Saturday, April 24, 2010

العلمانيّة: مفهوم «غير مفهوم»
قصّة اللبنانيّين والعلمانيّة غرام وانتقام، فهم في أثناء حديثهم عن الطائفيّة وانغماسهم فيها حتى العظم، لا يتوانون عن مدح العلمانيّة، وحتى إعلان تبنّيهم لها
أليسار كرم
يذكر المتنيّون ارتباك المرشح إلى الانتخابات النيابية الماضية سركيس الياس سركيس، عندما سُئل في إحدى إطلالاته الإعلاميّة، عن رأيه بـ«العلمانية» وإمكان تطبيقها في لبنان، فبادر إلى الإجابة أن «العلم» ضروريّ لبناء المستقبل وأنه يشجع المدارس ويدعمها مادياً لتعليم جميع أبناء الوطن. ويذكر محبّو البرامج الترفيهيّة عندما سأل عضو في لجنة التحكيم في أحد برامج المسابقات الفنية على شاشة محلية (برنامج «كِلّو تمثيل» على الـ«أم تي في» قبل إقفالها) أحد المشتركين الشباب: «ما الفرق بين العلمنة والعولمة؟» لاختبار مستواه الثقافي والتأكد من سعة اطّلاعه فتلعثم المشترك وتمتم «لا أعرف. أنا لا أحب السياسة ولا أتابع نشرات الأخبار».
من ناحية أخرى، تجيب جانيت، ربة المنزل الأربعينية، عندما تُسأل عن العلمانية «شو هالموضة آخر هالزمن؟!»، ويعتبر زوجها أن «العلماني ما إلو ربّ»، فيما يؤكد كلاهما أنهما يربيان أولادهما على الانفتاح وتقبل الآخر وعدم التمييز بين الناس بسبب الدين «كي لا تتكرر الحرب».
أما نور، فتتذكر كيف كانت ترفض رسم إشارة الصليب قبل بدء الحصة الدراسية باعتبار أنها في مدرسة رسمية «علمانية» ولا دين لها حتى لو كانت في منطقة أو مجتمع مسيحي. وإذا كان الخوف من الإلحاد واضحاً ومعلناً من قبل كل «مؤمن» أو «متدين» أو «فرد» ذاب في مجتمع تكثر فيه الطوائف (وإن خلا من الدين) فإن الخوف الأكبر يظل مختبئاً في نفوس العلمانيين أنفسهم لأنهم لا يجدون سبيلاً، في مجتمع «غطس في بحر الطائفية وتقاذفته أمواجها»، إلى إيجاد تعريف واضح وموحّد لـ«العلمانية».
بعضهم يرى أنها «هوية» بحد ذاتها، وبعضهم الآخر يعدّها قيمة اجتماعية قد تمثّل الحل للكثير من الآفات اللبنانية. كثيرون يربطونها بالنظام السياسي وانعكاساته الاجتماعية، وغيرهم يبقيها محصورة ضمن الإطار الديني.
نينار وراغدة لبنانيتان تعيشان في فرنسا، الدولة العلمانية، وتزوران لبنان من وقت إلى آخر. تتفقان على أن «الدين هو مسألة بحت شخصية بين الفرد وخالقه، يمارسها بكل استقلالية بينه وبين نفسه، من دون أن تكون معياراً للتقريب أو التفرقة بين الناس». وتستشهد راغدة بقول أنطون سعادة: «اقتتالنا على السماء سيفقدنا الأرض»، فيما ترى نينار أن «لبنان أفضل نموذج لتطبيق النظام العلماني، غير أنه لم ينجح في ذلك لأن اللبنانيين «عايشين حدّ بعض، مش عايشين مع بعض».
أما لارا فتشرح موضوعياً أن «العلمانية هي تقنية فصل الدين عن السلطة، ولا يعني ذلك تحجيم الدين وتغييبه». وتضيف إن «للنظام العلماني انعكاسات اجتماعية، منها السماح بالزواج المدني». وتشدد لارا على أن العلمانية هي «منتج غربي» يجب أن تستعد مجتمعاتنا الشرقية لاستيعابه من خلال قياديين ومفكرين يوجّهون الرأي العام ويهيئونه، وإلا سيؤدي التغيير إلى التهميش».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment