Thursday, March 25, 2010

الضرائب لخدمة الدين العام
اقتراحات بزيادة ضريبة الأرباح واستهداف الريوع المالية والعقاريةللبنانيون يدفعون كلفة السياسات الضريبيّة الخاطئة
اقترح عدد من الخبراء، في حلقة نقاشية نظّمها المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، إجراءات عديدة تصبّ في إصلاح النظام الضريبي، مع المحافظة على مبدأ زيادة إيرادات الدولة، وتعزيز نمو الاقتصاد المنتج والحدّ من الاقتصاد الريعي... وأبرز الاقتراحات تتعلق بزيادة معدل الضريبة على أرباح الشركات وشطور الدخل الأعلى، وتصنيف السلع ووضع شطور على ضريبة القيمة المضافة
محمد وهبة
قال خبراء اقتصاديون إنّ السياسات الضريبية التي اعتُمدت في لبنان كان هدفها الوحيد خدمة الدين العام بأسرع الوسائل وأسهلها. وقد استدعى الأمر، في ظل النظام الطائفي، إجراء مجموعة من التسويات السياسية التي أسهمت في تجويف الضريبة وفصلها عن وظائفها الحقيقية، ولا سيّما إعادة توزيع الثروة وتعزيز النمو الاقتصادي الحقيقي والرعاية الاجتماعية.
هذا الرأي كان حاضراً في حلقة النقاش التي نظّمها أول من أمس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، من خلال ورقة عمل قدّمها الخبير الاقتصادي نجيب عيسى، بعنوان «نحو إصلاح النظام الضريبي في لبنان»، وعقّب عليها 4 خبراء هم: غازي وزني، أمين صالح، غسان العياش، سمير سلامة.
اللهاث وراء العجز
يعتقد رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، عبد الحليم فضل الله، بأنّ إصلاح النظام الضريبي قد يكون مدخلاً لإصلاح النظام بكامله، مشيراً إلى أن هذا الأمر قد يكون طريقة لمواجهة «النظام الطائفي». فالمطلوب أن يكون النظام الضريبي عادلاً ومتطوراً ومحابياً للفقراء، وبالتالي يجب زيادة حجم الاقتصاد المنتج على حساب الاقتصاد الريعي بما يوفّر نموّاً متوازياً.
في هذا الإطار، تؤكّد الورقة التي قدّمها عيسى معادلة النمو المتوازي، إذ تفصّل المكوّنات الضريبية وكيفية توزّعها بما يعكس دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال 3 أبعاد رئيسية للضريبة: إيرادات للدولة، تحفيز الاقتصاد، وتوزيع العبء على الطبقات الاجتماعية، أي من يدفع ومن يتحمل ومن يتهرّب ومن يُعفى...
قبل الحرب اللبنانية، يقول عيسى، كانت الضرائب غير المباشرة تمثّل 77% من الإيرادات الإجمالية، منها 50 % إيرادات جمركية و15% ضرائب على الدخل... وبعد الحرب بدأ التركيز على تحصيل أكبر مقدار ممكن من الإيرادات لتسديد العجز، وفي المقابل، خفضت الضريبة على الرواتب والأجور من ما بين 2% ـــــ 32% إلى 2% ـــــ10%، والضريبة على دخل الشركات والمؤسسات من ما بين 6% ـــــ 50% إلى 3% ـــــ 10%، وضريبة الدخل المقطوع على شركات الأموال من 22% إلى 10%، والضريبة على إيرادات الأموال المنقولة، وأُلغيت الضرائب على الفوائد... وبنتيجة هذه الإجراءات، أقبلت رؤوس الأموال على التوظيف في سندات الخزينة والمضاربات العقارية المعفاة من الضرائب.
والفترة الإصلاحية القصيرة التي شهدها لبنان خلال ولاية الرئيس سليم الحص، لم تُستأنف بعده... فاستمرت السياسات الضريبية في كونها أداة لخدمة عجز الموازنة، بصرف النظر عن كلفتها الاقتصادية والاجتماعية. وفي رأي النائب السابق لحاكم مصرف لبنان غسان العياش، أنّ لهاث الدولة وراء سد العجز يعوق استعادة الدور الأساسي للضريبة، فالإصلاح يجب أن يكون شاملاً، أي أن تكون زيادة الضرائب مقترنة بالتنمية، والإصلاح الإداري، أي إلغاء دولة المزارع.
فرص الإصلاح الضريبي
في هذا الإطار، يمكن التمييز بين أمرين: الأول يتعلق مباشرةً بإمكان إصلاح النظام الضريبي، والثاني مرتبط بمشروع موازنة 2010 والضرائب المقترحة فيه. ضمن الأمر الأول، يقول الخبير الضريبي، أمين صالح، إن الضرائب والرسوم على الرواتب والأجور توازي 2.76% من واردات الخزينة في مقابل 5.75% لكل قطاعات الإنتاج (معظمها من المصارف وشركات التأمين والشركات الأجنبية الكبرى)، أي إن العمال يتحمّلون نصف ما تتحمله القطاعات، «وهذا أمر لا يجوز، فالكثير من الشركات يصرّح عن خسائر وعجز، مما يعني وجود تواطؤ بين الإدارة الضريبية والشركات».
ويؤكد صالح أنّ الضرائب على الاستهلاك لا تؤدي إلى عدالة ضريبية، فما يشاع عن أن الأثرياء ينفقون أكثر، غير صحيح علمياً، فيما باتت ضريبة القيمة المضافة تمثّل 22.7% من الإيرادات، وذلك على الرغم من أن المصارف وشركات التأمين مُعفاة منها، ولذلك يقترح إلغاء الرسم الجمركي مع إبقاء رسوم حمائية للإنتاج الوطني مقابل تصنيف السلع ووضع شطور على ضريبة القيمة المضافة.
ويلفت إلى أن انتقال الأسهم لا يخضع للضريبة رغم أنه يعني انتقال الملكية، فيما الضريبة التي تدفعها المؤسسات المالية على الفوائد تُحسم من ضريبة الباب الأول، فضلاً عن أن الإعفاءات الممنوحة للشركات استنسابية، فلماذا تُعفى شركات الأوف شور من ضريبة رسم الانتقال؟ ولماذا تستفيد يعض الشركات التي لا تخضع للشروط! وبالتالي، لمن تعمل القوى السياسية التشريعية وفي خدمة مَنْ؟
اقتراحات لموازنة 2010
المصارف وشركات التأمين معفاة من ضريبة القيمة المضافة
يتسع النقاش أكثر مع دخول مشروع موازنة عام 2010 على خط السياسة الضريبية، فيقترح المستشار الاقتصادي في مجلس النواب، غازي وزني، أن تُزاد الضريبة على أرباح الشركات وتًستحدث ضرائب على مظاهر الثروة، وتُوضَع ضريبة بمعدل 0.5% على سندات الخزينة التي تحملها المصارف اللبنانية، وتوضع أيضاً ضريبة على الربح العقاري، ويشير إلى وجود أكثر من لوبي يوظف السياسات الضرائبية في خدمته، مثل لوبي المصارف واللوبي العقاري واللوبي النفطي... فيما الحلقة الأضعف هي «اللوبي الشعبي». ومن أبرز اقتراحات هؤلاء الخبراء، في ضوء النقاشات، وبهدف إعادة تصويب وظيفة الضريبة في لبنان باتجاه التخفيف من الضرائب غير المباشرة على حساب الضرائب المباشرة بما يوفّر إيرادات ضريبية لعام 2010، أن تُجرى إعادة تقويم للقيمة التأجيرية في كل لبنان، وأن تجرى زيادة الشطور الأعلى من الدخل، وتُطبَّق معدلات تصاعدية، ويُزاد معدل الضريبة على أرباح الشركات من 15% إلى 30%، وتُوضع ضريبة على الأملاك البحرية، ويُزاد معدل اشتراكات الضمان الاجتماعي، وتُوضع ضرائب نوعية ومباشرة على مظاهر الثروة.
ويرى سلامة أنّ توقيع اتفاقيات مع البلدان حيث يوجد لبنانيون مغتربون، يوفّر مداخيل ضريبية، إذ يُعفون من الضريبة خارجاً مقابل تسديدها في لبنان، وهذا يوفّر عليهم ويؤمن للبنان إيرادات إضافية.
________________________________________

55% ضريبة ورسم
هي مجمل الضرائب والرسوم التي يسددها اللبنانيون للدولة بما فيها إيرادات الخلوي التي تمثّل 16.7% من الإيرادات الضريبية الإجمالية، وقد بلغت الضرائب غير المباشرة 12.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2009، مقارنةً بـ9% في 2001
________________________________________

التهرّب عبر السرية المصرفية
أجرى الخبير الاقتصادي سمير سلامة، مقارنة بين الضرائب في لبنان والولايات المتحدة، وخلص إلى أن الشركات في لبنان تقدّم ميزانية رابحة للمصارف وخاسرة للدولة للتهرب من الضريبة تحت غطاء السرية المصرفية، فيما هناك عدم مساواة بين الضريبة على الفوائد الدائنة والمدينة، وليس هناك ضريبة موحّدة على الدخل (مطروح منذ 1971 ولا يقرّ)، والموظّف لا يصرّح عن كامل دخله، ولا سيما توظيفات أمواله في الأسهم والسندات، على أن تستعمل إيرادات ضريبة القيمة المضافة لتقديم خدمات اجتماعية (بطالة، عجز، تعليم خلال العمل...)
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment