Thursday, July 22, 2010

باريس تفتح أحضانها لبرّي وتتذكّر حبّها لعون
باريس ــ الأخبار
كون بري رئيساً لمجلس النواب يحمي الإدارة الفرنسية (أرشيف ــ بلال جاويش)الدبلوماسي اللبناني نفسه الذي نشط بين فرنسا وسوريا في السنوات القليلة الماضية، محاولاً تقريب وجهات النظر بين العاصمتين يركز منذ أشهر اهتمامه على إصلاح العلاقة بين الإدارة الفرنسية وبعض السياسيين اللبنانيين الذين تعتبرهم الإدارة نفسها حلفاء لسوريا.
المعلومات القليلة المتوافرة عمّا يحصل على هذا الصعيد، تشير إلى أن الرئيس نبيه بري يفترض أن يحل قريباً ضيفاً في فرنسا، يليه رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. ويرجّح أن يكون لكل من بري وعون برنامج لقاءاته الخاص، رغم أن هدف الفرنسيين من الزيارتين هو نفسه. وبحسب المعلومات، فإن باريس ترى نفسها معنيّة بالحفاظ على الاستقرار الداخلي اللبناني الذي يجنبها الكثير من «وجع الرأس». وثبت لهذه الإدارة أن الاستماع إلى وجهة نظر لبنانية واحدة ومخاطبة قوى 8 آذار بلغة الأمر فقط لا يجديان نفعاً. وبالتالي فقدت فرنسا حضورها الدبلوماسي المؤثر في لبنان وباتت مجرد «لاعب سابق في الساحة اللبنانية»، ما يسمح لبعض وجهات النظر التي كانت محاصرة في السنوات القليلة الماضية بأن تأخذ مداها وتصل إلى مسمع صنّاع القرار في الخارجية الفرنسية. أما فرنسيّاً فيفتح ذلك البابَ لإعادة التواصل مع بعض القوى اللبنانية لاستعادة القدرة على التأثير لبنانياً، بالإفادة من العلاقات الجيدة الفرنسية ـــــ السورية. وقد وجدت الدبلوماسية الفرنسية حين استشعرت خطراً على جيشها العامل ضمن قوات اليونيفيل أخيراً أن الأبواب الأساسية على صعيد التطمينات مغلقة في وجهها.
في ظل عدم التواصل بين باريس وحزب الله لا يبقى أمام الفرنسيين غيرهما
وفي ظل عدم التواصل العلني والنشط بين باريس وحزب الله، لا يبقى أمام الفرنسيين إلا شخصيتان سياسيتان يمكن مخاطبتهما: نبيه بري وميشال عون. الأول يحمل باعتباره رئيساً للسلطة الاشتراعية، ممثلة بالمجلس النيابي، صفة رسمية تحمي الإدارة الفرنسية من الانتقادات. وهناك في هذه الإدارة مَن يعرف جيداً تفاصيل الوساطات المتعددة التي رعاها رئيس المجلس بين حزب الله من جهة، وقوى محلية وإقليمية من جهة أخرى، فكان بري يسمح بتجاوز الجمود ويساهم في إيجاد المخارج. ويشار هنا إلى أن بين أقرباء رئيس المجلس من لا يزال يمسك بخيوط عدّة لعلاقات مؤثرة في الإدارة الفرنسية. إضافة إلى وجود صديقين على الأقل مشتركين بين بري وبعض الفاعلين في الإدارة الفرنسية، مع العلم بأن الضمانة المُقنعة الوحيدة لأمن القوات الفرنسية العاملة ضمن اليونيفيل في الجنوب اللبناني يمكن أن تأتي من رئيس المجلس النيابي، في ظل تحفظ حزب الله.
أما الثاني، فهو رئيس أكبر تكتل مسيحي في لبنان. وثبت للإدارة الفرنسية، بحسب أحد المصادر، أن المقاطعة الغربية لعون لم تؤثر على مؤيديه، ولم يفقد هؤلاء ثقتهم به نتيجة فقدان الغرب ثقته به. وبالتالي، يعتقد أحد المتابعين لهذا الملف أن هناك متنفساً اليوم للذين يعتقدون أن الحوار مع عون ومحاولة استمالته في بعض القضايا أفضل بكثير من مقاطعته التي هي بمثابة تحفيز له على الاندماج أكثر في المحور السوري ـــــ الإيراني.
إضافة إلى «فاعل الخير» الذي ينشط حالياً لتحضير زيارة عون إلى باريس، هناك النائب سيمون أبي رميا الذي يملك علاقات وطيدة ببعض الفاعلين في الإدارة الفرنسية. وهناك من يؤكد أن اختصاص أبي رميا العلاقات العونية ـــــ الفرنسية، وهو يبذل جهداً كبيراً لإعادة التواصل إلى مجاريه بين الرابية وباريس. وتشير بعض المعلومات الفرنسية إلى رغبة باريس في تجديد المحاولات لفك الارتباط بين عون وحزب الله. ويطلب الفرنسيون في كل مرة يلتقون فيها ممثلين عن التيار الوطني الحر حثّ حزب الله على التخلّص من سلاحه وتشجيعه على العمل السياسي، وإعادة النظر في الشأن اللبناني ـــــ الإسرائيلي. وبحسب المصدر الفرنسي، فإن إجابات العونيين عبر الرسائل المتبادلة «تربط هاتين النقطتين بمنع التوطين»، وهذا ما يؤكده مصدر مقرّب من التيار في باريس من أن فرنسا ساركوزي اليوم غير مستعدة لتقديم «أي تنازل ولو شفهي في ما يتعلق بالتعهد بعدم التوطين».
في هذا السياق، تبدو دعوة الإدارة الفرنسية لبري وعون واردة (يربط البعض زيارة عون بنجاح زيارة بري)؛ البعض يضع الأفكار المتداولة في خانة محاولة عزل حزب الله، البعض يراها نتيجة رغبة فرنسية في العودة الفعلية إلى التأثير في الملف اللبناني. في المقابل، تؤكد المعلومات أن بري وعون «غير مستقتلين» لزيارة باريس (عون على الأقل شبع من فرنسا)، فالوقت يجري لمصلحتهما على مختلف المستويات، والإدارة الفرنسية بحاجة إليهما أكثر من حاجتهما إليها. وعليه، فإن مستوى اللقاءات مهم، فلا بري ولا عون يسعيان وراء لقاء كتبة التقارير، فإما أن تكون الزيارة مفيدة لهما على صعيد تبادل وجهات النظر والوصول إلى بعض الاختراقات في بعض الملفات، أو لا مبرر للزيارة، علماً بأن رئيس المجلس مدعوّ من رئيس الجمعية الوطنية برنار لاكوايه لزيارة باريس في الخريف، وهو حالياً في جنيف.

عدد الخميس ٢٢ تموز ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment