Friday, September 23, 2011

> معركة المجلس الشرعي بدأت

معركة المجلس الشرعي بدأت

يزداد التوتّر بين تيّار المستقبل ومفتي الجمهوريّة الشيخ محمّد رشيد قباني. الأسباب تتشعّب، وللمستقبل قراءته وانتقاداته الحادّة. هذا الظاهر من جبل الجليد،
أمّا ما تحت سطح المياه، فهو انتخابات المجلس الشرعي التي يُفترض أن تجري نهاية العام

ثائر غندور

ها هي معركة المجلس الشرعي قد بدأت. يُردّد مسؤولون في تيّار المستقبل هذا الأمر، إن مباشرةً أو مداورةً. يتهمون مفتي الجمهوريّة محمّد رشيد قبّاني بإجراء سلسلة
تعيينات في عدد من مؤسسات الدار، لضمان أصوات انتخابيّة في الانتخابات المفترض أن تجري نهاية العام الحالي. بعض مَن في التيار يتحدّث بطريقة أكثر واقعيّة وقابلة
للفهم. ينتقدون بشدّة تعيين الشيخ شادي المصري في العلاقات العامّة في الدار. «رجل رستم غزالي» يقول أحد نوّاب تيّار المستقبل. وينتقد النائب البيروتي تعيين
الشيخ هشام خليفة مديراً عاماً للأوقاف. يتهمه بقضايا فساد واختلاس «وهناك دعاوى قانونيّة تُدينه. ومقولة أنه تاب وذهب إلى أبو ظبي لا معنى لها؛ لأن هناك قضايا
قانونيّة بحقه».
لكن لخليفة قصصاً أخرى. لن يكون آخرها، إمامته الصلاة في جامع محمد الأمين الجمعة الماضية، ودفاعه في خطبته عن دار الفتوى وعن المفتي، بوجود الرئيس فؤاد السنيورة.
منذ سنوات أربع، كان خليفة يستعد ليكون مفتياً شعبياً، عندما أمّ المفتي قبّاني الصلاة في السرايا الحكوميّة مؤيداً صمود الرئيس فؤاد السنيورة في وجه التظاهرات
الشعبيّة التي طالبت بتنحيه. في ذلك الوقت، كان خليفة معارضاً كبيراً لتمترس السنيورة خلف الطائفة.
لا يزال المستقبليّون على موقفهم لجهة عدم القدرة على استيعاب مواقف المفتي الأخيرة. يذكرون أربع خطوات قام بها قباني ويرون فيها نكايات: «الأولى، استقباله
السفير السوري علي عبد الكريم علي في ظلّ مجزرة حماه. الثانية، استقبال وفد حزب الله بعد صدور القرار الاتهامي، وهذه هي الزيارة الأولى لوفد من حزب الله إلى
دار الفتوى منذ سنوات. الثالثة، دعوة المفتين وموظفي دار الفتوى إلى لقاء مع ضيف لم يُحدّد من هو، ليتبيّن أنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. أمّا الرابعة فهي زيارة
منطقة العرقوب».
ويروي المستقبليّون أن الرئيس فؤاد السنيورة زار المفتي وحاوره طويلاً، ودعاه إلى أن يكون نقطة وصل والتقاء، لا أن يكون طرفاً في الصراع الداخلي. لكن المفتي،
برأي المستقبل، قرّر أن يكون طرفاً، وقرّر أن يُمارس النكايات السياسيّة. يعتقد المستقبليّون أن كلّ ما يقوم به المفتي يهدف إلى أمرين: الأوّل ابتزاز تيّار
المستقبل بهدف نيل موافقته على تمديد ولاية قباني التي تنتهي بعد نحو سنتين. وبحسب المستقبليّين، يطمح المفتي إلى تسوية من هذا النوع، وهو يعتقد أن تيّار المستقبل
سيخضع للضغوط. أمّا الأمر الثاني، برأي بعض المسؤولين في تيّار المستقبل، فهو قرار المفتي أن تكون «نتائج انتخابات المجلس الشرعي على قياسه؛ لأن المجلس الشرعي
هو المسؤول عن انتخاب مفتي الجمهوريّة».
يُضيف المستقبليّون أن الحوار مع المفتي لم يُحصر بالسنيورة. زاره رجال دين ونوّاب وموفدون. البعض اصطدم معه على نحو حاد، أبرزهم النائبان خالد ضاهر ومعين المرعبي،
لكنّ اللقاءات الباقية كانت هادئة، وإن لم تصل إلى نتيجة.
ويرى بعض المسؤولين في تيّار المستقبل أن رهانات المفتي خاطئة. ويعتقد هؤلاء أن غالبيّة رجال الدين تدين بالولاء للمفتي، كذلك لا يُريد المستقبل أن ينجرّ إلى
معركةٍ مع المفتي، بل سيُهادنه حتى نهاية ولايته.
لكن ما يدور في أوساط أخرى من تيار المستقبل يخالف ما تقدّم. هناك حديث عن نيّة لدى التيّار بالتقدّم بعدد من الشكاوى بحق مفتي الجمهوريّة. واحدةٌ من الدعاوى
المفترضة تتعلق بعزله عن إدارة ملف الأوقاف الإسلاميّة. النائب محمد قباني أرسل إشارات بهذا الاتجاه. قال أخيراً: «مشاكل الأوقاف ما زالت على حالها، ما يفرض
على رجال السياسة التدخل لحلها». البعض في المستقبل يقول إن لديه ملفّات عن إثراء غير مشروع للمفتي. هي الملفّات نفسها التي وُزِّعت عبر عددٍ من المصادر، وتبيّن
مع الوقت أن مصدرها واحد. وفي مقابل ما أثير عن «فساد المفتي»، تلقى الرئيس السنيورة قبل نحو سبعة أشهر نتائج تقرير التدقيق المالي الذي يقول البعض إنه يُبرئ
المفتي، لكنّه لم يقم بنشره حتى اللحظة لغاية في «نفس يعقوب» كما يُشير أحد المتابعين لهذا الملف. ويرد أحد المسؤولين في تيّار المستقبل بالإشارة إلى أن ما
يُقال عن هذه الدعاوى هو عمليّة ترهيب للمفتي، «فالرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة لا يزالان مصرين على حمايته وعدم كشف ملفّات الفساد» بحسب أحد النواب.
ويُضيف أن الحريري والسنيورة يحفظان لقبّاني جميله، انطلاقاً من الدور الذي قام به منذ 14 شباط 2005 حتى عام 2010، وما تضمنه من مواقف، وعلى الأخصّ الصلاة في
السرايا وموقفه في أيّار 2008.
يتشعّب النقاش في موضوع علاقة دار الفتوى وتيّار المستقبل. لكنّ المؤكّد أن التيّار لم يحسم خياره بعد لجهة كيفيّة التعامل مع هذا الملف. هناك عدّة آراء داخله.
بعضها يرغب في المزيد من الحدّة، وآخرون يريدون تعاملاً هادئاً، والسنيورة هو من سيحسم الموقف نهائياً. وإلى أن يحين موعد الحسم، ستوزّع بيانات، وسيُتهم رجال
دين، وستكثر الشائعات التي يوزّعها تيّار المستقبل عبر وسائله الإعلاميّة أو عبر الوسائل الحليفة له. يُقرّ المستقبليّون بالأمر، لكنّهم يضعونه في إطار «نكايات
تردّ على نكايات». وثمة من ينقل عن السنيورة قوله إنه لم يتعهّد وقف الحملة على المفتي، بل أبلغه في اللقاء الأخير الذي جمعهما بأنه غير قادر على التعميم على
نواب تيّار المستقبل والمسؤولين فيه بعدم التهجّم على قباني.
يُجمع عدد من المراقبين على أن القصّة ليست قصّة موقفٍ سياسي هنا أو هناك. إنها معركة المجلس الشرعي. المستقبل يستشعر بنوعٍ من الخطر. فوزه بانتخابات المجلس
الشرعي هو الأمر الطبيعي. عدم الفوز أو وجود توازن بين قوّة المستقبل وقوّة الآخرين داخل المجلس الشرعي يُعدّ أكثر من خسارة للتيار الأزرق. هو سبب كافٍ لتوتّر
المستقبليين، ولتوتّر المفتي، هذا إذا صدقت نظريّة المستقبل بأنه يُريد تمديد ولايته. وأسلحة المستقبل لا تقف عند الحدود اللبنانيّة في هذه المعركة. «المناخ
في السعوديّة بات معادياً للمفتي قباني»، يقول أحد نواب المستقبل.

قمة روحية في دار الفتوى

يُعقد لقاء في دار الفتوى قبل ظهر الثلاثاء المقبل يجمع مفتي الجمهوريّة الشيخ محمّد رشيد قباني والبطريرك الماروني بشارة الراعي ونائب رئيس المجلس الإسلامي
الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الدروز الشيخ نعيم حسن، لبحث آخر التطوّرات السياسيّة في المنطقة، وأبرزها ما يحصل في سوريا.

No comments:

Post a Comment