Friday, August 20, 2010

المحكمة الدولية: القرار الاتهامي لا يتضمّن أدلّة أو قرائن
الرجل الذي دخل اسمه تاريخ رمال لبنان المتحركة (أرشيف ــ هيثم الموسوي)
يشدد الرئيس سعد الحريري على أن المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال والده ليست مسيّسة، ويقول حلفاؤه ومقربون منه إنهم لن يقبلوا بقرار اتهامي لا يستند الى أدلة وإثباتات. لكن القرارات الاتهامية الدولية لا يتضمّن نصّها إثباتات وأدلّة، وبالتالي على من يريد التدقيق بمصادر التحقيق الذي قد يؤدي إلى اتهام حزب الله قضائياً أن ينتظر عرضها على جلسات المحكمة. تلك الجلسات تستغرق سنين، يبقى خلالها سيف المحكمة الدولية مصلتاً على رقبة حزب الله
عمر نشابة
«ان المدعي العام لدى المحكمة الخاصّة بلبنان، بناءً على سلطته بحسب المادة 11 من النظام الأساسي، يتّهم فلان الفلاني بالضلوع في جريمة إرهابية أدّت «إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وإلى مقتل أو إصابة أشخاص آخرين» (المادة الأولى من النظام الأساسي) في 14 شباط 2005».
تدلّ عملية تدقيق في نصوص قرارات اتهامية صدرت سابقاً عن محاكم دولية استثنائية شبيهة بالمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري على الآتي:
1- ان نصوص القرارات الاتهامية لا تتضمّن أدلّة أو قرائن أو اثباتات. بل يُنتظر إظهار الأدلّة وقياس مدى صدقيتها خلال انعقاد جلسات هيئة المحكمة. تلك الجلسات قد تستغرق سنين تبقى خلالها التهم قائمة وقد يتمّ التراجع عنها أو تعديلها بعد الإعلان عنها وعرض فريق الادعاء الدولي ما لديه وتقديم فريق الدفاع معلومات مضادّة، علماً بأن قواعد الإجراءات والإثبات تتيح عدم الإعلان عن القرار الاتهامي الا لبعض الدول (القاعدة 74 انظر الكادر).
المحاكم الدولية تتولى قضايا جنائية في دولٍ ثقافة العدالة فيها مفقودة، ما يجعل القرار الاتهامي بمثابة إدانة
2- ان نصوص القرارات الاتهامية تشير الى خلفية المتهم السياسية والتنظيمية السابقة لوقوع الجريمة واللاحقة، ويعرض الادعاء ذلك على المحكمة. وإذا أراد الدفاع تقديم معلومات مضادة عليه أن يقدّم قرائن، حتى ولو يمكن طلب عقد جلسة سرّية فإن تفاصيل الهيكلية السياسية والتنظيمية والبنيوية ينبغي أن تُعرض. ويُتوقّع أن يطلب الادعاء التعمّق في تشريح تلك الهيكلية بحجّة تحديد علاقة المتهمين بأحزاب وتنظيمات معيّنة ومن خلال ذلك تحديد علاقة الرئيس بالمرؤوس.
3- إن القرارات الاتهامية تحمّل المتهم المسؤولية الجنائية لارتكاب الجريمة و/أو التحضير لها و/أو تسهيلها و/أو السكوت عنها رغم معرفته بها. ويمكن أن يستدعي فريق الادعاء شهوداً يؤكدون علم بعض الأشخاص بمرحلة التخطيط للجريمة بحكم وظيفتهم و/أو طبيعة علاقتهم بالمتهم.
4- إن القرارات الاتهامية تعرض «وقائع» باعتبار أنها أكيدة وحاسمة، ويستند الاتهام أحياناً الى مداولات وأقوال سُجّلت خلال اجتماعات سابقة نقلاً عن شهود أو عبر وسائل الاعلام، وخصوصاً في ما قد يعتبر تحريضاً على ارتكاب الجريمة.
5- ان القرارات الاتهامية الدولية تستند الى نظام المحكمة الأساسي، لا الى قواعد الإجراءات والإثبات.
ومن خلال ذلك، يتبين أن الهدف للآلية التي يُرجّح أن تستخدم المحكمة الدولية لخدمة بعض القوى الدولية يرتكز، بالحدّ الأدنى، على جمع معلومات عن هيكلية وبنيوية جهاز المقاومة المركزي في اطار التحقيق في هوية أشخاص قد يُتّهمون باغتيال الرئيس رفيق الحريري وهم على صلة محتملة بالمجموعات القتالية والأمنية التابعة لحزب الله. ويرتكز الهدف كذلك على جمع معلومات عن مصادر تمويل والشبكة المالية الخاصة بالعمليات المالية السرية للمقاومة وللآلية التنظيمية التي تتولّى تلك العمليات بحجة البحث عن مصادر دخل المتهمين.
قناعة فرانسين وحماية ميليس
قبل تقديم مراجعة تفصيلية لمضمون القرارات الاتهامية الصادرة عن محاكم دولية شبيهة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لا بدّ من التوقف عند الإجراءات التمهيدية للمحاكمة والأدلة التي تم جمعها قبل إنشاء المحكمة الخاصة، بحسب نظام المحكمة الأساسي (المرفق بالقرار 1757).
«يتولى قاضي الإجراءات التمهيدية النظر في قرار الاﺗﻬام. فإذا ما اقتنع بأن المدعي العام قد قرر الملاحقة في ضوء القرائن، فإنه يعمد إلى تثبيت قرار الاﺗﻬام. أما إذا لم يقتنع بذلك فإنه يرد القرار» (المادة ١٨). وبالتالي يتحكّم القاضي البلجيكي دانيال فرانسين بالاتهام المحتمل لأشخاص على صلة بحزب الله، فاذا اقتنع بما قد يحيله اليه دانيال بلمار «يثبّت قرار الاتهام» وإذا لم يقتنع «يردّ القرار». غير أن قواعد الإجراءات والأدلة الخاصّة بالمحكمة تفتح مجالاً أوسع لاختبار قناعة القاضي، إذ تجيز القاعدة 71 للمدعي العام تعدیل قرار الاتهام خلال الفترة الممتدة من تصدیق قرار الاتهام إلى حین وضع غرفة الدرجة الأولى یدها على القضیة. أما خلال الفترة التي تلي وضع غرفة الدرجة الأولى یدها على القضیة، فيمكن تعديل الاتهام بإذن من هذه الغرفة، وبعد الاستماع إلى الفریقین.
ویجوز للمدعي العام الرجوع عن قرار اتهام أو الرجوع عن تهم يتضمّنها ذلك القرار خلال المهلة الممتدة من تاریخ تصدیق قرار الاتهام ووضع غرفة الدرجة الأولى یدها على الدعوى، متى تبیّن لقاضي الإجراءات التمهیدیة في جلسة علنیة الأسباب المبرّرة للرجوع (القاعدة 72).
بلمار لا يجرؤ على طرق باب السلطات الإسرائيلية ليطرح عليها مجرّد سؤال عن الجريمة
لكن أبرز ما يثير الاهتمام في هذا الإطار يأتي في نصّ المادة 19 من نظام المحكمة الأساسي (مرفق بالقرار 1757) بحيث «تتلقى المحكمة الأدلة التي تم جمعها في ما يتصل بقضايا خاضعة لنظر المحكمة الخاصة، قبل إنشاء المحكمة، وقامت بجمعها السلطات الوطنية في لبنان أو لجنة التحقيق الدولية المستقلة وفقاً لولايتها المحددة في قرار مجلس الأمن ١٥٩٥ (٢٠٠٥) والقرارات اللاحقة، وتقرر دوائر المحكمة مقبولية هذه الأدلة عملاً بالمعايير الدولية المتعلقة بجمع الأدلة. ويعود لدوائر المحكمة (The Chambers) تقويم أهمية هذه الأدلة». يعني ذلك أن التحقيقات التي قام بها فريق ديتليف ميليس عام 2005، اضافة الى التقارير التي رفعها المحقق العدلي القاضي صقر صقر تخضع لتقويم الدائرة الابتدائية أو دائرة الاستئناف، لا إلى تقويم المدعي العام الدولي. اذا تبين أن ما تقدّم به ديتليف ميليس من نتائج للتحقيق، عرض بعض منه في التقريرين الأولين للجنة التحقيق الدولية، وبغضّ النظر عن دائرة المحكمة المخوّلة قياس «مقبولية الأدلّة» لا يتناسب مع «المعايير الدولية المتعلقة بجمع الأدلة»، ألا يفترض فتح تحقيق في دوافع زجّ أسماء مسؤولين سياسيين رسميين سوريين في قضية اغتيال الحريري؟ أم أن ميليس ومساعده غيرهارد ليمان ورجال الاستخبارات الذين ساهموا بالتحقيق في منأى عن أي مساءلة؟
المادة 19 من النظام الأساسي تشير كذلك الى الأدلة التي «قامت بجمعها السلطات الوطنية في لبنان»، غير أن تلك السلطات كان قد وصفها تقرير بعثة تقصي الحقائق في 24 آذار 2005 بالعاجزة، وتبيّن للبعثة «أن عملية التحقيق التي أجرتها الأجهزة اللبنانية يعتورها خلل خطير، وأن هذه العملية تفتقر إلى القدرة على التوصل إلى نتائج مرضية وموثوق بها». وبالتالي يمكن تبرير عدم تناسب عمل سلطات التحقيق اللبنانية مع «المعايير الدولية المتعلقة بجمع الأدلة»، لكن ما هي حجّة عدم تناسب تحقيقات لجنة تحقيق دولية مستقلّة أنشأها مجلس الأمن الدولي، مع تلك المعايير؟ إن اغفال المدعي العام الدولي دانيال بلمار الإجابة عن هذا السؤال يثير الشكوك في مهنيته، اذ إن ما لا شكّ فيه أن التلاعب بالتحقيقات قد يساهم بمساعدة الجناة على الإفلات من الملاحقة القانونية.
اتهام بستة أجزاء
بالعودة الى مضمون القرارات الاتهامية التي صدرت عن محاكم دولية استثنائية شبيهة بالمحكمة الخاصة بلبنان نستعرض في الآتي مضمون كلّ من أجزائها الستة:
1- الخلفية: في 8 كانون الأول 2003 صدر قرار اتهامي عن المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة كارلا ديل بونتي بحق رادوفان ستانكوفيتش جاء في مطلعه، تحت البند الأول من «الخلفية» وصف للتطورات السياسية والعسكرية في يوغوسلافيا السابقة وشرح لأحد جوانب الخصوصية الديموغرافية لمكان وقوع الجرائم التي يتّهم ستانكوفيتش بالضلوع فيها: «سكّان قرية فوتشا 40513 نسمة، منهم 51،6 بالمئة مسلمون و45،3 بالمئة صرب و3،1 آخرون» (من دون تحديد الطائفة التي ينتمي إليها الصرب). وهنا نسأل عن مضمون «الخلفية» التي يُتوقّع أن ترد في نصّ القرار الاتهامي المرتقب صدوره عن دانيال بلمار: هل سيفصّل التوزيع الطائفي والمذهبي لمنطقة عين المريسة أو لمدينة بيروت؟ هل سيتمّ التطرّق الى التوتر المذهبي الذي شهده لبنان والذي أجّجته جريمة 14 شباط 2005؟
2- اسم المتهم ولقبه (واسمه الحركي إذا وجد) واسم والده ومكان وتاريخ ولادته، اضافة الى مهنته.
3- مكانة المتهم السياسية وعضويته الحزبية السابقة وتحديد مركزه في الأحزاب التي انتمى إليها. ففي الفقرة الثانية من نصّ القرار الاتهامي الدولي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في 6 تشرين الثاني 2008 بحقّ ميلان بابيتش مثلاً، ورد الآتي: «ميلان بابيتش، عضو سابق في الجامعة الشيوعية الكرواتية، كان شخصية سياسية مهمة في الحزب الديموقراطي الصربي في كرواتيا منذ نشأته في شباط 1990 وتولى مركزاً قيادياً في اللجنة البلدية للحزب في كنين. بعد وفاة جوفان راسكوفيتش في 1992، تولى ميلان بابيتش رئاسة الحزب حتى 1995». وفي الفقرة التالية ترد تفصيلات اضافية عن ارتباطات المتهم السياسية والمهمات التي تولّاها خلال المدة التي سبقت وقوع الجرائم التي يتّهم بارتكابها، وخلال الفترة التي لحقتها. أما في نصّ القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بحق يوسف مونياكازي في 27 تشرين الثاني 2002 فقد جاء في وصف المتّهم: «مونياكازي رجل أعمال ثري ومزارع تجاري في ولاية بوغاراما، وهو زعيم ميليشيا بوغاراما انتيراهاموي». وفي نصّ القرار الاتهامي الدولي الصادر بحقّ رادوفان ستانكوفيتش وصف الرجل بـ«جندي في كتيبة ميلجيفينا في لواء فوشا التكتيكي. وكتيبة ميليجفينا كانت بقيادة بيرو ايليز. وكان منزل كارامان (حيث وقعت الجرائم التي يتّهم بارتكابها) يخضع لسلطة المتّهم».
يتحمل الرئيس المسؤولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها مرؤوسون يخضعون لسلطته نتيجة لعدم سيطرته سيطرة سليمة عليهم
4- تحديد مسؤولية المتّهم الجنائية الفردية: تحمّل المحاكم الدولية الخاصة الأشخاص الذين تتهمهم مسؤولية فردية عن الجرائم الداخلة ضمن اختصاصها. للمحكمة الخاصة بلبنان، بحسب ما ورد في نظامها الأساسي، اختصاص على الأشخاص المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في ١٤ شباط ٢٠٠٥ و أدى إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وإلى مقتل أو إصابة أشخاص آخرين. وإذا رأت المحكمة أن هجمات أخرى وقعت في لبنان خلال الفترة بين ١ تشرين الأول ٢٠٠٤ و ١٢ كانون الأول ٢٠٠٥ ، أو في أي تاريخ لاحق آخر يوافق عليه مجلس الأمن الدولي، هي هجمات متلازمة وفقاً لمبادئ العدالة الجنائية، وأن طبيعتها وخطورتها مماثلتان لطبيعة وخطورة الهجوم الذي وقع في ١٤ شباط ٢٠٠٥، يكون للمحكمة اختصاص على الأشخاص المسؤولين عن تلك الهجمات. ويشمل هذا التلازم، على سبيل المثال لا الحصر، مجموعة من العوامل منها القصد الجنائي أو الدافع والغاية من وراء الهجمات، وصفة الضحايا المستهدفين، ونمط الهجمات أو الأسلوب الجنائي، والجناة. وتحدد مسؤولية المتهم الجنائية الفردية إذا ثبت أنه كان ضالعاً في ارتكاب الجريمة أو المساهمة فيها كشريك أو تنظيمها أو توجيه الآخرين لارتكابها، أو إذا ساهم بأي طريقة أخرى في ارتكاب الجريمة ضمن مجموعة من الأشخاص يعملون على تحقيق هدف مشترك، عندما تكون هذه المساهمة مقصودة أو يكون هدفها تصعيد النشاط الإجرامي العام للمجموعة، أو تحقيق هدف اﻟﻤﺠموعة أو معرفة المجموعة لارتكاب الجريمة. أما بما يتصل بالعلاقة بين الرئيس والمرؤوس، فيتحمل الرئيس المسؤولية الجنائية عن الجريمة التي يرتكبها مرؤوسون يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين، نتيجة لعدم سيطرته سيطرة سليمة على هؤلاء المرؤوسين، حيث يكون الرئيس قد عرف أو تجاهل عن عمد أي معلومات تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو هم على وشك أن يرتكبوا تلك الجريمة، أو إذا كانت الجريمة تتعلق بأنشطة تندرج في إطار المسؤولية والسيطرة الفعليتين للرئيس أو إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب مرؤوسيه للجريمة أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والملاحقة القضائية. (بناءً على القاعدة 3 من قواعد الإجراءات والإثبات).
في المحكمة الجنائية الدولية بيوغوسلافيا السابقة ورد في القرار الاتهامي الدولي بحقّ بابيتش، في القسم الخاص بتحديد المسؤولية الجنائية الفردية: «ان خطاباته خلال مناسبات عامة ومن خلال وسائل الاعلام مسّت بالإثنيات وولّدت مناخاً من الخوف والكراهية بين الصرب المقيمين في كرواتيا بهدف الحصول على دعمهم ومشاركتهم في تحقيق أهداف المجموعة الجرمية». وفي فقرة أخرى يُذكر أن بابيتش: «شارك مع عدد من الأشخاص في مجموعة جرمية خلال تواريخ متعددة. كل مشارك في المجموعة الجرمية أو متعاون معها قام بدوره مساهماً في تحقيق أهداف تلك المجموعة. ومن بين أعضاء المجموعة الجرمية سلوبودان ميلوسيفتش وميلان مارتيتش وغوران هاتزيتش وفرانكو سيماتوفيتش المعروف بفرانكي ...» وغيرهم. كلّ ذلك من دون ذكر مصادر المعلومات أو أدلة جنائية تؤكد صحّتها.
5- التهم (The charges) : تتضمن الفقرات الخاصة بالتهم معلومات عن أفعال ووقائع مؤرّخة تؤكد، بحسب فريق الادعاء، أنها تشكل جرائم محدّدة تدخل في اختصاص المحكمة. ويفصّل كل فعل جرمي على حدة ويشار الى المواد القانونية التي يرتكز إليها القرار.
6- ادعاءات عامّة (General Allegations) أو تصريح مقتضب بالوقائع (Concise Statement of Facts): في نصّ القرار الاتهامي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في 27 تشرين الثاني 2002 بحقّ يوسف مونياكازي مثلاً، ورد تحت عنوان «تصريح مقتضب بالوقائع»: «بين كانون الثاني وتموز 1994 عقد يوسف مونياكازي اجتماعات منتظمة بمجموعة بوغاراما أنتراهاموي وغيرهم بهدف تحريضهم والتمهيد وتنظيم قتل أعضاء قبيلة التوتسي. وقد اجتمعوا في تواريخ وأماكن مختلفة...» ويعدّد النصّ أربعة اجتماعات من دون تحديد مصدر المعلومات التي يعتبرها فريق الادعاء أكيدة.
________________________________________

ادعاءات عامة وتصريح بالوقائع
يُنتظر أن يتضمّن مطلع نصّ القرار الاتهامي الدولي المرتقب تصريحاً مقتضباً بالاتهام، ثم ينتقل إلى شرح «خلفية» الجريمة (القرار الاتهامي الدولي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في 8 كانون الأول 2003 بحقّ رادوفان ستانكوفيتش مثلاً) ووصف المتّهم وارتباطاته السياسية والمسؤولية الجنائية الفردية التي تترتب عليه. وينتقل نصّ القرار الاتهامي بعد ذلك إلى تقديم «ادعاءات عامة» (General Allegations) (القرار الاتهامي الدولي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في 6 تشرين الثاني 2003 بحقّ ميلان بابيتش مثلاً) و«تصريح بالوقائع» (Statement of Facts) يتبعه تفصيل للتهم الموجّهة وتحديد للخصوصيات الجنائية (القرار الاتهامي الدولي الصادر عن المحكمة الخاصة بسيراليون في 29 أيار 2007 بحقّ شارلز تايلور مثلاً). ويمكن أن يشمل القرار عدداً من الاتهامات بحقّ شخص واحد (القرار الاتهامي الدولي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية لرواندا في 10 حزيران 2001 بحقّ غريغوار نداهيمانا مثلاً) أو اتهامات بحقّ أكثر من شخص في قرار واحد (القرار الاتهامي الدولي الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في 16 تموز 2003 بحقّ ميلا مركشتش وميروسلاف راديتش وفيسلين سليفاشانين مثلاً).
________________________________________

عدم إعلان قرار الاتهام
«ألف: في ظروف استثنائیة، وبناءً على طلب من المدعي العام أو الدفاع، یجوز لقاضي الإجراءات التمهیدیة، وفقاً لما تقتضیه مصلحة العدالة، أن یأمر بعدم إعلان قرار الاتهام للعموم أو أیة مستندات أو معلومات مرتبطة به إلى أن یصدر أمر آخر بذلك. باء: بالرغم مما ورد في الفقرة ألف، یجوز للمدعي العام الإعلان عن قرار الاتهام أو عن جزء منه لسلطات دولة معینة إذا رأى في ذلك ضرورة لغرض التحقیق أو الملاحقة» (القاعدة 74).
________________________________________

علامات استفهام؟
قال الوزير السابق محمد شطح، مستشار الرئيس سعد الحريري للشؤون الخارجية، في إشارة إلى حزب الله إن «من لا يثق بالتحقيق الدولي ومن يشك بهذا التحقيق فعليه أن يستعجل صدور قرار المحكمة» وتابع «أن أي فريق سيغلق الطريق أمام المحكمة الدولية سيدفعنا إلى طرح علامات استفهام». لكن المستغرب أن الرئيس الحريري ومستشاره محمد شطح لم يطرحا علامات استفهام عندما رفضت مصر والأردن وسوريا وإيران وتركيا وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة والأرجنتين التوقيع على اتفاقات للتعاون القضائي مع المحكمة الخاصة بلبنان كان قد عرضها عليها القاضي أنطونيو كاسيزي. ففي 8 أيار 2009 أعلن كاسيزي أن مسودة اتفاقات التعاون سترسل إلى الدول المعنية خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وأضاف أنه يتوقّع أن تُقرّ تلك الاتفاقات في كانون الأول 2009، غير أن ذلك لم يحصل حتى اليوم.
________________________________________

تهديد بعقوبات دولية؟
إن رفض حزب الله تسليم المتهمين المحتملين وإصراره على عدم التعاون مع المحكمة الدولية يمنح الإدارة الأميركية وإسرائيل وحلفاءهما مناسبة لإطلاق حملة دولية تستهدفه تناسباً مع الحملة على إيران المصحوبة بعقوبات دولية. وستتمحور هذه الحملة حول عزل الحزب داخلياً وإقليمياً. وفي هذا الإطار إن أحد الأسلحة سيكون التلميح بعقوبات دولية على لبنان لعدم امتثاله لـ«الشرعية الدولية» (القرار 1757) ويُتوقّع أن يستغل البعض ذلك في الداخل لدعم التيار الداعي لسحب سلاح المقاومة وإبعادها عن مؤسسات الدولة. ومن هنا قد يُفهم التعميم الإعلامي الإسرائيلي الأخير الذي تناول تأثير حزب الله على الجيش وأدائه خلال مواجهة العديسة الأخيرة. ويُنتظر أن يعاد إثارة ذلك على المستوى الدولي والأممي لدى عرض الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون (الصورة) تقرير الأمم المتحدة عن مواجهة العديسة الأخيرة على مجلس الأمن.

عدد الجمعة ٢٠ آب ٢٠١٠
الاخبار

No comments:

Post a Comment