Wednesday, April 14, 2010

المتن يلعب الورق: أيدي الأقوياء تحت الطاولة
كعادته، يشهد قضاء المتن أهم المعارك الانتخابية وأكثرها تسييساً وحماسة. ففي وقت يعدّ فيه السياسيون لتحالفاتهم على نار هادئة لأخذ المواطنين إلى حيث يريدون، تحاول التحالفات المحليّة المستعجلة أن تأخذ السياسيين إلى حيث تريد
غسان سعود
بدأت القوى السياسية الأساسية في المتن: التيار الوطني الحر، الطاشناق، النائب ميشال المر وحزب الكتائب، الاستعداد للمعركة على مختلف المستويات. فسياسياً، اتفق حزب الطاشناق ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، العماد ميشال عون، أول من أمس على تثبيت تحالف حزبيهما. وأبلغ الحزب الجنرال بوضوح أنه ليس لديه أية التزامات نهائية تجاه أي رئيس مجلس بلدي، لا في ساحل المتن ولا في أية منطقة أخرى، مؤكداً رغبته في السعي إلى التقريب بين التيار ومختلف الأطراف السياسية المتنية.
في وقت يستمر فيه التواصل بين عون ووزير الدفاع الياس المر، عبّر النائب ميشال المر خلال استقبالاته لمناسبة الأعياد، بطريقة غير مباشرة، عن رغبته في التعاون مع عون من خلال قوله إن التحالفات النيابية غير ملزمة في الانتخابات البلدية. وسرعان ما أتى الرد العوني في مستوى مد المرّ اليد، حين قال إنه مستعد دائماً للكلام مع من يرغب في الكلام معه.
هذا إذاً على مستوى التيّار والطاشناق والمر، أما الكتائب فيظهِر حتى الآن تمسكاً بالتحالف مع المر. علماً بأن الخلاف بين المر والكتائب يتجاوز رئاسة اتحاد البلديات التي يطالب كل من الطرفين بتعهد مسبق بالحصول عليها، إلى اعتقاد المر أن لديه أساساً غالبية أصوات الكتائبيين، وبالتالي فإن تحالفه معه لا يضيف إلى نفوذه نفوذاً. وبالتالي لم يُجزم أمر بعد على صعيد تحالف الكتائب والمر. أما الكتائب والتيار الوطني الحر فلم يتجاوزا بعد في تواصلهما النقاش في القضايا العامة، من دون اقتراب من أي بحث جدّي في التعاون الانتخابي، علماً بأن التواصل بين الطرفين مقطوع. ومن جهة الكتائب والطاشناق، ما زال النائب سامي الجميّل ينتظر تحديد موعد له في مقر الطاشناق لجسّ نبضهم.
أبلغ الطاشناق عون أنه ليس لديه التزامات، وأنه يسعى إلى التقريب بين التيار ومختلف الأطراف
هذا على مستوى التحالفات. في الاستعدادات، يسجل لعضو اللجنة المركزية للمناطق في التيار الوطني الحر، نعيم عون، النجاح بما عدّه كثيرون مستحيلاً، هو توحيد جهود جميع نواب التيار ومأسسة العلاقة بين النواب والكوادر الحزبيّة. وتعقد في هذا السياق لجنة البلديات في المتن التي تضم النواب إبراهيم كنعان وإدغار معلوف ونبيل نقولا ومنصور فاضل وطانيوس حبيقة وبسام داغر وجوسلين الغول وإبراهيم السمراني اجتماعات شبه يومية لتبادل المعلومات بشأن القرى ورفع تقارير دورية للجنرال. ويشرح أحد أعضاء هذه اللجنة أن كل التسريبات عن حسم توجهات غير دقيقة، فالتحالفات لم تبت بعد، وقرار التيار في القرى الصغيرة والكبيرة سيتأثر بهذه التحالفات. ووفق المصدر، فإن التيار لن يميز بين حزبي، مناصر ومستقل، وسيدعم الأفضل حتى إن لم يكن عونياً مئة في المئة. أما حزب الطاشناق، فماكينته أنجزت عملها كالمعتاد، وهي على أتم جهوزيتها.
بدوره، النائب المر بدأ الإعداد للانتخابات، وبحسب مصدر في ماكينته فإن لدى نائب رئيس مجلس الوزراء السابق ثلاث ثوابت بلدية أساسية: أولاها الاحتفاظ برئاسة اتحاد البلديات. ثانيتها تثبيت أقدام بعض الرؤساء الأقوياء للبلديات المحسوبين عليه، كرئيس المجلس البلدي في الزلقا ميشال المر ورئيس المجلس البلدي في المنصورية وليم خوري، وثالثتها استبدال بعض رؤساء المجالس البلدية الذين أثبتوا له في الانتخابات الأخيرة عجزهم عن تثبيت زعامته، إذ وعده بعضهم بأن يكون الفارق في بلدته ثلاثة آلاف صوت، فلم يتجاوز الفارق ثلاثمئة صوت، فضلاً عن أن اتهام بعض رؤساء المجالس البلدية المحسوبين على المر بالفساد يؤثر في الصورة الحلوة التي يريد المر لابنه الياس أن يحظى بها.
أما الكتائب الذي يفترض أن ضبابية التحالفات تربكه، فتواجهه مشاكل عدّة. فالتداخل بين أنصاره وأنصار المر قاتل، ويمنع قدرته على معرفة من معه ومن ليس كذلك، وخصوصاً أنه لا تنسيق انتخابياً جدياً بعد بينه وبين المر. ومن جهة أخرى، هناك مواقف كتائبية جازمة تفرض نفسها على قيادة الحزب وتعطل نسبياً قدرتها على المبادرة، سواء أكان موقف بعض كتائبيي الجديدة ـــــ البوشرية ـــــ السد، الرافضين للتحالف مع رئيس المجلس البلدي الحالي أنطوان جبارة، أم موقف بعض كتائبيي سن الفيل المتحمسين للتحالف مع التيار الوطني الحر.
انتقالاً إلى البلدات، تفرض التفاهمات العائلية والمحلية نفسها على التجاذبات والمزايدات السياسية. فقبل بتّ التحالفات، بدأت تظهر معالم تفاهمات «أهلية بمحلية»، فيتفاهم العونيون مع أنصار المر في بلدة ويتخاصمون في أخرى، حالهم في ذلك كحال أنصار الكتائب مع أنصار المر ومع أنصار التيار الوطني الحر.
في الدكوانة مثلاً، يبدو أن العونيين يتّجهون إلى التحالف مع أنطوان شختورة المحسوب على النائب ميشال المر، في مواجهة مرشح الكتائب عبود بو عبود. علماً بأن تحالف الكتائب مع شختورة شبه مستحيل.
وفي ضبية، يتلاقى التيار الوطني الحر والمر أيضاً على دعم رئيس المجلس البلدي الحالي، قبلان الأشقر، الذي ينتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، فيما يحاول حزب الكتائب إيجاد مرشح لخوض معركة بوجه الأشقر.
في المقابل، يتحول الانسجام العوني ـــــ المري في الدكوانة وضبية إلى خصام في كل من سن الفيل، المنصورية، الزلقا، أنطلياس ـــــ النقاش وعينطورة. ففي الأخيرة، مرشّح للتيار الوطني الحر من آل عازار (جان عازار)، وللمر مرشحه من العائلة نفسها (توفيق عازار). ويُعدّ التيار لمعركة جديّة في المنصورية بواسطة غسان خوري ضد رئيس المجلس البلدي الحالي، المحسوب على المر، وليم خوري.
الكتائب يظهِر تمسكاً بالتحالف مع المر، وهذا يعتقد أن الكتائب لا يضيف
وفي الزلقا نجح التيار في لم شمل آل أبو جودة ممثلين بعضو المجلس البلدي الحالي ريمون أبو جودة وفادي أبو جودة لمواجهة رئيس المجلس البلدي الحالي ميشال المر الملقب بالشريف. علماً بأن انحياز الطاشناق إلى جانب التيار في وجه الشريف يُميل الكفة لمصلحة العونيين. وفي أنطلياس ـــــ النقاش، يخوض التيار معركة أيضاً في وجه رئيس المجلس البلدي الحالي، القريب من المر. ويفترض بالتيار أن يختار واحداً من ثلاثة مرشحين مفترضين إلى الرئاسة يدورون في فلكه هم جوزف صافي، مخايل رموز (كاثوليكي والعرف في أنطلياس أن يكون الرئيس مارونياً) ونهاد جبر. علماً بأن الرئيس يكون عادة من منطقة أنطلياس لا من النقاش. ويرجّح بالتالي أن يختار التيار جوزف صافي الذي هو من أنطلياس، لا نهاد جبر الذي هو من النقاش. وإذ تغيب المواجهة العونية ـــــ الكتائبية المباشرة في البلدات السابق ذكرها، يأخذ التنافس بين هذين الحزبين مداه في سن الفيل، حيث يدعم حزب الكتائب رئيس المجلس البلدي الحالي نبيل كحالة في مواجهة مرشح آل شاوول (الشمعونيين تاريخياً) المدعوم من التيار الوطني الحر، عبدو شاوول. وتوازن المعركة بين الطابعين السياسي والعائلي، حيث لكل من كحالة وشاوول حيثيته العائلية الخاصة. علماً بأن كحالة قدم عروضاً سخية للتيار في محاولة منه لتجنب المعركة، لكنها لم ترقَ إلى تطلعات العونيين الذين يرون أن فوز مرشحهم محسوم. أما أنصار المر فلم يظهروا بعد أي موقف تجاه هذه المعركة، وخصوصاً أن كحالة خاض في الانتخابات الماضية معركة قاسية بوجه المر قبل أن يتقرّب منه. ويرى أحد الفاعلين في ماكينة المر أن الملفات القضائية التي تتهم كحالة بالفساد وبهدر أموال بلدية سن الفيل، إضافة إلى عدم ارتياح قواعد المر في سن الفيل لكحالة يؤخران أخذ القرار النهائي بشأن دعمه أو عدمه، مشيراً إلى أن الموقف من كحالة تحديداً يتحدد في سياق التحالف العام بين الكتائب والمر. وفي بسكنتا أيضاً يفترض أن تكون المواجهة بين عوني وكتائبي، في وقت يجري فيه التداول وسط العونيين بأسماء عدة لرئاسة اللائحة، من أبرزها عضو لجنة الانتخابات في المتن طانيوس حبيقة.
________________________________________

«ضايعة الطاسة»
في أكبر بلدات المتن، الجديدة البوشرية ـــــ السد، تلوح في الأفق معركة كبيرة، إذ غير واضح بعد من مع من، ومن ضد من فيها.
فقد حازت لائحة التيار الوطني الحر والطاشناق في هذه البلدة في الانتخابات الماضية نحو 46.6% من الأصوات، ونالت لائحة المر والكتائب والقوات اللبنانية المدعومة من رئيس المجلس البلدي أنطوان جبارة ومطران السريان وعرب الفاعور نحو 50% من الأصوات.
لكن اليوم يرفض جزء كبير من الكتائبيين، يتقدمهم الكتائبيان أنطوان قاصوف وجورج قسيس، دعم جبارة، وإذا أصرّ النائب سامي الجميّل على دعمه فسيحصل شرخ كتائبي يستفيد منه الوطني الحر الذي تؤيد غالبيته خوض معركة ضد جبارة.
ويستفيد التيار من نقمة بعض الكتائبيين على جبارة، ومن تأييد غالبية عائلة باخوس لتغيير جبارة، ومن رغبة ناديي الأنوار والبوشرية المؤثرين جداً في الجديدة... لإحداث تغيير.
أما المر فلم يحسم موقفه بعد، حاله في ذلك كحال حزب الطاشناق. علماً بأن بعض المقربين من المر يحاولون إقناعه بالاتفاق مع الوطني الحر على بديل من جبارة، لكونه لم يفِ بأيٍّ من وعوده.
جريدة الاخبار

________________________________________

No comments:

Post a Comment