Thursday, September 29, 2011

أوساط غربية لـ«السفير»: للراعي مخاوفه
«لكن أولويتنا هي إنهاء الديكتاتوريات»!
مارلين خليفة
ندر أن تجد مسافة بين الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. هذا الواقع يلمسه زائر نيويورك، عندما يدرك أن المنظمة الدولية تنتهج سياسات مجلس الأمن التي تقررها
الدول الأعضاء فيه ولا سيما دائمة العضوية. ومن الأمثلة التي يسوقها خبراء في المنظمة أن الحكومة اللبنانية عبر وزارة الخارجية والمغتربين كتبت مرات عدّة الى
الأمين العام بان كي مون في شأن مساعدة قوات «اليونيفيل» في ترسيم الحدود البحرية، لكن الأخير عجز عن تلبية الطلب اللبناني لأن ذلك غير ممكن إلا بطلب يقدمه
الفريقان الإسرائيلي واللبناني أو مجلس الأمن الدّولي مجتمعا.
من هنا اقترح بان كي مون حلا مؤقتا يقضي ببدء التنقيب في المناطق الاقتصادية الخالصة غير المتنازع عليها، في ما طلب الاحتكام الى طرف ثالث للتفاوض مع إسرائيل
كي لا تتمكن اية دولة من المس بالمنطقة المتنازع عليها مع لبنان ومساحتها 860 كلم2.
ومن المعلوم في أروقة المنظمة الدولية أن كل دولة من الدول الأعضاء متشبثة بسيادتها وتريد عند كلّ استحقاق التأكيد عليها، بغض النظر عن نظام حكمها سواء كان
ديموقراطيا أو ديكتاتوريا. من هذا المنطلق، شكّل الوضع الليبي استثناء لأن جامعة الدول العربية هي التي اتخذت القرار أولا. أما بالنسبة الى سوريا، فالأمر مختلف
ولا يمكن لأحد الإجابة عن مصير النظام فيها سوى دولة واحدة هي روسيا. وتشير التقارير الدبلوماسية الى أنه إذا تمددت التظاهرات المعارضة للرئيس بشار الأسد الى
حلب ودمشق سيحرج ذلك موسكو وقد يدفعها الى تبديل رأيها وعدم التصدي لقرار دولي ضد دمشق.
أما لبنان، فينظر إليه كبلد صغير ينتظر ما سيحدث في سوريا، والى حين انكشاف مصير الوضع السوري، فإن «الستاتيكو» اللبناني سيبقى قائما والقرارات الدولية ايضا
بدءا من القرار 1559 الى 1701 الى 1757، فضلا عن أن الدول الغربية الكبرى لا ترغب في أن تنعكس التطورات في سوريا على لبنان.
تدرك الدوائر الغربية جيدا أن «حزب الله» يريد بقاء قوات «اليونيفيل» في الجنوب،» لكن الوضع السوري والمحكمة يسببان ضغوطا كبرى عليه «مما يجعله يناور ولو على
سبيل جزء من مصلحته». يأتي هذا الكلام في سياق الحديث الأميركي عن ابعاد التفجيرات الأخيرة التي استهدفت دوريات «القبعات الزرق». وتتوغل بعض الآراء الدبلوماسية
الغربية في تحليل سلوكيات «حزب الله»، مراهنة بأنه سيسمح للحكومة اللبنانية، وهو مكونها الرئيسي، في أن تقر تمويل المحكمة الدولية في الجزء الخاص بلبنان (49%)،
ليس لأن الحزب مقتنع بالعدالة الدولية بل لأنه يتجنب راهنا محاربة المجتمع الدولي وخصوصا في حال حدوث تطور دراماتيكي في سوريا، من هنا يعلق أحد المحللين الغربيين
بقوله: «إن قوى 8 آذار تمتثل للإرادة الدولية أكثر مما ترغب به فعليا».
وعن كلام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وتحذيرها له في شأن حماية الوضع المصرفي ترد هذه الدوائر الغربية الأمر الى «الخوف
على لبنان ونظامه المصرفي». لا بل تذهب أكثر من ذلك، معتبرة أن الولايات المتحدة لم تضع عقوبات تجارية على سوريا مكتفية بمعاقبة أفراد لأن العقوبات التجارية
تؤذي لبنان.
من هذا المنطلق، لا احد من الدول الغربية يرغب بهز الاستقرار في لبنان ولا في أن تنقل سوريا مشاكلها الداخلية الى هذا البلد، والخوف الغربي يكمن في أن الحكومة
التي تألفت برئاسة الرئيس ميقاتي هي من وجهة نظر هذه الدوائر لحماية «حزب الله» وسوريا ولإيجاد صوت لبناني يدافع عن دمشق وخصوصا في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن
الدولي وفي جامعة الدول العربية.
وحول مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، عشية زيارته الأميركية، تشير الأوساط الغربية الى أنه «يحق للراعي أن تكون لديه مخاوف من صراعات مذهبية قد تضرب
المنطقة، لكنّ الأولوية الغربية اليوم هي لإنهاء الأنظمة الديكتاتورية وليس التكهن باحتمالات الصراعات المستقبلية».

No comments:

Post a Comment