Friday, September 30, 2011

> الطابق الثاني عاد إلى كنف الدولة

الطابق الثاني عاد إلى كنف الدولة

بدون مفاتيح ما زالت مع محتجزها منذ أشهر، تمكّن وزير الاتصالات من تحرير الطابق الثاني من مبنى العدلية، واسترداد الشبكة الخلوية الثالثة ناقصة بعض القطع المنزوعة
بطريقة لصوصية، وأجهزة كومبيوتر تحمل سر ما حصل
هل تذكرون الطابق الثاني في مبنى وزارة الاتصالات في محلة العدلية،
وحادثته الشهيرة في 26 أيار الماضي
[1]، حين بثت التلفزيونات على الهواء مباشرة، منظراً غريباً عجيباً يُظهر وزيراً وعدداً من كبار الموظفين وسط غابة من سلاح عناصر أمنيين من جهازين رسميين، وصوت
ضابط كبير يصرخ: أرجوكم، كل السلاح باتجاه الأرض أحسن ما منموت كلنا... ما يشير إلى وجود أمر بإطلاق النار، وإلى أن رصاصة واحدة كانت كافية لإحداث مجزرة؟
هذا الطابق عاد أمس إلى كنف وزارة الاتصالات، بعدما تمكنت «الشرعية» من اقتحام إمارة عبد المنعم يوسف حتى من دون المفاتيح التي أودعها «في عبّه» في ذلك اليوم
من 20 أيار، حيث ذهب في إجازة وترك إمارته في عهدة فرع المعلومات، متسبباً باعتكاف وزير، والتعدي على صلاحيات آخر وعدم تنفيذ كلمة رئيس الجمهورية، وإقحام أجهزة
تفتيش ومؤسسة عسكرية وأجهزة أمنية، للتغطية على من وماذا؟
ببيان مقتضب وضع وزير الاتصالات نقولا صحناوي، كلمة النهاية لحكاية «تمرد» مستمر منذ أكثر من 4 أشهر، بإعلانه أن الوزارة استردت أمس الطابق الثاني في مبناها،
وأنه تفقد واللجنة الفنية هذا الطابق وجال في أرجائه واطلع على محتوياته، وقال: «هذا يوم سعيد لكل من لا يزال يتمسك بمنطق الدولة ويؤمن بصلابة مؤسساتها. اليوم
استردت وزارة الاتصالات ما هو ملك وأصل من أصولها، بعد الخروج المدوي على شرعية الدولة، خاض البعض في خلاله معارك لكسر هيبتها، لكن منطق دولة القانون والمؤسسات
هو الأقوى، كما تبين من خلال ما حققناه اليوم (أمس)، الأمر الذي يتيح للجنة الفنية في الوزارة الكشف على المعدات العائدة الى الشبكة الخلوية الثالثة، وهي للتذكير
هبة مقدمة من الحكومة الصينية الى وزارة الاتصالات، تمهيداً لوضع التقرير الفني والتقني بشأن وجهة استعمالها منذ تشغيلها». وختم مباركاً «للبنانيين إعادة الاعتبار
الى منطق الدولة».
لكن ماذا وجدت اللجنة في الداخل؟ أعضاؤها رفضوا إعطاء أي معلومات قبل إنجاز الأعمال التقنية والفنية اللازمة لإعداد تقرير بذلك، إلا أن بعضهم سجل الانطباعات
الأولية التالية: بعض القطع مفقودة ومنزوعة من الأجهزة عبر قطع الأسلاك بطريقة تدل على أن مفككيها كانوا في عجلة من أمرهم. فقدان أجهزة كومبيوتر متصلة بتجهيزات
الشبكة الصينية، مع ما تحويه هذه الكومبيوترات من داتا قيّمة تدل على ماهية عمل الشبكة في الفترة السابق. وضع أجهزة التكييف على درجة حرارة أعلى مما يتطلبه
الحفاظ على التجهيزات والداتا.
إضافةً إلى ذلك، أفاد عاملون في مبنى الاتصالات أن فرع المعلومات عمد إلى تركيب أجهزة على سطح مبنى مقابل، عندما عاينها أعضاء اللجنة من سطح مقابل تبين لهم
أن هناك محطة موجهة نحو مبنى الاتصالات، ما يثير شبهة بوجود صلة بين تجهيزات السطح والمبنى نفسه؟
وهكذا زاد ما أظهره الدخول إلى الطابق الثاني، غموض اللغز الذي بدأ مع وضع اليد على شبكة الخلوي الثالثة، وإعلان طابق في مبنى وزارة «جمهوريةً» مستقلةً عن سلطة
الوزير والدولة، حتى لو أدى الأمر إلى نزاع مسلح بين أبناء المؤسسة الواحدة، وإلى عصيان أوامر رئيس الجمهورية والوزير المعني، واستخدام الفبركات والتحايل وادعاء
ما لم يحصل.
وللتذكير فإن لحكاية «التمرد» بطلين، يرتبطان بكاتب واحد هو تيار سياسي، لا بمرجعية كل منهما الوظيفية. الأول هو المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات،
ورئيس هيئة أوجيرو ومديرها العام، عبد المنعم يوسف، الذي طلب إجازة لمدة أسبوعين لقضائها خارج لبنان، تبدأ في 20 أيار الماضي، وقبل ذهابه وضع مفاتيح الطابق
الثاني في جيبه، واستقدم عناصر من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي لحراسة هذا الطابق. والثاني هو المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، الذي
رفض طلباً من رئيس الجمهورية وقراراً لوزير الداخلية، بإخلاء المبنى من عناصر الفرع، بحجة أنه تلقى طلباً لحراسة المبنى من... يوسف. الأمر الذي أدى إلى إعلان
وزير الداخلية اعتكافه عن تصريف الأعمال.
ورغم ما كادت مواقف يوسف وريفي، أن تؤدي إليه يوم 26 أيار الماضي، حين منع عناصر فرع المعلومات وزير الاتصالات آنذاك شربل نحاس واللجنة الفنية من دخول الطابق
الثاني، ما أدى إلى استنفار متبادل مع عناصر جهاز أمن السفارات والمباني الحكومية، الأمر الذي دفع نحاس إلى التراجع حقناً للدماء، ورغم الارتكابات التي أظهرتها
متابعة الموضوع، حيث تبين أن يوسف طلب تأمين عناصر من فرع المعلومات لحراسة الطابق، بعد يوم من تمركز هؤلاء العناصر في المبنى، أي إن طلبه جاء في وقت كان فيه
مجازاً، إضافةً إلى ادعائه في الطلب أنه استشار هيئة التفتيش المركزي، الأمر الذي نفته الهيئة بعد استفسار من نحاس، رغم كل ذلك فإن فرع المعلومات لم يُخل المبنى،
بل أخلى منه بحسب ما نقلته بعض المحطات التلفزيونية حقائب لم يُعرف ما تحتويه، إلى أن أدّت الاتصالات بعد 8 أيام من منع نحاس من دخول الطابق، إلى حلول الجيش
مكان فرع المعلومات في حراسة الطابق، إلى حين تأليف الحكومة الجديدة.
وبالفعل، ما كاد صحناوي يتسلم مهمّاته كوزير للاتصالات في الحكومة الجديدة، حتى أوعز إلى اللجنة المكلفة بتسلم التجهيزات، بتنفيذ مهمتها، لكن الجيش لم يسمح
لها بالدخول بذريعة أنه لم يتلق أوامر جديدة. ففضل صحناوي معالجة الموضوع بهدوء، وأرسل منذ حوالى شهر كتابين إلى وزيري الدفاع والداخلية، يطلب من الأول إخلاء
الجيش للمبنى، ومن الثاني تكليف جهاز أمن السفارات والمباني الحكومية استعادة مهمّاته في حراسة المبنى. الأمر الذي تحقق نهاية الأسبوع الماضي، ما سمح للوزير
واللجنة الفنية، بدخول الطابق الثاني صباح أمس، بعد فتح الأبواب عبر شركة متخصصة، لكون المفاتيح لا تزال مع يوسف!
في مجال آخر، أعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان في حديث تلفزيوني من نيويورك، سلسلة مواقف من التطورات، لافتا إلى أن الحكومة بدأت بتحقيق نجاحات «لكنها تحتاج
إلى وقت، وهي ليست منسجمة تماماً، لكن عندما يسود منطق العقل يجري الانسجام». وأكد التزام لبنان قرار المحكمة الدولية «مهما كانت الظروف»، مشيراً إلى أن «التزام
القرارات الدولية ليس انتقائياً». وقال إن الموقف بشأن سوريا «ينسجم مع عدم التدخل في شؤون الدول. فهل رفض روسيا لقرارات ضد سوريا فرض عليها؟».

http://www.al-akhba
t end

No comments:

Post a Comment