Sunday, December 26, 2010

الإجراءات الفرنسيّة في اليونيفيل: تخفيف إزعاج أم تعديل قواعد الاشتباك؟

وجود اليونيفيل ليس لصد إسرائيل وليس لنزع سلاح حزب الله (حسن بحسون)
التعديلات على عمل القوة الفرنسية العاملة في إطار قوّات اليونيفيل في لبنان تمرّ بهدوء. التفسير الرسمي للتعديلات يأتي في إطار عام عنوانه «تخفيف إزعاج المواطنين»، غير أنّ مصادر أخرى تشكّك في هذا الهدف، مشيرةً إلى شبهة تعديل قواعد الاشتباك لتقوية القدرة النارية للقوات
بسام الطيارة
باريس| مرّ عيد الميلاد ولم تصل «هدية جيفري فيلتمان الشخصية» إلى اللبنانيين، رغم الوعد الذي قدّمه إلى النائب فؤاد السنيورة أمام السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيلي، بـ«تمزيق حزب الله»، حسبما ورد في مقال لفرانكلين لامب، في «فورين بوليسي جورنال» عن زيارة مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في ١٧ تشرين الأول الماضي، فقد نقل فيها قول فيلتمان «سنضرب حزب الله ألف ضربة بطيئة عبر استخدام القرار ١٧٥٧». ويشير الفرنسيون إلى هذه الهدية في سياق «التندّر» على السياسة الأميركية في الشرق الأوسط عموماً، وفي لبنان خصوصاً. وتأتي الملاحظات الانتقادية لطريقة تصرف الأميركيين من المواكبين للملف اللبناني في سياق «الإفراج الفرنسي عن ١٠٠ صاروخ هوت» بشكل «هدية» إلى الحكومة اللبنانية، وردّ فعل الأميركيين عليها، ومحاولات ثني باريس عنها، التي بلغت ذروتها بوصول رسالة من النائب الديموقراطي ستيف روثمان الى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يطالبه فيها بالتخلي عن مشروع تزويد لبنان هذه الصواريخ المضادة للدروع، بذريعة «خطر استخدامها من جانب حزب الله ضد إسرائيل».
وبالطبع تكتّم الأميركيون وغضّوا النظر عمّا رافق هدية باريس من إجراءات وقرارات أمنية اتخذتها الكتيبة الفرنسية العاملة في قوات اليونيفيل، طاولت خصوصاً الدوريات المؤللة. وتشدد الأوساط الفرنسية على أن المقاربة الأميركية «التي تحشر أمن إسرائيل» في كل رسائلها المفتوحة تنزع صدقية خطوات باريس في المنطقة، وتذهب بعض المصادر إلى الحديث «عن خطورة هذه المقاربة على وضع اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، لأنها تزيد اقتناع الرأي العام بأن هذه القوات موجودة لحماية إسرائيل لا لحماية لبنان.
ويوافق دبلوماسي عربي على هذا النقد الفرنسي للمقاربة الأميركية، ويشير إلى غرابة الترابط بين الحديث عن اليونيفيل والتوتر في الجو اللبناني بسبب المحكمة الدولية.
وبالنسبة إلى تبديل المعدات الذي أجرته القوة الفرنسية المشاركة، يقول خبير عمل طويلاً على ملف القوات الدولية في لبنان، إن هذه القوات تشهد «تطويراً نوعياً لمعداتها»، إلا أنه يستدرك بالإشارة إلى أن ذلك «لا يعني زيادة قوة النيران»، بل إن هذا التطوير يُعدّ «نتيجة منطقية للإجابة عن متطلّبات العمل الميداني» من نواحٍ جغرافية ولوجستية عدة، واستجابةً لشكاوى الأهالي من «الضوضاء والإزعاج»، اللذين كانت تسبّبهما بعض الآليات بين المنازل. ويشدّد الخبير على توضيح «ما لا يقوله الإعلام» ولا المسؤولون من مختلف الأطراف: «إنّ وجود اليونيفيل ليس لصد إسرائيل وليس لنزع سلاح حزب الله»، ويتابع أن القرار ١٧٠١ كان صريحاً وواضحاً بما فيه الكفاية، ويشير إلى الفقرة التنفيذية الرقم ١١ التي تنص على مراقبة وقف العمليات العدائية، و«مرافقة القوات المسلحة اللبنانية ودعمها»، بالتزامن مع انسحاب القوات الإسرائيلية. ويشير في البند «ج» من الفقرة نفسها إلى «تنسيق مع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية»، وصولاً إلى تحقيق هذه الأهداف.
وفي هذا رد على اتهامات البعض لليونيفيل بالتجسّس لحساب إسرائيل، في إشارة إلى تنسيق الأعمال بينها وبين قوات الدولة العبرية. أما بالنسبة إلى الخروق الإسرائيلية، فهي كما يقول الخبير «بكل صراحة» لا تدخل ضمن إطار تعريف «خرق وقف إطلاق النار»، دون أن يمنع هذا اليونيفيل من «إعلام مجلس الأمن بهذه الخروق»، وذلك بعكس ما يحصل «في المقلب اللبناني للحدود»، وخصوصاً أنّ مهمتها الثانية هي، حسب الفقرة التنفيذية ١٢، التأكّد من أن مناطق عملياتها (بين الخط الأزرق والليطاني) لا تُستخدم بأي بشكل من الأشكال للأعمال العدائية. وتشدّد الفقرة المذكورة، على أنّ «عمل اليونيفيل يجب ألّا يُلحق أضراراً بمسؤولية الحكومة اللبنانية عن حماية المدنيين». ومن هنا لا يرى الخبير أنّ تطوير الأسلحة ونوعيتها يمكن أن يؤثّرا في أهداف مهمّات اليونيفيل، كما يفيد أنّ الإجراءات والقرارات الأمنية الجديدة وإبدال الآليات الخفيفة لنقل الجنود بمدرعات «لا تخفي أيّ استعداد عسكري»، ويشدد على أن الأوامر الجديدة للعناصر التي «حصرت الدوريات بالطرقات العامة التي حدّدتها» القيادة بالتنسيق مع القيادة العامة لقوات اليونيفيل وقيادة الجيش اللبناني «لا تهدف إلى منع التواصل مع السكان»، بل إلى «تخفيف إزعاج المواطنين في القرى».
إلا أن خبيراً عسكرياً خدم في المنطقة لا يخفي أن إبدال المعدات هو مدخل لـ«تغيير المعادلة الميدانية في ظل غياب تغيير قواعد الاشتباك»، الذي يتطلب قراراً من مجلس الأمن، ويمكن أن «يستنفر القوى الموجودة» على الأرض.
وكانت قوّة الكتيبة الفرنسية المشاركة في اليونيفيل قد بدأت إبدال ناقلات الجند المجنزرة من نوع «أ إم إكس ١٠» بآليات حديثة من طراز «في بي سي إي» منذ منتصف أيلول، وجرت العملية بواسطة مراكب برمائية في مرفأ الناقورة انطلاقاً من البارجة «فودر» (الصاعقة). وفي التفاصيل، كان لوران تيسيير، الناطق الرسمي لوزارة الدفاع، قد ذكر أنه أُنزلت ١٤ ناقلة من الطراز الجديد، و٧٤ ناقلة جند خفيفة لتحل محل ١٧ ناقلة من الطراز القديم. ورداً على سؤال عمّا إذا كانت المجنزرات القديمة ستؤول إلى الجيش اللبناني، أجاب الناطق بحزم: «لا، سوف تعود إلى فرنسا».
وبالطبع هذا ما أكدته مصادر في اليونيفيل، مما يزيل أيّ شك في إمكان مدّ الجيش اللبناني بهذه المعدات، وإن كانت قديمة، بطريقة غير مباشرة.
وقد كشفت المصادر أن عملية تغيير المعدات تأتي «فقط» ضمن إطار «التجديد التدريجي لمعدات وحدات الجيش الفرنسي»، وأضافت إنّ المعدات الجديدة مجهّزة بعجلات، ممّا «يخفف الضجيج الذي تسبّبه المجنزرات لسكان القرى». وبالطبع رفضت المصادر التعليق على عدد المعدات الإضافية، ورأت في المقابل أن وصول ٢٣٠ جندياً مع هذه المعدات يأتي في إطار التبديل العادي للجنود. وحسب بعض الخبراء فإن المدرعة الجديدة المعروفة باسم «عربة قتال مدرعة للمشاة» من صناعة «نكستر سيستم» هي أكثر تطوراً من المدرعات السابقة، وأكثر مرونةً وسرعةً في المناطق الوعرة، كما أن التدريع مزدوج من الداخل والخارج ضد الألغام الأرضية. أما داخلها، فهو فسيح ويتسع لـ١١ جندياً مجهزين، إضافةً إلى طاقمها المؤلف من سائق ومدير للبرج لرماية المدفع، وجميع مقاعدها مجهزة برفاصات لامتصاص الصدمات. كما يمكن تجهيزها بنظام الحماية المتفاعلة «شارك» (SHARK) ونظام الدفاع عن قرب «غاليكس» (galex). وتبرز هجومية المدرعة الجديدة بقدرة مدفعها المجهز بعيار ٢٥ ملم على العمل في اتجاهين، كما أنها مجهزة برشاش ٧،٦٢ ملم. ويستطيع الرامي داخلها التصويب بمدار ٣٦٠ درجة مباشرةً (بانورامي) أو استعمال الفيديو في النهار أو الحس الحراري في الليل، كما يمكن المدرعة إطلاق «بالونات خديعة» لتغيير مسار القذائف التي قد تستهدفها.
ولئن كان البعض يرى في عملية «تدوير المعدات» للقوة الفرنسية مسألة روتينية طبيعية، فإن البعض الآخر يربط إسراع التجهيز بـ«الملاحظات والشكوى من عدم القدرة على الحركة»، والمطالبة بتحويل القوة الفرنسية إلى «تاسك فورس» لمساندة القوات الأخرى وعدم تحديد منطقة خاصة بها. ويرى البعض أن التشديد على «منع عناصر الكتيبة من القيام بدوريات خارج الطرقات العامة التي يجري تحديدها مع القيادة العامة لقوات اليونيفيل وقيادة الجيش اللبناني» يرمي إلى تبديد أيّ شكوك في إمكان تحويلها إلى قوة تدخّل سريع.
وبالطبع لا يريد أيّ مصدر الربط بين التوتر السابق والتجهيزات الجديدة، أو أن تكون زيادة قوة نار اليونيفيل على علاقة بالتوتر الحاصل في لبنان، على اعتبار أنّ تبديل هذه القوة «مبرمج منذ مدة طويلة».
________________________________________
أميركا متمسّكة بحصّة لإسرائيل في الاتفاق اللبناني!
طغى الكتمان على نتائج زيارة الرئيس السوري بشّار الأسد للعاصمة الفرنسية، وما جرى تداوله من معلومات هو أقل بكثير من الذي لا يزال مجهولاً. وبحسب مصدر قريب من دمشق، فإن النقطة الأكثر أهمية هي ما نقله الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لنظيره السوري حول إصرار الولايات المتحدة على حصّة إسرائيلية في أيّ اتفاق لبناني داخلي.
وقال المصدر إن «الأسد وضع ساركوزي في أجواء المساعي السورية ـــــ السعودية، والتقدم الذي حققته على صعيد تثبيت التهدئة، وإمكانية إخراج الموقف من عنق الزجاجة». وأبدى الأسد، بحسب المصدر نفسه، «قلقه من محاولات العرقلة الأميركية، والضغوط التي تمارس على بعض الأطراف تحت ذريعة ترك المحكمة الدولية الخاصة بالحريري تأخذ مجراها من دون تدخل. وطلب الرئيس السوري من نظيره الفرنسي التدخل لدى الإدارة الأميركية بهدف رفع العراقيل من طريق الاتفاق اللبناني ـــــ اللبناني».
وكشف المصدر أن «ساركوزي أبدى استعداد باريس للتّدخل لدى واشنطن، لكنه أوضح أن الإدارة الأميركية مستعدّة للتجاوب إذا حُفظت حصة إسرائيل في الاتفاق اللبناني. ولم يحدّد ساركوزي طبيعة هذه الحصة، لكنّه تحدّث بنحو أساسي عن «سلاح حزب الله، وتثبيت القرار 1701 ليتحول إلى واقع دائم لجهة منع أي وجود عسكري للحزب في منطقة جنوبي الليطاني، على أن تقدّم دمشق ضمانات جدّية بعدم تسريب سلاح لحزب الله عن طريق الأراضي السورية».
ولدى عرض الموقف العام في لبنان بين ساركوزي وضيفه الأسد، عبّر الأخير عن قلقه من هشاشة الوضع اللبناني، وأكّد أن «المخرج الوحيد هو اتفاق اللبنانيين في ما بينهم على كل القضايا»، وردّ ساركوزي على ذلك بقوله «إن في وسع سوريا أن تساعد اللبنانيين على ذلك، لكن عليها أن تدرك أن لا عودة عسكرية الى هذا البلد مهما كانت الظروف». وأردف ساركوزي أن «سوريا حصلت على انفتاح غربي تجاهها، وعلى عودة إلى الساحة الدولية، لكنها لم تقدّم في لبنان ما يتجاوز المطلوب منها تجاه دولة لدولة، مع أن في وسعها المساعدة بحكم علاقاتها الخاصة وقدرتها على التأثير لدى كل الأطراف اللبنانية». ورأى الرئيس الفرنسي أن «قدرة سوريا على التأثير تتجاوز الأطراف اللبنانية إلى إيران».
وبصدد الوضع الإيراني، كشف ساركوزي عن أن «الأطراف الدولية تراقب باهتمام تطورات الوضع الإيراني، وتعوّل عليها كثيراً في تغيير مواقف طهران من جملة من الملفّات، من بينها النووي ولبنان والعراق والتسوية الفلسطينية».
وبصدد موقف سوريا من المحكمة الدولية، رأى ساركوزي أن «سوريا تصرفت بحنكة حين استعانت بمكتب استشارات دوليّ في لندن، ولم يستبعد أن يخطو حزب الله الخطوة نفسها».
(الأخبار)
العدد ١٣٠٠ الاثنين ٢٧ كانون الأول ٢٠١٠

No comments:

Post a Comment