Friday, April 16, 2010

بيروت: التوافق أقسى من المعركة
رأى نديم الجميّل أن على التيار الوطني أن يتقدم إلينا بعروض لا نحن (أرشيف ــ بلال جاويش)الجميع يرغبون بالتوافق في بيروت. لكن المعضلة أن النائب ميشال عون يطرح اعتماد النسبيّة معياراً، ما يُعطيه والطاشناق 6 مقاعد مسيحيّة. في المقابل، لا يرى تيّار المستقبل وحلفاؤه أن عون موجود. وهو أمر يُنذر بمعركة
ثائر غندور
يوم عيد الفصح التقى النائب نديم الجميّل والنائب السابق أمين شرّي في صالون المطران الياس عودة ببيروت. سأل شرّي الجميّل عن الانتخابات البلديّة، فكان جواب الأخير أن التمثيل البلدي يجب أن يكون مشابهاً متوافقاً مع التمثيل النيابي. ردّ شرّي بأنّ ذلك يعني استثناء حزب الله من البلديّة. استغرب الجميّل عدم وجود نائب لحزب الله، فردّ عودة: بسبب كرم شرّي وحزب الله تخلّوا عن المقعد النيابي لمصلحة حلفائهم.
حتى اليوم، لا يزال لسان قوى 14 آذار يُعلن التمسّك بصيغة التمثيل النيابي. نديم الجميّل يُردّد هذا الأمر، كذلك النائب في كتلة المستقبل عمّار حوري، الذي يُضيف أن نوّاب بيروت هم معنيّون بالنقاش في موضوع البلديّة، ومن يُرد التفاوض فعليه أن يُحاور هؤلاء، وفي ما يتعلّق بالتمثيل المسيحي، «التفاوض يكون مع نواب الأشرفيّة».
أمّا العونيّون، فيأتي ردّهم واضحاً على هذا الكلام على لسان المسؤول في التيّار زياد عبس الذي يرى في كلام هؤلاء «رفضاً للنسبيّة التي لا يزالون يُعلنون تأييدهم لها وأن عدم اعتمادها جاء بسبب ضيق الوقت». ويؤكّد عبس أن التفاوض سيجري بين رؤساء الكتل النيابيّة (الرئيس سعد الحريري والجنرال ميشال عون) لا مع النواب، «ونحن غير معنيين بالنقاش معهم في الموضوع البلدي». ويجزم أحد السياسيين الضالعين بأن الحريري هو المسؤول الأول عن المفاوضات، «ويُمكن نقاش النائب ميشال فرعون في موضوع المخاتير الكاثوليك».
العونيّون اختاروا أسماء مرشحيهم للمعركة وإطلاق ماكينتهم قريباً
يرفع العونيّون سقفهم السياسي قبل شهر من الانتخابات، وهو رفعٌ يحمل في طيّاته، بالدرجة الأولى، إعطاء دفع لموقف جنرالهم خلال عمليّة التفاوض. ولا يزال هؤلاء حتى اليوم يؤكّدون أن هدفهم الأوّل هو التوافق الذي يضمن التوازن الطائفي وصحّة التمثيل. ويُشير زياد عبس إلى أن التيّار جاهز لعمليّة التفاوض، «لكنها لم تحصل حتى اليوم»، ويُحدّد الرجل معياراً لعمليّة التوافق هذه، وهي الركون إلى نتائج الانتخابات النيابيّة، التي أعطت التيار والطاشناق 43% من الأصوات المسيحيّة، ومسيحيي 14 آذار 57% في الدوائر الثلاث ببيروت. لذلك، هو يقول إن حصّة ما كان يُسمّى المعارضة يجب أن تكون على الحدّ الأدنى 40% من مقاعد البلديّة، أي 10 مقاعد من أصل 24. ويرى أن من حق فريقه وحلفائه التمثّل بمقعدين للشيعة وواحد للسنة وسبعة مقاعد للمسيحيين يكون من ضمنها مقعدان للأرمن.
في هذا الوقت، نشطت الماكينة العونيّة استعداداً للانتخابات، التي لا نُمانع أن نخوضها كمعركةٍ مبدئيّة، «فنحن نعشق هكذا معارك». ويُشير عبس إلى أن إطلاق الماكينة سيكون قريباً، ويُسمي الرجل أسماء المرشّحين الذين سيُعتمَدون في هذه معركة وهم: عن الأرثوذكس: مارك بخعازي (عضو مجلس نقابة المحرّرين، وعضو مجلس رئاسة نادي الحكمة)، إيلي ميني (صحافي)، جورج فريديس (مرشح سابق للنيابة ورئيس جمعيّة لبنان الوطن) ورندا المرّ (صحافيّة). عن الموارنة: جورج صفير (خبير مالي) وعماد جعارة (محامٍ أو إميل رستم (مدرب منتخب لبنان لكرة القدم). عن الأقليّات: ندى عطوي طرابلسي (ناشطة بالشأن الاجتماعي)، وميشال حبيس (خبير سياحي ومستشار الوزير فادي عبود). عن الكاثوليك: غسان زاخم أو تانيا عيد. فيما يُسمي حزب الطاشناق المرشحين الأرمن الثلاثة.
أساس المشكلة بالنسبة إلى العونيّين تعود إلى أنهم رأوا أن النسبيّة دخلت في الانتخابات البلديّة إلى مجلس الوزراء من باب انتخابات بلديّة بيروت. إذ طرح التيّار الوطني الحرّ تقسيم المدينة إلى ثلاث دوائر من أجل صحّة التمثيل. ثم طرح الوزير زياد بارود اعتماد النسبيّة في المدن الكبرى. جاء طرح الرئيس سعد الحريري بأن تكون النسبيّة في جميع القرى والبلدات والمدن، وفي اعتباره أنّ عون سيرفض هذا الطرح. وافق الجنرال، فأُحرج الحريري فضاعت النسبيّة ومعها الإصلاحات... وبقيت بيروت دائرة واحدة.
يُقابل الحماسة العونيّة، هدوء عند الحليفين الرئيسيين للتيّار، حزب الله وحزب الطاشناق. يؤكّد الطرفان سعيهما ورغبتهما في الوصول إلى التفاهم، ويقول أحد المسؤولين في حزب الله: «كما في الحكومة كذلك في البلديّة، التوافق يبدأ عند ميشال عون، والمعركة تبدأ من عنده أيضاً».
أمّا الأمين العام لحزب الطاشناق، هوفيك مختاريان، فيؤكّد أن المعطيات المتوافرة بين يديه تُشير إلى وجود رغبة عند الحريري وعند عون في التوافق، «وهذا برأيه يحتاج إلى المزيد من الوقت، لأن الظروف السياسيّة في البلد أفضل، وهناك حكومة وحدة وطنيّة، ونحن نؤسّس لعلاقة جيّدة مع مختلف القوى». وهو يعتقد أن تيّار المستقبل يجب أن يكون واعياً لأهميّة التوافق لأن المعركة ستعني انقساماً مسيحياً ـــــ سنياً عالياً، «وعلينا أن نرى إذا كان الجميع يتحمّلها».
ويرفض مختاريان الحديث عن أن عون يتمثّل بحزب الطاشناق، «فنحن جزء من التكتّل، لكننا لسنا التيّار الوطني الحرّ، وكلّ طرف يتمثّل بمرشحيه». وعند سؤاله عمّا إذا كان الطاشناق يذهب إلى المعركة مع عون، قال الرجل: «ننفتح على الجميع لكننا ثابتون بتكتل التغيير والإصلاح».
ويؤكّد أن حزبه سيؤدي دور الوساطة إذا ما كان ذلك مطلوباً، «ونحن نعتمد على علاقة الجديدة مع الرئيس الحريري ومع الجنرال عون». لكن مختاريان يُراهن على أن التوافق سيجد طريقاً له مع الوقت. وينطلق الرجل من أن حصّة الطاشناق ستكون اثنين من المقرّبين منه كما هي الحال اليوم، وهو ما يُناقضه الكلام المستقبلي، إذ يقول حوري: «هناك ثلاثة أحزاب أرمنيّة، لكلّ حزب مقعد».
المعركة الانتخابيّة تكسر صورة الحريري رئيساً توافقياً
في المقلب الآخر، يتحدّث تيّار المستقبل وحلفاؤه كأن التوافق حاصل، وفي رأيهم أن التيّار الوطني الحرّ غير موجود في بيروت ليدخل إلى المجلس البلدي. لكن يُعاني هذا الفريق مشكلة المقاعد عند الجانب المسيحي في حال حصول توافق، إذ يوجد هناك حزبا الكتائب والقوات اللبنانيّة، والمطران الياس عودة والنائب ميشال فرعون.
وسط هذه الأجواء نقل موقع «ليبانون فايلز» أنه جرى خلال الاجتماع الذي عقد أمس بين الرئيس الحريري وكتلة القرار الحر في بيروت التوافق على التواصل مع التيار الوطني الحر بهدف تأليف لائحة ائتلافية في انتخابات بلدية بيروت. وعلم الموقع أن الوزير ميشال فرعون سيتولى مهمة التواصل مع التيار ويتوقع أن يلتقي لهذه الغاية الوزير جبران باسيل على هامش جلسة مجلس الوزراء التي تعقد اليوم، علماً بأنهما اجتمعا أمس، على هامش مجلس الوزراء.
وتعليقاً على ذلك، رأى عضو كتلة القرار الحر، النائب نديم الجميّل، في حديث مع «الأخبار» أن «على التيار الوطني أن يتقدم إلينا بعروض لا نحن، فهو من يأتي ليحالفنا». ولم يخف الجميّل أن «المعركة أفضل بالنسبة إلينا، إذ نفوز بالمقاعد المسيحيّة كلها». وأكد أن الرئيس سعد الحريري يترك موضوع التمثيل المسيحي في بلدية بيروت لكتلته.
المعركة: عون يربح الحريري يخسر
في الحديث عن احتمال حصول معركة، يكون عون الرابح الأول في معركة كهذه، فيستعيد الاحتضان المسيحي له تحت شعار محاربة المدّ السُّني، وهو ما سيُترجم في انتخابات المخاتير، وهو ما يؤكّده العديد من القوى السياسيّة والمراقبين، رغم أنه يعرف قبل غيره أنه لن يفوز ببلديّة بيروت.
أمّا بالنسبة إلى الحريري، فإن للمعركة محاذير أهمّها:
1 ـــــ كسر الصورة المعنويّة التي كرّسها والده في انتخابات عامي 1998 و2004، وهو حصول توافق يضمن صحّة التمثيل.
2 ـــــ كسر صورته كرئيس حكومة توافقي، وهنا يقول العونيّون وغيرهم إن على الحريري أن يختار بين أن يكون سنيورة آخر أو رئيساً توافقياً، وهو ما سيؤثّر حكماً على أداء حكومته، التي وُلدت عرجاء أصلاً. وإذا اختار الثانية فهي لا تكون بالمجان.
3 ـــــ احتمال فقدان التوازن الطائفي في البلديّة كما حصل في بلديّة طرابلس في عام 2004، عندما لم يُنتخب أي مسيحي وعلوي واحد، رغم أن كلّاً من اللائحتين المتنافستين ضمتا 5 مرشحين مسيحيين و4 علويين. وقد أثبتت التجربتان الانتخابيّتان البلديّتان، أن هناك ما بين 20 ألفاً و25 ألف ناخب سُني يُؤلفون لوائح صافية مذهبياً.
4 ـــــ خسارة التوازن الطائفي ستُعطي زخماً لطرح عون تقسيم بيروت.
5 ـــــ خسارة نواب الأشرفيّة لشرعيّة التمثيل الشعبي، لأن المعركة ستأخذ طابعاً سُنياً بقيادة الحريري، في مقابل وجه مسيحي يقوده عون، ما سيؤدي إلى حصول التفاف حوله.
في هذا المناخ، تنطلق معركة المخاتير التي يقول كلّ طرف إنه يريدها إنمائيّة، لكنّه يخوضها بمناخ سياسي بامتياز. وحده الطاشناق يكون واضحاً بهذه النقطة، «نحن نُقوّم أداء المختار تجاه المواطنين وأداءه السياسي تجاهنا في السنوات الستّ، ونُقرّر بقاءه أو تغييره، مع أخذ الاعتبارات العائليّة»، يقول مختاريان، ويسعى الرجل كذلك إلى الوصول إلى توافق في الأشرفيّة على المخاتير أيضاً.
أما سُنياً وشيعياً، فقد جرى تقسيم الدوائر المشتركة بين الطرفين منذ سنوات، يُعطى الشيعة 13 مختاراً، والبقيّة سنّة، ومن المتوقّع أن يفوز هؤلاء بالتزكية.
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment