Sunday, August 1, 2010

المشاريع المفيدة والتأخير السياسي
في الاول من كانون الاول 2008، عند ظهور ملامح الازمة المالية والاقتصادية العالمية، وجه الكاتب هذه الرسالة الى رئيس كتلة سياسية تمثلت في جلسات طاولة الحوار. والنتيجة، حتى تاريخه، لا شيء يذكر.
"ســـيدي الكريم،
في مناسبة انعقاد الجلسة الثانية للحوار الذي دعيت اليه حول المشاريع المستقبلية الضرورية للبنان في هذه المرحلة، وبعد تقديم مختصر، أود أن أعرض أفكاراً حول أربع مبادرات أرى انها تفيد الاقتصاد اللبناني وسط الاعصار الدولي الذي سيصيبنا ولو خارج القطاع المصرفي الى حد ما.
قبل كل شيء، لا بد من القول بان الحكومة تتبع سياسة مالية تهدف أولاً الى حصر العجز في الموازنة ولو على حساب النمو. والكل يعلم اليوم ان خطوات تحفيز الاقتصاد، بعد دعم المصارف، هي المنهج المتبع في دول العالم بدءا بانكلترا، حيث أضافت الحكومة الى دعم المصارف خفضاً ملحوظاً لضريبة القيمة المضافة تشجيعاً للاستهلاك الذي يوازي 60 في المئة من الدخل القومي. وفي روسيا، وفرت السلطات دعماً للمؤسسات كي تتفادى الافلاس، وقدمت تسهيلات للمصارف، كما خفضت معدل ضريبة الدخل بنسبة 5 في المئة، من 25 في المئة الى 20 في المئة.
يجب ان نقنع الحكومة بان الاقتصاد اللبناني يحتاج الى جرعة من التحفيز تشمل اطلاق مشاريع جديدة وتخصيص المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت صيف 2006، ومن ثم نتيجة الاعتصام في وسط بيروت لسنة ونصف سنة.
على صعيد الاقتصاد الوطني خلال الازمة العالمية التي يرجح ان تمتد سنتين أو ثلاثاً، من المفيد تبني مشاريع ذات وقع ايجابي على توقعات اللبنانيين، ومن ثم على تفاؤلهم بالمستقبل، وذلك بعد الغاء غرامات التأخير عن دفع الضريبة على القيمة المضافة من مؤسسات اصبحت شبه عاجزة، وهذا الاعفاء يمثل الخطوة التشجيعية الاولى ذات التأثير المباشر.
بعد ذلك،
- علينا استدراج عروض التنقيب عن النفط في المنطقة الواقعة بين البترون وطرابلس، علما بان المسوح الجيولوجية والمغناطيسية كانت قد انجزت، كما ان مساحات العطاء محددة منذ عام 1976 عندما استدرجت عطاءات توافر منها تسعة من كبرى الشركات العالمية، لكن المناقصة لم تجر لانها كانت ستتم في طرابلس حيث نشب قتال عنيف بين السوريين والفلسطينيين في ذلك التاريخ حال دون انجاز المهمة. كما يجب النظر في الامكانات المماثلة على امتداد الشاطىء الجنوبي حيث انجزت شركات نروجية مختصة دراسات جيولوجية واعدة.
وجدير بالذكر ان قبرص استدرجت عروضا للتنقيب في اعماق البحر، وكانت قد انجزت اتفاقات مع لبنان حول حقوق كلا البلدين في المياه الواقعة بينهما خارج نطاق المياه الاقليمية. وقد حصلت ثلاث شركات على عقود تنقيب عن النفط أو الغاز قبل ثلاثة أشهر، وبعد ثلاثة أشهر ستستدرج السلطات القبرصية عقوداً اضافية لمناطق جديدة.
وعلى سبيل التذكير، كان لدى قبرص طاقة تكريرية توازي 30 الف برميل يوميا، أو مليون ونصف مليون طن سنوياً، وحيث ان منشآت هذه المصفاة تقادمت - في حين ان منشآت مصفاة طرابلس بطاقة 33 الف برميل انعدمت قبل سنوات - قررت سلطات قبرص تفكيك المصفاة القديمة واستدراج عروض لإنشاء مصفاة بطاقة تراوح بين 70 الفاً و 100 الف برميل يومياً.
- استناداً الى مبادرات قبرص وحاجاتنا الملحة، علينا اطلاق برنامج لانجاز مصفاة حديثة بطاقة 100 – 150 الف برميل يوميا لكفاية حاجاتنا وتصدير بعض المشتقات، ولدينا ارضية توفر بعض المطلوب في طرابلس، كما هناك شركات نفطية لبنانية على استعداد للمساهمة في انجاز مصفاة كهذه.
وللتأكيد على حسن ادارة المصفاة، من المناسب توسيع قاعدة الملكية فيها الى اقصى حد مع حفظ نسبة 25 – 30 في المئة لفريق يتمتع بالكفايات والخبرات المطلوبة لانجاز العمل، وهذه المبادرة لا تحتاج الى سنوات بل الى بضعة أشهر فقط.
- ثالثة المبادرات، بدء تشغيل مطار الرئيس رينيه معوض، والتجهيزات المطلوبة لا تستوجب اكثر من بضعة اشهر، وقد يكون من المناسب تخصيص هذا المطار لرحلات "التشارتر" والشحن الجوي، ولا يخفى ما قد تضيفه حركة هذا المطار الى فرص العمل في الشمال، والمساعي لتفادي اية مشاكل تعوق فرص اكتساب العيش، وتنشيط الاقتصاد اللبناني، وتخفيف الازدحام في مطار بيروت.
ان هذه المبادرات تؤدي، وفي وقت قريب، الى زيادة الانفاق اضافة الى زيادة الاستثمار في تجهيزات مطار الرئيس معوض، وتأمين تجهيزات الشركات المختصة برحلات "التشارتر" والشحن الجوي.
أما استدراج عروض التنقيب عن النفط، فهناك امكانات مستقبلية جيدة والعروض ستشمل مدفوعات مباشرة عند توقيع العقود.
ومشروع انشاء مصفاة حديثة يؤدي الى تحريك استثمارات داخلية وخارجية تتجاوز الـ 1،5 مليار دولار وتضيف الى سوق بيروت فرصاً استثمارية تساهم في انتعاش السوق، وحتى في انتعاش العديد من الاسهم التي تستفيد شركاتها من تنشيط المطار وانشاء المصفاة.
ويبقى ان هناك فرصة متاحة في مجال الخليوي، لكن المناهج المناسبة والقابلة للتحقيق هي لدى الدكتور غازي يوسف والدكتور كمال شحادة والدكتور زياد حايك، سكرتير المجلس الاعلى للخصخصة.
أخيراً، اود لفت انتباه المجتمعين الى مقال وضعه رئيس شركة "نستله" صدر في الكتيب السنوي الذي تصدره مجلة "الايكونوميست". يبين المقال بوضوح ان استعمال المياه لري المحاصيل التي ينتج منها الايثانول عملية تستهلك مقداراً ضخماً من أهم مورد لمستقبل البشرية، وهو الماء. ونحن في لبنان ننعم بتساقط كميات وافرة من المياه، ولدينا دراسات عن أوجه الاستعمال المفيد انجزت قبل سنوات، وكل ما فعلنا مدى ثلاثين عاما كان اتمام سد صغير، في حين ان تنفيذ سياسة وطنية لحفظ المياه وتنقيتها هدف يكفي لتأمين مستقبل عيش اللبنانيين.
ارجو ان تشكل هذه الافكار منطلقات للمناقشة والقرار، والمعروف اننا نصدم دائما بالقول: هذه العملية غير قابلة للتحقيق، وتلك العملية سابقة لوقتها، الخ. ولو كان هذا المناخ سائدا لدى الرئيس رفيق الحريري لما انجز المطار والطريق اليه، وجسر ضهر البيدر، وترميم نحو 700 مدرسة، وانجاز السرايا الحكومية، ومباني الجامعة اللبنانية ومستشفى بيروت، ناهيك بما انجز في وسط بيروت من اعادة اعمار واعادة لحمة وتواصل وزهو".
مروان اسكندر
النهار

No comments:

Post a Comment