Friday, April 23, 2010

المر يأخذ العونيّين إلى البحر ويردّهم عطشانين
غسان سعود
على أمل قيامة النائب ميشال المر سياسياً من بين الأموات بعد نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، غيّر أبو الياس استراتيجيته، ولعب لعبة تبدو حتى الآن ناجحة جداً. فقد شجع قاعدته على التقرّب من قاعدة التيار الوطني الحر في معظم البلدات المتنية، رغم النفور التاريخي بين قواعد الطرفين. فحلّ الوئام محل الخصام. ففي بلدة الدكوانة، ذهبت قواعد المر والتيار الوطني الحر إلى اتفاق مبكر على خوض الانتخابات البلدية جنباً إلى جنب في مواجهة حزب الكتائب. أما في بلدة الجديدة ـــــ البوشرية ـــــ السد، فزار رئيس المجلس البلدي أنطوان جبارة، المحسوب على المر، النائب إبراهيم كنعان مرات عدة، لكنّه لم ينجح في فتح صفحة جديدة معه، ما اضطره إلى البحث عن منافذ أخرى، فوصل من طريق زوج إحدى أعضاء مجلسه البلدي إلى النائب نبيل نقولا، مسوّقاً أنه مستعد لإعطاء التيار كل ما يريده مقابل موافقة التيّار على انتخابه رئيساً. وفي بلدة الزلقا ـــــ عمارة شلهوب، لعب أنصار المر اللعبة نفسها. أما في المنصورية، فصار لرئيس المجلس البلدي وليم الخوري، الذي سبق للتيار أن خاض المعارك الطاحنة في وجهه، أنصار عونيون يرفضون في اجتماعات التيار أن توجَّه اتهامات الفساد إلىه.
وهكذا، من بلدة إلى أخرى، نجح المر في مرحلة «التحرر» وفق التقويم العوني، في أن يحقق ما عجز عنه في مرحلة «التحرير» بحسب التقويم نفسه. وحقق عبر مجموعة من رؤساء المجالس البلدية انقساماً بشأن موقف العونيين تجاهه، عجز عن تحقيقه عبر جيش من الاستخبارات والإغراءات المتنوعة. وها هم العونيون اليوم شبه مقسومين في البلدات الرئيسية في ساحل المتن بين من هم مع التحالف مع دولته ومن هم ضد هذا التحالف، في انتظار كلمة الجنرال الأخيرة. أما ملفات السرقة في البلديات والمغاور والقلاع الأثرية، التي أعدها العونيون، فتنام في الجوارير حتى لا يُجرَح شعور الأصدقاء الجدد.
العلاقة الجديدة تثير مفارقتين: الأولى، أن ودّ قواعد المر للقواعد العونية يقتصر على بلدات دون أخرى، ويتركز كثيراً في ساحل المتن حيث أثبت العونيون أنهم القوة الأولى في الانتخابات الأخيرة. أما المفارقة الثانية، فهي أن رؤساء المجالس البلدية في بلدات انفتاح أنصار المر على العونيين، سيبقون هم أنفسهم. ففي الدكوانة، اتفق على أن يكون رئيس المجلس البلدي هو أنطوان شختورة (المحسوب على المر)، ويأخذ العونيون موقع نائب رئيس المجلس (جورج صادق). وفي الزلقا والمنصورية وأنطلياس، يمثّل رؤساء المجالس البلدية ثوابت بالنسبة إلى المر. واللافت مثلاً أن التيّار الذي تقدمت لائحته في بلدة النائب نبيل نقولا، جل الديب، بنحو مئتي صوت على لائحة المر، يجد نفسه عاجزاً عن تأليف لائحة بلدية في مواجهة اللائحة المدعومة من المر، التي تمنّن العونيين بإعطائهم مقعدين أو ثلاثة.
شجع المر قاعدته على التقرّب من قاعدة التيار الوطني الحر في معظم البلدات المتنية
وفي النتيجة، يتبين أن المر الذي أوهم العونيين بأنهم بتلقّفهم اندفاعة أنصاره تجاههم يسحبون بساط المر من تحت أقدام الكتائب، يكاد ينجح في سحب بساط المجالس البلدية من تحت العونيين، محققاً انتصارات عدة، منها:
ـــ نجا من امتحان جدي لشعبيته في المناطق التي يدعي أن الكتائب لم تقدم له الكثير من الأصوات فيها في الانتخابات الأخيرة.
ـــ ضمن الفوز بمعظم رؤساء المجالس البلدية، علماً بأن رئيس المجلس البلدي غالباً ما يختصر المجلس كله.
ـــ ضرب صدقية العونيين الذين يكيلون الاتهامات لرؤساء المجالس البلدية بالفساد والإفساد والترهيب ثم يدعمونهم في الانتخابات.
ـــ حقّق اختراقاً كبيراً في الحالة العونية، إذ يفترض أن الأصدقاء الجدد للعونيين سيديرون لهم ظهرهم عند أول استحقاق ويسيرون خلف المر. فالتجارب السابقة تثبت أن الاستقلالية ممنوعة بالنسبة إلى المر الذي يحسن تعطيل المبادرة الفردية عند أنصاره.
عملياً، يستمرّ عضوا لجنة المناطق في التيار نعيم عون وبيار رفول في خوض مفاوضات مباشرة منذ بضعة أيام مع النائب ميشال المر، بتحفيز من قيادة الطاشناق، بهدف التوصل إلى اتفاق يسوّق المر وسط أنصاره أنه بات بحكم المنجز. لكن المطلعين على حقيقة الفتات الذي يقدمه المر للعونيين، يؤكدون أنه مستحيل إلا إذا كان شعار المرحلة بالنسبة إلى التيار هو السلطة بأي ثمن.
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment