Thursday, March 25, 2010

الأسد يرحّب بجنبلاط: ما يهمّنا هو دعم المقاومة
الخميس 25 آذار 2010
الأسد: السنوات الخمس الماضية لم تحقق شيئاً للبنان (المنار)
وجّه الرئيس السوري بشار الأسد سلسلة من الرسائل التوضيحية الخاصة بسياسة سوريا تجاه لبنان، مركّزاً على الرغبة في عدم الدخول في تفاصيل السياسة في لبنان. لكنه حرص على إبداء الحزم في ما سمّاه «الخطوط العريضة» وأولها المقاومة والعروبة والعلاقة الأخوية بين البلدين
بدا الرئيس السوري بشار الأسد هادئاً جداً في مقاربته تفاصيل العلاقات اللبنانية ـــــ السورية، وفي مقابلة مع قناة «المنار»، شدد الأسد على تقديم عناوين سياسة بلاده إزاء لبنان في المرحلة المقبلة. وأتاحت «الأسئلة الذكية» للزميل عمرو ناصف، للرئيس السوري توضيح أمور كثيرة تخص موقف بلاده من القوى والشخصيات السياسية، وتسهل التواصل المتوقع ارتفاع منسوبه في الفترة المقبلة، والإعلان بوضوح عن مكانة حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله ودوره الخاص وموقعه لدى القيادة السورية.
وقال الأسد إنّ «السنوات الخمس الماضية لم تحقق شيئاً للبنان، بل أدخلته في متاهات، والآن تريد بعض القوى إقناع الآخرين بأنها حققت شيئاً، قد يكون السفارة. لكن هذا الطرح قدّمته عام 2005 ولم يكن طرحاً لبنانياً، لا أحد من حلفائنا السابقين ولا اللاحقين طرحها قبل أن أطرحها»، مشيراً إلى أنّ وجود السفارتين هو نتيجة اقتناع سوري، فـ«المعروف عن سوريا أنها لا تقوم بأي خطوة إذا تعلّقت بطلب أو فرض أو محاولة تدخل من الخارج».
وأكد الأسد أنّ هذا الأمر ينطبق على ملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، مشيراً إلى أنه ليس بمقدور سوريا منح ورقة رسمية للبنان بشأن شبعا. وقال: عندما كان الغرب يحاول أن يفرض علينا الأمر قلنا له «لا، وسمعها منا مراراً» ثم إن سوريا «لا تمتلك هذه الورقة، ويمكننا امتلاكها بعد أن تقوم بالإجراءات القانونية اللازمة التي تؤدي بالوصول إليها. وبعد التحقق من الملكيات ومن التفاصيل الأخرى نقوم بعملية ترسيم على الواقع».
وعن قوله عام 2005 إنّ ما يحدث في لبنان «17 أيار جديد»، أشار الأسد إلى أن هذه القراءة لم تكن «نبوءة، بل قراءة لسياق الأحداث المتكررة، وأخطاء بعض القوى المتكررة»، مشيراً إلى أنه في عام 1983 «كان الهدف إلحاق لبنان بعملية السلام. أما 17 أيار الجديد، فهو إلحاق لبنان بمشروع الشرق الأوسط الذي تحدثت عنه كوندوليزا رايس».
وأكد الأسد أنّ هذا المشروع فشل في كل المنطقة، مشيراً إلى سقوطه في العراق وأفغانستان. وفي لبنان فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها عام 2006، وفي عدم القدرة على إخضاع سوريا وإيران، «وكنا نعلم أنه سيفشل، والقضية كانت قضية زمن، لم أكن أعرف متى سيسقط، لكن كنت أعرف أنه سيسقط».
وعن علاقته بالرئيس سعد الحريري، أشار الأسد إلى أنّ محاولة بناء العلاقة مستمرة «مباشرة وشخصياً، كي تؤدي إلى دفع الجانب المؤسساتي في العلاقة بين سوريا ولبنان». وعن وجود قوى حليفة للحريري لا تزال رافضة للعلاقة بسوريا، قال: «يجب توجيه هذا السؤال إلى أصحاب العلاقة، أي لماذا يقولون هذا الكلام بعكس رؤسائهم، لكن من وجهة نظري هو لا يؤثر على سوريا بل على صدقية المعنيين بالموضوع في لبنان».
وأكد الأسد أنه منذ التسعينيات «كنت أعتقد بأن دخول سوريا في التفاصيل اللبنانية مضرّ بسوريا»، مشدداً عند سؤاله عن الحملة الموجّهة ضد الرئيس ميشال سليمان، على دعم بلاده لموقع رئاسة الجمهورية اللبنانية «وبالتالي ندعم رئيس الجمهورية، دعمنا رؤساء الجمهورية السابقين الرئيس الهراوي والرئيس لحود، وندعم بالمقدار نفسه الرئيس ميشال سليمان». وشدد الأسد على أنه في حال وجود انتقاد أو ملاحظة تجاه أي كان فـ«لدينا علاقة مباشرة معه، وخاصة الرئاسات الثلاث. لدينا جرأة ومقدرة والطريقة للتواصل المباشر معه وقول أي شيء»، مطالباً اللبنانيين بإخراج سوريا من التفاصيل اللبنانية.
وعن الموقف من تصريحات وليد جنبلاط الأخيرة، وعما إذا كان اعتذر أم لا، قال الأسد: «لو قال شخص لآخر أنا أعتذر منك، ماذا يقصد هو؟ يقصد أنه أخطأ بحقه، هذا المضمون قاله وليد جنبلاط في أكثر من مقابلة. نحن يهمّنا المضمون، سوريا لا تبحث عن اعتذار، وليس لدينا عقدة التفوق أو الهزيمة، ولسنا بحاجة لنثبت أنفسنا. عندما يكون هناك قول بأن سلاح المقاومة هو سلاح غدر، ومن ثم يصبح سلاحاً يجب الوقوف معه. وعندما تكون سوريا دولة احتلال ومن ثم يصبح الجيش السوري هو الجيش الذي دافع عن لبنان في مراحل مختلفة فهذا بحد ذاته المضمون الذي نريده، ما نريده هو العودة الى الطريق الصحيح وأنا لا أتحدث فقط عن وليد جنبلاط، بل عن الأسس التي تستخدمها سوريا في علاقتها مع القوى المختلفة».
أضاف: «الحاقد يحاول إذلال الآخرين وإهانتهم. القوي يصبر وسوريا تصبر ولا تهين. نحن لم نكن نبحث عن مماطلة، ولم نكن بحاجة إلى المماطلة. لو أردنا أن نقول نعم نقول نعم، نحن دولة لا تغضب ولا تسامح أو تحقد على فرد، نحن دولة نبني على أسس معينة. لدينا مصالح معينة نتعامل مع القوى والأشخاص والدول الأخرى من خلال هذه الأسس ما دام شخص أو جهة ذهبت باتجاه فاختلفنا معها. عندما تعود فنحن نرحب بها، لكن لا يوجد شيء شخصي كي نعفو أو لا نعفو».
وبشأن معادلة النسيان في مقابل النسيان أو السماح في مقابل السماح، قال الأسد: «نحن نرفض الفكرة لأنها تعني القبول بالتهمة. نحن نقول أي شخص في لبنان لديه أي معلومة مؤكدة بأن سوريا قامت بهذا النوع من الجرائم، فنحن نشجعه للقيام بالإجراءات القانونية التي توضح الأمور. وهناك بازار الآن، بازار المحاكم الدولية طبعاً هذا البازار فقد وهجه ولم يعد كما في السابق، لكنه ما زال موجوداً».
وعن المقارنة بين جنبلاط والعماد ميشال عون، قال الأسد: «بيننا وبين العماد عون كانت هناك دماء وصلت الى مستوى لم يكن أحد يتوقع أن الأمور قابلة للعودة جزئياً، ولا كلياً. لكن، هناك فرق جذري كبير. بالمقابل إن العماد عون عندما اختلف مع سوريا لم يكن جزءاً من مشروع خارجي، واختلف معنا عن قناعة. نحن نحترم قناعات الأشخاص. نختلف أو نتفق هذا موضوع آخر. إنه اختلف معنا من منظور شخصي أو قناعة شخصية هو ربطها بقناعة وطنية. نحن نحترم هذا الشيء والدليل علاقتنا بالراحل ريمون إده الذي بقي يهاجم سوريا منذ دخولها الى لبنان، وحتى مغادرته لم يتوقف عن الهجوم على سوريا. عندما رحل قلنا فيه كلاماً طيباً ولم يكن جزءاً من مشروع خارجي».
وعن موعد زيارة جنبلاط لسوريا، أكد الأسد أنّ الموضوع متروك «من بدايته وحتى نهايته بيد السيد حسن نصر الله والمقاومة، ويبقى تحديد الموعد النهائي المرتبط بالمواعيد في سوريا»، مؤكداً أن مناقشة التوقيت «ستجري مع أي شخص يأتي من قبل حزب الله لنحدد الموعد نهائياً، والزيارة ستتم بعد القمة، ربما خلال أيام أو أسابيع قليلة».
عدوّ لا يفهم سوى لغة القوة
وعن الإدارة الأميركية الجديدة وأدائها في المنطقة، ميّز الأسد بين الإدارة السابقة والحالية، «بالمقارنة لم نعد نسمع لغة إملاءات. هناك اختلاف في وجهات النظر، هذا شيء طبيعي، ولكن لا نستطيع أن نقول إن هناك نتائج لسياسة أميركية معينة، هناك أيضاً مؤسسات في الولايات المتحدة لا تريد للرئيس أوباما أن ينجح».
وبشأن إمكان شنّ «حرب تحريرية» على إسرائيل، أشار الأسد إلى أنّ الأفضل أن «تبحث عن حل مشكلة قبل أن تصل الى الأسوأ فيها، لا أحد يبحث عن الحرب في أي مكان في العالم، ولا بد أن نبقى نسعى باتجاه السلام ما دام هناك أمل». وأضاف: «ليس لدينا أمل بالحكومة الإسرائيلية، لكن نعتقد أن اسرائيل اليوم بحسب ما نسمعه من أنصارها لم يعد لديها خيار سوى السلام».
وأكد أنّ «إسرائيل أصبحت فعلياً أضعف، ولم تعد القوة العسكرية هي الضامن لإسرائيل»، مضيفاً: «الحرب التحريرية أو المقاومة لا تنشأ بقرار من الدولة، بل بشكل شعبي عندما لا يكون هناك دولة تعمل من أجل تحرير الأرض، والمعروف أن في سوريا دولة وجيشاً، ويطوّر هذا الشيء نفسه».
وشدد الأسد على «أننا أمام عدو لا يفهم سوى لغة القوة حتى الآن، ونحن متفقون على أن السلام على ما يبدو في المدى القريب لا يبدو قادماً إلى المنطقة، ولكن مع ذلك حسابات الحرب تختلف كثيراً. على كل الأحوال، هناك طرق كثيرة تصل اليها لأهدافك، وليس بالضرورة عبر الحرب».
وأشار الأسد الى دعم سوريا للمقاومة في فلسطين ووقوفها على مسافة واحدة من الفصائل، مكرراً موقف بلاده الداعم «للمقاومة وصمود المقاومين، بينما موقف السلطة الفلسطينية واضح، وموقف الرئيس محمود عباس واضح ولا يؤيد المقاومة. نحن لا نخفي موقفنا وهو لا يخفي موقفه. لكن نحن نقف في الوسط فعلاً في موضوع المصالحة الفلسطينية انطلاقاً من أن المصالحة لا تبدأ من خلال وقوفك مع طرف ضد طرف أو تكون منحازاً».
وعما يقال عن اختراق إيراني للأمن القومي العراقي، قال الأسد «اختراق الأمن القومي يكون من الأعداء لا من دولة شقيقة تجمعنا معها روابط التاريخ والجغرافيا، إذا كنا سنعتبر أن إيران تهدد الأمن القومي فلماذا لا نعتبر الشيء نفسه بالنسبة إلى تركيا، كلاهما يؤدي دوراً ايجابياً، وليس هناك تناقض بين الدور التركي والدور الإيراني».
________________________________________

أولوية مأسسة القمة العربية
تحدث الرئيس السوري بشار الأسد طويلاً عن القمة العربية المرتقبة والعلاقات بين الدول العربية، فأكد أن كل الدول «متمسكة بالقمم العربية حتى في أحلك الظروف، والمواطن لا أعتقد أنه فقد الثقة بالقمة وبأدائنا كمسؤولين، والقمة هي عبارة عن يوم ونصف من كل عام. لن يفقد الثقة بالقمة ويثق بنا في باقي الأيام. المشكلة في أدائنا كدول عربية، والمشكلة بالنسبة إلى القمة في مأسسة القمة نفسها».
وأشار إلى وجود ورقة سورية حول «مأسسة عمل القمة لأننا نمأسس معها اجتماع وزراء الخارجية العرب والعلاقات العربية ـــــ العربية مع جامعة الدول العربية على نحو أكبر، ولكن لم تمأسس القمة أي جانب آخر أو ضوابط تضعها على مستويات أخرى لا يمكن أن تعطي نتائج».
وبشأن عملية السلام، شدد الأسد على عدم وجود مجاملات بين العربي ولا مع غير العرب في ما يخص القضايا التي تتعلق بالحقوق والمصير والمستقبل، مشيراً إلى «أننا ندعم تفعيل المبادرة العربية ونرى أنها مبادئ تحقق مصلحة العرب. أنا لا أعتقد أنه يجب علينا الآن أن نقول بإلغاء المبادرة العربية، لأن الغاءها يعني التنكر للمرجعيات، وهذا شيء سيكون في مصلحة اسرائيل. وهناك فرق بين إلغاء المبادرة وإيقاف مبادرة السلام».
وشدد الأسد على أنّ سوريا تعارض تفرّد أي مسار بعملية السلام، «ونحن دائماً مع التنسيق العربي على المسارات الثلاثة، ولكن بعدما أصبح الموضوع الفلسطيني أمراً واقعاً وخاصة بعد اتفاقية أوسلو بقي التنسيق بين سوريا ولبنان. وحتى هذه اللحظة، هناك تنسيق مباشر في هذا الموضوع وخاصة بيني وبين الرئيس ميشال سليمان». وأشار إلى أنّ ما يحصل بين سوريا وتركيا وإسرائيل اليوم شبيه بما قام به جيمس بيكر عام 1991، «بهدف التحضير لمؤتمر السلام، لم يتحدث في ذلك الوقت أي طرف في العالم عن مفاوضات غير مباشرة، بل بحث في الأسس التي يمكن أن تقبل بها الأطراف المختلفة لكي نطلق عملية السلام، هذا ما قمنا به في تركيا». وأشار إلى أنه اليوم «لا بد من إيجاد أسس جديدة أو أكثر دقة ومصطلحات أكثر تعريفاً ووضوحاً من أجل انطلاق عملية السلام، ولا بد أن يكون لبنان مع سوريا».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment