Thursday, September 29, 2011

الحريري بين الأمس واليوم.. والخسارات المتتالية«الجمهور الأزرق»: لائحة أسئلة طويلة.. وأجوبة مؤجلة
مارون ناصيف
لو كان سعد الحريري يعرف مسبقاً حجم الخسائر السياسية التي ستنتج من سقوط حكومته، لكان بالتأكيد أحال ملف شهود الزور على المجلس العدلي، وتخطى كل مطالب قوى
المعارضة آنذاك، إن عبر تسويات، وإن من خلال تقديم المزيد من التنازلات، كل ذلك تفادياً لمحاصرته سياسياً ولعدم الوصول الى ما هي عليه حاله وحال تياره وجمهوره،
اليوم.
لم يعتد «التيار الأزرق» على الجلوس بعيداً عن مراكز القرار، وبالتالي، ثمة سؤال مركزي على من أو ماذا اتكل سعد الحريري في تعويض هذا الكمّ من الخسارات المتتالية،
وفي حال عدم التعويض، من أين سيؤمن «الأوكسيجين» المطلوب لمعركته السياسية وصولاً الى انتخابات العام 2013؟
لم يعد هناك مجال للقول «آخر الخسارات الحريرية» بالنسبة الى «التيار الأزرق» ومعه كل جمهور 14 آذار. حرب إعلامية تحاول النيل من علاقة رئيس المجلس النيابي
نبيه بري بـ«حزب الله» وسوريا، فتؤذي العلاقة مع رئيس المجلس وتدمّر آخر جسور التواصل بين الحريري و«حزب الله»، وفي المحصلة، يكون الحريري قد ألحق الضرر بنفسه
وتياره من جراء هذه الحرب التي يشنها من دون تحديد الأهداف منها، ولو انوجد عاقلون لقالوا له ان يحيد بري وأن لا ينساق لنصائح من يقولون له أن يراهن على وزير
سـابق أو نائب سـابق أو علام صار مغترباً عن أهل ملته..
«المراجعة ضرورية» يقول مصطفى، أحد الناشطين في «تيار المستقبل».. و«العتاب على غياب الشيخ سعد يأتي من أهل البيت والحلفاء قبل الأخصام؟ وهل تقتضي خسارة السلطة
حرق المراحل مع نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي ورميهما في أحضان حزب الله وحلفائه؟ وبماذا شعر الحريري عندما رأى الرجلين يزوران الخصم اللدود عمر كرامي؟ وكيف التعويض
عن هاتين الرافعتين الانتخابيتين؟ وهل يستطيع التيار بمفرده أن يواجه هذا الثلاثي طرابلسياً، إضافة الى العلويين وحلفاء سوريا»؟ وماذا عن العلاقة المتوترة مع
مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني وبعض مفتي المناطق، قبل أن يصل السؤال الى الموقف الجديد للبطريركية المارونية؟
ويقول أحد الناشطين في «المستقبل» من وادي خالد في عكار، «أيهما أفضل لتيار المستقبل في منطقة خزانه البشري عكار، أن ينعم سكان القرى الحدودية القائم اقتصادهم
على التهريب، بأحسن العلاقات، وخصوصا الاقتصادية مع سوريا، أم أن يتحول هذا التيار الى محرّض بنظر السوريين ومتدخل في الأحداث الدموية لدرجة اتهامنا بتهريب
السلاح الى الداخل السوري، ومن يعوض لأهلنا ما نخسره على صعيد الخدمات والسلع»؟
«أم الخسارات» بالنسبة الى كادر مستقبلي عمل سابقا في الماكينة الانتخابيـة وقـرر الاعتكاف في الآونة الأخيرة، هي عدم تفهم اعتبارات النائب وليد جنبلاط عنها،
«الذي لطالما كان يشد عصبنا في ساحة الشهداء، وهو من كان أحد أعمدة فوز لائحتنا الانتخابية في دائرة البقاع الغربي راشيا (الصوت الدرزي المرجح)، وهو الذي أعطى
على لائحته الشـوفيـة نائـباً سنياً لتيار المستقبل، ونائبين مارونيين للقـوات اللبـنانية وحزب الوطنيين الأحرار، الأمر الذي يجب وضعه في الحسبان دائما».
وينطلق القيادي نفسه من واقعة الزيارة الأخيرة لجنبلاط الى باريس والاجتماع المطول الذي عقد بينه وبين سعد الحريري للقول «لا خيار لنا إلا باستعادة الرجل الى
تحالفه السابق. ولكن كيف يمكن أن يتم ذلك، وهل يمكن الوصول الى انتخابات العام 2013 ونحن نراهن فقط كلاميا على طلاق وليد بيك مع الأكثرية الجديدة؟ وهل نملك
خطة لاستعادة الأكثرية من دون أصواته؟».
الخسارات الحريرية لا تقف عند حدود السياسة، بل تتخطاها لتصل الى مقامات دينية رئيسة في لبنان. ففي السابق، كان دفاع البطريرك الماروني السابق نصر الله صفير
عن المحكمة الدولية وانتقاده سلاح «حزب الله»، يفعل فعله في جمهور 14 آذار، أما اليوم فها هو سيد بكركي الجديد يتحدث عن العدالة البعيدة عن التسييس، ويتهم المجتمع
الدولي بترك إسرائيل تعتدي يومياً على لبنان مبرراً سلاح المقاومة حتى ينتهي الاحتلال ويعود اللاجئون الى أرضهم.
وفيما يبرر فريق الحريري التبدل الذي طرأ على مقاربة بكركي «لاعتبارات معينة لدى دوائر فاتيكانية»، يقول أحد المقربين من دار الفتوى ان المبرر الذي كان مفتي
الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني يقدمه لانحيازه الى كل من فؤاد السنيورة وسعد الحريري، هو ما كان يمثله كل منهما على صعيد موقعه في رئاسة الحكومة وعلى صعيد
طائفته، «فهل يجوز أن يكون ذلك يسري عليهما وحدهما ولا يسري على رئيس حكومة اذا كان اسمه محمد نجيب ميقاتي»؟
بين ليلة وضحاها، استفاق الحريريون على أزمة مالية يعاني منها رئيسهم، في «سعودي أوجيه». وفي لحظة غير متوقعة تبلغوا أن رئيسهم أصبح رئيساً سابقاً للحكومة،
وتزامناً مع كل ذلك، يراقبون كيف يُستقبل ميقاتي في واشنطن ونيويورك. هل يمكن القول بعد ذلك إن عودة الحريري الى بيروت باتت قريبة أم ستبقى مؤجلة حتى إشعار
آخر؟

No comments:

Post a Comment