Saturday, April 24, 2010

هل تصل العدوى إلى طرابلس؟
يتوقف على العرض الذي قد ينقله النائب السابق أحمد حبوس من نواب طرابلس إلى الرئيس عمر كرامي قبل ظهر اليوم، مصير الصيغة التوافقية بشأن بلدية طرابلس التي تبادل أقطاب المدينة «غزلاً» إعلامياً لافتاً حولها في الأيام السابقة، من غير أن يُقدّم أحد أي طرح
عبد الكافي الصمد
أجواء الهدوء والترقب الحذر التي ما زالت مسيطرة على عاصمة الشمال قبل أيّام قليلة من فتح الأبواب أمام الطامحين إلى تقديم ترشيحاتهم، ينتظر لها أن «تنتهي في غضون أيام معدودة على الأغلب»، حسب تأكيد النائب السابق أحمد حبوس لـ«الأخبار». وأوضح أنه «دخلنا مرحلة البحث الجدي في التفاصيل، وخلال 24 ساعة ستتضح الأمور بما هو أفضل: فإما السير بالتوافق، وإما إعطاء مهلة إضافية للنقاش والبحث، وإما عدم التوصل إلى توافق، ما يعني دفع الأمور نحو خوض معركة انتخابية».
لكن إشارة حبوس الذي يؤدي دوراً إيجابياً، وإن كان غير كاف، إلى أنه «ما زلنا ننتظر إعلان مبادرة ما لم يقدم عليها أي طرف حتى الآن، رغم أن أجواء الساعات الماضية توحي أن الكل مع التوافق، لكن النيات المعلنة تحتاج إلى مبادرة جدية لترجمتها»، تؤكد وجود مخاوف وهواجس من احتمال أن تتعثر جهود التوصل إلى توافق وإجهاضها في مهدها.
ففي هذا الإطار كشفت مصادر سياسية مطلعة أن «إيجاد أسس مشتركة بين القوى السياسية المعنية بخصوص انتخابات بلدية طرابلس ما زالت مفقودة، إن كان بين فريق نواب لائحة التضامن الطرابلسي من جهة، أو بينهم وبين كرامي من جهة أخرى، وإن ما حصل في صيدا من توافق بين تيار المستقبل والنائب السابق أسامة سعد لا يمكنه أن يسري في طرابلس، لأن صيدا يتقاسمها طرفان رئيسيان، ما سهّل التوصّل إلى حل وسط، غير أن تعدد الأقطاب في طرابلس وتضارب مصالحهم وتوجهاتهم يجعل أمر التوافق أكثر تعقيداً».
وإذ أشارت المصادر إلى أن كرامي «يفضل لحسابات معينة ومعروفة لديه التوصل إلى توافق مع رئيس الحكومة سعد الحريري في هذا الشأن، لا مع نواب طرابلس، إن كان الرئيس نجيب ميقاتي أو الوزير محمد الصفدي»، فقد لفتت إلى أن هؤلاء النواب «ليسوا متّفقين بدورهم في ما بينهم على هذا الموضوع، وأنهم ما زالوا يتدارسونه»، متوقعة أن «تحصل معركة كسر عظم بينهم قبل قيام لائحة ائتلافية موسعة، بسبب طموحهم إلى إيصال من يعدّونه مقرباً منهم إلى رئاسة بلدية طرابلس، ولأن القواسم المشتركة بينهم في هذه المسألة قليلة جداً».
هذه المعطيات تتقاطع مع ما أشارت إليه مصادر في تيار المستقبل لـ«الأخبار»، من أن الاجتماع الدوري السابق لنواب طرابلس الذي كان مقرراً قبل أسبوعين، تأجل إلى يوم أمس بسبب عدم نضج «طبخة» التوافق بعد، كذلك فإنه ليس لديهم أي تصور يمكن أن يعرضوه على كرامي، الذي نُقل عنه «ضرورة اختيار أسماء جيدة بعيداً عن منطق الحصص، لأن طرابلس لم تعد تحتمل المزيد من الإهمال والتهميش والترييف».
جرى التوافق بطريقة غير مباشرة على تمثيل الأقليات بخمسة مقاعد
وفيما ذكرت معلومات سابقة أن نواب طرابلس «سيكلّفون الصفدي نقل صيغة التوافق التي توصلوا إليها إلى كرامي»، أفادت مصادر مطلعة بأن «تكليف الصفدي الذي تربطه بكرامي علاقة أقل من عادية، جاء بعد اعتذار النائب محمد كبارة عن القيام بهذه المهمة، ما فسّر بأن هناك بين نواب طرابلس من لا يريد إنجاز التوافق مع كرامي، لأنه يرى أن توافقاً كهذا سيأتي على حسابه، وذلك بعد تسرب أنباء عن وجود مناخ جدي وإيجابي لدى الحريري للتوافق مع كرامي بأي ثمن، وهو ما دفع صديقاً مشتركاً بين كرامي والآخرين، ومقرباً في الوقت نفسه من دمشق، إلى التدخل لتطوير العلاقة بين الحريري وفيصل عمر كرامي على وجه التحديد».
ورأت المصادر أن «تكليف الصفدي محاورة كرامي من دون وضع تصور مسبق بذلك يشبه وضع العربة قبل الحصان، ما يعني فشل التوافق مسبقاً، مع احتمال اصطدام أحد الرجلين بالآخر، وهو الأمر الذي التقطه كرامي سريعاً عندما أرسل أكثر من رسالة غير مباشرة إلى الحريري على أنه يفضّل التواصل معه على الحوار مع من يمثلونه في طرابلس، الذين لا يبدو أنهم يرغبون برؤية التوافق قائماً لما يمثله ذلك من تهميش لدورهم».
ولأن الأمور معقّدة ومتداخلة إلى هذا الحد، فقد اعترفت مصادر المستقبل بأن «ما حصل في صيدا وبيروت، والآن في طرابلس، يجري تحت غطاء التفاهم السوري ـــــ السعودي الذي يتعامل بعناية فائقة مع البلديات السنّية الكبيرة، انطلاقاً من ضرورة إرساء توافق فيها يجنبها خوض معارك انتخابية قاسية».
في موازاة ذلك، أكدت مصادر مقربة من نواب طرابلس أن اجتماع أمس «يمثل محطة جدّية وأساسية للبحث في صيغة التوافق»، مؤكدة «وجود إرادة قوية لإيجاد توافق وتفاهم على بلدية طرابلس، إضافة إلى بلديتي الميناء والقلمون».
وشددت المصادر على أن «توجه النواب هو أن الاستحقاق البلدي ليس له أبعاد سياسية بحجم الانتخابات النيابية، وأن من مصلحتهم إعادته إلى حجمه الطبيعي بعد «التضخم» الذي تعرض له، وإبقاء سقفه منخفضاً، ودعوتهم إلى تقديم الجوانب الإنمائية على السياسية»، متوقعة بناءً على هذه المعطيات أن «تقتصر المعركة بين القوى الرئيسية المعنية في طرابلس على حصصهم فقط»، وهو ما كان قد أشار إليه أحمد حبوس من زاوية أخرى بقوله إن «هناك شبه توافق بين الأقطاب في طرابلس على إيجاد رئيس بلدية توافقي بالدرجة الأولى. أما حصص كل منهم في المجلس البلدي فتبقى مجرد تفاصيل صغيرة لأن البلدية هي رئيسها في المقام الأول».
وفي هذا الإطار تتداول الأوساط في طرابلس أسماءً مرشحة للمجيء إلى رئاسة البلدية ضمن «صفقة» التوافق، إلا أنها تبقى مجرد أسماء لجسّ نبض، وأن الاسم التوافقي لا يزال ينتظر المزيد من المشاورات.
غير أن النقطة المشتركة التي جرى التوافق عليها بطريقة غير مباشرة بين أقطاب طرابلس هي تمثيل الأقليات بخمسة مقاعد في اللائحة التوافقية، اثنان للأرثوذكس يُختار أحدهما لتولي منصب نائب الرئيس في استعادة للعرف الذي كان قائماً في طرابلس، وعضوان للعلويين وآخر للموارنة، وهو أمر أكده النائب السابق حبوس بإشارته إلى «السعى من خلال اللائحة التوافقية إلى ضمان تمثيل الأقليات في المجلس البلدي، لأن حصول معركة انتخابية في طرابلس سيؤثر سلباً على تمثيلها، وسيضرّ بالنسيج الاجتماعي في طرابلس الذي نبذل جهدنا للحفاظ عليه».
________________________________________

نوال مقداد: مرشّحة لضرورات «شرعية»
من بين مرشّحات كثيرات إلى منصب المختارية أو البلدية في مدينة طرابلس، تبدو نوال سليم المقداد، المرشحة إلى منصب أحد مخاتير محلة الحدادين الثمانية في المدينة، أكثرهنّ حضوراً في الشارع، أقلّه لجهة كثرة صورها المعلّقة على زجاج السيارات، شرفات المنازل وجدران الشوارع.
لكن ما يلفت الانتباه في ترشّح مقداد ليس كثرة صورها، لأنها ليست معياراً يضمن لها الفوز، بل ما تضمّنه بيان ترشّحها الذي توقّف عنده كثيرون، وعدّوه إشارة إيجابية إلى نجاحها إذا أحسنت إدارة معركتها الانتخابية. وهي إذا فازت، تكون بذلك أول امرأة تصل فعلياً إلى منصب المختار في طرابلس، بعد منى تامر التي ترشّحت في باب التبانة بالاسم فقط عام 2004 وفازت بالمنصب، فيما كان زوجها المجنّس حديثاً حينذاك، علي عجايا، هو المرشّح الفعلي الذي أمسك بالختم بدلاً منها.
ترى مقداد في بيان ترشّحها أن ثلاثة أسباب دفعتها إلى الترشّح. أولاً أنه في «حالات الضرورة الشرعية التي ينبغي على المرأة المكوث فيها في بيتها لسبب أو لآخر، قد يضطر المختار إلى التواصل معها. ورفعاً للحرج، ووفقاً للآداب الشرعية، يتحتّم وجود امرأة في منصب مختار تتواصل مع النساء».
السبب الثاني أنه «في حالات وضع البصمة، يضطر المختار في بعض الأحيان إلى الإمساك بيد المرأة من أجل تصويب بصمتها، وهذا يحتّم وجود مختار امرأة لرفع المحظور».
أما السبب الثالث فهو أن «في مجتمعنا أرامل ومطلّقات ويتيمات وعاجزات، ونساءً أزواجهن في سفر أو يعملن ليلاً ونهاراً، ما يقتضي أن تجري النساء معاملاتهن بأنفسهن، أو يحتجن إلى تلبية حاجاتهن بدخول المختار عليهن، وهذا أمر يحتّم وجود امرأة في منصب مختار».
لذا، تتوجه مقداد إلى بنات جنسها بالآتي: «من أجل هذا ساعدوا أنفسكن لتيسير أموركن وفقاً لما تقتضيه المصلحة الشرعية والتكوين النسوي والأنثوي»، متمنية على المرشحين والمخاتير الذكور أن «لا يعدّوا ما أقوله ضد مصالحهم أو وجودهم، بل هو أمر علينا الاعتراف به أمام مجتمعنا المحافظ. فكلّنا إخوة في الله وكلنا للعمل».
وتعليقاً على ترشّح مقداد وغيرها من النساء، أشار رئيس رابطة مخاتير طرابلس شعبان بدرة لـ«الأخبار»، وهو من منطقة الحدادين التي ترشّحت عنها مقداد أيضاً، إلى أن «للمرأة حقاً في الترشّح كما في الانتخاب، وأن تتسلّم زمام الأمور»، لافتاً إلى «ظاهرة كثرة ترشّح نساء إلى منصب المختار في طرابلس، وهي ظاهرة لم تكن موجودة سابقاً». ويرى أن «فوزهنّ يبقى خيار المواطنين وقرارهم أولاً وأخيراً، وإن كانت المرشحات يواجهن في المناطق الشعبية والتقليدية صعوبة في إقناع الناخبات والناخبين فيها على السواء بالتصويت لهن».
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment