Friday, April 16, 2010

الحوت يقدّم إخباراً على نفسه

عقد المدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت مؤتمراً صحافياً، أمس، خصّصه للرد على العماد ميشال عون الذي تحدث عن الفساد في هذه الشركة. وتجنّب الحوت تصحيح المعلومات «الملفّقة وغير الصحيحة على الإطلاق» التي سبق لـ«الأخبار» أن نشرتها
غسان سعود
حين نشرت «الأخبار» تقريراً بعنوان «شركة طيران الحوت»، بتاريخ 30 كانون الثاني 2010، يشرح تحويل رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط الشركة التي يملك معظم أسهمها مصرف لبنان إلى شركة خاصة به، كانت العلاقة بين رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والحوت سمناً على عسل. وحين جمعت المادة المطلوبة للتقرير الثاني الذي يسلّط الضوء أكثر على الفساد داخل أروقة هذه المؤسسة الرابحة وتقرر نشر التقرير (الصندوق الأسود لخدمة المطارات) لم يكن أحد يتوقع أن الجنرال سيرفع، إثر اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأخير، الصوت في وجه الحوت. في النتيجة، تلطّى الحوت أمس وراء التجاذبات السياسية ليقول إن كلّ اتهام بالفساد هو اتهام سياسي. وذهب الحوت في تحجيم القضية إلى حدّ اعتباره أن عون يرفع الصوت بشأن «فضيحة الفساد ليحمي موظفاً فاسداً اتخذت الشركة قراراً بفصله من الخدمة».
وبحسب الحوت، فإن «الموظف المذكور كان يعمل مديراً لإحدى المحطات التابعة للشركة في أفريقيا (كانو ـــــ نيجيريا) وارتكب مخالفات إدارية متعددة على فترات زمنية طويلة» (دون أن يشرح سبب غضّه النظر بصفته مديراً عاماً عن هذه المخالفات).
وأكد الحوت أن «المخالفة الأكبر التي أدّت إلى اتخاذ قرار بفصله من الشركة» هي «إدخاله أشخاصاً إلى الطائرات من دون بطاقات سفر ومن دون أن يضع أسماءهم على المانيفست»، شارحاً أنه كُلّفت لجنة تحقيق بمتابعة الموضوع، فتبيّن لها وجود «تعطيل مقصود في الكمبيوتر».
الغريب هنا أن قرار طرد الموظف، الصادر بتاريخ 23/3/2010، لا يذكر الأسباب التي أوردها الحوت، ويحدّد 4 مبررات مختلفة للطرد، هي (حرفياً بحسب نص القرار الرقم: د ش م/841): «1ـــــ عدم تطبيقك القواعد الأساسية التي ترعى أعمال الخدمات الأرضية لطائرات الشركة. 2ـــــ عدم تطبيقك أسعار تذاكر السفر المعتمدة من قبل الشركة. 3ـــــ عدم تحصيلك الأوزان الزائدة الواجبة على المسافرين. 4ـــــ تغيّبك غير المبرر عن مركز عملك».
علماً بأن الموظف لم يتلقَّ خلال أربعين عاماً من العمل في شركة طيران الشرق الأوسط أيّ إنذار.
أتى ليجلّسها فكسرها
اللافت، أن الحوت في معرض دفاعه عن نزاهته وعدم وجود فساد في الشركة ذكر أن «الشركة حاولت معالجة أمر هذا الموظف، فطرحت عليه الاستقالة، لكنّ مرجعيّته السياسية رفضت». وبالتالي، فإن الحوت كان مستعدّاً لأن يغضّ النظر عن «تجاوزات» هذا الموظف ويقبل بذهابه إلى المنزل مع كل ما يفترض أنه سرقه لو قبل الاستقالة. ورداً على سؤال آخر، أكد الحوت أنه «يلاحظ منذ سنوات فقداناً للبضاعة من الطائرات، وكنا نعرف هؤلاء الموظفين الذين يقومون بذلك ولا ندّعي عليهم»! شارحاً أن «مجموع ما فُقد من الطائرات خلال السنوات الثلاث الماضية يفوق مليون دولار». وفي سياق دفاعه عن نزاهة حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، أكد الحوت أن السيارة التي كلّفت الشركة، التي اعترف الحوت أمس بأن أرباحها في تراجع مستمر، 410 آلاف دولار «تعود إليّ شخصياً، وقد سجّلت باسم مصرف لبنان لا باسم حاكم مصرف لبنان». لماذا سجّلت على اسم مصرف لبنان؟ «لأسباب تتعلق بوفر الكلفة»، يقول الحوت أمس عبر ردّ رئيسة العلاقات العامة في شركة طيران الشرق الأوسط ريما مكاوي. وهذا يعدّ بمثابة إخبار عن وجود تهرّب ضريبي اشترك في ارتكابه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والحوت. والمعروف أن التحايل على القوانين والأنظمة والتهرّب من دفع الرسوم والضرائب يعرّضان مرتكبيهما للملاحقة القضائية والإدارية، إذ إن شركة طيران الشرق الأوسط هي شركة مستقلة في حساباتها وإدارتها وموجوداتها عن مصرف لبنان بالاستناد إلى القوانين والأنظمة الداخلية لكل منهما، علماً بأن القانون أصلاً يمنع مصرف لبنان من تملّك أسهم في شركة ذات طابع تجاري ولو لفترة قصيرة، فكيف إذا كان هذا التملّك المؤقت أصبح شبه دائم.
حقوق الحوت
رغم أن الشركة تعتمد الشفافية رفض الحوت الكشف عن «البونس» الذي يتقاضاه
قانون الانتخابات واضح: لا يجوز الجمع بين النيابة ورئاسة مجلس إدارة شركة مختلطة
ورغم أن «الشركة تعتمد أقصى درجة من الشفافية، وليس هناك شيء مخفي»، رفض الحوت الكشف عن حجم «البونس» السنوي الذي يتقاضاه. وفي دفاعه عن نفسه، أكد الحوت أن «لآل الحوت الحق في موظفين أو أكثر من أصل 5000 موظف في الشركة، حتى لو كانوا قد تجاوزوا السن القانونية»، وله الحق كذلك على صعيد «التعاقد مع من تجاوزوا السن القانونية»، وله أيضاً الحق «في توظيف عديلي ماجد غندور كمرافق أمني». ودفاعاً عن النائب غازي يوسف الذي يشغل موقع رئيس مجلس إدارة الشرق الأوسط لخدمة المطارات قال الحوت إن «ما من نص قانوني يمنع نائباً أن يكون رئيس مجلس إدارة شركة تعمل وفق أحكام قانون التجارة»، علماً بأن المادة العاشرة من قانون الانتخابات الذي جرت على أساسه الانتخابات النيابية الأخيرة تنص على أنّه لا يجوز لبعض الأشخاص «أن يترشحوا خلال مدة قيامهم بمهامهم أو وظائفهم، وخلال المهل التي تلي تاريخ انتهاء خدماتهم أو تاريخ قبول استقالاتهم»، ومن هؤلاء الأشخاص، كما تنص المادة نفسها في الفقرة (ج) «رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة المتفرغون في المؤسسات العامة والهيئات العامة وشركات الاقتصاد المختلط والشركات ذات الرأسمال العام ومؤسسات الحق العام ومديروها العامون»... «إلا إذا تقدموا باستقالاتهم وانقطعوا فعلياً عن مهامهم قبل ستة أشهر على الأقل من تاريخ انتهاء ولاية المجلس النيابي». ولمّا لم يقدّم النائب غازي يوسف استقالته من مجلس إدارة الشركة، كيف أجيز له الترشّح عن مقعد نيابي، وجمع منصبين واضح تضارب المصالح بينهما؟
كما تنص المادة 102 من قانون الانتخابات 25/2008 على الآتي:
«لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب ورئاسة أو عضوية مجلس إدارة أية مؤسسة عامة أو أية مؤسسة من مؤسسات الحق العام أو وظيفة في ادارة عامة أو مؤسسة عامة أو بلدية أو اتحاد بلديات أو شركة ذات امتياز أو شركة اقتصاد مختلط أو شرآة ذات رأسمال عام. كما لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وأية وظيفة دينية يتقاضى صاحبها راتباً أو تعويضاً ما من خزينة الدولة. كل من ينتخب نائباً من هؤلاء يعتبر منفصلاً حكماً من وظيفته إذا لم يبلغ رفضه عضوية مجلس النواب خلال شهر يلي إعلان نتيجة انتخابه».
أمّا الحوت، فيؤكّد بأن «غازي يوسف لا يستمر لحظة في هذه الإدارة إذا تبيّن وجود نصّ يمنعه من ذلك».
والحوت الذي كرر التأكيد أن لا معايير طائفية في التوظيف في شركة طيران الشرق الأوسط، أكد أن «الصرف حصل وفق نسب التوظيف. فإذا صُرفت نسبة أكبر من طائفة معيّنة فهذا يعني أن نسبة موظفيها كانت أكبر». وقد ناقض الحوت نفسه في مؤتمره عدّة مرات، فأشار مرة مثلاً إلى أن عدد الموظفين 5000 (يحق لآل الحوت باثنين أو ثلاثة منهم)، وحين سئل لاحقاً عن عدد الموظفين أكد أن عدد موظفي الميدل إيست اليوم 3200 موظف. انتهى مؤتمر الحوت الصحافي.
________________________________________

ميزانيّات وصداقات وحمّالون
تهافت أمس وقبله على مبنى صحيفة «الأخبار» موظفون في شركة طيران الشرق الأوسط قلقون على استقرارهم الوظيفي في ظل تأكيد رئيس مجلس إدارة شركتهم محمد الحوت أن أرباح الشركة تتراجع. وحمل هؤلاء معهم ملفات كثيرة. أحدهم جاء شاكياً كيف تتحدث «الأخبار» عن السيارة التي أهداها الحوت إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتتجاهل السيارتين اللتين تضعهما شركة طيران الشرق الأوسط في تصرّف الحوت ويتجاوز ثمن إحداهما 150 ألف دولار. ورأى أحد الموظفين ضرورة وقف الهدر فوراً، مشيراً إلى أن ميزانية إنشاء مركز للتدريب في مطار بيروت قدّرت بداية بقيمة تراوح بين 15 و18 مليون دولار وقفز الرقم لاحقاً إلى 33 مليون دولار، ليصل اليوم إلى 50 مليون دولار.
يضاف إلى ما سبق، فضيحة شراء الطائرات قبل نحو 5 سنوات، حين قررت «الميدل إيست» شراء عشر طائرات وطلبت من الدائرة الفنية في الشركة تحديد حاجة الشركة، وخصوصاً أن هناك أربعة أنواع من طائرات «الإير باص». وبيّن التقرير أن الشركة تحتاج إلى 6 طائرات من نوع 319، فوافق مجلس إدارة الشركة على شرائها، وإذا بالحوت يقرر فجأة دون الأخذ بتقرير الدائرة الفنية شراء ست طائرات من نوع 320 بدل 319 وأربع طائرات من نوع 330. لماذا؟ لا أحد يعلم تحديداً، لكن هناك ملاحظتان رئيسيّتان في هذا الموضوع، بحسب أحد الموظفين: أولاهما، الصداقة المتينة التي تجمع الحوت ورئيس الدائرة التجارية للشرق الأوسط في «الإير باص»، حبيب فقيه (تونسي الجنسية)، الذي يقيم في منزل الحوت حين يزور لبنان. وثانيتهما، تصنيع الـ320 في فرنسا مقابل تصنيع الـ319 في ألمانيا. وكشف موظف آخر أن الحوت أسّس مع أحد الموظفين (أنيس الجميّل) شركة خاصة اسمها «فاست» متخصّصة في الصيانة المكتبية، حصلت بسرعة على التزام للقيام بكل أعمال الترميم والصيانة المكتبية في «الميدل إيست». وهي تحصل على مبالغ هائلة من جرّاء الفرق في فواتير البضاعة. أما شركة «ماسكو» التي تتبع لـ«الميدل إيست» أيضاً، فاشترت قطع غيار للطائرات بقيمة 2.2 مليون دولار من شركة «لوفتهانزا» التي حققت ربحاً من هذه العملية بقيمة 1.1 مليون دولار لأنها حصلت على حسم بنسبة 50% على هذه القطع، فيما كان بإمكان الميدل إيست أن تشتريها مباشرة من المصدر نفسه بالسعر المحسوم. وقد أوقفت مؤسسة «Cyprus Airways» التعاون مع «ماسكو» بعدما تبيّن لها أخيراً أن الكشف الصادر عن الشركة يؤكّد تغيير إحدى القطع في الطائرة، وثبت بعد الكشف عليها إثر هبوطها في قبرص أن هذه القطعة لم تتغيّر.
جريدة الاخبار

No comments:

Post a Comment