Sunday, April 18, 2010

المتن الأعلى: حمّانا «أم المعارك»

انور عقل ضو

المتن الأعلى:
كما كان متوقعاً، انطلقت مع بداية الأسبوع الجاري، التحضيرات لملاقاة الاستحقاق البلدي والاختياري، فشهدت القرى والبلدات في منطقة المتن الأعلى لقاءات واتصالات
مكوكية، أفضى بعضها إلى توافقات مبدئية ساعدت على بلورة التحالفات التي بدت متكئة على التوزع العائلي والمداورة والأعراف المتبعة. وبدا أن القوى السياسية حاضرة
خلف خصوصيات القرى، وأنها ترصد وتراقب وتتدخل من ضمن تواجدها في كنف العائلات.
ومن المفارقات الفاضحة في مقاربة هذا الاستحقاق، أنه ليس ثمة مرشح لحزب أو تيار سياسي، إنما ثمة مرشحين عن عائلات تبنى ترشيحهم هذا الحزب أو ذاك، بمعنى أن الاستحقاق
جاء لتظهير إشكالية سياسية وليفضح قصور الأحزاب المستظلة بفيء العائلات والمطمئنة لدور منقوص، وسط قوة الحضور العائلي على حساب السياسي، المفترض أن يشكل المنطلق
الأمثل لتكريس خيارات تنموية. وبالتالي، تبقى الطاقات والإمكانيات أسيرة أعراف وتقاليد عائلية تلحظ الأجباب من ضمن «شجرة» العائلة وفروعها.
رأس المتن... لائحة ائتلافية
وتبدو الأنظار مشدودة باتجاه البلدات الأكبر من حيث عدد السكان، لا سيما حمانا، قرنايل، رأس المتن وكفرسلوان. وقد تبلورت المعركة الانتخابية في بلدة رأس المتن،
المؤلف مجلسها البلدي من خمسة عشر عضواً، وعلمت «السـفير» أن لقاء عقد في فندق «فينيسيا» ضم رئيس البلدية الحالي رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى مروان نجيب
صالحة، وقاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم، وأمين عام المؤسسة الدرزية للرعاية الاجتماعية عصام مكارم، وعضو المجلس المذهبي الزميل سامر صالحة. وتم التوافق
على تشكيل لائحة ائتلافية برئاسة عصام مكارم، وتوحيد الجهود في سبيل إنماء رأس المتن، على أن تراعي اللائحة التوافقية تمثيل جميع عائلات البلدة وإبعاد الاستحقاق
عن التجاذبات السياسية.
وإثر التنويه برئيس البلدية الحالي، مروان صالحة، نتيجة نيل رأس المتن «جائزة الأونيسكو للمدن العالمية»، فضلاً عن إشرافه على مشاريع إنمائية، وجهوده من أجل
استعادة اتحاد بلديات المتن الأعلى، فمن المتوقع لهذه اللائحة أن تحسم المعركة، خصوصاً أنها تمثل العائلتين الأكثر عدداً، فضلاً عن أن عملية تشكيل اللائحة ستراعي
حضور وتمثيل العائلات الأخرى. ورغم العدد الكبير للمرشحين، إلا أنه ليس هناك حتى الآن بوادر تشكيل لائحة منافسة، وإن كان هذا الخيار غير مستبعد حتى الآن.
حمانا... أم المعارك
أما في بلدة حمانا، فتبدو الأمور مشرّعة على معركة غير واضحة المعالم، حتى الآن. ويبدو أن التنافس قد يفضي إلى تشكيل لائحة ثالثة، خصوصاً أن ثمة انقسامات داخل
كل عائلة، وإن كانت المعركة ستنحصر بشكل أساسي بين لائحة مدعومة ضمناً من «التيار الوطني الحر»، وأخرى مدعومة من «القوات اللبنانية». وبحسب ما توافر من معلومات
استقتها «السفير» من أكثر من مصدر، فإن الجهود المبذولة تتركز حول تضمين كل لائحة مرشحين يمثلون رافعة مهمة على مستوى العائلات، في حين تخوض القوى السياسية
الاستحقاق من ضمن النسيج العائلي للبلدة والموزع بين تجمع عائلات «الحداشنة» نسبة إلى حدشيت، والـ«يوانسة» نسبة لعائلة أبي يونس وفروعها، فضلاً عن تجمع العائلات
المارونية الأخرى، وحضور أقل للعائلات الأرثوذكسية، إضافة إلى العائلات الدرزية غير المؤثرة في صوغ التحالفات والممثلة بمرشح واحد لمجلس بلدي مؤلف من 15 عضواً.

ويبدو أن الاختراق الحزبي والسياسي نجح في كسر حركة الاصطفاف العائلي، ما يعني أن المعركة ستكون سياسية بامتياز، وصولاً إلى اعتبارها «أم المعارك» بين العائلات
التي لم يعد انتماؤها كاملاً لفريق سياسي دون آخر. ولغاية الآن لم يتمّ التوصل إلى صيغ توافقية بين اللائحتين الأساسيتين، ويؤكد مصدر متابع أن «الأمور لن تتضح
قبل الأسبوع المقبل».
تحديات كبيرة
وما بين التوافق الضمني في رأس المتن، والطلاق النهائي بين مكوّنات المجتمع الحماني، تواجه البلدات الأخرى تحديات كبيرة. فالقرى المسيحية موزع ولاؤها بين «التيار
الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» بشكل أساسي، وهما يسعيان لتظهير حضورهما السياسي، فيما القرى المختلطة تظل خاضعة لنفوذ الطائفة الأكثر حضوراً. علماً أن القرى
الدرزية ما زالت غير قادرة، حتى الآن، على ترجمة التحالف الانتخابي بين النائبين وليد جنبلاط وطلال أرسلان من دون تعقيدات. ولعل هذه الإشكالية تساهم في عدم
تبلور المشهد الانتخابي في كافة القرى والبلدات من دون استثناء، خصوصاً أن هذا التحالف بدا تحالفاً فوقياً، غير ناضجة ظروفه على مستوى القواعد الحزبية والشعبية
في آن. لذلك، من غير المستبعد أن تأتي مساعي جنبلاط – أرسلان لتسهيل الائتلاف، وإذا تعذر ذلك، فستخاض المعارك الانتخابية بحد أدنى من التشنج.
جريدة السفير

No comments:

Post a Comment