Monday, April 26, 2010

«المستقبل» يخوض معركة الثأر من نحّاس
ما إن سحبت قضيّة الاتفاقيّة الأمنيّة من التداول، حتى عادت من باب اتهام وزير الاتصالات شربل نحاس بإخفاء تقرير
تقني عن لجنة الاتصالات النيابية. اتهام ينفيه نحاس، وتبطله تركيبة اللجنة التي وضعت التقرير النهائي، ووقائع لجنة الاتصالات التي وضعها نحاس في صورة تأليف
لجنتين

حسن علّيق
يريد النائب عقاب صقر استقالة وزير الاتصالات شربل نحاس أو إقالته، «ليكون عبرة لمن اعتبر». هكذا، ومن دون أي تدقيق في ما نشرته إحدى الصحف يوم الجمعة الماضي،
بدأت قوى 14 آذار هجومها الذي بدا استباقاً لتوصية رئيس مجلس النواب نبيه بري بشأن التعامل مع الاتفاقية الأمنية الموقّعة بين لبنان والولايات المتحدة 2007.
كيف بدأ الهجوم على نحاس؟
يوم الجمعة الفائت، نشرت صحيفة «الشرق» خبراً مفاده أن نحاس أخفى عن لجنة الاتصالات النيابية تقريراً أعدّته لجنة من وزارته، كان قد ألّفها بناءً على توصية
نيابية (صادرة يوم 10/3/2010)، بهدف درس ماهية المعلومات المتعلقة بشبكة الهاتف الخلوي، التي كانت السفارة الأميركية قد طلبتها من قوى الأمن الداخلي في نيسان
2007. أضافت «الشرق» إن اللجنة ضمّت المهندسَين كمال أبو فرحات وعبد الله قصير، والرائد في الجيش أنطوان قهوجي. ولفتت إلى أن التقرير الذي أعدّته اللجنة لم
يرق نحاس، لأنه يؤكد أن المعلومات التي طلبها الأميركيون لا تمثّل أي خطورة على أمن شبكة الخلوي في لبنان، وأن بإمكان أي كان الحصول عليها من الإنترنت. بناءً
على ذلك، تابعت الصحيفة، أخفى نحاس التقرير، وألّف لجنة جديدة تضم إلى قصير كلاً من المهندسين عماد حب الله وباتريك عيد وديانا بو غانم ودانيال حمادة. وبحسب
«الشرق»، فإن هؤلاء مقرّبون إمّا من نحّاس، وإما من حزب الله أو من حركة أمل. أما المهندسة في الوزارة ديانا بو غانم، فوصفتها الصحيفة بأنها «من عناصر استخبارات
الجيش، ويُقال إنها كانت من المقرّبين إلى اللواء جميل السيد ولها دور في العديد من الملفات أيام الرئيس السابق إميل لحود»! وهذه اللجنة هي التي وضعت التقرير
النهائي الذي يؤكد أن المعلومات المطلوبة من الأميركيين شديدة الحساسية وينبغي الحفاظ على سرّيتها.
ما ذكرته الصحيفة بات بمثابة الحقيقة المنزلة عند عدد من نواب 14 آذار، وخاصة في تيار المستقبل، واصفين «الواقعة» بالفضيحة التي تثبت عدم أهليّة شربل نحاس لتولّي
الوزارة.
لكن التدقيق بما قيل خلال اليومين الماضيين، ومقاطعته عند أكثر من مصدر، يظهر الآتي:
أولاً، من الثابت أن نحاس ألّف لجنة يوم 12/3/2010 بعضوية أبو فرحات وقصير والرائد أنطوان قهوجي (أحد أبرز ضباط الفرع التقني في استخبارات الجيش). إلا أن الأخير
لم يلتحق باللجنة، بحسب مصادر واسعة الاطلاع في وزارتي الاتصالات والدفاع، لأن وزير الدفاع الياس المر لم يشأ أن يكون الجيش طرفاً في قضية سجالية. ولهذا السبب،
فإن اللجنة المذكورة لم ترفع أيّ تقرير إلى وزير الاتصالات. لاحقاً، أصدرت لجنة الاتصالات النيابية توصية ثانية (يوم 18/3/2010) تطلب فيها من نحاس حصر عمل اللجنة
بالشق التقني والابتعاد عن الشق الأمني. ففي تلك الجلسة للجنة الاتصالات، أصرّ عدد من نوّاب 14 آذار على ألا يكون بين أعضاء اللجنة أي أمني أو عسكري. وفي قرار
نحاس القاضي بتأليف لجنة فنية ثانية (30/3/2010)، ذكر الوزير التوصية الجديدة التي أصدرتها اللجنة النيابية. واللافت أنّ النوّاب الذين هاجموا نحاس، حصلوا على
نسخة من التقرير، مرفقة بنسخة من القرار الذي يأتي على ذكر التوصية الثانية.
ثانياً، إن عضو اللجنة الأولى، كمال أبو فرحات، معروف بتأييده للتيار الوطني الحر. وهو مستشار للوزير شربل نحاس. ووجهة نظره السياسية أقرب إلى وجهة نظر الوزير،
مما هي عليه الحال بين نحاس وأعضاء الهيئة المنظّمة للاتصالات، المستقلة تماماً عن سلطته. ومنذ وصوله إلى الوزارة، لم يترك نحاس مناسبة من دون أن يعترض فيها
على الهيئة المنظمة للاتصالات ودورها وميزانيتها. ورغم ذلك، اختار اثنين من أعضائها (عماد حب الله وباتريك عيد) والمهندس المتعاقد معها دانيال حمادة، لعضوية
اللجنة. ومعروف لدى المطلعين على قطاع الاتصالات في لبنان أن حب الله وعيد عُيّنا في عهد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، عندما كان مروان حمادة وزيراً للاتصالات،
وكذلك الأمر بالنسبة إلى دانيال حمادة المحسوب على النائب وليد جنبلاط. «أما القول إن المهندس عبد الله قصير قريب للنائب السابق عبد الله قصير (حزب الله)، فلا
يعدو كونه محاولة لوضع المهندس قصير في خانة المؤيّدين للحزب، علماً بأنه عضو سابق في الحزب الشيوعي اللبناني، ويقول في حزب الله ما لم يقله مالك في الخمرة»،
بحسب مصادر في الوزارة. كذلك، فإنه شارك في وضع تقرير اللجنة التقنية الثانية، ووقّع، كغيره من أعضائها، على جميع صفحاته. وبالتالي، «فإن رأي عبد الله قصير
موجود في تقرير اللجنة الثانية، لا في التقرير المزعوم. ولو أن فرضيّة وجود تقرير مخفيّ صحيحة، لما كان نحاس قد أعاد تعيين قصير في اللجنة الثانية».

أشار نحاس في قرار تأليف اللجنة الثانية إلى التوصية الجديدة الصادرة عن اللجنة

وضعت مصادر في المعارضة السابقة الهجوم على نحاس في إطار الرد على معارضته سياسة «المستقبل» المالية

تبقى المهندسة ديانا بو غانم التي اتهمتها الصحيفة بأنها من «عناصر استخبارات الجيش»(!). وبحسب مسؤولين في الوزارة، فإن «مصدر هذه التهمة، التي تذكّر بالنغمة
التي درجت في الفترة اللاحقة لانسحاب الجيش السوري من لبنان، أن بو غانم كانت ضمن الفريق الذي عمل على مكافحة الاتصالات الدولية غير الشرعية، الذي كان يرأسه
العقيد دانيال فارس. لكن المستغرب هو الإيحاء بأن نحاس كان بحاجة إلى بو غانم من أجل وضع التقرير الذي يلائمه، فيما اللجنة الأولى كانت تضمّ ضابطاً من استخبارات
الجيش، لا مهندسة توجّه إليها تهمة سخيفة بالعمل لحساب هذه الاستخبارات».
من جهته، أصدر وزير الاتصالات شربل نحاس بياناً أكد فيه أن تقريراً وحيداً كان قد صدر، وهو الذي تسلمته لجنة الاتصالات النيابية، «وكل ما عدا ذلك لا يشكل تقريراً
ولا يتعدى كونه مسوّدات جزئية واكبت عملية الصياغة، وكان يعدلها تباعاً الفريق الفني وفق تقدم الأبحاث التي كان يتولاها أعضاؤه». ولفت نحاس إلى أن «اللجنة البرلمانية
كانت قد اطّلعت على كل مراحل العمل، بما فيها مرحلة التركيز على حصر عمل اللجنة الفنية بالفنيين وحدهم».
هذا في الشق المتعلق بوزارة الاتصالات، أما على صعيد عمل لجنة الاتصالات النيابية، فقد أبدى رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله استعداده لعقد اجتماعات تهدف إلى
مساءلة الوزير شربل نحاس، «في حال حصوله على نسخة عن التقرير المزعوم». ولفتت مصادر واسعة الاطلاع إلى أن الحملة المثارة في وجه نحاس تهدف إلى أمرين: الأول
هو السعي من أجل تطويق توصية الرئيس نبيه بري التي سيقدمها إلى رئيسَي الجمهورية والحكومة بشأن التعامل مع الاتفاقية الأمنية الموقعة بين لبنان والولايات المتحدة
عام 2007، والتي «يرى بري فيها ثغراً دستورية وقانونية لا يجوز تركها من دون معالجة»، علماً بأن رئيس المجلس سيقدم التوصية فور عودة رئيس الجمهورية من البرازيل.
وأكدت المصادر أن «أي محاولة للتهرب من معالجة قضيّة الاتفاقيّة الأمنية ستؤدي إلى فتح مشكلة سياسية جديدة في البلد، وقد تكون وطأتها السياسية والإعلامية أكبر
مما سبق».
أما السبب الثاني لهذا الهجوم على نحاس، فتردّه المصادر المنضوية تحت لواء المعارضة السابقة إلى الدور الذي يقوم به نحاس في «المناقشة الجدية والعلمية للطروحات
المالية والاقتصادية التي يعرضها فريق تيار المستقبل في الحكومة».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment