Wednesday, September 28, 2011

مصدر كنسي: «نصيحة البطريرك ألا يراهن أي فريق على الوقوف إلى جانبه»الراعي لخلق شبكة أمان داخلية تصد العواصف الخارجية عن لبنان
دنيز عطالله حداد
لا يزال البطريرك الماروني بشارة الراعي يفرض نفسه حدثا أول في الحياة السياسية اللبنانية. حراكه الذي قاده الى كل المحافظات والاطراف وأخذه الى الفاتيكان وفرنسا
وقريبا الى الولايات المتحدة، جعله ينافس أعتى السياسيين. لكن حراكه وتحركاته ليست السبب الوحيد في نجوميته. مواقفه هي العلامة الفارقة. مع الراعي، بدت بكركي
تتخفف من إرث البطريرك نصر الله صفير في مقاربة موضوعين جوهريين: العلاقة مع النظام في سوريا والنظرة الى سلاح «حزب الله».
يحرص الراعي على التشديد على كونه لا يتعاطى السياسة، وان مواقفه تنبع من رؤية مشرقية وثوابت وطنية. يفرح بما يلاقيه من استقبال وحفاوة وكلام طيب على امتداد
أرجاء الوطن. فهو «إمام البطاركة» عند الشيعة. ويدعو الى قمة روحية عند «السنة». وبين هذه وتلك يزور بطريرك «الارثوذكس» بعد بطريرك «الكاثوليك»، ويشرّع أبواب
بكركي للقاء «ماروني» جامع للاتفاق على قانون الانتخاب.
ماذا يريد الراعي؟ وهل سينجح في تحقيق ما يريده؟ هل من السهل السير بين متعرجات الطوائف والأحزاب وحساباتها من دون السقوط في أية هاوية؟
يجيب مصدر كنسي مسؤول جازما «ان منطلقات الراعي ومقاصده هي تجنيب لبنان أية انعكاسات لما يجري في العالم العربي من خضات، وإعادة الشركة الحقيقية والمحبة الصادقة
بين اللبنانيين. وهو وضع لذلك جدول أعمال مرهقاً يتألف من نقطتين تتفرع عنهما عشرات المشاريع والزيارات والأفكار. أما النقطتان فهما التواصل مع كل المسيحيين
على المستوى السياسي وعلى المستوى الروحي. وإعادة الثقة الى العلاقات بين الطوائف اللبنانية عبر إحياء التواصل المباشر».
ويؤكد المصدر «أن الراعي ينتبه الى محاولات إظهاره طرفا في الصراع السياسي. يعرف ان كل فريق يريد تصويره الى جانبه، والأخطر ضد الفريق الآخر. لكنه قالها ويكررها
في كل جلساته مع المسؤولين. هو يقدّر مساعيهم الطيبة لما يجمع على المحبة والشركة ويتحفظ على الخلافات والتكتيكات السياسية».
يضيف المصدر «ان حرص كل فريق سياسي على جذب بكركي الى موقعه دليل على المكانة المعنوية الكبيرة لبكركي وتأثيرها في الحياة العامة اللبنانية كونها لا تحمل أي
غرض أو مصلحة شخصية انما أهدافها وطنية بالدرجة الاولى مع بعض الخصوصية المسيحية. لكن نصيحتنا، التي ننقلها عن البطريرك الراعي نفسه، ألا يراهن أي فريق سياسي
على وقوف البطريركية الى جانبه. هي تعبر عن ضمير اللبنانيين وعن هواجسهم وأوجاعهم. تصوّب البوصلة وترفع الصوت حيث يفترض وتعمل جاهدة الى أن تستحق شعار إعطائها
مجد لبنان». ويعطي المصدر مثالا قائلا «ان بعض من يبدون اليوم شديدي التعلق بالبطريرك صفير ومواقفه سبق لهم في الثمانينيات أن خاصموه وقاطعوه واتهموه بما ليس
فيه».
ويتوقف المصدر بكثير من العتب على من حاول «عن عدم معرفة أو عن سوء نية الحديث عن مشهدين أو بطريركين يوم الاحد المنصرم» في إشارة الى جولة الراعي الجنوبية
وترؤس البطريرك صفير قداس شهداء «القوات اللبنانية». ويقول «في مثل هذا الكلام إهانة لبطريركين كبيرين. فصفير الذي انسحب كما يليق بالكبار لا يقبل ان يوضع في
مواجهة البطريرك الراعي أو ان يتقدم حتى عليه. وقد عكس ذلك في أكثر من موقف وصورة. وهو لم يترأس القداس إلا بعد أن كلفه الراعي بذلك وأرسل رقيما بطريركا تُلي
في القداس وفيه إشادة بالتطور الذي حققته «القوات». وفي المقابل، ولتذكير من فاته فإن البطريرك الراعي أصدر قرارا طالب بموجبه جميع الكنائس بأن تذكر اسم صفير
عند تلاوة النوايا في كل قداس تقديرا وتكريما له. والكنيسة المارونية، شأنها شأن كل الكنائس البطريركية، لها رأس واحد يسيّر كل الاعضاء التي تعمل بالتكامل والتناغم
ولكل دوره ومكانته. ومجلس المطارنة يضم أساقفة يختلفون في مقاربة كثير من الشؤون الوطنية والكنسية، لكن عندما يتم التوصل الى أي قرار فالجميع يلتزم ويتبنى الدفاع
عما تم الاتفاق عليه».
ويؤكد المصدر، القريب من الراعي، أن «نوايا البطريرك ومقاصده نبيلة وتتجاوز الزواريب السياسية الضيقة. يعرف أن دونها صعوبات. وان كلامه اليوم قد يرضي طرفا ويُغضب
آخر. وانه غدا قد يحصل العكس فينقلب الغاضب راضيا والمرحب منتقدا. لكن الاكيد أن الراعي لن يقفل الباب يوما في وجه أي كان. فهو يريد خلق شبكة أمان لبنانية -
لبنانية لأنه يؤمن بأن حصانة أي بلد وحمايته تتأتى من وحدة أبنائه وتكاتفهم. وان الحوار والتواصل كفيلان بقطع نصف الطريق بين اللبنانيين عبر هدم المخاوف والأفكار
المسبقة. وان لا محظورات في النقاشات اللبنانية الداخلية ويمكن لأي فريق ان يضع كل هواجسه على الطاولة فيُسمع ويَسمع ما يبددها».

No comments:

Post a Comment