Monday, August 1, 2011

تأجيل جديد للأزمة الاقتصادية والسياسية أوباما يلتزم بشروط الجمهوريين فـي صفقـة رفـع سـقف الديـون
جو معكرون
كتب المعلق الاقتصادي في صحيفة «نيويورك تايمز» بول كروغمان أمس إن الرئيس باراك أوباما استسلم مرة أخرى أمام الجمهوريين، في موقف يعكس مزاج القاعدة اليسارية
في الحزب الديموقراطي حيال تسوية مثيرة للجدل عشية الموعد النهائي لرفع سقف الديون الأميركية.
ملامح التسوية تمت صياغتها بين نائب الرئيس جو بايدن وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، ودخل بعدها على خط تفاصيلها رئيس مجلس
النواب جون بونر وزعيم الأكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد. وهي تقضي بتقليص النفقات الحكومية بحوالى 2،4 تريليون دولار على مدى 10 سنوات.

المرحلة الأولى تقلص النفقات تلقائيا بحوالى 917 مليار دولار في مقابل رفع سقف الديون حوالى 900 مليار دولار حتى ربيع عام 2013، أي أن أوباما سيضمن عدم حصول
أزمة مديونية خلال هذه الفترة، لكن المرحلة الثانية تقضي بتشكيل لجنة في الكونغرس من الحزبين تقدم توصياتها لتخفيض النفقات حوالى 1،5 تريليون دولار بحلول 24
تشرين الثاني المقبل، في مقابل رفع سقف الديون حوالى 1،5 تريليون دولار أيضا.
التسوية تعطي أوباما مطلبين رئيسيين له، هما عدم تخلف إدارته عن التزاماتها المالية وثانيا رفع سقف الديون إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية نهاية عام
2012، وتعطي الحزب الديموقراطي مطلب عدم المس بالبرامج الاجتماعية والصحية، وتعطي الجمهوريين في المقابل تمسكهم بفكرة المرحلتين مع مراقبة الكونغرس عملية رفع
سقف الدين وعدم زيادة أي ضرائب.
لكن إذا فشلت لجنة الكونغرس في الاتفاق على تقليص 1،5 تريليون دولار، فإن الغرامة ستكون قاسية على الحزبين، بحيث سيحصل تقليص تلقائي يشمل 600 مليار من النفقات
الدفاعية و600 مليار من النفقات الاجتماعية، أي أن هناك حافزا لتجنب فشل عمل هذه اللجنة. وأدخل البيت الأبيض بنداً يضمن عدم قطع البرامج الصحية والاجتماعية
أكثر من هامش 2 في المئة، وفي النهاية سيؤجل هذا النزاع حول رفع سقف الديون إلى بداية عام 2013 بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية.
ولتفادي رد فعل سلبي في الأسواق الآسيوية والأميركية، حرص أوباما على إعلان التسوية في تصريح من البيت الأبيض واصفا مسار المفاوضات بأنه كان «فوضويا»، مضيفا
«هل هذه الصفقة التي أفضلها؟ كلا»، مشيرا إلى انه كان يفضل تسوية ذات نتائج فورية بدلا من انتظار تشكيل لجنة خاصة في الكونغرس من الحزبين حيث يتوقع أن تدخل
في طريق مسدود حين يأتي دورها في التصديق على المرحلة الأخيرة من رفع سقف الديون.
وتابع أوباما عن الصفقة «الأهم من ذلك، أنها تسمح لنا بتجنب التخلف المالي وإنهاء الأزمة التي فرضتها واشنطن على سائر أميركا. إنها تضمن أيضا أننا لن نواجه
هذا النوع نفسه من الأزمة خلال 6 أو 8 أو 12 شهرا. وسنبدأ برفع سحابة الديون وسحابة الغموض التي تخيم فوق اقتصادنا».
وبالتزامن مع إعلان أوباما عن الصفقة، كان بونر يجري لقاءات عبر الهاتف مع النواب الجمهوريين لترويج تسوية لا ترى القاعدة المحافظة أنها تقلص النفقات الحكومية
بشكل يلبي طموحاتها، حيث قال لزملائه «لقد قاتلنا ببسالة.. .إنها ليست أعظم صفقة في العالم لكنها تظهر كم غيرنا شروط النقاش» في واشنطن. فيما أمضى بايدن يومه
في «الكابيتول هيل» يجري اجتماعات مع الأعضاء الديموقراطيين في الكونغرس في محاولة لإقناع القاعدة الليبرالية بقبول تسوية تقلص النفقات من دون توفير إيرادات
بديلة عبر رفع الضرائب على الأثرياء.
وقال هاري ريد «اعلم بأن هذا الاتفاق لن يجعل كل جمهوري سعيدا، وبالتأكيد لن يجعل كل ديموقراطي سعيدا، لكن هذا هو جوهر التسوية».
كروغمان عكس هذا المزاج الليبرالي في مقاله الذي لام فيه أوباما على التأخر بطلب رفع سقف الديون بدلا من طرح هذه القضية منذ كانون الأول الماضي، مشيرا إلى أن
أوباما يتعرض لـ«ابتزاز» من الحزب الجمهوري. وسرد كروغمان في هذا السياق كيف «استسلم» أوباما في الخريف الماضي حول مسألة عدم زيادة الضرائب، وبعدها في الربيع
مع التهديد الجمهوري بإغلاق الحكومة الأميركية عبر وقف نفقاتها.
المستشار الاقتصادي للرئيس الاميركي جين سبرلينغ أكد ان كروغمان «مخطئ» وان أوباما لم يتنازل في المسائل الرئيسية. فيما أعلنت ابرز فاعليات حركة «حفل الشاي»
رفضها التصويت على هذه التسوية لأسباب انتخابية على الأرجح، لكن هذا الأمر لن يؤثر على حظوظ إقرارها. وركزت محاولة الحزبين أمس على ضمان 216 صوتا في مجلس النواب
لإقرار الصفقة بطريقة لا تحرج النواب في دوائر انتخابية متأرجحة، وذلك باختيار الحد الأدنى من النواب الذين يمكنهم تحمل التبعات السياسية لهذا التصويت.
في البعد السياسي، فإنه من المبكر معرفة اثر هذه التسوية على ولاية أوباما. فريق عمله يراهن على انه ستكون لها تداعيات ايجابية على المدى الطويل، لان أوباما
ظهر أنه الرئيس المسؤول الذي تهمه التسوية وإنقاذ البلاد على عكس القيادات الجمهورية التي قد تخسر تعاطف الناخبين المستقلين. وبالنسبة الى بونر، اظهرت المفاوضات
انه يترأس تحالفا جمهوريا معقدا في مجلس النواب لكنه لا يقوده بالضرورة، وقد تراجع عن تسوية كبيرة مع اوباما حول رفع سقف الديون بعد ضغوط حركة «حفل الشاي»
في المحصلة، كان الخلاف الرئيسي بين الديموقراطيين والجمهوريين خلال هذه المفاوضات كيفية البحث عن الإيرادات لسد العجز الفيدرالي، بين تقليص النفقات أو زيادة
الضرائب، وهذه التسوية الموقتة تؤجل الأزمتين الاقتصادية والسياسية في واشنطن، لكنها لا تعالجهما.

No comments:

Post a Comment