Sunday, April 18, 2010

هل يحسم رئيس المجلس النيابي إبطال نيابة غازي يوسف
بحكم شغله منصب رئيس مجلس إدارة في شركة اقتصاد مختلط غير وارد. أما إقالته من موقعه الوظيفي فأمر حتميّ، سواء طلب الرئيس نبيه بري منه الاستقالة الطوعية أو تقدّم أحد الموظفين في شركة الشرق الأوسط للخدمات بشكوى عليه. فيما ينتظر أن تتحرك النيابة العامة المالية للتحقيق مع محمد الحوت بشأن التهرب من الضرائب
غسان سعود
بعد عودته من الولايات المتحدة حائزاً شهادة دكتوراه في الاقتصاد، تنقّل النائب غازي يوسف بصفته مستشاراً بين وزارات عدّة قبل أن يعيّن عام 1993 عضواً في لجنة صياغة قانون المحاسبة، وعام 1994 عضواً في لجنة المصطلحات الإدارية لدى مجلس الخدمة المدنية، وعام 1998 عضواً في مجلس إدارة شركة المتوسط لخدمة المطارات المتفرعة من شركة طيران الشرق الأوسط. ثم عيّن أميناً عامّاً للمجلس الأعلى للخصخصة، قبل أن يفوز عام 2005، تزكية، بواحد من المقعدين النيابيين الشيعيين في بيروت. وذلك وفق قانون الانتخابات (قانون الألفين) الذي ينصّ في فصله الرابع، المادة 29، على «عدم جواز الجمع بين عضويّة مجلس النواب ورئاسة أو عضويّة مجلس إدارة مؤسسة عامة أو وظيفة عامة أو أي وظيفة في المؤسسات العامة المستقلة والشركات ذات الامتياز والبلديات وأي وظيفة دينية يتناول صاحبها راتباً أو تعويضاً ما من خزانة الدولة». وتشير المادة نفسها إلى أن «كل موظف ينتخب نائباً يعتبر مفصولاً حكماً من وظيفته إذا لم يبلّغ رفضه عضوية المجلس النيابي بخلال شهر يلي إعلان نتيجة انتخابه». بالرغم من ذلك، بعد وفاة رئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للخدمات، نبيل نصار، عام 2008، عيّن يوسف رئيساً لمجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للخدمات خلافاً لنص القانون. ولم تمنعه وظيفته الجديدة من الترشح إلى الانتخابات عام 2009، رغم أن المادة العاشرة من قانون الانتخابات، الذي جرت على أساسه الانتخابات الأخيرة، تقول إنه لا يحق لـ«رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة المتفرغين في المؤسسات العامة والهيئات العامة وشركات الاقتصاد المختلط والشركات ذات الرأسمال العام ومؤسسات الحق العام ومديريها العامون، أن يترشحوا إلا إذا تقدموا باستقالاتهم وانقطعوا فعلياً عن مهماتهم قبل ستة أشهر على الأقل من تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي (السابق)».
هنا، تجدر الإشارة إلى أن مجلس الوزراء خلال اجتماعه بتاريخ 7 نيسان الجاري لدرس مشروع آلية تعيينات الفئة الأولى، ناقش تقريراً يعدّ بمثابة وثيقة رسمية، يصنف «شركة طيران الشرق الأوسط والشركات التابعة لها» كشركات ومؤسسات مختلطة على غرار مصرف الإسكان وكازينو لبنان وشركة سوديتيل. وبالتالي، فإن الشركة التي يرأس غازي يوسف مجلس إدارتها هي بموجب هذه الوثيقة شركة اقتصاد مختلط، وفق المفهوم الذي حدده قانون الانتخابات المذكور. يضاف إلى ذلك أن مصرف لبنان يمتلك 99% من أسهم شركة طيران الشرق الأوسط المالكة لشركة خدمات الشرق الأوسط، وأموال مصرف لبنان هي أموال عامة. أي أن خدمات الشرق الأوسط هي شركة ذات رأسمال عام وشركة اقتصاد مختلط. ويمكن التأكيد، بحسب أحد أعضاء المجلس الدستوري، أن هذه الشركة مشمولة بنص المادة العاشرة من قانون الانتخابات، وبالتالي لا يحق ليوسف، رئيس مجلس إدارتها، الترشح إلى الانتخابات. لكن وزارة الداخلية والبلديات وهيئة الإشراف على الحملة الانتخابية لم «تنتبه» إلى هذه المسألة، فما العمل إذاً؟
تنص المادة 102 من قانون الانتخابات نفسه على عدم جواز «الجمع بين عضوية مجلس النواب ورئاسة أو عضوية مجلس إدارة أي مؤسسة عامة أو أي مؤسسة من مؤسسات الحق العام أو وظيفة في إدارة عامة أو مؤسسة عامة أو بلدية أو اتحاد بلديات أو شركة ذات امتياز أو شركة اقتصاد مختلط أو شركة ذات رأسمال عام». وتجزم المادة نفسها بوضوح أن «كل من ينتخب نائباً من هؤلاء يعتبر مفصولاً حكماً من وظيفته إذا لم يبلغ رفضه عضوية مجلس النواب خلال شهر يلي إعلان نتيجة انتخابه».
لأيّ متضرّر في شركة خدمات الشرق الأوسط أن يعتبر قرارات يوسف غير شرعيّة
وبالتالي، يشرح أحد أعضاء المجلس الدستوري أن إبطال نيابة غازي يوسف أمر غير وارد. أما اعتباره مستقيلاً من رئاسة مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للخدمات فأمر واجب. وبحسب المصدر، فإن على هيئة مكتب المجلس النيابي أن تجتمع برئاسة الرئيس نبيه بري لتدقق في الموضوع، وإذا ثبت وجود جمع بين النيابة ورئاسة مجلس إدارة شركة ذات امتياز خاص أو شركة اقتصاد مختلط، يلفت رئيس المجلس النيابي النائب المعني إلى ضرورة استقالته من مجلس الإدارة. وإذا لم يستقل يوسف يمكن أي متضرر في شركة خدمات الشرق الأوسط أن يعتبر قرارات يوسف غير شرعية ويلجأ إلى المحاكم العادية لبتّ هذا الموضوع. وقد حمّل النائب في تكتل التغيير والإصلاح نبيل نقولا، في مؤتمر صحافي أمس الرئيس نبيه بري مسؤولية متابعة هذا الموضوع، وبموازاته، بدأ بعض الموظفين في شركة خدمات الشرق الأوسط إعداد الملف للذهاب به إلى المحاكم، علماً بأن رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت كان قد وفّر في مؤتمره الصحافي أول من أمس الجهد على المتضررين عندما ادّعى جهله بالقانون والمخالفات له، وقال إن «يوسف لن يستمر لحظة في هذه الإدارة إذا تبيّن وجود نصّ يمنعه من ذلك».
وفي القضية الموازية لقضية يوسف والمتعلقة بتهرّب الحوت من دفع الضرائب عبر تسجيله سيارة تعود له شخصياً باسم مصرف لبنان لأسباب تتعلق بوفر الكلفة، لفت أحد الخبراء في قوانين الضريبة إلى أن المادة السادسة من قانون إنشاء النيابة العامة المالية، كما عُدلت بموجب المرسوم رقم 3094 تاريخ 25/1/1993، تنص على شمول اختصاص هذه النيابة العامة «جميع الجرائم المنبثقة عن مخالفة أحكام قوانين الضرائب والرسوم في مختلف المرافق والمؤسسات العامة وفي البلديات، بما في ذلك الضرائب الأميرية والبلدية والرسوم الجمركية ورسوم المخابرات السلكية واللاسلكية». أما المادة 12 من القانون نفسه فتسمح للمدعي العام بـ«الاستعانة بالخبراء الاختصاصيين في الشؤون المصرفية والضريبية والمالية للاستقصاء عن الجرائم المالية لدى المصارف وفي الشركات المساهمة». وبالتالي، يفترض بالنيابة العامة المالية أن تتحرك تلقائياً للاستقصاء بعد الإخبار الذي تقدم به الحوت على نفسه، مقرّاً بالتهرّب من تسديد ضرائب ورسوم متوجّبة على شراء سيارة بقيمة 430 ألف دولار.
ويقول الخبير نفسه إن الدوائر الضريبية المختصّة في وزارة المال كان يجب عليها التدقيق بما أدلى به الحوت وتكليفه مجدداً، هو شخصياً أو شركة الميديل إيست، بكل الرسوم والضرائب المتوجبة والغرامات المفروضة عليها... إلا أن هذه الدوائر ممسوكة بالكامل من تيار المستقبل الذي يحمي الحوت ونظراءه، ولا سيما أن وزيرة المال ريا الحسن أمرت جميع المعنيين في الوزراة بعدم التدقيق في أي ملف ضريبي إلا بعد الحصول على إذن منها مباشرةً، بغية حماية من يريد فريقها أن يحميهم.
________________________________________

انتقام ومواجهات
بعدما منعت شركة طيران الشرق الأوسط توزيع صحيفة «الأخبار» على متن طائراتها، حاولت إدارة شركة الشرق الأوسط لخدمة المطارات ترهيب موظفين تشكّ في أنهم عمدوا إلى تسريب بعض المعلومات عمّا يحصل في شركتهم إلى صحيفة «الأخبار»، فعمدت إلى الانتقام من أحد الموظفين لديها.
الموظف الذي اختير لتربية الموظفين الآخرين به لديه تاريخ حافل في مواجهة الفساد بالشركة. فهو يشغل منصب رئيس دائرة الميكانيك في meas منذ أن أنشئت الشركة عام 1998. ويشرف، بحكم موقعه، على نحو 70% من الأعمال في هذه الشركة.
المواجهة الأولى بين هذا الموظف وإدارة meas كانت عام 2006 حين رفض أن يكون أجر الموظف في شركته نحو 700 دولار، وأجر الموظف في الشركات التي تتعهد الأعمال لـmeas نحو 2300 دولار تدفعه شركته. فطلب الاستغناء عن التعاقد مع متعهدين وإدارة كل الأعمال مباشرة، ما أثار استياء كبيراً منه لدى الإدارة العليا في شركته التي تجمعها مع المتعهدين «صداقات».
المواجهة الثانية حصلت حين فوجئ بمجموعة فواتير وهمية تطلب إدارة meas تصنيفها لتقدمها إلى دار الهندسة قبل تحويلها إلى مجلس الإنماء والإعمار. فأثار الموضوع، رافضاً تمرير فواتير كهذه. واشتكى لدى رئيس مجلس إدارة الشركة غازي يوسف الذي استمهله أربعة أشهر، ثم حاول الالتفاف على طلب الموظفين التدقيق بالموضوع عبر تكليفه شركة خاصة إعداد دراسة لإعادة هيكلة meas.
المواجهة الثالثة بدأت مع طلب إدارة الشركة منه توظيف أشخاص في موقع مشغلي الجسور المتحركة. وفي 26 آذار 2010 طلب رئيس دائرة شؤون الموظفين في meas من هذا الموظف تثبيت المدعو ع. ك. في وظيفة مشغل للجسور المتحركة، فرفض رئيس دائرة الميكانيك الموافقة، متذرعاً بوجود فائض كبير في الموظفين في هذا الموقع، مقابل وجود أمكنة شاغرة في مواقع أخرى، مؤكداً أن مؤهلات المتقدم إلى الوظيفة لا تؤهّله شغلها. فرد غازي يوسف مطالباً بتوظيف ك. ابتداءً من 29 آذار 2010. ولاحقاً في مراسلات بين يوسف ورئيس دائرة الميكانيك، أكد الأخير في رسالة بتاريخ 14 نيسان 2010، سعادته بتوظيف ك. لكن في مشغل الأدوات الصحية وليس كمشغل للجسور.
لكن خطأً وقع في كتابة الرسالة، فتوجه رئيس الدائرة إلى مكتب يوسف مطالباً سكرتيرة الأخير بسحب رسالته لتصحيحها، فحصل تلاسن بين رئيس الدائرة والسكرتيرة.
لاحقاً، قدم الموظف شكوى رسمية في قسم شؤون الموظفين، مقدماً تقريراً بما حصل معه. أما السكرتيرة وتزامناً مع نشر تحقيق عن الفساد في meas في «الأخبار»، تجاوزت قسم شؤون الموظفين والضابطة العدلية في المطار وجهاز أمن المطار وتوجهت إلى بعبدا لتدّعي على هذا الموظف بالضرب والتحقير والشتم، مقدمة تقريراً طبيّاً يعطيها الحق بإجازة ليوم واحد (علماً بأنها لم تتغيب عن العمل). فأوقفت الضابطة العدلية في المطار، أول من أمس، رئيس دائرة الميكانيك في meas.
لكن الموظفين عمدوا إلى تنظيم صفوفهم تحضيراً لإضراب، وتحركت نقابتا طيران الشرق الأوسط والشركات التابعة لها ونقابة العاملين في شركات الطيران في مطار بيروت، مهددين بقطع المياه والكهرباء عن المطار، ما اضطر رئاسة مجلس إدارة meas ممثلة بالسكرتيرة إلى التراجع عبر الحضور إلى الضابطة العدلية لمواجهة المتهم بالاعتداء عليها وإطلاق الاثنين بسند إقامة.
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment