Friday, July 15, 2011

لا رواية رسمية حتى الآن لكيفية خطف الأستونيين... والإفراج عنهممضبطة أسئلة برسم فرنسا ولبنان: هل نجونا من مخيم بارد جديد؟
أحد الاستونيين يعانق ابنته (أ ف ب)
حكمت عبيد
فرح اللبنانيون لخبر نجاح المفاوضات التي أجرتها أجهزة مخابراتية أوروبية، بصفة «مساعدة لوجستية»، مع خاطفي الأستونيين السبعة؛ وحزنوا لأنهم شعروا بإهانة «سيادية»
من الطراز الرفيع على الرغم من عملية التجميل التي حاول وزير الداخلية العميد مروان شربل إجراءها، مستلحقاً لنفسه ولحكومته دوراً ليس موجوداً أقله بالوقائع
والتفاصيل المادية.
ولعل الحديث بغموض عن «دور كبير لفرع المعلومات» كما قال شربل، في عملية إطلاق سراح الأستونيين السبعة، ينكأ في ذاكرتنا حادثة اقتحام عناصر من قوى الأمن الداخلي
بتاريخ 20/5/2007، لشقة في أحد أحياء مدينة طرابلس، من دون تنسيق مع باقي الأجهزة الأمنية. تلك الحادثة شكلت الشرارة الأولى لمجزرة موصوفة ارتكبها سلفيون في
ساعات الفجر الأولى، بحق 23 شهيداً من الجيش اللبناني، قبل أن تضرب النخوة رؤوس من اتخذوا قراراً باقتحام نهر البارد من دون أن يحتسبوا ما عندهم من عدّة وعتاد،
فكانت النتيجة سقوط 166 شهيداً للجيش اللبناني وجُرح ألف ومئتي عنصر، فيما بقيت «فتح الإسلام وأخواتها» يعبثون بأمننا الوطني، عدا عما تسبب به الأمر من تدمير
كامل لثاني أكبر مخيم فلسطيني في لبنان.
ها نحن اليوم، نشهد تكراراً مأساوياً لمشهد أمني ينطوي على حلقات مجهولة، وها هو وزير «تكتل التغيير والإصلاح» يروّج لدور «فرع المعلومات»، ولو من دون أي تنسيق
مع باقي المؤسسات العسكرية والأمنية، علماً أن مصادر واسعة الإطلاع تجزم أن هذا الفرع لم يعلم بأمر العملية الا بعد نصف ساعة من لحظة وصول الأستونيين السبعة
الى السفارة الفرنسية في بيروت.
واذا أخذنا بكلام وزير الداخلية علينا أن نشكر الله أن العملية المنسقة مع أحد الأجهزة اللبنانية انتهت هذه المرة من دون شهداء، بل شهيد واحد هو هيبة الدولة
وسيادتها المفقودة على حد تعبير أحد أعضاء تكتل التغيير الذي كان يرمي اللوم تلو اللوم على جاره الجبيلي مروان شربل، بعدما كان هذا النائب في طليعة من أعلنوا
في يوم من الأيام أن وزير الداخلية هو من ضمن حصة «تكتل التغيير» وأن ميشال عون هو من قام بتسـميته!
وإلى أن تتضح كامل فصول فعلي الخطف والإفراج وما بينهما من فصول ومفاوضات، فإن الغموض سيطلق العنان لأسئلةٍ حقيقيةٍ عن الأسباب والدوافع، في انتظار حقيقة لم
يتعود اللبنانيون أن تضعها في متناول يدهم الجهات المعنية، أمنية أو قضائية أو سياسية، ومن هذه الأسئلة:
اولا: لماذا تولت المخابرات الفرنسية دون غيرها من الاجهزة المحلية أو غير المحلية هذه المهمة الأمنية؟
ثانيا: من أمـّن للمخابرات الفرنسية القدرة الاستعلامية واللوجستية من أجل حبك عملية امنية كهذه، من دون ان يقدم للرأي العام طرف خيط ولو صغير يقود الى فكفكة
لغز الخطف؟
ثالثا: ما هي كلمة السر الخفية في هذه المسألة، ومن باع لمن، ولماذا بيعت هذه المسألة لفرنسا ولمخابراتها، وهل بيعت لها حصراً ام ان ثمة شركاء خلفيين للفرنسيين
في هذه القضية؟
رابعا لماذا تجهـّل المخابرات الفرنسية الجهة الخاطفة، ولماذا لا تعلن عنها، فأن تقوم المخابرات الفرنسية بهذه العملية، فمعنى ذلك، انها تعرف الجهة الخاطفة،
وانها كانت على تواصل معها وانها نسقت معها وانها دفعت ثمناً لها اما من خلال طمسها كمجموعة وبالتالي دفن الحقيقة معها والتعهد بعدم ملاحقتها وتجريمها، واما
انها دفعت ثمنا ماليا، والمرجح هو الاحتمالان معا؟
خامسا:اذا صح أن المخطوفين كانوا طيلة الفترة الماضية على الأراضي السورية، كيف دخلوا اليها وكيف خرجوا منها، وهل شاركت أية جهة أمنية سورية بالعملية أو هل
تم تفويض تنظيم فلسطيني أو جهاز لبناني بالمهمة، واذا تم التنسيق بين الفرنسيين والسوريين، هل يعني ذلك أن ثمة خطوطاً أمنية مفتوحة بين الجانبين حتى الآن؟
سادسا: لماذا انجزت العملية في هذا التوقيت بالذات وهل هو توقيت بريء أم مشبوه، وهل تحول الفرنسيون الى «بابا نويل» يقدم هدايا مجانية، وذلك عطفاً على ما أوردته
مصادر فرنسية بأن العملية بمثابة هدية لحكومة نجيب ميقاتي بالتزامن مع جلستها الأولى بعد الثقة؟ وطالما نتحدث عن التوقيت، هل من رابط بين العملية وزيارة السفيرين
الأميركي والفرنسي الى حماه وما استدرجته من ردة فعل شعبية سورية استهدفت السفارتين الأميركية والفرنسية في دمشق، وهل تعتبر العملية بمثابة رد على السوريين
وهل ثمة رابط بين العملية وبين العيد الوطني الفرنسي الذي صادف يوم امس الأول، وهل جاء هذا الافراج تعبيراً عن حاجة فرنسية لإنجاز وحتى من خارج الحدود للاستثمار
الداخلي؟
سابعا: لماذا ترافقت العملية مع طرح ملف التعيينات وخاصة في الأمن العام ورئاسة الأركان، واذا صح أن جهازاً أمنياً لبنانياً قد شارك لماذا لم يكن هذا الجهاز
لا الأمن العام ولا مخابرات الجيش اللبناني وما هي المعايير التي تحكم علاقة الفرنسيين وسواهم بالأجهزة الأمنية اللبنانية؟
ثامنا: هل هذا الافراج مرتبط بالسياق الذي قاد التحقيق منذ مدة الى مجدل عنجر، والذي ادى الى كشف المجموعة الخاطفة المنفذة وتوقيفها وعددها تسعة افراد، ولكن
من دون ان يؤدي ذلك الى كشف المجموعة الام، وبالتالي تم الشغل على هذا المخرج منذ ذلك الحين، واختير له توقيت معين ليوضع في عهدة الفرنسيين فقط، وليحجب عن الحكومة
اللبنانية الجديدة حق ان تكون شريكاً امام الشعب اللبناني في تظهير هذا الانجاز؟
تاسعا: هل ثمة من يسعى لتظهير لبنان ساحة أمنية واستخباراتية لعقد الصفقات بالشراكة بين اجهزة متعددة الجنسيات، خاصة أن وزير خارجية استونيا تحدث عن دور لبلاده
ولكل من فرنسا وألمانيا وتركيا في العملية، وما معنى أن تحضر «الدول» كلها على أرض دولة ما دون ان يكون للدولة المذكورة حتى دور الواسطة فيها، الا تحتمل هذه
الصفقة الخطيرة، وتشكل «بروفة» لأمور أخرى، خاصة في زمن القرار الاتهامي، أي ان المخابرات الفرنسية او غيرها من مخابرات الدول الاخرى تستطيع ان تجري صفقة مع
جهة او جهات محلية وتقوم بتنفيذ عملية على حسابها وتنفذ مداهمات في أي مكان لحساب المحكمة الدولية مثلا؟
عاشرا: اين كانت الاجهزة الامنية اللبنانية، وهل كانت على علم بما تقوم به المخابرات الفرنسية، فإن لم تكن تعلم فتلك مصيبة، وان كانت تعلم فالمصيبة اكبر مما
يضعها في موقع الملزم باعطاء التفسيرات حول سبب السكوت، وحول سبب الانكفاء الى الخلف في قضية كانت من اولوياتها، والتخلي عن الدور لمصلحة الفرنسيين، ومن نصح
بهذا التخلي، وهل هو موقع مسؤولية سياسية او امنية؟
حادي عشر: هل صحيح ان الجيش اللبناني كان قد وصل الى نقطة متقدمة جداً في موضوع الاستونيين، وبالتالي كان على قاب قوسين ان ينهي هذا الموضوع نهائياً خاصة ان
مخابرات الجيش كانت في الفترة الاخيرة قد قامت بمداهمات في بعض الاماكن، وهل ثمة طرف محلي سياسي او امني قد أتى من خلف استعدادات الجيش وقطع الطريق عليه و«قوطب»
على مهمته، فباع المسألة للمخابرات الفرنسية، الا يعني ذلك فضيحة كبرى، والا يعني ذلك اباحة لبنان وكشفه امنياً امام الغير؟ وهل صارت مهمة الأجهزة أن تتنصت
على بعضها البعض وهل يمكن أن يقود ذلك الى فتح العيون على منظومات تنصت أجنبية على الأراضي اللبنانية تحت لافتات وقرارات ومهمات دولية عدة، وكيف سيتصرف الجيش
ازاء خرق كهذا، وكذلك الأمر بالنسبة الى فرع المعلومات اذا كان قد بلغ نقطة متقدمة في التحقيقات؟
ثاني عشر: ما هو المقصود من القاء عبوة مفخخة بالسياسة والمذهبية، في اللحظة التي تمت فيها عملية الافراج، ومن حرّك تلك الماكينة التي دأبت منذ صباح امس، على
اللعب بين ديموغرافيا بلدة الطيبة بمعناها المذهبي وبالتالي السياسي، وبين الديموغرافيا المتصلة مع بلدة عرسال وجرودها بمعناها المذهبي والسياسي، هل المقصود
هنا هو محاولة تمييع حقيقة الديموغرافيا السياسية التي احتضنت عملية الخطف، وبالتالي يخرج الامر من مكان ليضعه في مكان آخر؟
ثالث عشر: من يجزم أن الأستونيين السبعة لا خرجوا من هذه القرية ولا من تلك، بل كانوا نائمين في السفارة الفرنسية، والا ما معنى أن قافلة من السيارات المدنية
بأرقام دبلوماسية أجنبية تتحرك بين العاصمة والحدود الشرقية ولا تجد من يدقق في طبيعة مهمتها لا في الذهاب ولا في الاياب؟
رابع عشر: الا يعكس المخرج الذي انتهى بالافراج عن الاستونيين، ان المخابرات الفرنسية تصرفت بطريقة مافياوية ترتكز على اولوية الصفقة وليس على اولوية العمل
الأمني الاحترافي، والم تقدم بذلك رسالة تشجيع الى كل من يريد ان يكرر مثل هذه التجربة؟ وما معنى أن يبادر خاطفون الى تكرار الفعلة وتتصرف دول المخطوفين بالطريقة
نفسها على أرض لبنان؟
خامس عشر: من يستطيع أن يقدم للبنانيين رواية كاملة ودقيقة حول من هي الجهة التي خطفت الأستونيين بداية؟ وما هو هدفها وأين توارت عن الأنظار طيلة أربعة اشهر،
وهل البداية تشبه النهاية أم أن هناك حسابات مختلفة؟

No comments:

Post a Comment