Tuesday, April 20, 2010

القوّات في ملاعب الآخرين والخصوم مشغولون
تحت عنوان الانتخابات البلدية، تشهد أقضية زغرتا، الكورة وبشري مجموعة معارك: سليمان فرنجية يريد التمدّد خارج زغرتا، سمير جعجع يريد إثبات مرجعيته في المناطق المسيحية خلف المدفون، ميشال معوض يراها معركة وجود، وفريد مكاري يود إثبات أنه باق باق باق مهما كانت التحولات
غسان سعود
ببطء، تسير عجلة الاستعداد للانتخابات البلدية في الشمال، على اعتبار أن الأحزاب الرئيسية مشغولة بانتخابات جبل لبنان التي يفترض أن يكون لنتائجها تأثير على الانتخابات في أقضية الشمال. لكن رغم ذلك، بدأت تتضح مجموعة معارك بطلاها الأساسيان هما رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع. أما أدواتها فكثيرة.
البداية من زغرتا، حيث تحاول القوات اللبنانية شغل فرنجية وإلهاءه بقضائه، مستفيدة من ديناميكية رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض. ومن يمر بمدينة زغرتا يكتشف أن معوض يكاد يقيم في أحاديث المواطنين نتيجة بعض مواقفه. فتعليق معوض صوراً لنفسه إلى جانب الرئيس سعد الحريري تحت عنوان «الوحدة الوطنية» يتطلب جرأة وثقة كبيرة بالنفس. كذلك الأمر بالنسبة إلى تلبيته دعوة الأب إسطفان فرنجية لافتتاح مستشفى السيدة في زغرتا بعد توزيع حركته بيانات في الشوارع تطالب بتنحية فرنجية لانحيازه السياسي. أما «تكرّم» معوض بمد اليد لسليمان فرنجية للتوافق الشامل على مستوى قضاء زغرتا في الانتخابات البلدية، فأمر له وقعه وسط الزغرتاويين، وخصوصاً أن بيان «اليد الممدودة» ادعى أن «قوى 14 آذار فازت في أكثر من 34 قرية من أصل 49 في قضاء زغرتا». وعلى فرنجية أن يوافق على حصول معوض على رئاسة البلدية التي نالت لائحته فيها أكثرية الأصوات.
تيّار المردة لا يبالي كثيراً بيد معوض، لكنه يتوقف عند مفارقتين أساسيتين:
ـــــ أولاً، بحسب أرقام وزارة الداخلية والبلديات، فازت لائحة معوض بأكثرية الأصوات في 23 قرية لا في 34، كما يقول هو نفسه، وهذه البلدات هي: أسلوت، أيطو، إيعال، بسلوقيت، تولا الجبة، حارة الفوار، حميص، حيلان، رشعين، سبعل، عربة قزحيا، عشاش، علما، قادرية، كفرحاتا، كفرفو، كفريا، كفرياشيت، مجدليا، مرياطه، مزرعة التفاح، مزرعة النهر، مزرعة حريقص. أما لائحة فرنجية فتقدمت على تحالف معوض ـــــ القوات اللبنانية ـــــ تيار المستقبل في 25 بلدة، هي: إجبع، أصلون، بحيرة، بشنين، بنشعي، بوسيط، بيت عبيد، بيت عوكر، حرف أردة، حرف مزيارة، داريا، رأس كيفا، سرعل، عرجس، عينطورين، قره باش، كرم سده، كفرحورا، كفردلاقوس، كفرزينا، كفرشخنا، كفرصغاب، مزرعة حوقا، مزرعة فريديس ومزيارة. وقد حازت اللائحتان معدل أصوات يبلغ 47.9% في بلدة أردة. وتقدم فرنجية على معوض بفارق كبير في زغرتا ـــــ المدينة.
ـــــ ثانياً، يتبين ممن يعدون أنفسهم للترشح باسم قوى 14 آذار أن دعوة معوض البريئة للتوافق ما هي إلا دعوة لفرنجية لوضع يده بيد جعجع وتقاسمهما معاً المجالس البلدية في زغرتا.
وبالتالي، لا بوادر اتفاق في زغرتا، وسيذهب القضاء إلى معركة جدية، وخصوصاً أن النتائج في معظم البلدات كانت متقاربة في الانتخابات الماضية. وفي موازاة إشاعة أنصار فرنجية جواً من الطمأنينة لناحية أن المغتربين الذين رفدوا لائحة معوض والقوات في الانتخابات الماضية هم نحو ألفي صوت، وأصوات المقترعين السنّة الذين اقترعوا بغالبيتهم للائحة معوض تتركز في 5 بلدات فقط، تبدو القوات اللبنانية واثقة بأنها ستنجح في تحجيم فرنجية. ويردد أحد مسؤوليها في زغرتا بثقة أن من أتى بالمغتربين أول مرة بإمكانه المجيء بهم مرة ثانية. و«القوات التي أثبتت قدرتها على صناعة العجائب أول مرة، فازت بثقة المتشككين الذين ترددوا في المرة الماضية بالاقتراع وفق اقتناعاتهم».
القوات تلعب دون سقف إذاً في أرض فرنجية، أما فرنجية فيبدو أقرب لناحية الحذر إلى لاعبي الشطرنج في تحريكه الأحجار في بشري ـــــ ملعب القوات، وخصوصاً أن حلفاءه المفترضين في جارة زغرتا يستسلمون أكثر فأكثر يوماً تلو الآخر. وفي مقابل زهو قواتيي زغرتا بانتمائهم الحزبي، يخلع بعض أنصار المردة في بشري الرايات الخضراء عن أعناقهم كأنهم يخجلون من انتمائهم. علماً بأن التنقل بين البلدات يظهر أن للمردة والتيار الوطني الحر نفوذاً في معظم بلدات قضاء بشري يمكن البناء عليه لتحالفات مع العائلات لمواجهة لوائح القوات. ففي مدينة بشري حسمت القوات أمر ترشيح رئيس لجنة جبران الوطنية، أنطوان الخوري طوق (تنتهي ولايته في رئاسة اللجنة الشهر المقبل)، ويبدو أن المناوئين للقوات يبحثون عن تسوية تحفظ لهم ماء الوجه وتجنبهم معركة خاسرة حكماً. أما في حدشيت فترشح القوات لرئاسة المجلس البلدي المحامي إيلي حمصي الذي نقل نفوسه إلى البلدة منذ نحو عام فقط، ورغم ذلك لا ترتفع أية أصوات جدية في معارضتها حمصي. وفي بقاعكفرا يفترض فوز القواتي إيلي مخلوف من دون حصول معركة جدية. هذا في البلدات القواتية الثلاث بامتياز. أما في سائر قرى القضاء، فلا يزال رئيس بلدية بقرقاشا روبير عريضة، المناوئ للقوات، الأقوى. وفي بزعون تتنافس لائحتان من مناصري القوات، ما يعزز حظوظ المردة القوي في هذه البلدة. أما في حصرون فيرجّح أن يبقى الائتلاف الذي يضم كل الأفرقاء قائماً، وخصوصاً أن القوات احترمت الحيثيات العائلية في هذه البلدة، في وقت لم تحسم فيه بعد هوية المرشحين المناوئين لمرشحي القوات في طرزا وحدث الجبة رغم النفوذ الكبير للمردة والتيّار وحلفائهما في هاتين البلدتين. في وقت يفترض فيه أن ينجح الرئيس الحالي لمجلس بلدية برحليون، مرسيل سندروسي، القريب من المردة، بالحفاظ على موقعه. وهكذا يتبين أن المردة وحلفاؤه قادران على أن يفرضا في قرى قضاء بشري واقعاً مشابهاً لما تحاول القوات اللبنانية فرضه في قرى قضاء زغرتا. لكن الغريب أن المردة يتردد بذلك ويكتفي باللعب من تحت الطاولة.
تحاول القوات شغل فرنجية وإلهاءه بقضائه مستفيدة من ديناميكية معوض
حظوظ المعارضة السابقة في الفوز بأميون مرتفعة إلا أن القوات تعدّ نفسها للمعركة
من بشري إلى الكورة، يتخذ الصراع المقنّع بين فرنجية ـــــ جعجع، مرة من خلال العائلات في بشري ومرة من خلال معوض في زغرتا، طابعاً مكشوفاً في الكورة المسيسة دائماً. ولهذا القضاء خمس بلدات وازنة أساسية تعطي الفائز بغالبيتها عباءة تمثيل القضاء، هي: أميون، أنفة، كفرعقا، كسبا ودده، علماً بأن مصادر كل من المردة ونائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري تؤكد عدم وجود أي شكل من أشكال التنسيق بين الطرفين رغم وجود بعض الأشخاص حول مكاري الذين يرون أن الاتفاق مع المردة يقطع الطريق على ذوبان حيثية مكاري في حزب القوات، وهو ما يظهر جلياً في مفاوضة القوات على حصص في بلدات لم يكن لها فيها أي وجود، ومن يطرق باب مكاري للمفاوضة ليسوا إلا أنصاراً سابقين له، أتت القوات لتقنعهم بأنهم قيمة بحد ذاتهم.
في أميون يتمتع الحزب السوري القومي الاجتماعي بالثقل الرئيسي، ويفترض أن المعركة محسومة لمصلحته، لكن الغريب أن أي اتفاق بين القومي والمردة والتيار الوطني الحر لم يُبتّ بعد، ويبدو أن هناك بعض المشاكل التي يتحفّظ مختلف المسؤولين في الأحزاب الثلاثة على كشفها في انتظار تبلور النقاشات. أما أنفة، فلمكاري (ابن البلدة) الثقل الأساسي، وينتظر التيار الوطني الحر وحلفاؤه موقف المرشح السابق إلى الانتخابات الذي انسحب لمصلحة مرشح التيار غابي دريق ليحدد خياراته. ورغم أن حظوظ المعارضة السابقة في الفوز في أميون مرتفعة، إلا أن القوات تعدّ نفسها لمعركة. في المقابل، تبدو المعارضة السابقة فاقدة للمبادرة في أنفة، حيث يفترض أن مكاري يفوز بغالبية أعضاء مجلسها البلدي. أما في كل من كفرعقا وكسبا، فتختبئ القوى السياسية، حتى الساعة، خلف العائلات، في انتظار تبلور المشهد. وفي دده بات لتيار المستقبل نتيجة نمو عدد الناخبين السُّنة، كلمة أساسية في تحديد الفائز في المجلس البلدي، وهناك اتجاه لدى المستقبل إلى تزكية ترشيح رئيس بلدية دده الأسبق، جبرايل الزاخم، القريب من القوات اللبنانية، في وقت لم ينجح فيه التيار الوطني الحر وحلفاؤه ببلورة خطة واضحة للمواجهة.
________________________________________

قوات الكورة نموذجاً
في الكورة، البترون، زغرتا وبشري لا تملّ ماكينة القوات اللبنانية ولا تكلّ. تمثل الكورة نموذجاً عن عمل حزب القوات. إذ كان يفترض بالحزب السوري القومي الاجتماعي أن يجتهد بعد نتائج الانتخابات الماضية التي أقصت مرشحه في أحد المعاقل الأساسية للحزب في أن يضع خطة عمل لاستعادة ما يكاد يضيع. لكن الحزب مع حليفيه الأساسيين، التيار الوطني الحر والمردة، لم يفعلوا أكثر من تبادل الاتهامات، محملاً أحدهم الآخر سبب الخسارة. أما القوات فاجتهدت في العمل على ثلاثة مستويات: الأول، اجتذاب معظم أنصار النائب نقولا غصن الذي خسر معظم نفوذه، وحاله في ذلك أسوأ من حال النائب فريد مكاري الذي نجح بإلزام القوات باحترام بعض الخطوط الحمر. الثاني، محاولة استقطاب بعض أنصار التيار الوطني الحر، وخصوصاً الباحثين بينهم عن وظائف وخدمات، وقد اجتهد القواتيون في اجتذاب من اعتذر التيار عن تبني ترشيحهم للانتخابات النيابية. الثالث، تثبيت حيثيتها في البلدات المارونيّة في الكورة، راعية النزوح البشراوي إلى الكورة لخلق جو عام قواتي في هذا القضاء. إضافة إلى ذلك، يكاد يكون التنظيم القواتي في الكورة الأكثر انضباطاً بحجة «وجود خصم أمني».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment