثات ونتائجها، واستُعيض عن ذلك بالخبر الرسمي الذي وزّعه المكتب الإعلامي في قصر بعبدا، عن مباحثات القادة الثلاثة، وما أكدوه، والذي لم يتعدّ عبارات يمكن كلّ طرف أن يقرأ فيها ما يطمئنه ويريحه، بدءاً بتعزيز الأمن والاستقرار و«النمو الاقتصادي والاجتماعي»، مروراً بالتشديد على الحوار وعدم اللجوء إلى العنف، وصولاً إلى «ضرورة» السعي إلى سلام «عادل وشامل» في المنطقة.
وبحسب ما أذاعه المكتب الإعلامي الرئاسي، فإنّ سليمان وعبد الله والأسد، عقدوا أمس قمة في القصر الجمهوري في بعبدا، وأجروا مباحثات تناولت «سبل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان، وتحسين فرص النمو الاقتصادي والاجتماعي». ونوّهوا بـ«التطورات الإيجابية التي حصلت على الساحة اللبنانية منذ اتفاق الدوحة»، وأكّدوا «استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنية ودرء الأخطار الخارجية»، وأعلنوا «تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات إسرائيل وخروقها اليومية لسيادته واستقلاله، وسعيها إلى زعزعة استقراره».
الحريري والملك عبد الله في وسط بيروت أمس (بلال جاويش)وأكّدوا أيضاً «أهمية الاستمرار في دعم اتفاق الدوحة، واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني، والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف، وتغليب مصلحة لبنان العليا على أيّ مصلحة فئوية، والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات الدستورية وإلى حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات».
وقبل الانتقال إلى الوضع الإقليمي، أشار المكتب إلى أنّ ملك السعودية والرئيس السوري أكّدا «استمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما هو في مصلحة اللبنانيين». ثم ذكر أنّ القادة الثلاثة عرضوا «تطور الأوضاع على الصعيد الإقليمي»، وأكدوا «ضرورة التضامن والوقوف صفاً واحداً لرفع التحديات التي تواجهها الدول العربية، وعلى رأسها التحدي الإسرائيلي، الذي يتمثّل في استمرار الاحتلال للأراضي العربية والممارسات التعسفية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وحصار غزة، والسعي المدان لتهويد مدينة القدس، وكذلك مواجهة ما يحاك للمنطقة العربية من دسائس ومؤامرات لإرباكها بالفتن الطائفية والمذهبية، التي لن تكون أيّ دولة عربية بمنأى عن تداعياتها، هي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك». وأكّدوا في هذا المجال «ضرورة السعي بصورة حثيثة إلى إقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، دون إبطاء، وضمن مهل محددة، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد والمبادرة العربية للسلام في جميع مندرجاتها».
وكان الزعيمان السعودي والسوري، والوفدان المرافقان لهما، قد وصلوا بعد ظهر أمس، في موكب طيّار، حيث حملت طائرة ملكية سعودية، الوفد السعودي، وحطت في مطار رفيق الحريري الدولي عند الساعة الثانية، ووصلت بعدها بربع ساعة، طائرة تقل عبد الله والأسد معاً. ووصلت بعد فترة، طائرتان رئاسيتان سوريتان، لتقلا الأسد والوفد المرافق في طريق العودة.
وكان في استقبال الضيفين في المطار، رئيس الجمهورية، رئيسا مجلسي النواب نبيه بري والوزراء سعد الحريري، وحشد من الشخصيات اللبنانية والسفراء العرب.
وبعد استراحة قصيرة في الجناح الرئاسي في المطار، انتقل الحدث إلى القصر الجمهورية، حيث أخذت الصورة التذكارية في بهوه، ثم عقد سليمان وعبد الله والأسد قمة ثلاثية، انضم إليها لاحقاً بري والحريري، قبل أن تتحول إلى اجتماع موسّع شارك فيه وزراء خارجية الدول الثلاث: علي الشامي وسعود الفيصل ووليد المعلم، إضافةً إلى المدير العام لرئاسة الجمهورية ناجي أبي عاصي، رئيس الاستخبارات العامة في السعودية مقرن بن عبد العزيز، والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية بثينة شعبان. وخلال الاجتماع، قدّم سليمان إلى كل من ضيفيه وسام الأرز الوطني ـــــ القلادة الكبرى، وبادله الأسد بوسام أمية الوطني ذي الوشاح الأكبر.
وبعدما تفقّد الزعماء الثلاثة، شجرتي الصداقة اللبنانية ـــــ السعودية، واللبنانية ـــــ السورية في الحديقة الرئاسية، وقّع كل من عبد الله والأسد السجل الذهبي لرئاسة الجمهورية، وأعربا في كلمتيهما عن السعادة بالزيارة، متمنّيَين للبنان وشعبه المزيد من التقدم والأمن والاستقرار والازدهار.
وفي «قاعة 25 أيار»، أقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء على شرف الضيفين والوفدين المرافقين لهما، حضرها حشد لبناني رسمي، وسفراء الدول العربية والإسلامية والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن. واستُثني من الدعوة إليها رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة السابقون، ورؤساء الأحزاب من غير الوزراء والنواب، الأمر الذي أثار اعتراض حزب الكتائب ومقاطعة وزيره ونوابه للغداء.
وإلى القمة الثلاثية، عقد سليمان والأسد لقاءً ثنائياً بحثا خلاله العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين، وسبل تطويرها وتعزيزها على كل المستويات وفي شتى المجالات، بحسب ما ذكر المكتب الإعلامي في قصر بعبدا. كذلك التقى الأسد بري، في إحدى قاعات قصر بعبدا، إضافةً إلى عقد سلسلة اجتماعات جانبية بين أعضاء الوفود الثلاثة، فيما زار الملك السعودي دارة الحريري في وسط بيروت، حيث التقى حشداً من الشخصيات السياسية والدينية، معظمها ممن استُثني من غداء بعبدا.
وعند السادسة والثلت غادر عبد الله، وتبعه مباشرةً الأسد عائداً إلى دمشق، فيما توجّه ملك السعودية إلى الأردن، حيث عقد قمة مع الملك عبد الله الثاني، وذكر بيان للديوان الملكي الأردني أنّ الزعيمين بحثا التطورات اللبنانية، وشدّدا على وقوفهما إلى جانب لبنان «في جهوده لتعزيز أمنه واستقراره، ودعم وحدة صفه الداخلي ووفاقه الوطني». كما بحثا ملفي العراق وفلسطين، و«الجهود المبذولة لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين، وفي سياق إقليمي شامل يضمن استعادة جميع الحقوق العربية».
وفي المواقف قالت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان، لوكالة «يو بي آي»، إن زيارة عبد الله والأسد لبيروت «خطوة مهمة على طريق وحدة الصف العربي، وطريق التضامن العربي لمواجهة كل التحديات التي بدون شك تستهدف العرب جميعاً في أقطارهم». ووصفت لقاءهما في دمشق بأنه كان «مهماً جداً واتسم بالكثير من المودّة والمحبة والثقة»، مضيفةً «وأعتقد أنه حين تتوافر هذه العوامل فإنّ هذا الأمر ينعكس على الملفات الساخنة في العالم العربي، ويسهم في حل هذه الملفات».
وانتقدت تصريحات الناطق باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي قائلةً «من غير اللائق التدخل في العلاقات السورية السعودية، لأنه حين تحضر سوريا والسعودية لا توجد أي كلمة، ولا علاقة للولايات المتحدة في ما بينهما ولا في المنطقة، لأنهما دولتان مستقلتان صاحبتا كرامة، وهما مهتمتان بقضايا المنطقة وشعوبها، ولا يردّان على الإملاءات والتدخلات الخارجية».
وفي المواقف اللبنانية، قال النائب حسن فضل الله لوكالة «فرانس برس»، إنّ حزب الله ينتظر أن تترجم نتائج زيارة عبد الله والأسد «لمصلحة حماية لبنان في مواجهة محاولات إسرائيل جرّه إلى أتون فتنة لا تهدّد لبنان فقط، بل تهدّد المنطقة بأسرها». وأعلن ترحيب الحزب «بكل جهد، وخاصةً من أشقائنا العرب، لدرء مخاطر هذا المشروع الإسرائيلي الجديد، الذي يطل برأسه من خلال قرار اتهامي أعلن من إسرائيل»، مؤكّداً أن التطورات المتعلقة بالمحكمة الدولية «ومحاولة توظيفها سياسياً من جانب أعداء لبنان، وفي مقدمهم إسرائيل، كانت المحور الأساسي للقمة» في بيروت. وتخوف من أن تلجأ الإدارة الأميركية «إلى تعطيل هذا الجهد، وإبقاء الأمور متوترة لمصلحة إسرائيل».
تأكيد على تغليب المصلحة العليا على أيّ مصلحة فئوية والاحتكام إلى حكومة الوحدة لحل الخلافات
حزب الله: ننتظر أن تُترجم النتائج بحماية لبنان في مواجهة محاولات جرّه إلى فتنة
وفي حديث لمحطة «سي إن إن»، وصف الرئيس فؤاد السنيورة، الزيارة بأنها «تاريخية بكل معنى الكلمة»، وهي «بمثابة رسالة مشتركة تفيد أن سوريا والسعودية بلدان معنيان بالسلام والاستقرار في البلد، لن يسمحا لأيّ جهة بأن تعبث بأمنه، أو أن تعمل على تحويل لبنان مسرحاً لأيّ مغامرة من أيّ نوع كانت». ورفض ربط الزيارة بتطوّرات المحكمة الدولية، قائلاً إن هدفها هو إعطاء رسالة كي لا يجري العبث بالمحكمة «من خلال إطلاق التكهنات».
وقد التقى السنيورة أمس السفيرة الأميركية ميشيل سيسون، وذكر مكتبه الإعلامي، أنّ الزيارة وداعية «كان فيها بحث للأوضاع الراهنة».
يشار إلى أنّ كتلة نواب القوات اللبنانية، لم تحذُ حذو زميلتها الكتائبية، إذ شاركت في غداء القصر الجمهوري. ولدى وصولها إلى بعبدا، قالت النائبة ستريدا جعجع: «حدث اليوم كبير وتاريخي، ومن هذا المنطلق نحن موجودون هنا، على الرغم من الخطأ الشكلي مع رئيسنا الدكتور سمير جعجع. وفي بناء الأوطان نتجاوز الشكليات». وتابعت، متجاهلةً أحد الضيفين: «ولا ننسى أنّ الضيف الموجود هنا، الملك عبد الله، أسهم في استقرار لبنان، ولا يزال يسهم في ذلك».
في مجال آخر، مدّد الرئيس الأميركي باراك أوباما (واشنطن ـــــ محمد سعيد) العمل بقانون الطوارئ الوطني الخاص بلبنان عاماً آخر، وهو قانون يدعو إلى تجميد أصول أشخاص ترى الولايات المتحدة أنهم يهدّدون سيادة لبنان والعملية الديموقراطية فيه، بزعم استمرار نقل الأسلحة إلى حزب الله. وقال في رسالة وجّهها إلى الكونغرس إنه على الرغم من تسجيل تطور إيجابي في العلاقة بين سوريا ولبنان أخيراً، إلّا أنّ استمرار نقل الأسلحة إلى حزب الله، بما فيها الأسلحة الأكثر تطوراً، يؤدّي إلى تقويض سيادة لبنان، ويسهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، ولا يزال يمثّل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وإنه لذلك مدّد حالة الطوارئ التي أعلنت في عهد سلفه جورج بوش.
وكان البيت الأبيض قد أصدر يوم 2 آب 2007 قائمة بأسماء الشخصيات السورية واللبنانية التي يستهدفها القانون ويحظر دخولها إلى الولايات المتحدة، ضمت النائب الحالي أسعد حردان، والوزراء والنواب السابقين: عبد الرحيم مراد، عاصم قانصوه، ميشال سماحة، ناصر قنديل، ووئام وهاب، ومسؤولين في الاستخبارات السورية من بينهم: مدير الاستخبارات العسكرية آصف شوكت، ومسؤول الاستخبارات السابق في لبنان رستم غزالة، إضافةً إلى جامع جامع، ومستشار الرئيس السوري الجنرال السابق في الاستخبارات العامة السورية هشام اختيار.

عدد السبت ٣١ تموز ٢٠١٠
الاخبار
قرار التخلّص من الضبّاط الأربعة اتّخذ قبل بدء التحقيق
عمر نشابة
بدأت رحلة نقل الاختصاص القضائي من السلطات الوطنية الى جهات دولية عبر آليات الأمم المتحدة في 24 آذار 2005، يوم قدّم رئيس بعثة تقصي الحقائق الإيرلندي بيتر فيتزجيرالد تقريره الى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك كوفي أنان. البعثة خلصت، بعد أقل من شهر من تقصي «الحقائق» (بينما استغرق عمل لجنة مماثلة شارك فيها فيتزجيرالد في قضية اغتيال الرئيسة الباكستانية بينازير بوتو نحو تسعة أشهر)، إلى «أن أجهزة الأمن اللبنانية والاستخبارات العسكرية السورية تتحمل المسؤولية الرئيسية». وأضاف تقريرها: «من أجل كشف الحقيقة، لا بد من أن يعهد بالتحقيق إلى لجنة دولية»، إضافة الى التوصية بمنح «سلطة تنفيذية» لتلك اللجنة. وذكر التقرير «إن من المشكوك فيه إلى حد بعيد أن تتمكن مثل هذه اللجنة الدولية من الاضطلاع بمهماتها على نحو مرضٍٍٍٍ، وأن تحظى بالتعاون الفعلي الضروري من السلطات المحلية، ما دامت القيادات الحالية للأجهزة الأمنية اللبنانية باقية في مناصبها». وبالتالي، يبدو أن قرار التخلّص من المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج ومدير الاستخبارات في الجيش العميد ريمون عازار وقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان قد اتخذ قبل صدور القرار 1595 (7 نيسان 2005) الذي أنشأ لجنة التحقيق الدولية المستقلة. ذلك القرار الذي كُلّف ديتليف ميليس، على ما يبدو، بإيجاد صيغة لتطبيقه عبر سجن الضبّاط، هو بمثابة إشارة انطلاق لعملية سطو تدريجي لقوى دولية على الضابطة العدلية اللبنانية.
ومن أبرز الدلائل على ذلك السطو المنهجي، ما ورد في مذكرة التفاهم التي وقّعها ميليس عن لجنة التحقيق الدولية ووزير العدل خالد قباني عن الجمهورية اللبنانية في 16 حزيران 2005. لكن قبل الدخول في مراجعة نقدية لمضمون المذكرة، لا بدّ من التذكير بأن القرار 1595 رحّب باستعداد الحكومة اللبنانية «للتعاون التام مع هذه اللجنة في إطار سيادة لبنان ونظامه القانوني»، وقرّر أن مهمة اللجنة تنحصر بـ«مساعدة السلطات اللبنانية في التحقيق الذي تجريه». لكن مثلما اختلفت شروط العمل ومعايير التطبيق بين ما نصّ عليه قرار مجلس الامن الرقم 1757 (2007 إنشاء المحكمة) وبين قواعد الإجراءات والإثبات الخاصّة بالمحكمة الدولية (2009) (كما بيّن مقال يوم أمس)، كذلك نلاحظ تناقضات بين مضمون قرار مجلس الأمن رقم 1595 (2005 إنشاء لجنة التحقيق) ومذكرة التفاهم بين لجنة التحقيق الدولية والجمهورية اللبنانية.
رغم تضمن نصّ المذكرة أنه «يعود للجنة أن تحدد أصول الإجراءات الخاصة بها على أن تأخذ في الاعتبار القانون اللبناني والإجراءات القضائية المعمول بها في لبنان»، تشير الفقرة الخامسة منها الى عدم أخذ القانون والإجراءات القضائية المعمول ﺑﻬما في لبنان بالاعتبار. فيذكر مشاركة «اللجنة في أي تحقيق له صلة بالقضية، سواء تم بناءً على طلبها أو لا» ومنحها حقّ «إعطاء التوجيهات للسلطات المختصة بشأن أي عمل يجب، أو لا يجب، القيام به خلال هذه التحقيقات ﺑﻬدف الحفاظ على الأدلة أو الحصول عليها». لا شكّ في أن ذلك مخالف للقانون ولمبدأ السيادة القضائية. لكن الأمور لا تتوقف عند هذا الحدّ، بل «يمكن أن يشارك قاضي التحقيق العدلي، بناءً على طلب اللجنة وفق ما تراه ضرورياً، في إجراءات التحقيق، بما في ذلك الزيارات إلى مكان الجريمة وفي عمليات التفتيش والبحث وفي استماع الشهادات التي قد تطلبها اللجنة». ماذا بقي إذاً من سلطة المحقق العدلي الذي يعدّه القانون اللبناني من أرفع مراجع التحقيق الجنائي في قضايا تمثّل خطراً على أمن الدولة وسلامتها؟ هل يجوز، بحسب الأصول القانونية والدستورية، أن تُمنح جهة أجنبية صلاحيات تتيح لها «إعطاء التوجيهات للسلطات المختصة»؟
مذكرة التفاهم تنصّ على: «تسلّم جميع ما في حيازة السلطات اللبنانية من أدلة وثائقية ومعلومات مادية أو واردة في شهادة الشهود بشأن القضية وذلك بأقرب وقت ممكن (...) كما تسلّم للجنة أي معلومات وأدلة وثائقية أو مادية أو واردة في شهادة الشهود». فالمطلوب، بمعنى آخر، تسليم كامل ملف التحقيق في ما يشبه التنازل عنه لجهة دولية، بينما يخالف ذلك القرار 1595. المذكرة تتيح كذلك للّجنة «الدخول من دون عائق إلى جميع الأماكن والمؤسسات» من دون تحديد أي استثناء. «جميع الأماكن والمؤسسات» يمكن أن تشمل رئاسة الجمهورية وديوان المحاسبة والأرشيف السرّي للمحفوظات، والمصرف المركزي، وقيادة الجيش وغيرها.

عدد الجمعة ٣٠ تموز ٢٠١٠
الاخبار
القمتان الثلاثية والثنائية: تعويم اتفاق الدوحة والالتزام بعدم اللجوء الى العنف النتائج قريبا وطليعتها بلقاء الحريري - نصرالله عبدالله والاسد وصلا معا وغادرا منفردين وأمير قطر يمضي 3 أيام لبنانية والرئيس السوري: "القمة ممتازة"

02/02/2009 12:58:00 م

كتبت تيريز القسيس صعب: حضن القصر الرئاسي في بعبدا ولأول مرة في تاريخه امس قمتين متتاليتين، اولاهما ثلاثية والثانية ثنائية. "قمة الحدث" الثلاثية التي جمعت الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، الرئيس السوري بشار الاسد واللبناني ميشال سليمان، بحثت في مختلف القضايا في مقدمها ما تشهده الساحة الداخلية من تطورات سياسية، إضافة الى آفاق عملية السلام والاتصالات الجارية في هذا المجال بعد موافقة لجنة المبادرة العربية للسلام الشروع في محادثات عربية - اسرائيلية مباشرة.

كتبت تيريز القسيس صعب:


حضن القصر الرئاسي في بعبدا ولأول مرة في تاريخه امس قمتين متتاليتين، اولاهما ثلاثية والثانية ثنائية.

"قمة الحدث" الثلاثية التي جمعت الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، الرئيس السوري بشار الاسد واللبناني ميشال سليمان، بحثت في مختلف القضايا في مقدمها ما تشهده الساحة الداخلية من تطورات سياسية، إضافة الى آفاق عملية السلام والاتصالات الجارية في هذا المجال بعد موافقة لجنة المبادرة العربية للسلام الشروع في محادثات عربية - اسرائيلية مباشرة.

والقمة الثنائية الثانية ضمت الرئيس سليمان وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني التي لم تبتعد عن الاولى في أهدافها، وان تجاوزتها في المدة الزمنية والجانب "الشعبي" فيها، وبرنامج تحرك الامير القطري.

واللافت في هذا الحدث لم يكن اللقاء الاول الموسع الذي جمع عبدالله، الاسد وسليمان مع رئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وسعد الحريري والوفدين المرافقين السوري والسعودي، انما ما شهدته غرف القصر الرئاسي بعد مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس سليمان على شرف الضيفين العربيين، من لقاءات اما ثنائية أو ثلاثية أو تلك الجانبية.

وعبّرت مصادر سياسية عن ارتياحها الكبير للأجواء التي سادت تلك الاجتماعات والتي من شأنها تنفيس الاحتقان السياسي الداخلي لما له من تأثيرات سلبية على الاوضاع الاقليمية والدولية.

ومن أهم تلك الاجتماعات القمة الثلاثية السعودية - اللبنانية - السورية قبل مأدبة الغداء، والتي دامت نحو نصف ساعة حيث خرج الملك عبدالله لتتحوّل الى قمة ثنائية لبنانية - سورية مدتها ربع ساعة.

كما لفت الاجتماع المطوّل الذي عقد بين الرئيس الاسد ورئيس مجلس النواب نبيه بري بعد الغداء، ثم الاجتماع الذي عقد بين وزير خارجية سورية وليد المعلم والمستشارة السياسية للرئيس السوري بشار الاسد بثينة شعبان مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمد رعد.

ونقلت مصادر عربية ديبلوماسية عن خادم الحرمين قوله إنه جاء والرئيس السوري الى لبنان تأكيداً على أهمية العلاقات العربية - العربية ما ينعكس ايجاباً على لبنان، وشدد على دعم لبنان والحكومة الحريرية لمواجهة كل ما يحاك ضد لبنان.

والمصادر ذاتها أكدت ان نتائج القمة ستتبلور خلال وقت غير بعيد قد لا يتجاوز أسابيع معدودة، وقد تكون اولى طلائعه "لقاء مثمراً" بين رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري وأمين عام "حزب الله" السيّد حسن نصرالله.

وعلى الرغم من الحضور الكثيف للنواب على مختلف انتماءاتهم والشخصيات السياسية والمديرين العامين في حفل الغداء، كان لافتاً مقاطعة وغياب نواب ووزير الكتائب سليم الصايغ في قصر بعبدا، كما لفت ايضاً غياب المصافحات بين المدعوين والزائرين.

لكن في المقابل، فإن النائب ستريدا جعجع التي حضرت مأدبة الغداء لم تخف عتبها على "الخطأ الشكلي" المتمثل بدعوة "رئيسنا سمير جعجع"، وقد خصت في تصريح لها "الضيف الكبير الملك عبدالله" من دون غيره بالمدح والثناء.

كما ان اللافت ايضاً انه ولدى مغادرة الملك عبدالله القصر الرئاسي رافقه الرئيس سليمان حتى مدخل الباب، وكان وجود ستريدا جعجع الى جانب الحريري مع الملك عبدالله لافتاً بحيث دارت دردشة بينهما قبل أن يغادر الملك القصر.

اما الرئيس الاسد الذي بقي في القصر بعد انتهاء مأدبة الغداء، فوصف القمة لدى مغادرته والوفد المرافق القصر الجمهوري بأنها "ممتازة... ممتازة"...

وفيما غابت قضية المحكمة الدولية عن البيان الختامي للقمة، فقد أشارت مصادر ديبلوماسية عربية الى ان الزعيمين السوري والسعودي نوّها بمساعي رئيس الجمهورية في المبادرة والخطوة التي قام بها منذ أيام في تقريب وجهات نظر مختلف الاطراف والاستماع إليها في محاولة لتفكيك الالغام السياسية الداخلية.

وأضافت ان الخلوة الثلاثية أعادت تأكيد وتثبيت الدور الذي يقوم به الرئيس ميشال سليمان في إبقاء الحوار الوطني الداخلي ضمن إطار السياسة المحورية والداعمة للدولة.

وأشارت الى ان القمة الثلاثية تناولت مختلف التطورات المحلية الداخلية، وما أثير في الفترة الماضية عن تصعيد الكلام السياسي الداخلي وتداعيات ذلك على الساحة الخارجية لا سيما وان المنطقة اليوم على قاب قوسين من مغامرات خطرة، وان التهديدات التي تحدق بها عامل رئيس وأساسي لتثبيت وحدة الصف وقيام دولة قوية وحاضنة لأبنائها.

ولفتت المصادر الى ان مرحلة الخطر حول الفتنة تم تجاوزها، وان الاتجاه اليوم هو نحو التسوية الكبرى على قاعدة تستمر العدالة وتستمر الوحدة الوطنية.

ورأت ان الخطاب التصعيدي اليوم قد انتهى بعد هذه القمة، وان الاتجاه اليوم هو للتهدئة يليها ترتيب البيت الداخلي تحت مظلة الامانة العربية بمعنى الحفاظ على العدالة والسلم الاهلي من دون منظومة الامن.

يبقى ان المعلومات الرسمية التي عممت عن قصر بعبدا وضعت مباحثات القمة في "سُبُل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان وتحسين فرص النمو"، وأكد القادة "على استمرار نهج التهدئة بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني والالتزام بعدم اللجوء الى العنف وتغليب المصلحة الوطنية والاحتكام الى حكومة الوحدة الوطنية... واستمرار دمشق والرياض دعم لبنان ورئيسه...
الشرق
سوريا تمنع النقاب في الجامعات «لتجنّب الإرهاب»

خاص بالموقع لا نقاب في مدارس وجامعات سوريا (خالد الحريري - رويترز)انضمت سوريا رسمياً، أمس، إلى نادي الدول التي تحظر النقاب في الجامعات، معتبرةً أن الحظر يأتي تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة. وأكد وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، أن الحكومة أمرت بعدم ارتداء النقاب داخل الجامعات للتعرّف إلى الهويات داخل أروقة الجامعات، تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة.
ولفت نعسان آغا إلى أنه تنفيذاً للقرار، قررت وزارة التعليم العالي نقل جميع المنقّبات إلى العمل في المجال الإداري داخل المؤسسات الحكومية، على اعتبار أنه لا يتطلّب مواجهة الناس، فيما أكد أن الحكومة لن تحظر النقاب نهائياً داخل البلد.
ونقل موقع «دماس بوست» الإلكتروني الخاص عن نعسان آغا قوله إن «النقاب جديد على المجتمع السوري، وأنا شخصياً لا أريد أن يختصر بعض المسلمين قضايا الإسلام في النقاب، ولا سيما أننا نواجه عداءً مريراً للإسلام في بعض بلدان الغرب، وليس من مصلحة الإسلام أن يكون النقاب رسالته إلى العالم».
وأضاف «وشعبنا تفهّم ما حدث، لأن عقيدتنا الإسلامية وما توارثناه يؤيّدان أن وجه المرأة ليس عورة، مع معرفتي بأن بين المتشددين من يرى المرأة كلها عورة، وأنا شخصياً لا أرى ذلك».
وبرر قرار نقل «المنقبات، وعددهن قليل، من سلك التعليم إلى دوائر حكومية أخرى» بالإشارة إلى أن «الرأي التربوي وجد أن عملية التعليم ليست بالصوت وحده، بل هي بتعابير الوجه أيضاً، والوزارة المعنية نقلت المنقبات إلى أعمال إدارية ليس من ضروراتها مواجهة الناس وحفظت لهن كرامتهن».
وقال نعسان آغا «ولأسباب أمنية أيضاً، يجب أن يُتعرّف إلى هوية من يدخل الجامعة ويتحرك في أوساط الطلاب والطالبات. فقد يندسّ معادون أو مجرمون تحت النقاب، ولكنّ حكومتنا لم تصدر قراراً بمنع النقاب في الحياة العامة، فالناس أحرار فيما يلبسون ويرتدون».
وكان مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر حسون قد انتقد ضمناً طريقة معالجة وزارة التربية لموضوع النقاب، ونقل المعلمات إلى وزارة الإدارة المحلية، وتحديداً إلى البلديات.
وقال حسون، خلال ندوة في جامعة الحواش في حمص ضمن فعاليات مهرجان الوادي، «كان من الأفضل معالجة الموضوع بهدوء»، بعدما رأى أن «النقاب عادة تحوّلت إلى عبادة منذ سنين ليست بعيدة».
وكانت الأنباء التي تحدثت عن منع السلطات السورية الطالبات المنقبات من دخول الجامعات قد أثارت جدلاً جماهيرياً، ولا سيما بعد أن امتنع وزير التعليم العالي السوري غياث بركات، الأسبوع الماضي، عن تأكيد القرار، وإشارته إلى أن الحكومة تفضّل أن يأخذ المجتمع زمام المبادرة في محاربة التطرف، فيما أكد موظف إداري في إحدى الجامعات أن جامعته تلقّت أمراً من هيئة حكومية لم يحددها بمنع دخول الطالبات المنقبات.

الاخبار
سوريا تمنع النقاب في الجامعات «لتجنّب الإرهاب»

خاص بالموقع لا نقاب في مدارس وجامعات سوريا (خالد الحريري - رويترز)انضمت سوريا رسمياً، أمس، إلى نادي الدول التي تحظر النقاب في الجامعات، معتبرةً أن الحظر يأتي تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة. وأكد وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، أن الحكومة أمرت بعدم ارتداء النقاب داخل الجامعات للتعرّف إلى الهويات داخل أروقة الجامعات، تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة.
ولفت نعسان آغا إلى أنه تنفيذاً للقرار، قررت وزارة التعليم العالي نقل جميع المنقّبات إلى العمل في المجال الإداري داخل المؤسسات الحكومية، على اعتبار أنه لا يتطلّب مواجهة الناس، فيما أكد أن الحكومة لن تحظر النقاب نهائياً داخل البلد.
ونقل موقع «دماس بوست» الإلكتروني الخاص عن نعسان آغا قوله إن «النقاب جديد على المجتمع السوري، وأنا شخصياً لا أريد أن يختصر بعض المسلمين قضايا الإسلام في النقاب، ولا سيما أننا نواجه عداءً مريراً للإسلام في بعض بلدان الغرب، وليس من مصلحة الإسلام أن يكون النقاب رسالته إلى العالم».
وأضاف «وشعبنا تفهّم ما حدث، لأن عقيدتنا الإسلامية وما توارثناه يؤيّدان أن وجه المرأة ليس عورة، مع معرفتي بأن بين المتشددين من يرى المرأة كلها عورة، وأنا شخصياً لا أرى ذلك».
وبرر قرار نقل «المنقبات، وعددهن قليل، من سلك التعليم إلى دوائر حكومية أخرى» بالإشارة إلى أن «الرأي التربوي وجد أن عملية التعليم ليست بالصوت وحده، بل هي بتعابير الوجه أيضاً، والوزارة المعنية نقلت المنقبات إلى أعمال إدارية ليس من ضروراتها مواجهة الناس وحفظت لهن كرامتهن».
وقال نعسان آغا «ولأسباب أمنية أيضاً، يجب أن يُتعرّف إلى هوية من يدخل الجامعة ويتحرك في أوساط الطلاب والطالبات. فقد يندسّ معادون أو مجرمون تحت النقاب، ولكنّ حكومتنا لم تصدر قراراً بمنع النقاب في الحياة العامة، فالناس أحرار فيما يلبسون ويرتدون».
وكان مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر حسون قد انتقد ضمناً طريقة معالجة وزارة التربية لموضوع النقاب، ونقل المعلمات إلى وزارة الإدارة المحلية، وتحديداً إلى البلديات.
وقال حسون، خلال ندوة في جامعة الحواش في حمص ضمن فعاليات مهرجان الوادي، «كان من الأفضل معالجة الموضوع بهدوء»، بعدما رأى أن «النقاب عادة تحوّلت إلى عبادة منذ سنين ليست بعيدة».
وكانت الأنباء التي تحدثت عن منع السلطات السورية الطالبات المنقبات من دخول الجامعات قد أثارت جدلاً جماهيرياً، ولا سيما بعد أن امتنع وزير التعليم العالي السوري غياث بركات، الأسبوع الماضي، عن تأكيد القرار، وإشارته إلى أن الحكومة تفضّل أن يأخذ المجتمع زمام المبادرة في محاربة التطرف، فيما أكد موظف إداري في إحدى الجامعات أن جامعته تلقّت أمراً من هيئة حكومية لم يحددها بمنع دخول الطالبات المنقبات.

الاخبار

سوريا تمنع النقاب في الجامعات «لتجنّب الإرهاب»

خاص بالموقع لا نقاب في مدارس وجامعات سوريا (خالد الحريري - رويترز)انضمت سوريا رسمياً، أمس، إلى نادي الدول التي تحظر النقاب في الجامعات، معتبرةً أن الحظر يأتي تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة. وأكد وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، أن الحكومة أمرت بعدم ارتداء النقاب داخل الجامعات للتعرّف إلى الهويات داخل أروقة الجامعات، تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة.
ولفت نعسان آغا إلى أنه تنفيذاً للقرار، قررت وزارة التعليم العالي نقل جميع المنقّبات إلى العمل في المجال الإداري داخل المؤسسات الحكومية، على اعتبار أنه لا يتطلّب مواجهة الناس، فيما أكد أن الحكومة لن تحظر النقاب نهائياً داخل البلد.
ونقل موقع «دماس بوست» الإلكتروني الخاص عن نعسان آغا قوله إن «النقاب جديد على المجتمع السوري، وأنا شخصياً لا أريد أن يختصر بعض المسلمين قضايا الإسلام في النقاب، ولا سيما أننا نواجه عداءً مريراً للإسلام في بعض بلدان الغرب، وليس من مصلحة الإسلام أن يكون النقاب رسالته إلى العالم».
وأضاف «وشعبنا تفهّم ما حدث، لأن عقيدتنا الإسلامية وما توارثناه يؤيّدان أن وجه المرأة ليس عورة، مع معرفتي بأن بين المتشددين من يرى المرأة كلها عورة، وأنا شخصياً لا أرى ذلك».
وبرر قرار نقل «المنقبات، وعددهن قليل، من سلك التعليم إلى دوائر حكومية أخرى» بالإشارة إلى أن «الرأي التربوي وجد أن عملية التعليم ليست بالصوت وحده، بل هي بتعابير الوجه أيضاً، والوزارة المعنية نقلت المنقبات إلى أعمال إدارية ليس من ضروراتها مواجهة الناس وحفظت لهن كرامتهن».
وقال نعسان آغا «ولأسباب أمنية أيضاً، يجب أن يُتعرّف إلى هوية من يدخل الجامعة ويتحرك في أوساط الطلاب والطالبات. فقد يندسّ معادون أو مجرمون تحت النقاب، ولكنّ حكومتنا لم تصدر قراراً بمنع النقاب في الحياة العامة، فالناس أحرار فيما يلبسون ويرتدون».
وكان مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر حسون قد انتقد ضمناً طريقة معالجة وزارة التربية لموضوع النقاب، ونقل المعلمات إلى وزارة الإدارة المحلية، وتحديداً إلى البلديات.
وقال حسون، خلال ندوة في جامعة الحواش في حمص ضمن فعاليات مهرجان الوادي، «كان من الأفضل معالجة الموضوع بهدوء»، بعدما رأى أن «النقاب عادة تحوّلت إلى عبادة منذ سنين ليست بعيدة».
وكانت الأنباء التي تحدثت عن منع السلطات السورية الطالبات المنقبات من دخول الجامعات قد أثارت جدلاً جماهيرياً، ولا سيما بعد أن امتنع وزير التعليم العالي السوري غياث بركات، الأسبوع الماضي، عن تأكيد القرار، وإشارته إلى أن الحكومة تفضّل أن يأخذ المجتمع زمام المبادرة في محاربة التطرف، فيما أكد موظف إداري في إحدى الجامعات أن جامعته تلقّت أمراً من هيئة حكومية لم يحددها بمنع دخول الطالبات المنقبات.

الاخبار
سوريا تمنع النقاب في الجامعات «لتجنّب الإرهاب»

خاص بالموقع لا نقاب في مدارس وجامعات سوريا (خالد الحريري - رويترز)انضمت سوريا رسمياً، أمس، إلى نادي الدول التي تحظر النقاب في الجامعات، معتبرةً أن الحظر يأتي تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة. وأكد وزير الثقافة السوري رياض نعسان آغا، أن الحكومة أمرت بعدم ارتداء النقاب داخل الجامعات للتعرّف إلى الهويات داخل أروقة الجامعات، تجنّباً لـ«الأعمال الإرهابية» وحفاظاً على «الحالة الأمنية» في الجامعة.
ولفت نعسان آغا إلى أنه تنفيذاً للقرار، قررت وزارة التعليم العالي نقل جميع المنقّبات إلى العمل في المجال الإداري داخل المؤسسات الحكومية، على اعتبار أنه لا يتطلّب مواجهة الناس، فيما أكد أن الحكومة لن تحظر النقاب نهائياً داخل البلد.
ونقل موقع «دماس بوست» الإلكتروني الخاص عن نعسان آغا قوله إن «النقاب جديد على المجتمع السوري، وأنا شخصياً لا أريد أن يختصر بعض المسلمين قضايا الإسلام في النقاب، ولا سيما أننا نواجه عداءً مريراً للإسلام في بعض بلدان الغرب، وليس من مصلحة الإسلام أن يكون النقاب رسالته إلى العالم».
وأضاف «وشعبنا تفهّم ما حدث، لأن عقيدتنا الإسلامية وما توارثناه يؤيّدان أن وجه المرأة ليس عورة، مع معرفتي بأن بين المتشددين من يرى المرأة كلها عورة، وأنا شخصياً لا أرى ذلك».
وبرر قرار نقل «المنقبات، وعددهن قليل، من سلك التعليم إلى دوائر حكومية أخرى» بالإشارة إلى أن «الرأي التربوي وجد أن عملية التعليم ليست بالصوت وحده، بل هي بتعابير الوجه أيضاً، والوزارة المعنية نقلت المنقبات إلى أعمال إدارية ليس من ضروراتها مواجهة الناس وحفظت لهن كرامتهن».
وقال نعسان آغا «ولأسباب أمنية أيضاً، يجب أن يُتعرّف إلى هوية من يدخل الجامعة ويتحرك في أوساط الطلاب والطالبات. فقد يندسّ معادون أو مجرمون تحت النقاب، ولكنّ حكومتنا لم تصدر قراراً بمنع النقاب في الحياة العامة، فالناس أحرار فيما يلبسون ويرتدون».
وكان مفتي سوريا الشيخ أحمد بدر حسون قد انتقد ضمناً طريقة معالجة وزارة التربية لموضوع النقاب، ونقل المعلمات إلى وزارة الإدارة المحلية، وتحديداً إلى البلديات.
وقال حسون، خلال ندوة في جامعة الحواش في حمص ضمن فعاليات مهرجان الوادي، «كان من الأفضل معالجة الموضوع بهدوء»، بعدما رأى أن «النقاب عادة تحوّلت إلى عبادة منذ سنين ليست بعيدة».
وكانت الأنباء التي تحدثت عن منع السلطات السورية الطالبات المنقبات من دخول الجامعات قد أثارت جدلاً جماهيرياً، ولا سيما بعد أن امتنع وزير التعليم العالي السوري غياث بركات، الأسبوع الماضي، عن تأكيد القرار، وإشارته إلى أن الحكومة تفضّل أن يأخذ المجتمع زمام المبادرة في محاربة التطرف، فيما أكد موظف إداري في إحدى الجامعات أن جامعته تلقّت أمراً من هيئة حكومية لم يحددها بمنع دخول الطالبات المنقبات.

الاخبار
الرئيس السوري لبري: الحفاظ على وحدة لبنان ووفاقه واستقراره في مواجهة المشاريع الإسرائيلية
قمة عبد الله ـ الأسد في بيروت: سحب «الاتهام» يمنع الفتنة

أميـر اتفـاق الدوحـة يـضيـف جـهــده إلـى «ثـلاثيـة بيـروت» ... انطـلاقـاً مـن الجنـوب

على مدى أربع ساعات استغرقتها القمة الثلاثية ضمنها ترتيبات الاستقبال والوداع والغداء واللقاءات الأجنبية، تبدّى وكأن الزيارة المزدوجة للملك عبد الله بن عبد
العزيز والرئيس بشار الأسد قد نقلت أو هي مهّدت لنقل لبنان من مناخ موبوء يهدد وحدته واستقراره، إلى شيء من الاسترخاء بعد توكيد الرعاية العربية (الثنائية)
لأموره جميعاً، السياسية أساساً، ومن ثم الأمنية وسائر أسباب الاطمئنان إلى الغد.
وفّرت القمة لكل طرف ما يطلبه: للحكم تثبيت شرعيته والاستعداد لمساعدته، للرئيس سعد الحريري ضمانات حمايته وموقعه وحكومته ودوره بعدما أرخى الملك عبد الله عباءته
فوق بيت الوسط، بكل الحشد الواضح الصبغة الذي دعي إليه ليسمع ما يطمئنه بإبعاد شبح الفتنة عنه وعن شركائه في الوطن.
من الواضح أن الضمانة كانت ثنائية، خصوصاً أن الرئيس بشار الأسد قد غمر بها الرئيس سعد الحريري خلال لقاءاته المتعددة والمباشرة معه في دمشق.
بالمقابل، فإن القائدين العربيين الكبيرين كانا قد توصلا إلى التفاهم في ما بينهما على كل ما يطمئن «حزب الله» إلى أنه لن يُترك فريسة الاستهداف السياسي الذي
تشارك فيه أطراف دولية وعربية عدة فضلاً عن إسرائيل التي كلفت نفسها بإعداد القرار الظني بتجريمه، في محاولة مكشوفة للنفخ في رياح الفتنة، بما يخدم جهودها المنهجية
لتصفية القضية الفلسطينية.
لقد جاء الملك عبد الله والرئيس الأسد إلى لبنان معاً بعدما أنجزا صياغة مشروع تفاهم سياسي حول ما يحفظ سلامة هذا الوطن الصغير، وأساساً حول كيفية التعامل مع
موضوع المحكمة الدولية والتسريبات المشبوهة حول القرار الظني والتي تشارك في نسجها جهات دولية عديدة وإن تُرك لإسرائيل ـ باعتبارها الأعرف بـ«حزب الله» نتيجة
المواجهات التي لم تتوقف معه منذ ربع قرن أو يزيد ـ.
وبالتأكيد فإن الأطراف المعنية، وبالتحديد الدولة والحكومة (والرئيس سعد الحريري بشكل خاص) و«حزب الله» باتوا يعرفون جوهر التفاهم الذي يفترض أن يخرج اللبنانيين
من إسار خوفهم على وطنهم الصغير الذي تتهدده الفتنة.

وفي انتظار معلومات تفصيلية عن هذا التفاهم فإن اللبنانيين قد استعادوا شيئاً من الطمأنينة إلى أن «أهلهم لم ولن يتخلوا عنهم» ولسوف يساعدونهم على الخروج من
المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه نتيجة الاستثمار السياسي لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
لقد التقط اللبنانيون أنفاسهم، واستعانوا بصور اللقاءات والمصافحات والإيماءات بعدما تعذر عليهم الاستماع إلى كلام رسمي مباشر وصريح... قال بعضهم لبعض آخر:
ما كان الملك والرئيس ليجيئا إلينا معاً لو أنهما اختلفا على جوهر مسألتنا. وقال بعض آخر: لقد تكفل الملك بفريق والرئيس بفريق وكلاهما معاً بالدولة لإشاعة جو
مطمئن ومريح، بعد كشح الجو المقلق الذي ساد خلال الأسبوعين الماضيين، والذي حاولت إسرائيل أن تزيده التهاباً بتبرعها بسلسلة من الأخبار التفصيلية عن القرار
الظني وكأن حكومتها هي من سوف يكتبه.
بعد القمة الثلاثية جاء أمير قطر فإذا الاستقبال الرسمي في المطار يتحول إلى لقاء اجتماعي فاخر وحاشد من حول مائدة العشاء الرئاسية في القصر الجمهوري.
ومع أن التزامن في المواعيد لم يكن مخططاً له أو مقصوداً فإن قدوم أمير قطر، صاحب الدور المعروف في اتفاق الدوحة، قد عمّق الشعور بالاطمئنان إلى أن لبنان يحظى
برعاية عربية فائقة للخروج من الأزمة التي كان يُراد لها أن تفجّر أوضاعه بالفتنة، في ظل ما تبدّى من خلافات عربية ـ عربية بدا وكأنها تقسم العرب إلى معسكرين
متواجهين فوق أرضه.
وقد اختار الشيخ حمد أن يكون، اليوم، ضيف الجنوب، في خطوة لم يسبقه إليها أحد من القادة والزعماء العرب حتى الآن، حيث سينتقل برفقة الرئيس سليمان إلى بنت جبيل
ومنها إلى الخيام فالمصيلح مروراً بدير ميماس.
تفاصيل المحادثات
وفيما أكد مصدر وثيق الصلة برئيس الحكومة سعد الحريري لـ«السفير» ان الجو «إيجابي جدا»، علم ان الاتصالات التي جرت بين الجانبين السوري والسعودي في دمشق، دخلت
في تفاصيل الالتباسات التي شاعت في لبنان حول المحكمة الدولية والقرار الاتهامي. وتوقف الجانبان عند الحساسية الخطيرة التي تشوب الواقع اللبناني وتركيبته القابلة
للاهتزاز تحت أي عنوان خلافي، ولذلك، فإن الجانبين انطلقا في المباحثات بروحية النأي بالساحة اللبنانية عن تجرّع الكؤوس المرّة.
وقالت مصادر متابعة إن موضوع المحكمة الدولية لم يطرح في اللقاء الموسع بين الرئيس الاسد والملك عبد الله بل خلال المحادثات الثنائية التي استمرت حتى ساعة متقدمة
ليلا، وأفضت الى صيغة مخرج، أملت زيارة سريعة قام بها الامير عبد العزيز بن عبد الله الى بيروت ليل الخميس ـ الجمعة موفدا من الملك، حيث التقى رئيس الحكومة
سعد الحريري وتم استعراض بعض الصيغ لكيفية الخروج من المأزق، والتي تم تداول بعضها نهار أمس وقبيل وصول الملك السعودي والرئيس السوري، مع رئيس المجلس النيابي
نبيه بري وقيادة «حزب الله».
وعلمت «السفير» أن الصيغة المخرج التي طُرحت تقضي بتأجيل إصدار القرار الظني، على أن تجري خلال الفترة الفاصلة محاولة لإيجاد مخرج للموضوع، وهذه الصيغة رُفضت
من قبل «حزب الله».
وعلم ان اللقاء الذي عقد بين وزير الخارجية السورية وليد المعلم وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، تلته خلوة ضمت وزير الخارجية السورية والمستشارة
الاعلامية والسياسية للرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والنائب فضل الله والمعاون السياسي لرئيس حركة «امل» النائب
علي حسن خليل.
وقالت مصادر المجتمعين ان المعلم وشعبان أطلعا المجتمعين على اجواء القمة السورية السعودية، وأكدا ان الموضوع اللبناني كان الاساس في محادثات دمشق. وعكس كل
من المعلم وشعبان الموقف السوري الثابت حيال المقاومة، ورفض المساس بها باعتبار انها من عناصر القوة والاستقرار والسيادة للبنان كما لسوريا، وهو أمر اكده الرئيس
الاسد امام الملك عبد الله.
وكشفت المصادر ان ما طرح من صيغ ومعالجات في موضوع المحكمة انطلق من حرص سعودي سوري على النأي بلبنان عن أية توترات، وقالت ان الأولوية لدى الجانب السعودي كانت
الحفاظ بالدرجة الاولى على حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها سعد الحريري، وعدم تعريضها لأي اهتزاز.
وفيما تحدثت المصادر عن رغبة سعودية بتلقي ضمانات حيال الموضوع الامني والحكومة، أشارت من جهة ثانية، الى وعود قطعها الجانب السعودي بالسعي لايجاد المخرج الملائم
للأزمة الناشئة في لبنان حول القرار الظني والمحكمة الدولية.
وقال أحد نواب تيار المستقبل لـ«السفير» ان البيان المشترك عن القمة الثلاثية اعطى غطاء سوريا سعوديا للاستقرار في لبنان، وتطمينا للفرقاء جميعا، وشكلت الزيارة
التي قام بها الملك عبد الله بن عبد العزيز الى بيت الوسط، اشارة بالغة الدلالة في هذا السياق.
وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله لـ«السفير» ان حجم المخاطر المتأتية عن المشروع الاسرائيلي، استدعت هذه الزيارة العربية والحضور العربي في
لبنان، وأشار الى ان موقف حزب الله، هو موقف مرحب بكل تلاق عربي وتنسيق عربي في مواجهة ودرء مخاطر الاستهداف الاسرائيلي للبنان الذي بدأ يطل من خلال القرار
الظني الذي صدر بالأمس في اسرائيل.
وحول المناخات الايجابية قال: نحن نرى ضرورة ان تقترن بنتائج ايجابية وخطوات عملية تحصن لبنان من الاستهداف الاسرائيلي لوحدته الداخلية واستقراره السياسي والأمني.

وقال مصدر مطلع لـ«السفير» ان ضخ المناخات الايجابية بعد قمة الاسد وعبد الله في بيروت هو أمر بديهي ذلك أنه ليس من مصلحة الجانبين الأكثر تأثيرا في الساحة
اللبنانية أن يزورا بيروت وأن يكون المردود سلبيا، لكن الثغرة الحاصلة مفادها أنه في موازاة المناخات الايجابية لم يلمس أحد من المشاركين في المحادثات والمشاورات
أية مفردات تترجم الكلام السياسي المطمئن من هنا وهناك، وبالتالي قد يكون البعض يريد أن يعطي فسحة للقاء يمكن أن يحصل قريبا بين السيد حسن نصر الله والرئيس
سعد الحريري، علما أن رئيس الحكومة أبلغ مجلس الوزراء، مساء يوم الأربعاء الماضي أنه سيسافر بعد المشاركة باحتفال عيد الجيش في اجازة عائلية الى سردينيا لمدة
عشرة أيام، أي الى منتصف شهر آب!
ودعا المصدر الى ترقب ما يمكن ان يصدر عن الاجتماع الموسع الذي ستعقده قيادات 14 آذار، وكذلك خطاب الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الثلاثاء المقبل...

بيان الثلاثية: مصلحة لبنان أولا
وجاء بيان القمة الثلاثية السعودية السورية اللبنانية، تكريسا للمنحى الذي اعتمدته قمة دمشق بين الرئيس الاسد والملك عبد الله، حيث نوه القادة الثلاثة بالتطورات
الإيجابية التي حصلت على الساحة اللبنانية منذ اتفاق الدوحة»، وأكدوا على «استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنية ودرء الأخطار الخارجية»، وأعلنوا
عن «تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات إسرائيل وخروقاتها اليومية لسيادته واستقلاله وسعيها لزعزعة استقراره».
وأكد القادة «أهمية الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف وتغليب مصلحة
لبنان العليا على أي مصلحة فئوية، والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات الدستورية وإلى حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات».
وأكد الزعيمان السوري والسعودي «استمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما فيه مصلحة اللبنانيين». وشدد القادة على «مواجهة ما يحاك للمنطقة العربيّة من دسائس ومؤامرات
لإرباكها بالفتن الطائفيّة والمذهبيّة، والتي لن تكون أيّ دولة عربيّة بمنأى عن تداعياتها، وهي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك».
وفيما اكتفى الرئيس السوري بشار الاسد بالقول بعد القمة ان الاجواء كانت ممتازة جدا، ذكرت وكالة الانباء السورية «سانا» أن الأسد استعرض مع الرئيس نبيه بري
في القصر الجمهوري، «التطورات الايجابية للعلاقات السورية اللبنانية وأهمية ما تم انجازه وما يجب البناء عليه ليرقى باستمرار إلى المستوى الذي يلبي طموحات الشعبين
الشقيقين ويخدم مصالحهما المشتركة».
وأكد الرئيس الأسد «أهمية الحفاظ على وحدة لبنان ووفاق بنيه وأمنه واستقراره ومناعته في مواجهة المشاريع الاسرائيلية».
السفير
حسابات من نسي أن «السيّد» هو من دعا «الرئيس»...
جان عزيز
ثمة إجماع على ضرورة إعطاء بعض الوقت لتظهير نتائج لقاءات بيروت يوم أمس، لكن الإشارات والدلائل عليها ليست بقليلة، وهي حتى هذه اللحظة لا توحي بالتفاؤل. فالانطباع العام أن المحكمة الدولية تحولت منذ فترة ملحوظة إلى الحرب البديلة لإسرائيل على حزب الله، أو التعويض لها عن الحرب العسكرية المستحيلة، ما يفسر هذا الدأب الإسرائيلي على «الاستثمار» في الموضوع. فضلاً عن هذه المفارقة في قدرة الإسرائيلي على معرفة أسرار التحقيق الدولي، وكشف خفاياه قبل سواه، والمواكبة الحية لما يفترض أن يكون من المعلومات الميتة...
أوساط قيادية في حزب الله تملك التفسير المنطقي لهذا الواقع: أن يكون الإسرائيليون على اتصال كامل وعضوي مع كامل تركيبة التحقيق الدولي، منذ بداياته وتأسيسه. لذلك، لا تستبعد الأوساط نفسها أن يعمد الإسرائيليون في الأيام المقبلة، وطوال الفترة الفاصلة عن موعد ما يسمى «القرار الاتهامي الدولي»، إلى رمي المزيد من «القنابل الدخانية» ومن المعلومات ــــــ العبوات حول التحقيق والقرار والمحكمة...
غير أن ما يبدو مفهوماً، وإن كان غير مقبول، من الجانب الإسرائيلي، يقع في خانتي اللامفهوم واللامقبول معاً، من الجانب اللبناني. فإذا كانت حسابات العدو معروفة في هذا المجال، فماذا هي في المقابل حسابات الشريك في الوطن والمواطنة والدولة والسلطة والحكم؟
يروي المطلعون على سبيل المثال، أن حصيلة لقاء رئيس الحكومة سعد الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، الحاج حسين خليل، مساء الثلاثاء الماضي، لم تكن إيجابية على الإطلاق. ففي الوقائع، بدا سيد السرايا الكبيرة واقفاً عند كليشيهات جوامد، من نوع الإجماع على ضرورة قيام المحكمة الدولية، وصدقية عملها، وعدم التشكيك في ما لديها من أدلة، وانتظار نتائجها، والتنظير للفارق بين قضاء التحقيق وقضاء المحاكمة. ففي الأول، يكون الشك أو الظن لغير مصلحة المشتبه فيه. أما في الثاني، فيصيران لمصلحته في غياب اليقين القاطع...
لكن تحت هذا الكلام، وفي خلفياته البعيدة، أي حسابات تكمن، وخصوصاً في ظل موازين قوى فعلية على الأرض، يفترض أن تكون مغايرة للأداء السياسي الحالي للفريق الحريري؟
المعنيون يطرحون الحسابات الفرضية الآتية:
أولاً، أن يكون الرهان على استدراج حزب الله إلى الصراع العنفي والدموي الداخلي، استمراراً للحساب القديم الدائم، في أن تحويل سلاح المقاومة إلى سلاح ميليشيا، يعني القضاء عليه نهائياً. مهما كانت النتيجة العسكرية لهذا النزاع. فهو إذا ما دخل في حالة استنزاف خسر، وإذا ما فاز وحسم، على طريقة «حماس» في غزة، خسر أيضاً...
ثانياً، أن يكون استدراج نفسه، وسيلة من وسائل إضعاف التركيبة السياسية الحاضنة لحزب الله؛ إذ إن حشر «الحزب» في موقع «المتهم»، ودفعه إلى الدفاع عن نفسه بكل الوسائل المتاحة له، يؤديان وفق الحسابات نفسها، إلى إظهار صورة مختلفة له في الداخل اللبناني. وهي صورة يفترض أن تخلق أزمة علائقية بينه وبين البيئات اللبنانية الأخرى. فتضعف بالتالي حلفاءه وأصدقاءه، وتزيد من عزلته اللبنانية تمهيداً لضربه وضربهم.
ثالثاً، أن يكون المخطط نفسه استدراجاً حتى لسوريا، نحو الداخل اللبناني. وفق سيناريو التفجير المذهبي في بيروت، الذي لا يمكن دمشق أن تكون بمنأى عن شظاياه. عندها ثمة طرف دولي يكون جاهزاً لعرض «الصفقة الشاملة» على سوريا مرة جديدة: من بغداد وغزة، إلى بيروت. ولا ضير عند الطرف الدولي المعني، أن يكون الثمن «تلزيماً» جديداً للملف اللبناني إلى سوريا. على طريقة عام 1971، التي سمحت بالتمهيد لكامب دايفيد. وعلى طريقة عام 1990 التي أطلقت عملية مدريد. وخصوصاً بعدما ثبت أن هذا التلزيم قابل للتحويل في أي لحظة، إلى فخّ لسوريا، بقدر ما هو مشكلة للبلدين...
رابعاً، أن يكون الرهان لا يزال قائماً على وهم تفكيك حلقة وحدة أو أكثر، من الجسر المترابط بين طهران ودمشق وحارة حريك. وهو وهم يؤكد المعنيون أنهم لمسوا بعض خيوطه في محادثات الأيام الماضية، من نوع التشديد على المحكمة، والتشديد في الوقت نفسه على متانة العلاقة مع الرئيس الأسد شخصياً. «فيما يتناسى هؤلاء أن ما بين السيد والرئيس ليس بين أي كان ممن يعرفون الاثنين، ويتناسون أن السيد هو من دعا الرئيس الأسد لزيارة بيروت»، كما يقول المعنيون...
حسابات أو أوهام... وحده الوقت القريب يفصل بين الاثنين.

عدد السبت ٣١ تموز ٢٠١٠
الاخبار
الحريري يتواصل مع «حزب الله»... تمريراً لزيارة عبد الله

غاصب المختار

أدرك الرئيس سعد الحريري ولو متأخراً خطر ما يُحضّر للبنان والمنطقة، من خلال اتهام أفراد في «حزب الله» باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فطلب التواصل مع
«حزب الله»، لمناقشة مسألة التسريبات حول القرار الظني المرتقب، ولعل هناك من أسرّ الى الحريري بوجوب المعالجة الداخلية للأزمة، بعدما دخلت القوى الاقليمية
المعنية بالوضع اللبناني على خط المعالجة الاوسع، نظرا لما يمكن أن يرتبه اتهام «حزب الله» في مثل هذه الجريمة من نتائج أكبر من ان يتحملها لبنان والدول الراعية
للاستقرار فيه.
وفي المعلومات أن الرئيس ميشال سليمان عندما استقبل الاسبوع الماضي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، استمع منه بالتفصيل الى موقف «حزب الله» من هذه
الحملة المستجدة على المقاومة وأهدافها المحلية والبعيدة، وهو موقف لم يعد مخفيا وقد عبّر عنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أكثر من مرة مؤخرا، وهو
سيمضي في التعبيرعنه بشكل أكثر تفصيلا في مرحلة لاحقة.
وقد اتصل سليمان بالـحريري وأبلــغه بموقف الحزب مما يجري وضرورة إيجاد المخارج للأزمة، وكان جواب الحريري أن مثل هذه المسألة كان يجب أن يبحثها «حزب الله»
معه شخصيا عبر التواصل المباشر، وهذا الأمر عبر عنه ايضا الحريري في لقائه الاخير مع النائب سليمان فرنجية.
وتضيف المعلومات، أن النائب وليد جنبلاط وبعد اجتماعه الأخير مع السيد حسن نصر الله شدد على أهمية التواصل بين قيادة «حزب الله» ورئيس الحكومة، وهو الأمر نفسه
الذي عاد وكرره أمام رئيس الحكومة مباشرة، أو من خلال موفدين، وكان جواب الحريري في إحدى المرات أنه لن يطلب موعدا من «السيد» وأن موقع رئاسة الحكومة له هيبته!

وتشير المعلومات إلى أن رئيس الجمهورية نصح قيادة «حزب الله» باستمرار التواصل والحوار مع رئاسة الحكومة. وقدم نصيحة مماثلة للحريري.
في ظل هذا المناخ من النصائح الآتية من أكثر من طرف، وعشية زيارة العاهل السعودي الى بيروت، حصل اللقاء بين الحريري والمعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج
حسين الخليل، على مدى أكثر من ساعة، بناء على طلب الاول، وتخلله عتاب متبادل وتوافق على استمرار الحوار ووجوب انتظار نتائج الزيارات العربية الى بيروت.
وذكرت مصادر مطلعة أن اللقاء بين الحريري والخليل كان ايجابيا من حيث إعلان رئيس الحكومة تفهمه لمخاوف «حزب الله» من «طبخة القرار الظني»، وأبدى استعداداً كبيرا
لحفظ استقرار البلد، لا سيما أنه سبق أن أعلن انه سيرفض أي قرار ظني أياً كان غير مقرون بأدلة واضحة ودقيقة، خاصة بعدما شرح الخليل ان «الحبكة التي بُني عليها
القرار الظني قائمة على موضوع الاتصالات، والتي ثبت بعد اكتشاف العملاء في شبكة الهاتف الخلوي «ألفا» إمكان اختراقها والتلاعب بها».
وتعتقد أوساط متابعة أن المشاروات السورية ـ السعودية استعادت زخمها، بالتواصل مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي تشاور في الآونة الأخيرة أكثر من مرة مع
نظيره السوري، فيما كان الأمير عبد العزيز بن عبد الله ينسق على خط الرياض ـ دمشق، وتحديدا ما يتصل بموضوع لبنان، واتفقت الاطراف الثلاثة على زيارة الملك عبد
الله الى بيروت لساعات قليلة لتبريد الاجواء وتثبيت الاستقرار السياسي والأمني، على أن تتزامن مع زيارة الرئيس بشار الاسد ايضا، خاصة أن «حزب الله» رفض بلسان
أمينه العام أي تسوية أو تفاوض يُبقي التهمة ولو على ما سمي «عناصر غير منضبطة» من الحزب. ولم تستبعد بعض المصادر حصول لقاء بين القيادتين السعودية والسورية
والسيد نصر الله للبحث في هذه الازمة، إذا تمت فعلا زيارة الرئيس الاسد مع الملك عبد الله اليوم.
وعلى خط موازٍ، تعتبر أوساط رسمية متابعة أن أياً من الدول العربية والاقليمية المعنية بالوضع اللبناني ومنها ايران وتركيا، لا تستطيع أن تحتمل تغييراً كبيرا
في «الستاتيكو» القائم حاليا في المنطقة، حيث لكل دولة حساباتها ومصالحها واتصالاتها، لأن التغيير قد يفرض عليها مترتبات سياسية وإجرائية هي غير مستعدة لها
حاليا، كما أن قرارا مثل القرار الظني الذي يتم التسويق له بحق عناصر من «حزب الله» من شأنه أن يخلق تداعيات كبيرة على المنطقة كلها لا على «حزب الله» فقط،
ما دفع الى إعادة درس الحسابات السياسية، خاصة أن أي خطوة سلبية في لبنان تتعلق بالمقاومة لن تقتصر نتائجها على لبنان بل سيكون لها تأثيرات إقليمية بســبب موازين
القوى المترابطة والمتصارعة فيها.
وذكرت أوساط قيادية في «حزب الله» أن الحزب ينتظر تظهير هذه الاجواء الايجابية في زيارة الملك عبد الله، من أجل أن يبنى على الشيء مقتضاه، فإن طويت الصفحة كان
ذلك خيرا للبلد، واذا لم تنتج الزيارة حلولا جذرية، فسيواصل السيد نصر الله هجومه السياسي «لتأكيد تسييس المحكمة بالادلة والبراهين القاطعة»، لأن أية محاولة
لتأجيل القرار الظني تعني تأجيل المشكل وزيادة التوتر والاحتقان السياسي والاعلامي، وبالتالي سيجد الطرف الظرف المناسب له أو لقوى إقليمية من أجل إعادة تزخيم
الملف أو كسر القواعد مستقبلا.
غاصب المختار
السفير
الحريري يتواصل مع «حزب الله»... تمريراً لزيارة عبد الله

غاصب المختار

أدرك الرئيس سعد الحريري ولو متأخراً خطر ما يُحضّر للبنان والمنطقة، من خلال اتهام أفراد في «حزب الله» باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فطلب التواصل مع
«حزب الله»، لمناقشة مسألة التسريبات حول القرار الظني المرتقب، ولعل هناك من أسرّ الى الحريري بوجوب المعالجة الداخلية للأزمة، بعدما دخلت القوى الاقليمية
المعنية بالوضع اللبناني على خط المعالجة الاوسع، نظرا لما يمكن أن يرتبه اتهام «حزب الله» في مثل هذه الجريمة من نتائج أكبر من ان يتحملها لبنان والدول الراعية
للاستقرار فيه.
وفي المعلومات أن الرئيس ميشال سليمان عندما استقبل الاسبوع الماضي رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، استمع منه بالتفصيل الى موقف «حزب الله» من هذه
الحملة المستجدة على المقاومة وأهدافها المحلية والبعيدة، وهو موقف لم يعد مخفيا وقد عبّر عنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أكثر من مرة مؤخرا، وهو
سيمضي في التعبيرعنه بشكل أكثر تفصيلا في مرحلة لاحقة.
وقد اتصل سليمان بالـحريري وأبلــغه بموقف الحزب مما يجري وضرورة إيجاد المخارج للأزمة، وكان جواب الحريري أن مثل هذه المسألة كان يجب أن يبحثها «حزب الله»
معه شخصيا عبر التواصل المباشر، وهذا الأمر عبر عنه ايضا الحريري في لقائه الاخير مع النائب سليمان فرنجية.
وتضيف المعلومات، أن النائب وليد جنبلاط وبعد اجتماعه الأخير مع السيد حسن نصر الله شدد على أهمية التواصل بين قيادة «حزب الله» ورئيس الحكومة، وهو الأمر نفسه
الذي عاد وكرره أمام رئيس الحكومة مباشرة، أو من خلال موفدين، وكان جواب الحريري في إحدى المرات أنه لن يطلب موعدا من «السيد» وأن موقع رئاسة الحكومة له هيبته!

وتشير المعلومات إلى أن رئيس الجمهورية نصح قيادة «حزب الله» باستمرار التواصل والحوار مع رئاسة الحكومة. وقدم نصيحة مماثلة للحريري.
في ظل هذا المناخ من النصائح الآتية من أكثر من طرف، وعشية زيارة العاهل السعودي الى بيروت، حصل اللقاء بين الحريري والمعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج
حسين الخليل، على مدى أكثر من ساعة، بناء على طلب الاول، وتخلله عتاب متبادل وتوافق على استمرار الحوار ووجوب انتظار نتائج الزيارات العربية الى بيروت.
وذكرت مصادر مطلعة أن اللقاء بين الحريري والخليل كان ايجابيا من حيث إعلان رئيس الحكومة تفهمه لمخاوف «حزب الله» من «طبخة القرار الظني»، وأبدى استعداداً كبيرا
لحفظ استقرار البلد، لا سيما أنه سبق أن أعلن انه سيرفض أي قرار ظني أياً كان غير مقرون بأدلة واضحة ودقيقة، خاصة بعدما شرح الخليل ان «الحبكة التي بُني عليها
القرار الظني قائمة على موضوع الاتصالات، والتي ثبت بعد اكتشاف العملاء في شبكة الهاتف الخلوي «ألفا» إمكان اختراقها والتلاعب بها».
وتعتقد أوساط متابعة أن المشاروات السورية ـ السعودية استعادت زخمها، بالتواصل مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي تشاور في الآونة الأخيرة أكثر من مرة مع
نظيره السوري، فيما كان الأمير عبد العزيز بن عبد الله ينسق على خط الرياض ـ دمشق، وتحديدا ما يتصل بموضوع لبنان، واتفقت الاطراف الثلاثة على زيارة الملك عبد
الله الى بيروت لساعات قليلة لتبريد الاجواء وتثبيت الاستقرار السياسي والأمني، على أن تتزامن مع زيارة الرئيس بشار الاسد ايضا، خاصة أن «حزب الله» رفض بلسان
أمينه العام أي تسوية أو تفاوض يُبقي التهمة ولو على ما سمي «عناصر غير منضبطة» من الحزب. ولم تستبعد بعض المصادر حصول لقاء بين القيادتين السعودية والسورية
والسيد نصر الله للبحث في هذه الازمة، إذا تمت فعلا زيارة الرئيس الاسد مع الملك عبد الله اليوم.
وعلى خط موازٍ، تعتبر أوساط رسمية متابعة أن أياً من الدول العربية والاقليمية المعنية بالوضع اللبناني ومنها ايران وتركيا، لا تستطيع أن تحتمل تغييراً كبيرا
في «الستاتيكو» القائم حاليا في المنطقة، حيث لكل دولة حساباتها ومصالحها واتصالاتها، لأن التغيير قد يفرض عليها مترتبات سياسية وإجرائية هي غير مستعدة لها
حاليا، كما أن قرارا مثل القرار الظني الذي يتم التسويق له بحق عناصر من «حزب الله» من شأنه أن يخلق تداعيات كبيرة على المنطقة كلها لا على «حزب الله» فقط،
ما دفع الى إعادة درس الحسابات السياسية، خاصة أن أي خطوة سلبية في لبنان تتعلق بالمقاومة لن تقتصر نتائجها على لبنان بل سيكون لها تأثيرات إقليمية بســبب موازين
القوى المترابطة والمتصارعة فيها.
وذكرت أوساط قيادية في «حزب الله» أن الحزب ينتظر تظهير هذه الاجواء الايجابية في زيارة الملك عبد الله، من أجل أن يبنى على الشيء مقتضاه، فإن طويت الصفحة كان
ذلك خيرا للبلد، واذا لم تنتج الزيارة حلولا جذرية، فسيواصل السيد نصر الله هجومه السياسي «لتأكيد تسييس المحكمة بالادلة والبراهين القاطعة»، لأن أية محاولة
لتأجيل القرار الظني تعني تأجيل المشكل وزيادة التوتر والاحتقان السياسي والاعلامي، وبالتالي سيجد الطرف الظرف المناسب له أو لقوى إقليمية من أجل إعادة تزخيم
الملف أو كسر القواعد مستقبلا.
غاصب المختار
السفير
هكذا أصبح الجولان «نظيفاً من العرب»
إسرائيل تعترف بـ «الترانسفير السوري» وبكذبة الهجرة الطوعيّة
جنود إسرائيليون في مرتفعات الجولان (ميناحيم كاهانا ـ أ ف ب)كان أكثر من 130 ألف مواطن سوري يسكنون عشرات القرى في الجولان عشية احتلاله عام 1967. في أعقاب الحرب، لم يتجاوز عدد من بقي فيه 6 آلاف نسمة، توزّعوا على 4 قرى هي مجدل شمس، بقعاثا، مسعدة، عين قنية. الفرار من الحرب لم يكن السبب الأساسي لحصول ذلك، بل سياسة ترحيل مارسها الاحتلال
محمد بدير
روّجت إسرائيل، على مدى عقود، رواية مفادها أنّ سكان الجولان هجروا قراهم فراراً من المعارك إلى داخل سوريا، وأنهم لم يعودوا إليها بعد الحرب. رواية وضعت صحيفة «هآرتس»، في تحقيق مطوّل نشرته أمس، علامات استفهام حولها، وفنّدت زيفها بالوثائق.
وكشفت الصحيفة عن سياسة «ترانسفير» ممنهَجة مارسها الاحتلال بحق سكان الهضبة السورية فور السيطرة عليها، لتكون «نظيفة من العرب»، على حد تعبير أحد الأوامر التي أصدرها جنرال إسرائيلي في حينه.
ويستند تحقيق «هآرتس»، الذي أعدّه الكاتب شاي فوغلمان، إلى شهادات شهود عيان ووثائق عسكرية تؤكّد أن عشرات الآلاف من المواطنين السوريين تعرّضوا لعمليات إجلاء قسري من جانب القوات الإسرائيلية بطريقة «تذكّر بما حصل مع سكان اللدّ والرملة عام 1948».
يروي فوغلمان كيف انطلقت الدولة العبرية في صناعة روايتها عن الهجرة الطوعية للمواطنين السوريين من الجولان. البداية كانت مع وزير الدفاع في حينه، موشيه ديان، الذي شرح في مقالٍ بعنوان «اليوم السابع»، نشره بعد شهرين على انتهاء حرب 67 في مجلة «لايف» الأميركية، كيف أنّ الجيش السوري «سحب معه (أثناء تراجعه) السكان المدنيين» الذين خافوا من تعرضهم للقصف الإسرائيلي. بعد ذلك، تبنّت الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية هذه الرواية، فقدمتها أمام المحافل الدولية على أنها حقيقة ما حصل إبان الحرب. وهكذا ردّ سفير دولة الاحتلال لدى الأمم المتحدة في حينه، جدعون رفائيل، على المذكرة التي توجه بها نظيره السوري إلى الأمين العام للمنظمة الدولية احتجاجاً على طرد المواطنين السوريين من الهضبة بالقول إنّ «معظم سكان الجولان هربوا قبل انسحاب القوات السورية». ويستشهد الكاتب بمقتطفات صحافية إسرائيلية من تلك الحقبة، تعتمد الرواية نفسها، ليدلّل كيف تسلّلت أدبيات المؤسسة الرسمية إلى وسائل الإعلام وأقلام الكُتّاب الصحافيين. حتى إنّ تلك الرواية المزيّفة أطبقت حتى على عقول المؤرخين والباحثين، وهو ما وصل إلى الكتب المدرسية.
ويشير فوغلمان إلى أنّ بعض الكتّاب والمؤرّخين كانوا على علم مسبّق بعدم موضوعية ما يكتبون، إلا أنهم آثروا الالتزام بالرواية الرسمية لأسباب مختلفة. وينقل الكاتب عن أحد المؤرخين قوله إنّ مسايرته للتيار القائم كان بسبب الخوف من تصنيفه «مؤرّخاً يسارياً».
وفي عرض مفصَّل، لا ينفي فوغلمان حصول عمليات نزوح طوعي لسكان الجولان أثناء الحرب، إلا أنه يلفت إلى أنها لا تشمل كل السكان. ويستشهد في هذا الإطار بشهادات لجنود وضباط إسرائيليين شاركوا في الحرب، يؤكدون فيها أنّ عدداً لا بأس به من المواطنين السوريين بقوا في أرجاء الهضبة خلال الحرب. وينقل عن أحد قادة الجيش قوله إن سكان القرى في الجولان خرجوا من بيوتهم تجنباً للقصف، وانتظروا في محيط القرى من أجل العودة إلى بيوتهم بعد انتهاء المعارك. وأضاف الضابط، الذي شارك في احتلال الضفة الغربية خلال الحرب، «هذا هو السلوك الذي واجهناه في شمال الضفة، وقد كان شائعا جداً. الناس يهربون من بيوتهم لكنهم يبقون على مسافة تسمح لهم برؤية بلدتهم لمراقبة تطور الأمور».
وإذ يؤكد فوغلمان أنّ عسكريين آخرين، أخذ إفاداتهم، يوافقون على صحة ما قاله الضابط، يعود ليلفت إلى أنه، وفقاً للإحصاءات السورية التي جرت في أعقاب الحرب، بلغ عدد النازحين من الجولان نحو خمسين ألفاً، ما يعني أن عدد الذين طُردوا وهُجّروا قسراً بعد الحرب يتجاوز السبعين ألف مواطن سوري.
وعن كيفية ممارسة سياسة «الترانسفير»، يروي الكاتب أن القائد العسكري للمنطقة، العقيد شموئيل أدمون، أصدر في 16 حزيران 1967، أي بعد أربعة أيام على انتهاء الحرب، أمراً يعلن فيه الجولان منطقة عسكرية مغلقة يُمنع دخول أو خروج أيّ شخص منها وإليها إلّا بإذن خاص منه، تحت طائلة معاقبة من يخالفه بالسجن 5 أعوام.
هكذا قُيِّدَت حركة المواطنين السوريّين، واستحال دخولهم إلى قراهم بعدما بدأ الاحتلال يعترض عودتهم، ويطلق النار ويأسر كلّ من يحاول دخول الجولان.
وبحسب الكاتب نفسه، فإن وثائق الحكم العسكري عن تلك الفترة تُظهر كيف جرى اعتقال عشرات الأشخاص يومياً ممّن حاولوا العودة إلى بيوتهم، وأفادوا، عند تقديمهم للمحاكمة في القنيطرة، بأنهم جاؤوا ليأخذوا أغراضهم، لكنهم طردوا جميعاً».
صحافيون ومؤرّخون إسرائيليّون سايروا الرواية الرسمية كي لا يوصفوا بـ«مؤرّخين يساريين»
في موازاة ذلك، بدأ الجيش الإسرائيلي بهدم القرى ليفرض واقعاً يحول دون عودة الناس إلى منازلهم. وينقل فوغلمان عن إلعاد بيليد، قائد الفرقة العسكرية الـ36، التي تسلمت مسؤولية منطقة الجولان خلال فترة عشرة أيام بعد الحرب، أنّ وحدات خاصّة تابعة للجيش كانت مهمّتها «تنظيف» المنطقة من سكّانها العرب. وبحسب تحقيق «هآرتس»، فإنّ «نحو 20 ألف مواطن بقوا في هضبة الجولان في الأيام الأولى للحرب، لكنهم هُجِّرُوا وهربوا حينما رأوا الجرافات تدمر القرى، ولم يكن لديهم أيّ مكان يعودون إليه».
ويؤكد تسفي رسكي، الذي كان قائداً لأحد القطاعات العسكرية داخل الجولان بعيد الحرب، ما صرّح به بيليد. ويقول في هذا السياق، «لقد فجّرنا البيوت فور انتهاء المعارك، تقريباً في كلّ مكان استطعنا فيه ذلك». ويروي جنود آخرون أنهم كانوا يرون السكان المحليّين يزرعون حقولهم في الأسابيع التي تلت الحرب، وكانوا يطلبون إليهم مغادرة المكان باتجاه الداخل السوري، ويصطحبونهم إلى القنيطرة. وهكذا لم يبقَ، حتى نهاية صيف عام 1967، سكان سوريون في أرجاء الجولان، إلى أن أصدر قائد المنطقة، في 27 آب، أمراً صنّف فيه مئة قرية وقرية في الجولان في خانة المهجورة وممنوع الدخول إلى نطاقها».
وفق فوغلمان، «لم يحصل الجيش على الهضبة نظيفة من العرب» مثلما أراد أن يحصل نائب رئيس شعبة العمليات في حينه، الجنرال رحبعام زئيفي، «إلا أنه اهتم بأن تصبح كذلك».

عدد السبت ٣١ تموز ٢٠١٠
الاخبار
الأسد لعبد اللّه في دمشق: إنهاء المحكمة لأنّها خرّبت لبنان
الرئيس الأسد والملك عبد اللّه لدى وصولهما إلى مطار رفيق الحريري الدولي أمس (حسين ملاّ ــ أ ب)كان الحدث في دمشق قبل بيروت. وكانت الصورة في بيروت أكثر تعبيراً وسطوعاً عن دمشق عمّا قيل هناك أو سيقال في الأيام المقبلة، في طريق البحث عن تسوية تزيل التناقض ــ وقد بات حتمياً ــ بين الرئيس سعد الحريري والسيّد حسن نصر الله
نقولا ناصيف
قد يكون من المبكر توقع نتائج فورية للقمّة الثلاثية في بيروت أمس. إلا أن حركة اللقاءات والمشاورات التي واكبتها، من غير أن تكون مدرجة سابقاً في جدول الأعمال، علناً على الأقل، أحيت انطباعات جدّية بمقدار الجهود المبذولة لإيجاد حل يجنّب لبنان تقويض استقراره. والمقصود بذلك التوصّل إلى تسوية ترضي رئيس الحكومة سعد الحريري والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في آن واحد، الأمر الذي يبدو ـــــ في الظاهر في أحسن الأحوال ـــــ متعذّراً حتى الآن نظراً إلى التناقض الحاد بين ما يطلقانه: يتمسّك الحريري بالمحكمة الدولية ولا يدرجها في أي مساومة من غير أن يتخذ موقفاً صريحاً من القرار الظني الذي يتهم حزب الله باغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، ويرفض نصر الله هو الآخر مساومة تستند إلى القرار الظني بتأجيله ويجد في المحكمة الدولية استهدافاً جدّياً لحزب الله، ولا يسعه إلا مقاومتها.
يتناقض الرجلان من غير أن يتحاورا في ظلّ انقطاع الاتصال المباشر بينهما. واجتماع الحريري بالمعاون السياسي لنصر الله الحاج حسين خليل ليل الثلاثاء الماضي (27 تموز) طبعته مسحة تشاؤم من جراء عدم اتفاقهما على سبل مقاربة القرار الظني.
وعلى وفرة ما أُشيع أمس بعد ارفضاض القمّة الثلاثية، وخصوصاً في ساعات متقدّمة من المساء عن نتائج محتملة لها، لا تزال أسيرة التكهّنات، فإن ما حدث في اجتماع منتصف ليل الخميس (30 تموز) في دمشق بين العاهل السعودي الملك عبد الله والرئيس السوري بشّار الأسد، واستمر ثلاث ساعات، وشارك فيه مستشار الملك ونجله عبد العزيز بن عبد الله، رسم باكراً ملامح قمّة بيروت، وكذلك المرحلة المقبلة. وعلى أثر هذا الاجتماع، توجّه الأمير عبد العزيز إلى بيروت، وأطلع الحريري ليلاً، ومع الساعات الأولى من الفجر، على مداولات قمّة دمشق بين الملك والرئيس.
وبحسب المعلومات المتوافرة عن قمّة دمشق، كان توجّه الرئيس السوري هو إلى إنهاء المحكمة الدولية، إذ رأى أنها أضحت عبئاً سياسياً ثقيلاً على لبنان وعلى الاستقرار فيه، وأن التجربة التي خبرتها سوريا مع المحكمة عندما وجّه التحقيق الدولي أولاً شبهات إليها ثبت بطلانها رغم تعاون سوريا معها، لا تبرز عناصر مشجعة على المضي في المحكمة والتيقن من عدم تسييسها.
وكادت المحكمة ـــــ أضاف الأسد ـــــ تخرّب لبنان والمنطقة في آن واحد. اليوم تتكرّر التجربة نفسها مع حزب الله باتهامه باغتيال الرئيس الحريري، وهي بذلك تعرّض لبنان مجدّداً للتخريب. تالياً لا بد من ترتيبات واضحة لإنهاء هذا الموضوع.
قال الرئيس السوري أيضاً للملك السعودي، مؤيداً موقف حزب الله: لن ترضى المقاومة في لبنان بالمحكمة الدولية، وهي تتهمها باغتيال الرئيس الحريري. وإذا كان هناك إصرار على المضي في المحكمة الدولية، فإن المقاومة ستواجهها لأنها تستهدفها، ونحن نجد المقاومة خطاً أحمر لن نسمح باستهدافه.
قال الأسد كذلك: لن يقبل حزب الله بتأجيل قرار ظني يتهمه باغتيال الحريري، ولن يقبل بتسويات تقع في هذا النطاق. كان على المحكمة الدولية أن تبحث عن القاتل الفعلي والحقيقي. جميعنا تحدثنا عن الحقيقة والعدالة في المرحلة السابقة وتمسّكنا بهذين المطلبين، لكن مهمة المحكمة اليوم انحرفت عن ذلك إلى استهداف قوى الممانعة والمقاومة. وهو أمر غير مقبول.
وطبقاً للمعلومات نفسها، لم يُبدِ العاهل السعودي للرئيس السوري تحفظاً عمّا أدلى به، وبدا مهتماً بالبحث عن الإجراءات الآيلة إلى إيجاد حلّ للمحكمة الدولية وتجنيب لبنان الإنفجار، وخصوصاً أن الرئيس السوري أفصح أمامه بعبارات مباشرة ودقيقة وصريحة بأن حزب الله لن يسكت بإزاء القرار الظني والمحكمة الدولية، وسيقوم بكل ما في وسعه لمواجهتها.
طبعت قمّة دمشق المعادلة الآتية: كان الملك يستمع، والرئيس يشرح وجهة نظر حزب الله التي يدعمها.
وصلت هذه المداولات إلى رئيس الحكومة عبر مستشار الملك، ثم أتى لقاءان بالغا الأهمية عُقدا البارحة على هامش القمّة الثلاثية في بيروت كي يثبتا المأزق الذي أضحت عليه المحكمة الدولية: الخلوة التي جمعت عبد الله بالحريري في بيت الوسط، واجتماع وزير الخارجية السوري وليد المعلم بكتلة نواب حزب الله التي اطلعت منه على مداولات الليلة السابقة في دمشق.
في الحصيلة، تقرّر أن يتوجّه إلى دمشق في الساعات المقبلة موفد لحزب الله للاجتماع بالرئيس السوري، والاطلاع منه على المعطيات المتصلة بنتائج قمّتي دمشق وبيروت ومسار المرحلة المقبلة.
قمّة بيروت
ورغم أن البيان الصادر عن القمّة الثلاثية كرّس بضع ثوابت متطابقة، كالوفاق الوطني والحوار والاستقرار والتهدئة ونبذ العنف، وأخرى متنافرة كدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف. إلا أن المعلومات الضئيلة التي توافرت لدى جهات تتبعت عن قرب القمّة الثلاثية تحدّثت عن ملاحظات ثلاث:
أولاها، أن العاهل السعودي لم يحمل إلى الرئيس السوري في قمّة دمشق صيغة حلّ لأزمة القرار الظني. تالياً، لم يحمل عبد الله والأسد إلى قمّة بيروت التسوية المرتجاة. إلا أن الزعيمين العربيين أكدا، تبعاً للجهات نفسها، في دمشق كما في بيروت، ضرورة استمرار جهود التهدئة والحوار بين الطرفين اللبنانيين المعنيين، وتفادي الانزلاق إلى خضات داخلية.
ثانيتها، تأكيد الرياض ودمشق أنهما تمثّلان المرجعية المعنية بمراقبة الاستقرار في لبنان والسهر عليه وإدارته، والحؤول دون أي محاولة لزعزعته. بدا واضحاً أمس من اللقاءات التي أجريت على هامش القمّة الثلاثية، بين الأسد ورئيس المجلس نبيه برّي، وبين عبد الله والحريري، وبين المعلم وحزب الله، أن هاتين العاصمتين لا تزالان تتكفلان بحمل حلفائهما اللبنانيين على التزام التهدئة في انتظار إيجاد تسوية.
ثالثتها، تفادي ربط الموقف من المحكمة الدولية بمصير حكومة الوحدة الوطنية وتعريض هذه للانهيار. وبدا أن الملك السعودي والرئيس السوري حرصا أمام الذين اجتمعا بهم على تأكيد دعم حكومة الوحدة الوطنية والمحافظة على استقرارها كوعاء لتناقضات أعضائها، وخصوصاً أن تقويض حكومة الحريري لا يكتفي بشلّ شرعيتها فحسب، بل يضع البلاد في مهب اضطرابات غير محمودة.
تحت وطأة الصعوبات التي تعصف بالجدل الداخلي حول القرار الظني، اجتمع عبد الله والأسد على موقف مشترك حيال الأفرقاء اللبنانيين، ملازم للحض على ضمان الاستقرار، وهو الحوار والتواصل المباشر في سبيل ذلك.
كان الحريري قد سمع الموقف نفسه من الرئيس السوري في أثناء زيارته الأخيرة لدمشق في 18 تموز. يومذاك أفصح رئيس الحكومة عن قلقه من مواقف حزب الله من المحكمة الدولية والقرار الظني وتأثيرها السلبي على الاستقرار الداخلي. كان ردّ الأسد تبرير تلك المخاوف وقد عدّها مشروعة، إذ رأى أن الحزب والمقاومة ينظران إلى المحكمة الدولية على أنها تستهدفهما عبر اتهامهما باغتيال الحريري الأب.
نقل عبد العزيز بن عبد الله إلى الحريري ليل الخميس مداولات قمّة دمشق
موفد لحزب الله إلى دمشق خلال ساعات للاطلاع من الأسد على نتائج قمّتي دمشق وبيروت
وأضاف: نحن في سوريا أيضاً عشنا مثل هذه المخاوف وأقلقتنا وأدركنا هذه التجربة عندما اتهمت سوريا باغتيال الحريري، إلى حدّ أنكم كلكم كنتم تعلنون أنكم متيقنون من أن سوريا قتلت الرئيس الحريري. وكان هذا الاتهام جازم لديكم ومحسوم وغير قابل للمناقشة والبحث، وأنا احتفظ بتسجيلات بالصوت والصورة لكثيرين من الذين كانون يتهمون سوريا باغتيال الرئيس الحريري، وبينهم أنت (متوجّهاً إلى رئيس الحكومة اللبنانية)، وكنتم تؤكدون أنها هي الفاعلة، ثم تبين أن الواقع مغاير تماماً. وهذه الحال تشبه مخاوف المقاومة اليوم التي تتهم، بعد سوريا، باغتياله، وهو اتهام باطل.
أضاف: نصيحتي لك، التواصل مع سماحة السيّد للاتفاق على المعالجة والمحافظة على الاستقرار والتضامن الداخلي.
بعد عودته من دمشق، قصد الحريري رئيس الجمهورية ميشال سليمان وأطلعه على محادثاته مع الرئيس السوري، راغباً في دوره في فتح قنوات حوار مع نصر الله التي يوصدها دونه. خابر الرئيس مسؤولاً بارزاً في حزب الله، فكان الجواب في ما بعد أن الأمين العام ليس جاهزاً تماماً للحوار قبل موقف محدّد من الحريري. وفي اجتماعه بالنائب سليمان فرنجية في بنشعي قبل أيام، فاتحه رئيس الحكومة في الأمر نفسه، فنصحه الزعيم الزغرتاوي بالحوار مع الحزب.
لم يكن لقاء الحريري بالمعاون السياسي لنصر الله ليل الثلاثاء إلا «تنفيسة» للحوار بين الطرفين، في ظلّ إصرار نصر الله على إبقاء أبواب الحوار المباشر مع الحريري موصدة، إلى أن يتخذ الأخير موقفاً من القرار الظني على نحو يدحض الوجهة الحالية للمحكمة الدولية.
كانت الرسالة البليغة بذلك، أن أبواب التسوية مقفلة، فيما أبواب الحوار مشرّعة إذا سبقها موقف ينم بالفعل عن رغبة في مواجهة القرار الظني، الأمر الذي لم يقرّره رئيس الحكومة بعد، ولا يبدو أنه وحلفاءه جاهزون له بعد.

عدد السبت ٣١ تموز ٢٠١٠
الاخبار