Tuesday, September 20, 2011

المعارك الانتخابية في الوسط المسيحي في خلفية العلاقة مع بكركي«14 آذار» المربكة تسأل نفسها كيف تتعاطى مع الراعي؟
دنيز عطالله حداد
يصعب تجاوز الهزات الارتدادية التي يخلقها البطريرك بشارة الراعي بعد كل تصريح وموقف وسلوك له. حضور بطريرك الموارنة في الحياة السياسية اللبنانية وتأثيره فيها
ليس وليد الساعة. فاللبنانيون يتفقون، ولو مع بعض الملاحظات، على ان الكنيسة المارونية هي التي انجبت لبنانهم «الكبير».
لكن انشغال الوسط السياسي اليوم بمواقف البطريرك بات حديث الساعة. يتقدم على اخبار الخطة الكهربائية وتمويل المحكمة الدولية. وبديهي، في لبنان، ان يتقدم على
حاجات الناس المعيشية.
فمنذ مواقفه الباريسية تعرف اللبنانيون الى «بطريرك جديد». بطريرك بدت معه بكركي تنتقل من ضفة سياسية الى اخرى. بطريرك لا يتجنب «العشاء العلني» في ضيافة الوكيل
الشرعي للامام الخامنئي في لبنان. بطريرك يدافع عن النظام في سوريا ويبرر الابقاء على السلاح خارج السلطة الشرعية.
«بطريرك جديد» بكل ما للكلمة من معنى. وما اتهم الاعلام بتجزئته او تحريفه عاد واكده بخطاباته الاخيرة والكثيرة. فانتقل من كانوا خصوما الى مدافعين. وانسحب
من كانوا من حماة بكركي الى منتقدين لسياستها ومواقف سيدها.
لكن سرعان ما تذكر المسيحيون في فريق «14 آذار» ان مخاصمة بكركي لها انعكاسات سلبية. سحبوا «ملاحظاتهم» على الراعي من التداول. اعجب معظمهم تعبير رئيس «القوات
اللبنانية» سمير جعجع «غيمة صيف ومرت». كرروها بعد ان سمع بعضهم تفسيرات رأوها «كافية من بطريرك يريد ان يكون على مسافة من الجميع وللجميع».
لم يطل الامر. توالت مواقف الراعي التي يُنتظر ان تكتمل مع زيارته الى الجنوب. دوّر بعض الزوايا، ارسل اشارات «محبة وشركة» الى السنة والدروز، لكنه لم يعدّل
في مواقفه الاساسية.
تحولت «غيمة الصيف» الى «غيمة كانونية» رابضة في سماء العلاقة مع بكركي. وقع مسيحيو «14 آذار» في ارباك كبير. هو الموقع الذي طالما دافعوا عنه. هو سيد الموقع
يصدر احكاما وآراء تنحاز الى وجهة مناقضة لوجهة نظرهم وفي مواضيع جوهرية. فكيف يجب التعاطي مع هذا الواقع الجديد؟
لم يتوصل هؤلاء بعد الى توافقات في كيفية إدارة «ملف» الراعي من دون استفزاز «الرعية».
يقول احد النواب «نشرب اليوم من الكأس نفسها التي شربها مسيحيو «8 آذار» ايام البطريرك نصرالله صفير. فبكركي تغرد بعيدا عن قناعاتنا وعن ثوابتها. لكن اي انتقاد
لها سُيستغل للعب على الوتر المذهبي. وان تعبير حلفائنا المسلمين عن استيائهم من مواقف البطريرك ستصب في خانة تقوية المدافعين الجدد عنه».
ويتوقف نائب ثان عند «تأثير موقف بكركي على قسم كبير من المسيحيين الوسطيين عند الاستحقاقات الكبرى لاسيما الانتخابية». فبرأيه «شكّل موقف البطريرك صفير عشية
انتخابات الـ2009 الكفة المرجحة لفوز «14 آذار» ليس فقط في الشارع المسيحي انما لدى السنة والدروز لما لكلام بطريرك الموارنة من ثقل ومصداقية في وجدان اللبنانيين
عموما. فما العمل وانتخابات 2013 على الابواب؟
اكثر من شخصية مسيحية تتحدث عن الانتخابات وكأنها واقعة غدا. يتساوى في ذلك وجوه من «المعسكرين» المسيحيين المتواجهين. يستثمرون في المواقف والتطورات وكأن الانتخابات
على الابواب.
وفي هذا السياق، تبدو مواقف الراعي مقلقة لتأثيرها في توجيه الرأي العام. لذا يعتبر احد المعترضين على وجوب التهدئة مع البطريرك من مسيحيي «14 آذار» ان «سياسة
النعامة لا تنفع. ولا يجوز تمرير مواقف الراعي من دون التنبيه الى مخاطرها. فهي تضع المسيحيين في قلب اتون الاحداث الحارقة. فلو اكتفى بمواقف محايدة لتفهمناه،
اما ان يضع المسيحيين في مواجهة بيئتهم ودولتهم فهذا ما لا يجب السكوت عنه. والدليل ان السكوت و«التأتأة» في التعاطي مع مواقف الراعي في باريس، جعلته يذهب الى
ابعد منها. فماذا يمكن ان ننتظر بعد؟».
قلة من مسيحيي» 14 آذار» يشاطرون زميلهم فكرة مواجهة الراعي علنا «لا عن اقتناع او موافقة على ما يصدر عنه انما تجنبا للاسوأ. ومع ذلك يلح السؤال: «ما العمل؟
كيف يجب التعاطي مع ما يصدر عن البطريرك الجديد؟».
هنا تبرز فكرتان الاولى تقول بوجوب «تجاهل مواقفه بالكامل. ليقل ما يشاء ولنعلن نحن مواقفنا. فلو نحن اقنعنا البطريرك اليوم بوجهة نظرنا وعاد فتبناها فسيكون
فاقدا للمصداقية. واذا استمر على مواقفه ستثبت له الايام بالملموس انه اخطأ بربط المسيحيين بنظام ساقط، وباضفاء الشرعية على سلاح خارج الدولة. وسيحمل على ضميره
خطأ خياراته».
ويدافع فريق آخر من مسيحيي «14 آذار» عن فكرة اخرى تقول بـ«ضرورة الاحاطة بالبطريرك. فلا يسمع لجهة او طرف واحد. ولا يُدفع اكثر فاكثر الى تبني طروحات تلك الجهة.
وبالتالي لا ينفع انتقاده او معاتبته علنا انما يجب ان نلتقي به باستمرار وننقل اليه هواجسنا والحساسيات التي يسببها كلامه لفريق كبير من اللبنانيين».
تتسابق الطروحات داخل «مسيحيي 14 آذار». ويشير احد النواب الحزبيين الى «اجتماع يتم السعي الى تحضيره لمسيحيي «14 آذار» لاخذ موقف موحد من كيفية التعاطي مع
مواقف الراعي وربما تشكيل وفد لزيارته وبلورة الصورة معه».

No comments:

Post a Comment