Sunday, September 25, 2011

الراعي و«الفرسان» الموارنة (علي علوش)
غراسيا بيطار
ضجّت طاولة بكركي بمشاريع «أبنائها» وأصواتهم. وقبل أن يباغت جرس الـ 2013 الجميع كالعادة فيسيرون بقطار «القانون الأكثري» مرغمين أو عن سابق تصور وتصميم، نجح
الراعي مرة ثانية في جمع شتات «القطيع الصغير» بهدف الاتفاق على «قانون انتخابات يؤمن الميثاقية والمناصفة ويعيد التوازن الى مؤسسات الدولة».
أعاد «الفرسان» تكليف اللجنة المصغرة «حصر المشاريع والآراء والتحفظات والميول». أي أن «الجمعة المارونية الموسعة» لن تنعقد ثانية في بكركي قبل أن تتفق هذه
اللجنة على مشروع انتخابي واحد ترفعه باسم الجميع الى الكنيسة على ما أكد أحد أعضاء اللجنة لـ«السفير»، لافتاً النظر الى أن لا مهلة زمنية تلزم اللجنة بالإسراع
أو الإبطاء في مهمتها التي يعدّها البعض من «المستحيلات المارونية». أوساط كنسية حرصت على إشاعة خبر ارتياحها لمسار الاجتماع «وإذا أكملوا هيك فإن هذا أمر مبشّر
بالفعل». ولعل هذا «الرضى» الكنسي المستند الى أن «النقاشات لم تنحصر فقط بشكل النظام الإنتخابي والدوائر والقانون وإنما بالحالة المسيحية ككل بهواجسها وأحلامها
وأهمية الحفاظ على وجودها ودورها»، تلاقى مع «نخب» القانون الإنتخابي العتيد الذي شربه «مقفى» أهل الموارنة. وعلى المائدة صفّق الجميع بحرارة لكلمة توجه به
سيدنا الى الحضور: «لن نتخذ يوما أي موقف مع أحد ضد أحد فإما أن نكون للجميع أو لا نكون».
رأس الكنيسة رحّب وأصغى وبارك مائدة الغداء. راقب عن بعد «لعبة الأبناء» ولم يعطهم إلا «رعايته» لقانون إنتخابات يكون هو «المدخل الصحيح والأساس لتفعيل الدور
المسيحي وبناء شراكة حقيقية». حضر الأقطاب الأربعة فحلّ تغيب البعض مثل سليم سلهب ودوري شمعون وستريدا جعجع وفؤاد السعد، عرضياً. توسط الراعي المجتمعين. عن
يمينه أمين الجميل وسمير جعجع وعن يساره ميشال عون وسليمان فرنجية. وتوزع المطارنة بولس صياح، سمير مظلوم وبولس مطر «حواجز محبة» بين حوالى أربعين شخصية مارونية
بين قطب ونائب وخبير إنتخابي.
وباسم اللجنة الرباعية المكلفة الإعداد لمشاريع القوانين، تلا النائب جورج عدوان الخلاصة التي «قضت بسرد المشاريع من الأقل تفضيلاً الى الأكثر تفضيلاً». فتح
النقاش وتشعبت الأسئلة. «الكتائب» التي تجاهر علناً أنها لا تحبذ النسبية، أبدى النائب سامي الجميّل باسمها في تصريح بعد الاجتماع «الانفتاح على كل الطروحات».
«مشروع الفرزلي» القاضي بأن تنتخب كل طائفة نوابها نال حصة من النقاش. «القوات» مثلاً أعلنت أنها تؤيد النسبية في ظل «القانون الأرثوذكسي» بينما نقل أحد المجتمعين
عن عون تعليقه على مشروع الفرزلي: «نتحول عندها الى مذاهب... ما بيمشي». وفي خضم النقاش الانتخابي.
فضّ الاجتماع فكان أول المغادرين النائب بطرس حرب الذي أعلن من درج بكركي تأييده لطرح مركز فارس «الصوت الواحد للناخب الواحد». يظهر سامي الجميّل مطمئناً الى
«أصدقائه» من الإعلاميين: «مطلوب منّا ألا نتكلم». فيشدّه سيمون أبي رميا من ذراعه مانعاً إياه من الوقوع في «تجربة» الإعلام. في الردهات الداخلية. عدوان في
جلسات «دسمة» ولو «عالواقف» مع بعض الإعلاميين فيباغته إبراهيم كنعان بأنك «تخالف تعليمات بكركي». يعلّق عدوان: «أنت صديق وحليف». فيردّ كنعان: «خربتنا». يخرج
جعجع من الاجتماع «مرتاح أكثر من قبل» على ما قال، واصفاً الجو بـ«الجيد جداً، لقد طرحنا كلّ الخيارات وفي ضوء الملاحظات التي قدمت سنعود الى تقويم موقفنا وكذلك
الاحزاب الاخرى». وإذ أقرّ بأن التفاهم على قانون الانتخابات ليس بالامر السهل ويلزمه بحث أكثر»، أكد أن «القانون الحالي ليس هو الأنسب لنا ونحن يناسبنا القانون
مهما كان، ولكننا نفتش عن القانون الانسب للمسيحيين وللبنانيين ككل». وغادر جعجع من دون المشاركة في مأدبة الغداء بعذر «متابعة التحضير لقداس الشهداء (اليوم)».

خرج «الجنرال» «الأكثر ارتياحاً ليصف «الأجواء بالجيدة وإلا لما حصل اللقاء من الأصل»، وقال: «لا نزال في المرحلة التّمهيديّة، بحيث نقوم بدرس كلّ الطّروحات
المقبولة والموجودة في قانون الانتخاب، هذه مرحلة دراسات، وكلٌّ منّا اغتنى بأفكار الآخر، وسنقوم بجوجلة هذه الأفكار إلى ان نصل بعد ذلك إلى مرحلة القرار».
وإذ أقرّ بأن لكل طرف ميله وتحفظاته على كل طرح، قال: «لا شكّ في أنّه عند اتّخاذ أيّ قرار يجب الأخذ بعين الاعتبار أن يكون هذا الطّرح مقبولاً من الطّرف الآخر،
إذ لا يمكن القول «أنا بدّي نفسي وبس». يجب الأخذ بعين الاعتبار بقيّة الأطراف الموجودة على الأرض، وعند الوصول إلى قرار معيّن يجب أن تتمّ مناقشته مع جميع
مكوّنات المجتمع اللّبناني للوصول إلى حلّ مشترك». وعن استباق البعض بأن الموارنة لن يتوحّدوا في هذا الموضوع، أجاب: «النّاس ينطلقون دائماً من آراءٍ مختلفة
لكي يتوصّلوا في النّهاية إلى ما يُعرف بالخلاصة، وهذه الخلاصة تكون مكوّنة من آراء الجميع، وتكون حلاًّ للجميع، لن يكون الحلّ إلا للجميع».
أما في البيان الختامي الذي تلاه مسؤول الإعلام في بكركي وليد غياض فجاء التالي: «خاض المجتمعون في نقاش اتسم بالإيجابية والأفكار الغنية والبحث العميق واتفقوا
على أن تتابع اللجنة الرباعية عملها لتعميق وبلورة ما جرت مناقشته والتنسيق مع القوى السياسية توصّلاً الى قانون انتخابات يؤمن الميثاقية والمناصفة». وفي «الثوابت
المسيحية» شدّد على أهمية أن يشكل القانون العتيد المدخل الصحيح لـ«المناصفة الفعلية التي تعيد التوازن الى مؤسسات الدولة ما يؤدي الى تعزيز العيش المشترك بين
مختلف المكونات اللبنانية».

No comments:

Post a Comment