Saturday, May 15, 2010

دمشق متحمّسة لتعديل وزاري
نادر فوز
لا يتردّد زوّار دمشق في وصف الوضع اللبناني الحالي بـ«الدبكة الخيامية». ليس في هذا الوصف أيّ مبالغة أو تهكّم، إذ تمتاز هذه الرقصة الفولكلورية في منطقة الخيام بأنّ راقصيها لا يبارحون مكانهم ولا يدورون في حلقة. بل يقفزون في أماكنهم، خطوة إلى الوراء وأخرى إلى الأمام. إذاً، ليس على صعيد الساحة الداخلية أي جديد أو مهم من شأنه التأثير على الوضع الحالي، أو يستحق مراجعة سورية. وينقل زوار الشام عن المسؤولين السوريين ارتياحهم التام وثقتهم بأنّ ما يبحثون عنه سيتحقق اليوم أو غداً. فالعبارة السورية الطاغية حالياً هي «ما من ضرورة تستوجب الاستعجال». منذ أشهر عادت الأمور إلى مجاريها، فعقد التفاهم الاستراتيجي مع تركيا، وحضر الأوروبيون والغربيون إلى قصر المهاجرين، وعقدت اللقاءات اللازمة مع الملك السعودي، وحصلت الزيارات من الجانب اللبناني.
من جملة الملفات التي ينطبق عليها مفهوم عدم الاستعجال، موضوع علاقة دمشق بالرئيس سعد الحريري. ينقل الزوار أنّ السوريين يرون أن زيارة الرئيس الحريري أسقطت كل الاتهامات السابقة وقلبت المواقف، وباتت دمشق هي التي تتحكّم في هذه العلاقة. ويشيرون إلى ملاحظة السوريين أنّ السعودية لم تعد راعية لكل ما يقوم به الرئيس الحريري كما كانت الحال سابقاً، وهو ما يعكس ارتياحاً سورياً أكبر في القدرة على ضبط الساحة اللبنانية.
ويؤكد الزوار أنّ علاقة سوريا ـــــ الحريري اليوم غير متوازنة، تقوم على شروط سورية تنتظر تطبيق الحريري لها. ولعلّ أبرز ما يشير إلى حالة عدم التوازن، استمرار التواصل بين رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد وسام الحسن، ورئيس فرع الاستخبارات العسكرية في دمشق وريفها اللواء رستم غزالي. ويؤكد المطّلعون أنّ التواصل بين الضابطين يجري بصورة شبه يومية، لكن دون التوصّل إلى النتائج المبتغاة، وخصوصاً بشأن ملف التعيينات الأمنية.
وعلى صعيد علاقة الحريري بسوريا، أكد أحد زوار دمشق أنّ مستشار رئيس الحكومة، نادر الحريري، اتّصل قبل أيام بأحد مستشاري الرئيس السوري بهدف جسّ النبض الشامي حيال هذه العلاقة. ويضيف الزائر أنّ نادر الحريري لم يسمع من المسؤول السوري ما يبعث على الارتياح، إذ لم يُتطرّق إلى موضوع تحديد موعد زيارة الحريري إلى سوريا، مع تشديد المستشار السوري على أنّ أداء الحريري لم يحسم بعد موقعه من المعادلة الجديدة.
وفيما لم يؤكد أيّ من المسؤولين المستقبليين والمطّلعين على شؤون رئاسة الحكومة معلومة اتصال نادر الحريري بالمسؤولين السوريين، يؤكد المستقبليون أنّ الحريري لم يعد في موقع الأولوية للسياسة السعودية في لبنان، وذلك تماشياً مع تقارب الرياض ـــــ دمشق.
وفي العودة إلى مبدأ «عدم الاستعجال» نفسه، يشير زوار دمشق إلى أنّ المسؤولين هناك لا يعلّقون أهمية على الانتخابات البلدية والاختيارية، رغم أنّ حلفاءها في لبنان برهنوا عن تقدّم واضح في معظم المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة «الخصوم» السابقين لسوريا، وخصوصاً في أقضية البقاع. ويشدد الزوار على أنّ عدم الاهتمام السوري بالبلديات لكون هذا الاستحقاق لا يؤثر على التمثيل وحسم القرارات المهمة. مع تشديدهم على أن الاستحقاق السياسي المقبل هو تأكيد مواقع القوى في لبنان والذي سينتج منه انقلاب الأكثرية إلى أقلية والعكس صحيح.
ولا يستبعد ضيوف سوريا أن يكون هذا الاستحقاق المنتظر هو موضوع التغيير الحكومي الذي لا يزال أقطاب لبنانيون يستبعدون حدوثه. وكان آخرهم الرئيس ميشال سليمان الذي أكد أنه ليس من مصلحة أحد فرط الحكومة، «وخصوصاً المعارضة التي كانت تطالب دائماً بتأليف حكومة شراكة وتوافق». يدفع موقف سليمان الأخير عدداً من المقرّبين من سوريا إلى السؤال عن سبب هذا التصريح الرئاسي في مرحلة لم يركّز الإعلام فيها على التعديل الحكومي. ويستنتج الزوار أنّ موقف بعبدا «لم يأت من العبث، بل نتيجة تداول الموضوع مع عدد من ضيوفه»، ما يعني أنّ الرئيس سليمان اطّلع على الأحاديث والقراءات والمعلومات المشيرة إلى التعديل الحكومي.
وفيما يتحدث مقرّبون من سوريا بثقة عن هذا التغيير الجذري، يؤكدون في الوقت نفسه أنّ دمشق ستتمسّك بالرئيس الحريري، بهدف إعادة فتح القنوات مع الشارع السنّي. ويشيرون أيضاً إلى أن أبرز ما يؤثر على العلاقة بين سوريا والحريري، هو عدم أخذ الأخير جمهور طائفته إلى الشام، عكس ما فعله النائب وليد جنبلاط.
دمشق غير مهتمة بالانتخابات البلدية لكونها لا تؤثر على القرارات المهمة
أما الهدف السوري من التغيير الحكومي، فيكمن في نقطتين بارزتين: أولاً، إبعاد بعض الشخصيات والأطراف المزعجين عن السلطة في لبنان. ثانياً، إعادة الحكم في لبنان إلى الحال التي كان عليها في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وهو ما يمكن أنّ يحقق الارتياح السوري الكامل من أي ضرر يمكن أن يصيبها من حدودها الغربية. وإذا لم يستطع الرئيس سعد الحريري تحقيق هذا الارتياح في مرحلة ما بعد الحكومة الحالية، فلا يستبعد الزوار وقوع الخيار السوري على شخصيات سنيّة تدور في فلك رئيس الحكومة وهي تمتلك حيثية سنيّة عالية.
ويقدّم أحد المقرّبين من سوريا، من المتفائلين والداعمين لفكرة التعديل الحكومي، ملف الموازنة مادة يمكن الاستناد إليها لإعادة التكليف والتأليف، مضيفاً أنّ الأسابيع المقبلة ستكون حافلة بالإضرابات الاحتجاجية على الأوضاع المعيشية.
وسط هذا، لا يخفي زوار دمشق الحذر السوري من صدور أي قرار عن المحكمة الدولية في حق حزب الله، فيما ينقل الزوار تأكيد أعلى المراجع السورية التمسّك السوري بسلاح الحزب والحماية له أمام ضيوف عرب وغير عرب.
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment