Thursday, September 29, 2011

«بطريرك استثنائي» من الديمان إلى واشنطن عن طريق الجنوب:
«يحمـل ثوابـت بكركي التـاريخيـة... وجـرأة التعبـير والاقتحـام»
الراعي: طرح الهواجس (بلال قبلان)
حسناء سعادة
أقفلت البوابة الكبيرة للصرح البطريركي الصيفي في الديمان أبوابها، وهي كانت فتحت على مصراعيها مطلع تموز الماضي لاستقبال البطريرك بشارة الراعي الذي قرر ان
يسير على خطى اسلافه ويمضي قسما من فصل الصيف في الصرح الذي بني سنة 1934 والذي يطل من جهة على الكرسي البطريركي القديم ومن جهة اخرى على وادي قنوبين المقدس.
بالأمس، تأكد العاملون في الديمان ان البطريرك «الرحالة»، الذي طالما عرفوه منذ زمن الأسقفية، لن يحط رحاله مجددا هذه السنة، في الديمان، بل سينطلق من بكركي
الى رحاب الولايات المتحدة غدا، برغم كل ما قيل او سيقال عن رحلته «التي لن يتم تأجيلها او إلغاؤها» كما يراهن البعض حتى آخر لحظة، حسب تأكيد المونسنيور يوسف
بربور القيم البطريركي على الديمان والذي باشر بإعطاء التوجيهات للعمال بإقفال بعض الأجنحة الخاصة في الصرح، لانه لن يتم استعمالها طيلة فصل الشتاء، وهي أجنحة
باتت هناك بصمات واضحة فيها للبطريرك الجديد الذي اختار فريق عمل جديدا وكذلك أسلوب عمل خاصا به في المقر الصيفي.
وباستثناء الصالون الكبير ومطبخ الديمان المضياف، الذي تعودت ناديا المسؤولة عنه ان تدعو من يرغب من الصحافيين الى فنجان قهوة عند الحادية عشرة تماما، فإن كل
شيء تغير في الصرح الصيفي، من مكتب امين سر البطريرك، الى صالونات الاستقبال الصغيرة، الى طريقة التعاطي مع الاعلاميين بحيث باتت اكثر مهنية واقل حرية.
ثلاثة اشهر امضاها الراعي في الديمان، جريا على عادة سلفه الكاردينال نصرالله صفير، الا ان ايام الاقامة الفعلية لم تتعد الشهر، فرحلات البطريرك الداخلية والخارجية
قلصت فترة وجوده في الديمان، ويعلق احد المطارنة المقيمين صيفا في الديمان على الأمر بالقول لـ«السفير» ان البطريرك السابع والسبعين لم يكتف بأن تأتي الرعية
اليه بل حرص على الذهاب اليها عملا بقول السيد المسيح «كبيركم خادمكم»، مشيرا الى انه «منذ انتخابه لم يتوقف رأس الكنيسة المارونية عن الحركة فهو طوراً يدعو
الى اجتماع للاقطاب المسيحيين تحت قبة بكركي، وطورا يفتش مع سياسيي رعيته عن القانون الانتخابي الافضل الذي يؤمن التمثيل المسيحي الصحيح، وهو الذي رفع الصوت
عاليا في حضرة الام الحنون فرنسا ليقول ان المسيحيين ليس فقط في لبنان بل في الشرق بأكمله مهددون بوجودهم».
يضيف المطران نفسه أن كثيرين سألوه عن عمر البطريرك الراعي مدققين، وعن سر حيويته وهو الذي زار الجنوب طيلة ثلاثة أيام، وفي باله أن يكمل ما تبقى من جولاته
الداخلية بعد عودته من رحلته الأميركية بالخطاب ذاته والهواجس ذاتها، وهو الذي سيزور سوريا أيضا إنما وفق اجندته وثوابته.
يعرض المطران لزيارة الراعي الى بقاع الحرمان حيث سمع ما سمع من اهله الذين فتحوا قلوبهم لاستقبال من اعطي له مجد لبنان وخرجوا بفرح للقائه كما زار الشوف والشمال
من البترون الى زغرتا فبشري والضنية، وهو الذي يهتم بالسياحة الدينية اهتماما مميزا، حيث كان يتطلع يوميا من شرفة جناحه الخاص في الديمان الى الوادي المقدس
الذي سكنه بطاركة وقديسون في مناسك ومحابس لا تزال برغم الزمن تخبر عن تاريخ مجيد، وهو الذي التقى في هذا الاطار وزير السياحة فادي عبود وطالبه بخطة لتفعيل
السياحة الدينية التي يشكل وادي قنوبين ابرز معالمها، فضلا عن اهتمامه بمعيشة أهل الوادي وضرورة الحفاظ عليهم في أرضهم، كما حافظ على عادته بارتداء ثياب الرياضة
متفقدا، على طريقة صفير، قنوبين ودير الراهبات سيرا على الأقدام، معرجا على كنيسة القديسة مارينا حيث مدفن البطاركة الموارنة للصلاة على نية تطويب البطريرك
الاهدني العلامة اسطفان الدويهي.
ويضيف المطران الذي تحفظ عن ذكر اسمه «لم تقتصر جولات الراعي واهتماماته على المناطق القريبة، بل هو ذهب الى ابعد الى ارض لم تطأها قدم بطريرك منذ عقود طويلة
وربما منذ نشأة لبنان الكبير، حيث ذهب إلى حيث لم يجرؤ كثيرون، إلى ارض يتوق كل مسيحي لزيارتها، بالنظر إلى قربها من ارض فلسطين حيث مغارة بيت لحم وكنيسة المهد».
«من هناك، من قانا والخيام وبنت جبيل ومرجعيون ورميش وعين ابل، اكد الراعي على اهمية صمود الاهالي واعطى الزخم اللازم للمسيحيين للبقاء في ارضهم، مؤكدا على
العيش المشترك والحوار سبيلا بين اللبنانيين مكتشفا من ارض اعراس الشهادة التي وطأتها قدما السيد المسيح كم يتوق اللبنانيون الى خطاب جامع يوحد بدل ان يفرق»،
ويتابع المطران نفسه قائلا «الجنوب بأمس الحاجة الى هكذا زيارات تعطي دعما للمسيحيين للبقاء في ارضهم بدل الهجرة الداخلية والخارجية التي استنزفت معظم قراهم
وبلداتهم».
يرفض المطران إقحام الراعي «في الزواريب السياسية الضيقة على الطريقة اللبنانية»، فالرجل «يحمل ثوابت بكركي التاريخية وهي ثوابت ليست وليدة الساعة»، و«لذلك
لم ولن يتأثر بردود الفعل، لان كلامه نابع من ايمان عميق ولان هواجسه التي طرحها بصوت عال هناك من يرددها في الصالونات الخاصة انما لا يملك الجرأة لقولها جهاراً»...
و«الدليل أنه عندما كان البعض من محيطه يعترض على اذاعة كلمته في القمة الروحية، على الهواء مباشرة(عن طريق الخطأ)، كان جوابه التسامح وترداد شعار الشركة والمحبة
لأننا لا نخجل بما نقوله في أي مكان».

No comments:

Post a Comment